|
العملية الانتخابية وشرعية السلطات
صاحب الربيعي
الحوار المتمدن-العدد: 976 - 2004 / 10 / 4 - 10:42
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
إحدى المبادئ الأساس للديمقراطية الاحتكام لصناديق الاقتراع لاختيار شكل الحكم وحق الانتخاب تضمنه مبادئ الدستور في النظم الديمقراطية، حيث يتعين أن تشارك جميع فئات الشعب للتصويت على البرامج الانتخابية للأحزاب السياسية بما يحقق مطالبها الاجتماعية. ومع مسيرة التطور والتقدم التي شهدتها أوروبا تحديداً، حصلت الفئات الاجتماعية على المزيد من المكاسب في مجال التعليم والصحة والخدمات الاجتماعية مما ساهم في رفع مستوى الوعي لدى أفراد المجتمع. وأدى ذلك بالنتيجة إلى رفع سقف المطالب الاجتماعية، مما دفع الأحزاب السياسية لتطوير برامجها الانتخابية لتتواءم وتلك المطالب من أجل كسب المزيد من أصوات الناخبين وبالتالي تحقيق الأغلبية البرلمانية التي تؤهلها لإدارة الدفة السياسية. ساهم مستوى الوعي الذي حققته الشعوب الأوربية في تقليص الهوة بين البرامج الانتخابية للأحزاب السياسية، وربما خلق نوع من (الاتفاق) فيما بينها لتخفيض سقف الوعود الانتخابية للحد من مستوى سقف المطالب الاجتماعية. مما أدى إلى انخفاض بنسبة المشاركة بالعملية الانتخابية من قبل الناخبين، حيث تراوحت نسبة المشاركة في العملية الانتخابية في العديدة من البلدان الأوربية بين 40-60 في المائة من الحجم الفعلي لقوة التصويت!. فضلاً عن ذلك رصدت مراكز استطلاعات الرأي في العديدة من البلدان الأوربية هناك تراجع (ملموس) بنسبة التصويت للأحزاب الأساسية في المجتمع لصالح الأحزاب الصغيرة (غير الأساسية) مما أدى إلى اضطرار الأحزاب الأساسية (في الكثير من الأحيان) لإجراء نوع من التحالفات بينها وبين الأحزاب الصغيرة لتحقيق الأغلبية البرلمانية. وتلك التحالفات خلقت حالة من الابتزاز السياسي مارستها الأحزاب الصغيرة ضد الأحزاب الأساسية، لانتزاع أكبر قدر من المطالب تتوافق ووعودها الانتخابية. ويرى ((صموئيل هانتنتون)) أن مشاركة الأميين في السياسة قد تكون (كما حصل في الهند) أقل خطورة على المؤسسات الديمقراطية من مشاركة المتعلمين. فالمتعلمون يتميزون بطموحاتهم العالية، وبأنهم يفرضون مطالب عديدة على نظام الحكم، فضلاً عن ذلك فأن مشاركة الأميين في السياسة تظل محدودة على الأرجح فيما يُحتمل أن تكون مشاركة المتعلمين ككرة الثلج لها تأثيرات كارثية على الاستقرار السياسي. تلك التغيرات أحدثت اصطفافات جديدة بين الأحزاب السياسية ذاتها، وتغيرت الخريطة السياسية التقليدية وباتت الأحزاب الصغير تتحكم بشكل أكبر بالقرار السياسي وباستمرار الحكومة أو بسحب الثقة عنها في البرلمان. لذا عمدت الأحزاب الأساسية في بعض البلدان الديمقراطية لإجراء نوع من (الاتفاق) فيما بينها للحفاظ على دورها التقليدي في الساحة السياسية وللحد من دور الأحزاب الصغيرة في التحكم بها وبقرارها السياسي. لذلك عمدت الأحزاب الأساسية المختلفة بتوجهاتها لإجراء نوع من التسوية فيما بينها لتحقيق مصالحها الذاتية المشتركة من خلال الاتفاق على تشكيل حكومة (إتلاف وطني) تهدف لإقصاء الأحزاب الصغيرة وتهميش دورها والحد من ابتزازها. وهناك إجراء آخر قد تلجأ إليه الأحزاب الأساسية، وهو تزوير الانتخابات من خلال التلاعب بنتائج فرز أصوات الناخبين. وهذا الأمر قد يحدث في (معظم) البلدان الديمقراطية بالرغم من عدم شرعيته وتعارضه مع مبادئ الدستور، ولكنه يكتسب (الشرعية القانونية) من خلال التعاطي السلبي مع قواعد قانونية مرنة لها أوجه متعددة من التفسير. فالقاعدة القانونية (أحياناً) تكون كقطعة المطاط يمكن سحبها لتغطي بحجمها المساحة غير الشرعية ويمكن كبسها لتنزع الشرعية عن مساحة أخرى!. ويعتقد ((جيف سيمونز)) أن عملية تزوير الانتخابات والتلاعب بنتائجها في أمريكا يتم من خلال: 1-تقوم الأحزاب عادة بالتلاعب بحدود المقاطعات الانتخابية لزيادة عدد المؤيدين في المقاطعة لصالح احد المرشحين. 2-ترفض (أحياناً كثيرة) الشركات الخاصة المكلفة لفرز أصوات الناخبين، تدقيق المعلومات المخزنة في أنظمتها الالكترونية، مما يزيد من فرص الاقتراع غير الشرعي للتأثير على نتائج فرز الأصوات. 3-تدبر مرشحي الحزب الجمهوري مثلاً في ولاية فلوردا المقسمة بالتساوي بين الحزبين الأساسين (الديمقراطي والجمهوري) أمر الفوز لـ 17 مقعد مقابل 8 مقاعد للديمقراطيين في سلطة الولاية. إذاً عملية إجراء الانتخابات، ليست بحد ذاتها تعبير عن كون النظام ديمقراطي أو غير ديمقراطي وأنما عملية الفرز لأصوات الناخبين يحدد نزاهة العملية الانتخابية وبالتالي شرعية السلطة المنتخبة!. يقول ((ستالين)) السؤال المهم ليس من يحق له التصويت، بل من يُعد الأصوات. والأنظمة الشمولية في البلدان المتخلفة غالباً ما تلجأ لإجراء انتخابات صورية لتضليل الرأي العام، ولإضفاء (الشرعية) على سلطتها غير الشرعية. كما أنها تلجأ للتلاعب بنتائج فرز الأصوات فتأتي النتائج لصالح فوز مرشحها الوحيد بنسبة 99.9 في المائة، وبالرغم من غياب أي منافس لها في العملية الانتخابية الصورية فأن النتائج توحي بالمبالغة الكبيرة. وتدرك الأنظمة الشمولية في حال إجرائها انتخابات حقيقية، فأنها لن تحصل في أفضل الحالات سوى على نسبة 0.09 في المائة من أصوات الناخبين كونها أنظمة مستبدة وغير شرعية تستمد (شرعيتها) من أجهزة القمع والاستبداد لإخضاع شعوبها. ونسبة التصويت 99.9 في المائة بدعة اخترعتها الأنظمة العربية لإضفاء (الشرعية) على حكامها غير الشرعيين، ولم تكتفِ بذلك بل لجأت لبدعة أخرى وهي الحكم بالوراثة بالرغم من أنظمتها أنظمة جمهورية وليست ملكية!. ويرى ((طوم بين)) كل حكومة وراثية هي بطبيعتها حكومة استبدادية.
#صاحب_الربيعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ظاهرة تفشي الرشوة والفساد الإداري سياسة جديدة تتبعها الأنظمة
...
-
سلطة الاستبداد والعنف في المجتمع
-
التحديث والعصرنة للأحزاب السياسية في الوطن العربي
-
المؤسسات الدينية والسلطة في الوطن العربي
-
صراع السلطات بين الدين والدولة
-
أنماط التداخل والحدود بين الثقافة والسياسة
-
توظيف التاريخ والأعراف الاجتماعية لخدمة العملية الديمقراطية
-
معوقات التغير والتحديث في المجتمع
-
المنظومات الشمولية والديمقراطية واللبيرالية بين الممارسة وال
...
-
الديمقراطية تعبير عن الذات والحب
-
السلطة الديمقراطية والمجتمع
-
الأهداف والتوجهات في الفكر الشمولي والديمقراطي
-
المواطنة والديمقراطية في الوطن العربي
-
المبادئ الجديدة للإصلاح في النظام الديمقراطي
-
شرعية الأنا ومقومات الذات
-
المنظومات الشمولية والذات الإنسانية
-
*مناقشة وتحليل للنظام الشرق أوسطي 3-3
-
*مناقشة وتحليل للنظام الشرق أوسطي 2-3
-
*مناقشة وتحليل للنظام الشرق أوسطي 1-3
-
*مواقف دول الشرق الأوسط من النظام الشرق أوسطي 2-2
المزيد.....
-
شاهد لحظة قصف مقاتلات إسرائيلية ضاحية بيروت.. وحزب الله يضرب
...
-
خامنئي: يجب تعزيز قدرات قوات التعبئة و-الباسيج-
-
وساطة مهدّدة ومعركة ملتهبة..هوكستين يُلوّح بالانسحاب ومصير ا
...
-
جامعة قازان الروسية تفتتح فرعا لها في الإمارات العربية
-
زالوجني يقضي على حلم زيلينسكي
-
كيف ستكون سياسة ترامب شرق الأوسطية في ولايته الثانية؟
-
مراسلتنا: تواصل الاشتباكات في جنوب لبنان
-
ابتكار عدسة فريدة لأكثر أنواع الصرع انتشارا
-
مقتل مرتزق فنلندي سادس في صفوف قوات كييف (صورة)
-
جنرال أمريكي: -الصينيون هنا. الحرب العالمية الثالثة بدأت-!
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|