|
المشاركة السياسية من منظور مكونات الحركة الإسلامية في المغرب (2).
سعيد الكحل
الحوار المتمدن-العدد: 3270 - 2011 / 2 / 7 - 02:00
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
1 ـ جماعة العدل والإحسان . إن جماعة العدل والإحسان لا تفاضل بين الأنظمة السياسية إلا بما تتيحه لها من فرص للوصول إلى الحكم ، وليس فقط التداول على تدبير الشأن العام. فكل الأنظمة السياسية الحاكمة في العالم الإسلامي هي ، من منظور الجماعة ، أنظمة العض والجبر . ومهما كانت نزاهة الانتخابات وحرية المواطنين في الاختيار والتصويت ، فإن الجماعة لن تشارك في العملية الانتخابية طالما ظلت محرومة من المعول الدستوري لهدم أركان النظام الحالي وإقامة نظام بديل . لهذا فالجماعة لا ترغب في إصلاح النظام السياسي الحاكم ولا الانخراط في مؤسساته من منطلق أنها ــ أي الجماعة ــ لا تعترف بشرعية النظام . وهذا ما أعاد التأكيد عليه والتذكير به أحد أعضاء الجماعة ــ عبد العالي مجذوب ــ حيث نقرأ التالي ( إذا كانت جماعة العدل والإحسان لا تعترف بشرعية أنظمة العض والجبر، أي الأنظمةِ الاستبدادية، فإن من البديهي أنها لا تعترف بالدساتير التي تمنحُها هذه الأنظمة، وأنها ترفضُ أن تنخرط في اللعبة الديمقراطية التي تصنعها هذه الأنظمة وتتحكم في جميع خيوطها، وأنها ترفض أيضا المشاركة في انتخابات تجري في ظل ديمقراطية شكلية مغشوشة فارغة من أي معنى. وإذا حصرنا الكلامَ في الحالة المغربية كما هي اليوم، فإن موقف الجماعة من "اللعبة الديمقراطية" عموما، ومن المشاركة في الانتخابات خصوصا، بات معروفا، وهو الاعتراضُ والرفض). إذن فالانتخابات ، بالنسبة للجماعة ، لها وظيفتان : ـ الوظيفة الأولى : المشاركة في ممارسة السلطة والتداول على الحكم وتدبير الشأن العام في إطار قوانين النظام ودستوره . وفي هذه الحالة لن تسمح الانتخابات بتغيير النظام ، وإنما بخدمته وتمديد آجاله وترميم صدعه . وباعتبار الجماعة تعادي النظام وتسعى لإسقاطه ، فإنها ترفض مطلقا المساهمة في تقوية النظام وإطالة عمره . هكذا قرر مرشد الجماعة ( ليكن واضحا أننا لسنا نرمي لترميم صدع الأنظمة المنهارة معنويا ، المنتظرة ساعتها ليجرفها الطوفان .. يندك ما كان يظنه الغافلون عن الله الجاهلون بسنته في القرى الظالم أهلها حصونا منيعة وقلاعا حصينة ، وتندثر وتغرق )(ص576 العدل). فالشيخ ياسين يتربص بالنظام ويعد عدته وأتباعه للزحف على الحكم . لهذا نجده يستبشر ويبشر أتباعه ( سيظل السوس ينخر في جسم النظام ، وبعد الضربة المفاجئة ، ستتوالى الانتكاسات وخيبات الأمل)(ص 23 مذكرة إلى من يهمه الأمر) . وانطلاقا من تلك القناعة الراسخة لديه ، يجزم الشيخ أن لا أمل لهذا النظام " الطاغوتي " في النجاة والاستمرارية ( فلا أمل في الإفلات من طوفان يوشك أن يحل )(ص 23 مذكرة.) . وكل مشاركة في الانتخابات هي ، في رأي الشيخ وحكمه ، تودد للنظام ومصالحة معه . ومن ثم يقرر مقاطعتها ( ليكن واضحا جليا أننا لا نخطب ود الأنظمة الفاسدة الكاذبة الخاطئة . وليكن واضحا أن خطة بعض المترددين من فلول الحركة الإسلامية المتكسرين إلى مصالحة مع المزورين ليست خطتنا )(ص 571 العدل). فالشيخ على يقين تام أن الانتخابات في المغرب أو في أي بلد عربي آخر لن تمكن الإسلاميين من تغيير الأنظمة الحاكمة ، وإقامة أنظمة " إسلامية" بديلة . وكل اعتقاد في جدوى تلك الانتخابات إنما هو مطاردة السراب . يقول الشيخ : ( تنسل الحركة الإسلامية في هذا القطر أو ذاك إلى الحكم انسلالا تدريجيا عن طريق انتخابات لم تجد الديمقراطيات المُولَّدةُ بدا من شق بعض فجاجها للإسلاميين ، فتلك فرصة للتناوب على الحكم . وينبري الإسلاميون حاملو شعار " البديل السياسي" ليدخلوا مع الناس في دوامة التناوب على الحكم صعودا وهبوطا ، تناديهم أصوات انتخابية ملت من عديلهم اللاييكي الدنيوي ، لتلفظهم وتستبدل بهم قوما آخرين بعد تجربة لن يألُوَ الناصبون والنصابون جهدا في إفشالها . وتلك فرصة سرابية ما كان لمتعطش فاضل أن ينتظر منها حسْواً لظمأته أو غرفة لريِّ الشعوب المالَّةِ القاحِلِ ساحُها من عدل ونماء وخير تعد به الديمقراطيات المُوَلَّدَة ولا تفي)(ص 567 العدل). ـ الوظيفة الثانية للانتخابات هي التمكين من تغيير قوانين النظام ودستوره بما يسمح بتغيير النظام نفسه وإقامة نظام بديل . وهذا ما أعاد التأكيد عليه عبد العالي مجذوب كالتالي ( ستعتبر(أي الجماعة) المشاركةَ في الانتخابات اختيارا "تكتيكيا" لخدمة الاختيار الاستراتيجي، وهو اختيار "القومة" الذي يسمح بتأسيس نظام سياسي جديد. أي أن سقفَ هذه المشاركة لن يقف، حسب منهاج الجماعة السياسي المُعلَن والمنشور، عند غاية "التداول على السلطة"، أي أن يصبح "الفاعل الإسلامي"- سواء كان كيانا واحدا أم تحالفا من كيانات متعددة- واحدا من الذين يتداولون الحكمَ حسب المقتضيات الدستورية والقانونية المتفق عليها بين "اللاعبين"، مرة يصعد ومرة يهبط، حسب ما تحكم به صناديق الاقتراع الشفافة، وحسب ما تسفر عنه "اللعبة الديمقراطية"ــ قلت لن يقف سقفُ مشاركة الجماعة عند غاية التداول على الحكم، بل سيتعداها إلى الإعداد والاستعداد ليوم تنضج فيه شروطُ التغيير الجذري، الذي سيتكفل بإزالة النظام القديم). إن هذا الشرط الذي تتمسك به الجماعة لا يمكن أن يقبله أي نظام مهما كانت ديمقراطيته وشفافيته . من هنا تعتبر الجماعة أن مشاركتها في الانتخابات في إطار قوانين النظام ودستوره ستكون على حساب عقائدها ومبادئها التي قامت على أساسها . أي أن الجماعة لن تشارك في هذه الانتخابات إلا إذا تخلت عن مبادئها ، وهذا أمر تعتبره قيادتها مستحيلا . يقول الأستاذ المجذوب ( الجماعة ستشاركُ وهي مؤمنة بأن اختيارها المشاركةَ هو اختيار استراتيجيّ، وأنّ أقصى ما يمكنُ أن تصل إليه عند الفوز هو المشاركةُ في الحكم مع غيرها من "الفاعلين" المُنافسين، من الإسلاميين وغير الإسلاميين. وهذا يقتضي أن تكونَ الجماعةُ قد ألغت واحدةً من الدعامات التي يقوم عليها منهاجُها السياسي، أي أن تكون قد تخلّت عن فكرة "القومة" وتأسيس حكم إسلامي قُطري تمهيدا لبناء الخلافة الثانية على منهاج النبوة). وبالقدر الذي يستحيل فيه أن تتخلى الجماعة عن هدف إقامة دولة الخلافة ، يستحيل كذلك قبولها المشاركة في الانتخابات تحت سقف النظام الملكي وضمن قوانينه . لهذا قررت الجماعة مواصلة "قومتها" والإعداد للزحف على الحكم . ومن أجل التعجيل بيوم الزحف ، تدعو الجماعة كل القوى السياسية والمدنية إلى التكتل وتشكيل قوة مناهضة للنظام الذي تحرض ضده وتتهمه بالتالي ( إن النظام المخزني بصيغته الحالية وبمنهجيته السياسية أصبح يمثل عائقا أمام الديمقراطية والتنمية في هذا الوطن، كما أصبح مهددا لهوية الأمة في الصميم ومهددا لمصالحها المختلفة، بل أصبح مهددا للاستقرار الإقليمي والمتوسطي بعشرات الآلاف من هكتارات المخدرات، وبهجرة يغذيها بسياسته التفقيرية القاتلة). إذن لا يمكن المراهنة على مشاركة الجماعة في الانتخابات في المدى القصير أو المتوسط إلا إذا تخلت عن مبادئها ؛ وهذا أمر في حكم المستحيل . ووجه الاستحالة أن هذه المبادئ مرتبطة بالمعتقد الديني الذي تتمثله الجماعة أكثر مما هي مواقف سياسية تمليها ظرفيات معينة.
#سعيد_الكحل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المشاركة السياسية من منظور مكونات الحركة الإسلامية في المغرب
...
-
-بابا نويل- لا يقلك تهَجُّمُهم فهم قوم يكرهون الحب ويحرّمُون
...
-
تبرئة العدليين كرامة إلهية أم إرادة سياسية ؟
-
الخطاب المزدوج لجماعة العدل والإحسان .
-
العنف ضد النساء ثقافة وتربية قبل أن يكون سلوكا وممارسة .
-
ليكن لمسيرة الدار البيضاء ما بعدها .
-
الوجه الإرهابي للبوليساريو .
-
ومكر أعداء المغرب يبور .
-
ليكن الحكم الذاتي خيارا وليس فقط حلا .
-
السعودية وجدية الانخراط في محاربة الإرهاب .
-
هل يفلح الحوار الموريتاني في القضاء على خطر الإرهاب ؟
-
ساحلستان : إمارة الإرهاب والتهريب .
-
وضعية المرأة تعكس مدى نضج المجتمع ووعي نُخَبِه .
-
حزب العدالة والتنمية ولعبة الاستفزاز التي لا تنتهي .
-
منطقة الساحل والصحراء على خطى الصوملة والأفغنة .
-
ولد سلمى القيادي الصحراوي الذي تمرد على عصابة الانفصال .
-
من يزرع فقه التكفير يحصد قنابل التفجير .
-
من يلعب بنار التطرف تحرقه .
-
الحرب الشاملة ضد الإرهاب هي الخيار الوحيد لدحر خطره .
-
هل ستتجاوب الأحزاب مع خطاب الملك ؟
المزيد.....
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|