أحمد الناجي
الحوار المتمدن-العدد: 978 - 2004 / 10 / 6 - 09:33
المحور:
اراء في عمل وتوجهات مؤسسة الحوار المتمدن
تزخر كتب التاريخ والأدب الشعبي، بالكثير من القصص عن شخصية جحا الأسطورية، وجميعها حكايات مؤطرة على نسق طرائف تعكس واقعاً فعلياً لحياة الناس، تحمل ورائها خطاباً يطرح معاناة وهموم الناس الخفية التي ما كان بالامكان تداول تلك الهواجس بين الناس في العلن من دون تورية، وتبطين باللواذع السلسة، ولذا تجدني أنتقي واحدة من تلك الطرائف المتداولة، ففيها الكثير من المعاني والعبر، التي تحاكي قرار حجب ومنع موقع الحوار المتمدن من قبل السلطات السعودية.
( عندما أضاع جحا حاجة ثمينة له في فناء داره المعتم الذي يغلفه الظلام، وما كان بمقدوره حينها أن يبحث في فناء الدار، بسبب انعدام الرؤيا، أنتقل الى خارج الفناء مضطراً للبحث عن حاجته في مكان أخر يسطع فيه النور).
أملي أن يحسن الرقيب قراءة قصة جحا، ففي عبرها مواساتي لبوصلته، بعد أن تاهت عليها الاتجاهات، وما عادت قادرة على التمييز، حتى بين الظلمة والنور. وفي طياتها رثائي لسطوته، بعد أن شق عليها رؤية وهجة نور الحوار المتمدن، حافلة بالفكر الإنساني الثر، تكشف عن الدجى، وما يرتع من فكر ظلامي دنو مقصه، بعد أن عاث عنفاً وإرهابا بأمن المملكة قبل غيرها.
قلبي على من باعدته مكائن الاستلاب الفكري عن موقع الحوار المتمدن، واحة التنوير الرائدة، فالأعراف القسرية في حجب المواقع قد عايشناها من قبل، أكثر من ثلاث سنوات، كانت كل عمر الانترنت في العراق خلال عهد الطاغية، وفي كل الأحوال تبقى الحاجة أم الاختراع، فقد قارعنا أطواق العزلة عن العالم الخارجي بواسطة تقنيات هذا العلم المتسارع بوسائل شتى، وفي أحايين كثيرة تمكنا من تفتيتها، وكانت لحظات تلك المشاعر لا توصف حين تستقبل موضوعاً ممنوعاً، كنت قد استدعيته، عبر البريد الالكتروني بواسطة مقدمات الخدمة المنتشرة على الانترنت، لأن الأسارير حينها تمتزج في الدواخل، تجوب الحشى والقلب، نشوة من النصر مغلفة برهبة الخوف، وقد ظلت هذه الكوة تواصل من حضي بمعرفتها مع العالم الخارجي لغاية أب 2002، حيث أغلقت، فأمخرنا نحو ما نروم بعدها في هذا البحر المتلاطم بطرائق عديدة أخرى، ننجح مرة ونفشل مرات، الى أن تبددت سنن الاستبداد وأطواق العزلة، وخطت تلك الأعراف بنفسها مسارها المعهود الى مزابل التاريخ، تلك البديهية الشاخصة أمام الأنظار، والتي لا يريد البعض تصديقها.
تحية للأخ رزكار عقرواي، وكل القائمين على شموخ موقع الحوار المتمدن، وكل العقول والأكف التي تحتضنه بنبل نتاجها الفكري الإنساني، وكل القلوب المتضامنة مع حرية التعبير.
#أحمد_الناجي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟