|
تفاؤل مفرط في منتدى دافوس الاقتصادي
رشيد غويلب
الحوار المتمدن-العدد: 3272 - 2011 / 2 / 9 - 22:21
المحور:
الادارة و الاقتصاد
إعداد: رشيد غويلب
بمبادرة من كلاوس شواب بروفسور الاقتصاد السياسي في جامعة جنيف، اجتمع في كانون الثاني عام 1971 في مدينة دافوس السويسرية للمرة الأولى مجموعة من المدراء التنفيذيين للشركات الأوربية العملاقة مع نخبة من السياسيين الأوربيين، وبرعاية المفوضية الأوربية وجمعية الصناعيين الأوربيين. تحولت اليوم فعالية دافوس إلى واحدة من أهم الاجتماعات غير الرسمية لنخب العولمة الرأسمالية. والمنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس هو احد المحطات المركزية للتفاهم بين نخب الرأسمالية العالمية. يشارك فيه أكثر من مئة شريك استراتيجي وجميع المتنفذين الأساسيين في الشركات المؤثرة. تدفع كل شركة مبلغ 500 ألف فرنك سويسري، لكي يستطيع المنتدى مراقبة المخاطر او حالات الازدهار التي يعيشها الاقتصاد العالمي. شارك في دورة هذا العام 1400 رئيس شركة عالمية و 35 رئيس دولة و وممثلون عن أهم المؤسسات الإعلامية والشركات الإستراتيجية، وقد شاركت 19 دولة من الدول الأعضاء في قمة العشرين، ممثلة على الأقل بوزير. اهتمت الدورة السابقة من المنتدى بالأزمة المالية والاقتصادية العالمية، أما دورة هذا العام فقد عقدت تحت عنوان " المعايير المشتركة لواقع جديد"، ولكن ما هو "الواقع الجديد" في عيون رجال قمة الرأسمال العالمي؟ ناقش استراتيجيو رأس المال ثلاثة محاور رئيسية، يتعلق الأول بتوازن القوى الجديد بين الدول والتكتلات. في المربع الذي يشمل الولايات المتحدة واليابان وأوربا والبلدان الناشئة ( الصين، الهند،البرازيل، روسيا، جنوب افريقيا)، تحظى الأخيرة بأهمية متزايدة. أدار ممثلو الشركات الصينية والهندية الكبيرة النقاش في مجموعات العمل وقدموا تقاريرهم في الاجتماع العام، فحوى الاتجاه كان واضحا، فمن جهة يجب دمج البلدان الناشئة في النظام العالمي دون صعوبات تذكر، ومن جهة أخرى هناك مخاوف لدى ممثلي راس المال بخصوص شرعية قمة العشرين، التي يعتبرها "المجتمع الدولي" الحاكم العالمي الجديد ، في ظل الأولويات السياسية في الفترة القادمة التي ستفرض التصريح بدور وشرعية قمة العشرين. المحور الثاني عكس قلق الشركات العالمية حيال "فجوة الملكية"، وهم لا يقصدون فجوة الملكية بين سكان المعمورة، بل الفجوة بين راس المال المالي وراس المال الحقيقي، فصناديق التحوط والمتاجرون بالأوراق المالية يريدون اصطياد الأرباح في المدى القصير جدا، في حين تهدف الشركات ومؤسسات الاستثمار والمستثمرون إلى ربحية طويلة الأمد. الإستراتيجيون في دافوس طالبوا بربط حق القرار بمدة التملك في الشركات مستقبلا. المحور الثالث تناول المشاكل المرتبطة بمديونية الدولة ويشمل ذلك تنامي العجز عن التسديد في اليابان والولايات المتحدة ومخاطر الإفلاس التي تهدد بعض بلدان منطقة اليورو، وبالتالي انهيار اليورو. المستشارة الألمانية ميركل والرئيس الفرنسي ساركوزي شددا على إنهما سيدافعان عن اليورو لآخر (سنت)، فاليورو بالنسبة لهما جزء من هوية أوربا. التحليلات التي تناولت المشاكل في المنتدى امتازت بالتفاؤل المفرط، وستتضمن الوثيقة الختامية للمنتدى سيادة "تفاؤل واسع" بخصوص فرص نمو الاقتصاد العالمي. ولكن مهما ازددنا واقعية، فلن نتوقع من قادة هذه الفعالية أن يعترفوا بفشلهم، وان شركاتهم إلى حد بعيد بدأت تصل نهاية المطاف، وان الأمور ومنذ فترة طويلة لا تسير كما يرغب رؤساء الكهنة في دافوس. إن ميزان القوى العالمية، وبفعل ثورة الياسمين في البلاد العربية، يوشك على الاهتزاز، فسياسة وطنية جديدة تعتمدها الحكومات سيؤدي بين أمور أخرى إلى تهديد السياسة الغربية بخصوص المواد الخام، كما لم يجر حتى الآن القضاء على المخاطر الحالكة في السياسة المالية، ولا تزال البنوك تمارس المضاربة بما يفوق رأسمالها الخاص وصناديق التحوط بعيدة ولا تتأثر بقواعد التنظيم الجديدة ومشهد مديونية الدولة يبدو قاتما جدا. خلال أيام منتدى دافوس خفضت وكالات التصنيف موقع اليابان، وتعين على الولايات أن تتهيأ لذلك، وفي أوربا تعيش البلدان الأكثر مديونية على قنبلة موقوتة يرتفع رنين ضرباتها. أن ما تقدمه المستشارة الألمانية ميركل وشركاؤها –على العالم أن يجعل ألمانيا مثلا له– هو وصفة للكارثة المقبلة، لان جوهر الرسالة هو: ان تسود الاتحاد الأوربي ومن الأفضل أن تكون للعالم بأجمعه سلطة تقوم على أساس تخفيض الدول للنفقات العامة وزيادة الضرائب على مجموع أفراد الشعب. إن ما يسعى له الجميع من صندوق النقد الدولي إلى الحكومة الألمانية إلغاء المواصفات النوعية لدولة الرفاه الاجتماعي ودفع الأكثرية للقبول بذلك تحت ذريعة عدم وجود بدائل ممكنة. اقتصاديا تعتبر هذه الوصفات مسا من الجنون لانها تقوم على استنزاف الجماهير لمعافاة مالية الدولة، ولكونها تؤدي إلى فقدان الجماهير وارداتها التي تحتاجها للتسوق والتي يعتمد عليها اللاعبون الدوليون والمحليون. كل ما طرح في دافوس لا يمثل حلا وإنما يقود إلى أزمة جديدة، والمذنب هنا ليس ميركل أو برنانكي ( رئيس البنك الاحتياطي الفيدرالي في الولايات المتحدة)، بل المذنب هو النظام نفسه. لا يوجد حل وكل رد فعل يؤدي إلى مزيد من الفوضى وهذا ما يطلق عليه توصيف الأزمة الشاملة. *- أعدت هذه المادة على أساس تعليق لكونارد شوهلر احد العاملين في معهد البحوث الاجتماعية – البيئية-الاقتصادية في ميونخ، تناول أعمال منتدى دافوس الذي عقد في أواخر كانون الثاني الماضي، ونشر على موقع المعهد وفي الجريدة المركزية للحزب الشيوعي الألماني والعديد من المواقع الأخرى.
#رشيد_غويلب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ما هي الرأسمالية؟
-
الفقراء يزدادون فقرا* تأثيرات الأزمة المالية – الاقتصادية ال
...
-
المؤتمر الثالث لحزب اليسار الأوربي ينهي أعماله....أقرار برنا
...
-
الأزمة المالية تضرب ايرلندا
-
اليسار في امريكا اللاتينية في بدابة القرن الحادي و العشرين*
...
-
مرشحة تحالف اليسار تفوز بانتخابات الرئاسة في البرازيل- اول ا
...
-
أحزاب جديدة تنظم لحزب اليسار الأوربي و الفرنسيون يستضيفون مؤ
...
-
تحالف اليسار الفنزويلي يحصد الأكثرية المطلقة من أصوات الناخب
...
-
السياسة الطبقية لليسار الالماني
-
وفاة أهم رموز مقاومة الدكتاتورية والزعيم التأريخي للحزب الشي
...
-
في ضوء انتخاب الرئيس الألماني الجديد، دروس هل يتعظ الساسة ال
...
-
امرأة دخلت التاريخ من أبوابه الواسعة
-
أسئلة اليسار المفتوحة
-
نقاش مفتوح حول مشروع البرنامج الجديد لحزب اليسار الالماني
-
الذكرى الستين لتأسيس الصين
-
حزب اليسار الالماني :نجاحات كبيرة في ثلاث ولايات و فرص اكبر
...
-
هموم الشيوعيين دائما وطنية
-
حزب اليسار ألأوربي يطلق حملة انتخابية موحدة في بلدان القارة
...
المزيد.....
-
السعودية: إنتاج المملكة من المياه يعادل إنتاج العالم من البت
...
-
وول ستريت جورنال: قوة الدولار تزيد الضغوط على الصين واقتصادا
...
-
-خفض التكاليف وتسريح العمال-.. أزمات اقتصادية تضرب شركات الس
...
-
أرامكو السعودية تتجه لزيادة الديون و توزيعات الأرباح
-
أسعار النفط عند أعلى مستوى في نحو 10 أيام
-
قطر تطلق مشروعا سياحيا بـ3 مليارات دولار
-
السودان يعقد أول مؤتمر اقتصادي لزيادة الإيرادات في زمن الحرب
...
-
نائبة رئيس وزراء بلجيكا تدعو الاتحاد الأوروبي إلى فرض عقوبات
...
-
اقتصادي: التعداد سيؤدي لزيادة حصة بعض المحافظات من تنمية الأ
...
-
تركيا تضخ ملايين إضافية في الاقتصاد المصري
المزيد.....
-
الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق
/ مجدى عبد الهادى
-
الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت
...
/ مجدى عبد الهادى
-
ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري
/ مجدى عبد الهادى
-
تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر
...
/ محمد امين حسن عثمان
-
إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية
...
/ مجدى عبد الهادى
-
التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي
/ مجدى عبد الهادى
-
نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م
...
/ مجدى عبد الهادى
-
دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في
...
/ سمية سعيد صديق جبارة
-
الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا
/ مجدى عبد الهادى
المزيد.....
|