|
الحوار المتمدن ودروس الحريات والإصلاح المؤمَّلة
تيسير عبدالجبار الآلوسي
(Tayseer A. Al Alousi)
الحوار المتمدن-العدد: 976 - 2004 / 10 / 4 - 10:45
المحور:
اراء في عمل وتوجهات مؤسسة الحوار المتمدن
الحوار المتمدن ودروس الحريات والإصلاح المؤمَّلة الدكتور تيسير عبدالجبار الآلوسي تناقلت الأخبار بسعة ملموسة نبأ محاولات الحجر على موقع الحوار المتمدن في العربية السعودية.. في البدء لابد من التأكيد على أنّه لو لم يكن الموقع قد أخذ مساحة نوعية من التأثير لما اُلتُفِت إليه بخاصة ونحن نعرف بوجود عشرات من المواقع اليسرارية الأخرى ولكن الأمر هنا في كون موقع الحوار قد احتل مساحته بل مكانته المميزة في إطار العلاقة مع جمهور عريض في منطقة الشرق الأوسط والعالم.. أما لماذا احتل الموقع تلك المكانة وذياك التاثير فمن المؤكد أن يعود ذلك لتوفيق واضح في المعالجة الفنية التقنية وفي أساليب العرض والاتصال بالجمهور واحترام ذاك الجمهور؛ هذا كله من جهة النجاح الإعلامي ومن جهة أخرى وهي الجهة ذات الأهمية القصوى هي تلك المتعلقة بكتّاب الموقع وهم نخبة مثقفة تقدم خبراتها وجهودها البحثية بأفضلية صارت واضحة للعيان وأخذت وجودها في ميدان التفاعل مع قضايا المجتمعات المعنية بخطاب الحوار المتمدن.. ولقد عولجت من كتّاب الحوار المتمدن مجموعة القضايا الساخنة بموضوعية وعقلانية ومنطق معرفي سليم.. ولم يورد الحوار المتمدن ما يسمح بالتشاحن الشخصي والرؤى الفردية التي تستهين باحترام الفكر والعقل الإنسانيين أو ما شاع من ثقافة الشتيمة والالاتهامات المجانية على بعض المواقع التي تسمي نفسها وسائل إعلامية زورا... ولأهذه الأسباب وغيرها صار موقع الحوار المتمدن صوتا إعلاميا كبيرا وصار جمهوره يُعد بمئات الآلاف حتى نافس وسائل الإعلام الأسهل اتصالا بالجمهور أقصد بلا مبالغة من جهة التقديرات الكمية "الفضائيات" إذ أشير هنا إلى طبيعة الجمهور الذي يدخل الموقع شغوفا بمناقشات فكرية وسياسية متنوعة غنية... وهكذا كانت مسألة منع وصول الموقع إلى جمهور العربية السعودية أمرا لا يدخل في منطق القبول بحوار موضوعي بمعنى محاولة الإبقاء على زمن المصادرة والحظر والتحريم بخاصة عندما يمس الأمر الحريات من جهة وشؤون حقوق الإنسان.. إنّنا بمواجهة منطق رجوعي يحاولفرض التخلف والجهل وقطع الحوار بين الرؤى والأفكار المتنوعة... ولا عجب فالعربية السعودية لا تشذ عن عدد من بلدان المنطقة من حيث وجود قوى تحاول فرض منطقها المتخلف بمنع الحوار وقطع طريق المناقشات الإيجابية.. وعلينا هنا ألا نلقي اللوم على الرئاسات والقيادات والحكومات من أجل ألا نضع كل الأوراق في جعبة التحريم عندما نجعلها قضية تقف في كفة ميزان أما نحن وأما الحاكم وهو أسلوب يحاول استغلاله عدد من المتنفذين في أجهزة النُظُم العربية.. طبعا باستغلال طبيعة النظام العام ومفردات لغته وخطابه وجوهر ذاك الخطاب الذي يعود بنا إلى أزمنة الرداءة والاستلاب... وجزء من تضامننا نحن مع الحوار المتمدن ينبغي أنْ يصب ويركز على توظيف عوامل الإصلاح في النُظُم العربية لإبعاد قوى التخلف عن مواقع التنفذ والتحكم وهي مهمات ننتظر من قوى الإصلاح والقوى المتنورة في العربية السعودية وفي غيرها من البلدان العربية الأخرى أنْ تنهض بها.. ومثل هذا الفعل لابد أنْ يستقي قوته من مصداقيته وصواب طروحاته وموضوعيته في الحوار من جهة وإلى منطق الحكمة في توجه عدد من القيادات العربية الشابة منها والجديدة وتلك التي تمضي بتؤدة وإنْ كان بوجل وحذر لأسباب عديدة.. إنَّ ما علينا فعله هو مزيد من التكاتف والتضامن مع الأصوات الشريفة وتلك الفاعلة من أجل تقديم الرأي الحر النزيه كما هو درسنا القائم مع الحوار المتمدن .. وليكن هذا الدرس في طليعة حالات التوكيد على حرياتنا وحقوقنا وليصل إلى جمهورنا في العربية السعودية صوتنا المشترك في التضامن عبر كل القنوات وكذا ليصل صوتنا في التعاطي مع القضية إلى أعلى مستويات القرار.. وسيكون هذا التضامن أساسا من أسس التقدم بموضوعة الحريات والحقوق بخاصة في مجال حريات النشر والحوار.. إنَّ الحوار المتمدن لا يقوم على إلغاء الآخر ولا يقوم على تجاوز الواقع الموضوعي المعاش بكل تفاصيله من أعراف وتقاليد وطقوس ولكنه يقدم رؤيته في الانعتاق من ربقة عبودية زمن الظلمات والتخلف ويقدم رؤاه في الحريات والحقوق مثلما يقدم معالجاته في تحقيق الحياة الإنسانية الكريمة.. وهذا ما يدفعنا إلى التضامن بلا تردد وبلا تحفظ مع توجهات الحوار المتمدن من أسس موضوعية عقلانية تنويرية لا تتعارض مع كل ما يخدم وجودنا الإنساني بل هي في صميم خدمة الإنسان وقضاياه المصيرية وتفاصيل يومياته العادية... إنَّ حرمان جمهور العربية السعودية من صوت كبير ومهم كالحوار المتمدن هو اعتداء صارخ على حقوق أبناء العربية السعودية من جهة وعلى حق الحوار المتمدن في الوصول بحرية تامة إلى جمهوره.. بخاصة مع وجود كتاب من العربية السعودية ذاتها يكتبون فيه وبخاصة ووجود دراسات تخص العربية السعودية بكل موضوعية ومنطق بحثي علمي من مختلف العقول العربية وغيرها.. إنَّ الحرص على مسيرة الإصلاح في العربية السعودية ينبغي له أنْ ينطلق من أوليات تحقق الحريات وتوجد للحوار مساحته الحرة من دون أدوات الرقيب ومقصات قطع الصلات مع الآخر بكل أطيافه وتنوعاته.. ولعلنا في وقت لا نقتعد مصاطب الانتظار ليأتي إلينا قرار التغيير والإصلاح نتطلع إلى مشاركتنا من جهات مسؤولة في الحياة العامة في العربية السعودية لكي تقطع الطريق على ممارسات عفا عليها زمننا وافتتح مسيرة مختلفة جديدة... إنَّ سلاح البقاء لا يكمن بالتمسك بسياسات ماضوية انقرض زمنها.. وكانت تقوم على أشكال العبودية والفوقية في اتخاذ القرارات والنيابة عن الناس في التفكير وفي التعاطي مع الحياة بكل مفاصلها.. ولكنه يكمن في التعاطي مع لغة الحوار وهذه اللغة موجودة هنا في الحوار المتمدن ميدان العقل الرشيد والحكمة والعظة والنصيحة فلا نخافنَّ من حوار ليس بيده لا رصاصة ولا قنبلة ولا يتمترس بمدفع أو حجاب عقل أو حجاب فكر أو حجاب حوار يصادر ولا يتقبل, يستلب ولا يعطي يأخذ كل شئ لمصلحته ومآربه فلا يبقي ما للآخر من حق المناقشة حتى؟!! بل لنتفاعل من أجل حاضرنا ومستقبلنا جميعا في أجواء إنسانية رحبة متفتحة... أشدد على التضامن مع حقوق الحوار المتمدن على جميع الصُعُد القانونية والإعلامية والإنسانية وغيرها في العودة إلى جمهوره وعلى حق ذياك الجمهور في تلقي الحوار مع الآخر أو في التعبير عن رؤاه عبر هذا المنبر الموضوعي الإيجابي البنّاء.. وليكن من تفاعلنا مع قضية الحوار المتمدن مسيرة لتوكيد نزعة الإصلاح والتغيير من جهة ولتوكيد حقنا في التواصل والتفاعل وفي حق النشر والتعبير وتبادل الرؤى والأفكار وألا يكون حق التعبير خاضعا لقيود التعتيم وقيود أو سلاسل الظلمة والحجب والمنع كما كان في زمن بائد.. ولنتذكر من تاريخنا الوضاء كيف كان الحوار يجري بين جميع أطراف الفكر والعقائد بالتي هي أحسن وليس بالحجب والتحريم والمصادرة.. ولنوقف قوى الظلمة والتكفير تلك التي تستبيح دماء الأمة والشعوب وتستبيح كرامات الناس وحقوقهم بفضل اختراقها لمفاصل وأجهزة دول المنطقة لنوقفها عن نهجها التخريبي بتكاتفنا جميعا وبحكمة لا نندفع فيها متقاطعين مع بعضنا بعضا باستباق التفكير في الآخر واتهامه بأمر فنكون من المتعجلين.. لنتضامن مع الحقوق والحريات والعدالة وضد عفن التخلف وظلمته ولكن لا نسمحنَّ بالتجاوز أو بدفع قوى يمكنها أنْ تكون في صف الخير والتنوير والإصلاح وهو المنتظر المؤمّل.. وليكن صوتنا عاليا في التوكيد على حقوقنا جميعا ليصل ما نبحثه ونعالجه ونقترحه إلى جمهورنا بكل أطيافه وبالتحديد في العربية السعودية حيث يحاولون منعنا من الوصول.. إلى كل امرأة ورجل, إلى كل شابة وشاب, إلى كل طالب معرفة وفكر متنور وإلى كل أطراف الحوار من مختلف الموارد والمصادر والمنابع داخل العربية السعودية وخارجها من المواطنين والقراء ومن المسؤولين في إدارة الدولة أو منظمات المجتمع ومكوناته, إليكم جميعا نداء يلج إلى الضمائر: لا تتركوا فرصة لاغتيال خطوات الإصلاح والتغيير والتطور ولا تتركوا فرص اغتيال نور المعرفة فاليوم مع الحوار المتمدن وغدا مع كل فرصة لحقــِّنا في الحياة والكرامة الإنسانية.. إنَّ كل قضية أو مشكلة عند بعضنا يمكنها أنْ تخضع للمناقشة والحوار... وليس من طرق الحوار بأية حال من الأحوال الحجب والتحريم والمنع بل مزيد من التواصل والرأي بالرأي والحجة بالحجة حتى نصل إلى الأنجع والأنفع للجميع فليس فينا مَن يكون فوق الجميع أو يبزَّ الآخر بأمر أوتسلّط وإكراه فينبغي أنْ نكون سواء بسواء وجميعنا نخضع لعقد متوافق عليه مقبول من الجميع... وهذه هي أرضية تضامننا وتوكيدنا حق الحوار المتمدن في الوصول إلى جمهوره من غير مصادرة وهذه هي أرضية رفض قرار الحجب.. وهذه هي أرضية أملنا في إزالة الوضع الشاذ في تحريم حرية التعبير وحق الاتصال بالناس.. الحرية للصوت الشريف والإرادة النزيهة والحق كل الحق للحوار المتمدن في الحفاظ على كامل الحرية في التعامل وفي الوصول إلى جمهوره في العربية السعودية وفي غيرها...
#تيسير_عبدالجبار_الآلوسي (هاشتاغ)
Tayseer_A._Al_Alousi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رسائل عراقية الرسالة الأولى: تداعيات سريعة من غربات المهجر
-
حول الانتخابات وضمانات أنْ تجري آمنة نزيهة حرة
-
حول علاقات القوميات المتآخية في العراق وشؤون أخرى؟
-
حول سلوك بعض المسؤولين وآليات عمل المؤسسات الحكومية في العهد
...
-
لقاء مهم لوزير الدولة لشؤون المجتمع المدني بوفد المنظمة الوط
...
-
!!! شخصياتنا الوطنية والثقافية وظاهرة الاستقالات .. الاحتجاج
...
-
مقابلة مع رئيس تحرير مجلة الثقافة الجديدة
-
احتفالية عالمية لصحيفة اللومانيتييه ومشاركة مجلة رابطة الكتا
...
-
الحب والرحيل متابعة لرؤى -الآخر- النقدية في الأدب العراقي ال
...
-
المثقف العراقي والعمل الجمعي بين الإحباط, السلبية وروح الانت
...
-
حملة التضامن مع الأساتذة العراقيين تضامن مع كل أبناء شعبنا و
...
-
لا وقت للانتظار ماذا فعلنا للتأكـّد من مشاركتنا في الإحصاء و
...
-
رسالة إلى مثقفينا العراقيين في المهجر
-
افتعال الأزمات ومطالب العراقيين ومحاولات المشاغلة بعيدا عن م
...
-
إرادة السلام وإرادة التخريب
-
موقع ألواح سومرية معاصرة
-
ثقافة السلم والمجتمع المدني ومسؤولية المثقف العراقي المضاعفة
-
!حق الانفعال وردود فعله السلبية وآثار -ثقافة- الشتيمة
-
المرأة العراقية ودورها في تحقيق السلام والديموقراطية
-
شيعة وسنّة وعراق واحد وأدعياء تمثيلهما في أشلاء فرق عراق ممز
...
المزيد.....
-
هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وأخرى تستهدف للمرة الأولى-..-حزب
...
-
حافلة تسقط من ارتفاع 12 مترا في حادث مروع ومميت في فلاديفو
...
-
بوتين يتوعد.. سنضرب داعمي أوكرانيا بالسلاح
-
الكشف عن التاكسي الطائر الكهربائي في معرض أبوظبي للطيران
-
مسيرات روسية اختبارية تدمر مركبات مدرعة أوكرانية في اتجاه كو
...
-
مات غيتز يتخلى عن ترشحه لمنصب وزير العدل في إدارة ترامب المق
...
-
أوكامبو: على العرب الضغط على واشنطن لعدم تعطيل عمل الجنائية
...
-
حاكم تكساس يوجه وكالات الولاية لسحب الاستثمارات من الصين
-
تونس.. عبير موسي تواجه تهما تصل عقوبتها للإعدام
المزيد.....
-
مَوْقِع الحِوَار المُتَمَدِّن مُهَدَّد 2/3
/ عبد الرحمان النوضة
-
الفساد السياسي والأداء الإداري : دراسة في جدلية العلاقة
/ سالم سليمان
-
تحليل عددى عن الحوار المتمدن في عامه الثاني
/ عصام البغدادي
المزيد.....
|