أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - صبحي حديدي - أشواق المستهام














المزيد.....

أشواق المستهام


صبحي حديدي

الحوار المتمدن-العدد: 977 - 2004 / 10 / 5 - 07:56
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


أخيراً، ويوم أمس فقط، اعترفت صحيفة غربية رئيسية بحدث ثقافي وتاريخي متميّز وقع، أو تكشّفت معظم تفاصيله ‏بالأحرى، قبل أكثر من سبعة أشهر. لا بأس، كما نجد أنفسنا مضطرّين إلى القول بين حين وآخر، أن يصلوا متأخرين ‏من أن لا يصلوا أبداً!‏
البارحة نشرت أسبوعية" أوبزرفر" البريطانية مادّة بتوقيع روبن ماكّي، المحرّر العلمي، تسرد الحكاية المثيرة التالية: ‏الباحث المصري د. عكاشة الدالي، من المعهد الأركيولوجي في جامعة لندن، توصّل إلى براهين متينة تفيد أنّ عالِماً ‏مسلماً عاش في القرنين التاسع والعاشر الميلاديين هو الذي فكّ شيفرة "حجر رشيد" الشهير، وليس سنة 1822 على يد ‏الباحث الفرنسي في اللغات القديمة فرانسوا شامبليون.‏
ومن المعروف أنّ الضابط الفرنسي فرانسوا بوشار عثر على هذا الحجر الثمين في إحدى قلاع مدينة رشيد، سنة ‏‏1799، أثناء الحملة الفرنسية علي مصر. معروفة أيضاً تفاصيل التنافس الفرنسي ـ البريطاني المحموم على الاستئثار ‏بالحجر واحتكار فكّ مغاليقه، بما ينطوي عليه ذلك من مجد وشرف.‏
كان البريطانيون قد هزموا الفرنسيين في مصر سنة 1801، وكانت الهزيمة شاملة لأنها تضمنت أيضاً اضطرار ‏المنهزم إلى تسليم جميع ما في حوزته من كنوز الآثار المصرية، المنهوبة، إلى المنتصر. وهكذا لم يتشرّف متحف ‏اللوفر الفرنسي باحتضان الحجر الصغير النفيس، الذي يضمّ نصوصاً باللغتين القديمتين المصرية الهيروغليفية ‏واليونانية الديموطيقية، وذهبت الحظوة إلى المتحف البريطاني حيث ترقد اليوم تلك التحفة التاريخية واللغوية.‏
الفرنسيون ثأروا لأنفسهم، مع ذلك، حين نجح شامبليون في فكّ وتصنيف محتويات الحجر قبل البريطاني توماس يونغ، ‏وذلك حين أسقط من حسابه كليّاً الفكرة الغربية الشائعة عن الهيروغليفية بوصفها مجموعة رموز عن الأفكار والأشياء. ‏إنها أبجدية صوتية، افترض شامبليون، واتكأ علي هذا الافتراض لتحقيق إنجاز تاريخي ظلّ الغرب يفاخر به مذّاك.‏
اليوم يقول د. عكاشة الدالي إنّ أوّل مَن فكّ ألغاز الحجر كان أبو بكر أحمد بن علي بن وحشية: "طيلة أكثر من قرنين ‏ونصف القرن، ظلّت دراسة مصر القديمة خاضعة للرأي الغربي الذي يتجاهل الأبحاث العربية تماماً. ولقد شعرت بأنّ ‏هذا الأمر غير منصف"، يقول الدالي الذي صرف سبع سنوات (غير عجاف البتة، كما يلوح) في مطاردة المخطوطات ‏العربية والتنقيب في بطون الكتب القديمة، حتى عثر على عمل إبن وحشية، فأدرك بصفة قاطعة أنّ ذلك العالِم كان يفهم ‏تماماً ما تقوله النصوص الهيروغليفية!‏‎ ‎
ولقد شدّني في حينه هذا الاكتشاف البحثي الرفيع، وكانت وكالة أنباء رويترز نشرت عنه تقريراً موجزاً بالعربية في ‏شهر آذار (مارس) الماضي، بالقدر الذي جعلني أنشدّ إلى أعمال إبن وحشية. ولقد كان مبهجاً أن أكتشف تلك الفتنة ‏الخاصة في عنوان المؤلَّف المعنيّ بالهيروغليفيات: "كتاب شوق المستهام في معرفة رموز الأقلام"! نعم... تخيّلوا كيف ‏أنّ ذلك العمل على الأبجدية المصرية القديمة المعقدة لم يكن مسغبة ومشقة فحسب، بل كان شوقاً... وكان المشتاق ‏مستهاماً في استقصاء رموز الأقلام!‏‎ ‎
وهذا الكتاب تُرجم إلى الإنكليزية سنة 1806، أي قبل 16 سنة من نجاح شامبليون في قراءة حجر رشيد ، الأمر الذي ‏يرجّح أنّ يكون الأخير قد قرأ الكتاب، وأنّ مقاربة إبن وحشية (في اعتبار الحروف جزءاً من أبجدية صوتية وليست ‏مجرّد رموز تصويرية) قد تكون وراء النقلة الحاسمة التي جعلته يتخلى نهائياً عن الفرضيات الغربية الراسخة آنذاك. ‏هكذا يقول المنطق البسيط، وإنْ كنّا لا نستطيع الجزم حول ما إذا كان شامبليون قد قرأ كتاب إبن وحشية أم لا. لكنّ ‏مناقشة هذا الافتراض تعني، في جانب آخر، إحقاق حقّ العالِم العراقي العتيق في بعض المجد التليد الذي ينعم به العالِم ‏الفرنسي الحديث.‏‎ ‎
وللتوقف عند المزيد من هذا الحقّ، نشير إلى أنّ إبن وحشية كتب في الفلسفة والزراعة والكيمياء، ووضع مجموعة من ‏المؤلفات في السحر والطلمسات، منها "كتاب طرد الشياطين" و"كتاب السحر الكبير" و"كتاب السحر الصغير". وللرجل، ‏في العلوم، كتاب فريد اسمه "الفلاحة النبطية" يُعدّ من أشهر المؤلفات الزراعية القديمة، وثمة مَن يردّ بعض فصوله إلى ‏نصوص بابلية قديمة. ومن المدهش أنّ إبن وحشية، وفي فصل خاصّ بالعقائد الوثنية، يقيم صلة مادية مباشرة بين ‏الزراعة وعبادة النجوم، ولا يتوقف عند القواعد الزراعية الصرفة بل يغوص عميقاً في ما يتناظر مع الزراعة من ‏عقائد وخرافات وعبادات وتقاليد عتيقة سادت في صفوف الأنباط أوّلاً ثمّ انتقلت إلى جيرانهم‏‎.‎
تحية، إذاً، لهذا العالِم القديم الجليل، العميق والطريف والشاعري في آن. وتحية لا تقلّ حرارة إلى العالِم المصري ‏المعاصر عكاشة الدالي... الذي دلّ العالم ودلّنا على قسط إضافي جديد وهامّ من حقائق التاريخ الخافية.‏
‎ ‎



#صبحي_حديدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- توني بلير الأحدث: صوت سيّده أكثر فأكثر
- ما الذي يمنع سيّد العالم من اعتلاء العالم
- طبيب -طاسة الرعبة-
- واشنطن ودمشق: الضجيج الذي قد ينذر بالعاصفة
- العمل الفني الأعظم
- -الخطر الأخضر- الذي عوّض الغرب عن -الخطر الأحمر-
- طرزانات أمريكا
- من دمشق إلى بيروت: تمديد الرئاسة أم تقزيم الوجود السوري؟
- طبقات الشعراء
- بيريس وحزب العمل : زالت المصطلحات وبقيت الانتهازية العتيقة
- حكمة الوقواق
- بعد نصف قرن على المصطلح: ما الذي يتبقى من كتلة عدم الإنحياز؟
- نوستالجيا الأبيض والأسود
- فرنسيس فوكوياما وتفكك اليمين الأمريكي المعاصر
- إقليم دارفور بين -لعبة الأمم- و-بورنوغرافيا الكوارث-
- محمد القيسي أم الإسمنت؟
- اليهودي العربي
- فرنسا وتهمة العداء للسامية: من الابتزاز إلى المصيدة
- رأساً على عقب
- البرادعي في إسرائيل: تفتيش -وجودي- من ارتفاع عين الطير


المزيد.....




- -لا يتبع قوانين السجن ويحاول التلاعب بالشهود-.. إليكم ما نعر ...
- نظام روما: حين سعى العالم لمحكمة دولية تُحاسب مجرمي الحروب
- لأول مرة منذ 13 عامًا.. قبرص تحقق قفزة تاريخية في التصنيف ا ...
- أمطار غزيرة تضرب شمال كاليفورنيا مسببة فيضانات وانزلاقات أرض ...
- عملية مركّبة للقسام في رفح والاحتلال ينذر بإخلاء مناطق بحي ا ...
- إيكونوميست: هذه تداعيات تبدل أحوال الدعم السريع في السودان
- حزب إنصاف يستعد لمظاهرات بإسلام آباد والحكومة تغلق الطرق
- من هو الحاخام الذي اختفى في الإمارات.. وحقائق عن -حباد-
- بيان للجيش الإسرائيلي بعد اللقطات التي نشرتها حماس
- اختتام أعمال المنتدى الخامس للسلام والأمن في دهوك


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - صبحي حديدي - أشواق المستهام