أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - جمال علي الحلاق - نحن جيل محظوظ















المزيد.....


نحن جيل محظوظ


جمال علي الحلاق

الحوار المتمدن-العدد: 3264 - 2011 / 2 / 1 - 12:30
المحور: حقوق الانسان
    


***


أيّام مكثّفة جداً ، وفيها اختزال لتجارب بشريّة طويلة وثقيلة ، وفي مثل هذه الحالة ، ينبغي التأنّي في الكتابة ، أو في التنبؤ . كلّ ما يمكن أن يقال هنا هو أنّنا جيل محظوظ ، فقد أتيحت لنا فرصة مشاهدة النهايات ، وهي فرصة لا تتكرّر كلّ جيل ، أو حتى كلّ قرن .


***


أذكر الآن قول صاحبي حين مرّ مذنّب هالي ولم نره ، فقد تمّ سوقنا طلاباً الى معسكرات التدريب عام 1986 ، قال بحرقة : " يتحدّثون عن إنجازات الثورة ، وقد فوّتوا علينا رؤية المذنب ، ماذا سأقول لحفيدي حين يسألني عن ذلك ؟ " .
لم يشعر صاحبي بالخيبة من فوات العمر سدىً ، كان ينتظر أن يرى مذنّب هالي الذي يدور حول الشمس مرّة كلّ ( 76 ) سنةً ، أي مرّة كلّ جيلين ، وهذا يعني أنّنا كنّا مرشّحين أن نرى في حياتنا شيئاً لا يتكرّر كلّ جيل ، شيئاً يمنح أعمارنا خصوصيّة واحدة على الأقل . إنجازات الثورة يومها سرقت منّا هذه الفرصة مثلما سرقت أعمارنا .


***


ثمّة أشياء أو أحداث يمكن أن تُرى مرّة واحدة في العمر ، فهي ليست مثل النزول الى السوق أو الذهاب الى المقهى ، حَدَثٌ ، أحيانا يحدث بلا تخطيط ، ودون توقّع أيضاً ، لكنّه ، يقلب الإتّجاه تماماً ، يضخّ في الروح القدرة على الأمل بعد اليأس ، وهذا ما يحدث الآن وبعمق على أراضٍ عديدة من أقطار الوطن العربي .
المطلوب ، ليس المتابعة فقط ، بل تأمل ما يحدث بنفس عمق الحدث ، الخروج من الحفرة ، لكن ليس الى بئر .


***


في عمّان ، وبعد أن أغلق العالم أبوابه بوجهنا نحن العراقيين ، بعد سقوط التمثال ، تمّ فتح نافذة ضيّقة عام 2004 ، وكانت إختيارية ، قيل لنا لا نافذة لكم سوى البرازيل ، يومها منحونا يومين أو ثلاثة للتفكير ، وبلا تردّد ، رفضت النافذة وواصلت الإقامة في عمّان ، لا أريد أن أذكر ما قيل عن قراري هذا من قبل البعض ، لكنّني رأيت خمسة وثلاثين مليون برازيليا تحت مستوى خط الفقر ، وأكثر من خمسة عشر مليون أمّي ، ولغة لا ينطقها سوى البرتغاليين ، ولا نافذة للتعليم ، وو أشياء كثيرة أخرى ، فرفضت النافذة ، قلت للمحاميّة التي تحدّثت معنا : " لا أريد لعائلتي أن تخرج من حفرة لتقع في بئر " ، يومها كتبت بموقفي هذا لصديقي فرج الحطاب المقيم في ولاية أريزونا القريبة من البرازيل فبعث لي إيميلا على الفور يقول : " هذا أعقل قرار إتّخذته في حياتك " .


***


أجمل ما في اللحظة الراهنة هو التعرّي ، تعرّي الحكومات العربية وتعرّي شعوبها ، كلاهما يتحرّك على المكشوف ، قتل إزاء رفض ، تصريح بالرفض يقابله تصريح بالقتل يقابله الإصرار على التصريح بالرفض أيضاً وأيضاً . الكلّ يمارس وجوده بعلنيّة مطلقة . ينبغي تصعيد هذا المشهد .


***


النهاية تبدو مثل ثمرة أكلها العفن ، لقد رأيت ذلك في تجاعيد وجه التمثال حسني مبارك ، كاريكاتيرية التجاعيد تحت شعر أسود ناصع .



***


الغريب أن بعض التماثيل تصرّ على أنّ ما يحدث في البلدان المجاورة لا يمكن أن يحدث في بلدانها ، التمثال اليمني نموذجاً ، في المقابل ، الشارع العربي الآن يدخل مراهنة جديدة على الأنترنيت وعلى صفحات الفيس بوك حول سقوط التمثال التالي . روحية الإنتفاضة والثورة تنتقل من ورقة الى أخرى ، وبنفس القوّة ينتقل عدوى الإستخفاف بالشعوب من تمثال الى آخر . " اليمن ليست مثل تونس " هذه كانت جملة التمثال اليمني ، والشارع العربي يبتسم .



***

فرحة غريبة وغامضة لم يألفها العربي من قبل ، لكنّها الآن تتصاعد في النفوس والأجساد ، مبادرات هنا وهناك تجعل الشارع يركض للإعلان عن داخله ، لأوّل مرّة داخل العربي واضح وصريح .


***

نحن الآن لا نتنبأ ، نشاهد فقط . شيء يتحقّق ، التحقّق يفوق القدرة على التنبؤ ، التحقّق هو الذي يقود التنبؤ . المطلوب الآن متابعة التحقّق وإقصاء آليّة التنبؤ .


***

سقوط التمثال لا يعني نجاة الحكومات اللاحقة من المراقبة والمحاسبة ، فأمام الأزمات التي لا يزال المواطن العراقي يرضخ تحت أعبائها كيف يمكن للمالكي مثلاً أن يرى العراق ساحة بعيدة عن مثل ما يحدث في مصر الآن ؟ من أين جاء بهذه الطمأنينة التي لا تختلف عن طمأنينة أيّ تمثال عربي ؟!


***

العراق بحاجة الى انتفاضة جديدة أيضاً ، إنتفاضة تجعل الحكومة تعي أنّ الدستور الذي يكفل الحرّيّات المدنية هو الذي يمثّل الأخلاق العامة للدولة ، وليس الإجتهادات الفردية التي تنبت من ترابها الطائفي . الشارع ينتفض من هذا الثغر ، ومن هذه المسامة ، الشارع ينتفض حين يُمنع عنه الهواء . الدين ليس هواء الجميع ، والذي يتنفّس هواء الدين عليه أن يتنفّسه منفرداً لأنّ الدين في النهاية شأن فردي ، ومسألة شخصيّة جداً .


***

تتساقط أحجار الدومينو ، فهذه اللحظة هي خريف الدكتاتوريات ، وخريف الأفكار المنغلقة على نفسها مثل قنافذ لا تملّ من قرع أجراس الخوف والذعر الداخلي .


***

الخارج يتّسع ، خارج الأفكار تحديداً ، خارج الإصرار على النوم وقوفاً وبعيون مفتوحة وجامدة .


***

إما أن نقفز بعيداً عن التاريخ ، وإما أن نجلس لنفكّك التاريخ ونعيد قراءته بعيداً عن كلّ الدوائر المغلقة .
ما يحدث الآن ، وبوضوح ، سواء في حركة الشارع العربي أو في ردّ فعل الحكومات ، هو عينه الذي حصل هناك في الماضي ، قرب البدايات الأولى لتشكّل العقل العربي والإسلامي ، وتمّ قمعه وإلغاؤه وحذفه من التاريخ .
لم يكن هناك أنترنيت ، ولم يكن هناك هاتف نقّال ، فغاب التصوير وغابت الأرشفة ، وبقي القمع ، وبقي الحذف ، لم يصل من المحذوف سوى لعنات المؤسّسة المنتصرة .
ينبغي الآن إعادة قراءة اللعنات .
فمن هم المشاغبون الذين تحدّث عنهم ( بن علي ) مثلاً ؟ صانعوا الحرّيّة ، لقد امتلكوا هذا الإسم وهذه الصفة لأنّهم إنتصروا عليه ، وبقي صدام حسين يتحدّث عن الغوغائيين حتى جعل الشعب يردّد قوله في كلّ مناسبة لأنّه انتصر عليهم .
التاريخ العربي والإسلامي تمّت كتابته بنفس هذه الطريقة .


***



#جمال_علي_الحلاق (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل يحقّ لنا إغلاق المساجد ؟ قراءة في سطحية الخطاب الإسلاموي
- أزمة الإيمان والمؤمنين
- أزمة المعرفة الجاهلة
- من دكتاتورية الفرد الى دكتاتورية المجتمع
- الصخرة لا تنزل يا كامو / إعتذار متأخّر لبشرى
- قلق البوصلة ... الى مَنْ ؟ والى أين ؟
- نزهة القائد العام للحواس
- إحباط ليس في أوانه
- بين كلب جياكوميتي وكلب أبي / صفحة من كتاب أصدقائي
- آني جدّي قرد
- مراسيم الدّفن الجميل / صفحة من كتاب أصدقائي
- الى ليلى محمد أقف على رؤوس أصابعي
- قراءة منحازة لحادثة أحمد عبد الحسين وتداعياتها
- لا يزال كامل شياع يقود دراجته بإتّزان جميل
- علاقتي ببيتهوفن - صفحة من كتاب أصدقائي
- التضامن تمرين في النجاة رسالة الى السيدين جلال الطالباني ونو ...
- موت حبّابة وانتحار العالم / الانتباهة التي تلد خروجا
- دور المكان ووضوح المفاهيم في استئصال العنف
- رؤوس أقلام مدبّبة في الإستمتاع
- تعطيل آية السيف أو حذف نصف القرآن


المزيد.....




- -الأغذية العالمي- يعلن تعليق المساعدات لأكثر من مليون شخص في ...
- عودة شبح المجاعة بقطاع غزة مع استمرار إغلاق المعابر ومنع الم ...
- منظمة ايرانية تمنح جائزة لمقررة الأمم المتحدة لحقوق الانسان ...
- شبح المجاعة يهدد غزة وإغلاق المعابر يمنع المياه عن 90% من ال ...
- غزة: مؤشرات على عودة شبح المجاعة مع استمرار إغلاق المعابر وم ...
- الاحتلال: اعتقال أكثر من 100 فلسطيني خلال الأسبوع الماضي بال ...
- لازاريني: انهيار الأونروا سيحرم جيلا كاملا من الأطفال الفلسط ...
- الجيش الإسرائيلي: اعتقال أكثر من 100 مطلوب في الضفة الغربية ...
- اليونيسف: 90% من سكان غزة لا يحصلون على المياه
- برنامج الأغذية العالمي: باكستان تواصل عرقلة دخول شاحنات المس ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - جمال علي الحلاق - نحن جيل محظوظ