أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كاظم حبيب - هل المحكمة الاتحادية العراقية مستقلة في قراراتها؟















المزيد.....

هل المحكمة الاتحادية العراقية مستقلة في قراراتها؟


كاظم حبيب
(Kadhim Habib)


الحوار المتمدن-العدد: 3263 - 2011 / 1 / 31 - 14:42
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مر الآن ما يقرب من ثماني سنوات على سقوط الدكتاتورية الغاشمة وعلى تركز السلطات الثلاث بيد الدكتاتور الذي تحكم بشكل تام بقرارات القضاء العراقي. وكان الكثير من قضاة اليوم البارزين مستشارين لدى صدام حسين في مسائل التشريع ووضع القوانين وكتابة المراسيم وصياغة القرارات. وقد اعتاد أغلب هؤلاء القضاة على إطاعة أوامر القائد الضرورة والقائد التاريخي, في حين أن بعضهم الآخر وغير القليل قد تخلى عن مهماته وغادر العراق أو انتحى جانباً. وتطوع القليل من هؤلاء يدافعون عن أفكار صدام حسين البائسة واعتبارها تنظيراً جديداً في التشريع. ومن يتابع سجل التشريع العراقي في فترة حكم البعث سيجد الكثير جداً من القوانين والمراسيم والأجراءات المناهضة المناهضة لمصالح البلاد والشعب العراقي وذات طبيعة استبدادية قمعية. وبدا صدام حسين لهؤلاء القضاة وكأنه قد تحول إلى أحد أبرز فطاحل التشريع العراقي أو أنه لا يقل علماً وفهماً عن الشيخ الجليل عبد الرزاق السنهوري (1895-1971) أو حسين الجميل (1908-2002) أو الدكتور عبد الرحمن البزاز (1913-1973), بحيث قدمت رسائل دكتوراه من طلبة ماجستير اعتمدت على مقولات "القائد الضرورة" في "التشريع" العراقي. وكانت هذه واحدة من أكثر مهازل وسخريات القدر التي عاشها العراق والقضاء العراقي والذي فقد الكثير من برائته ونزاهته في تلك الفترة المظلمة من تاريخ العراق؟
والأسئلة التي تطرح نفسها علينا اليوم وبكل مسؤولية هي: هل تغير القضاء العراقي بعد سقوط النظام؟ وهل انتهى تأثير الحكم الصدامي المطلق على ذهنية قضاة العراق؟ وهل يتجلى ذلك فعلاً في قضاء وقضاة المحكمة الاتحادية؟ أم ما تزال الخشية من غضب المسؤول الأول يخيم على رؤوس قضاء وقضاة اليوم ؟
من حيث المبدأ لا بد من تأكيد حقيقة مهمة لا يمكن الابتعاد عنها أو إنكارها حين نناقش مسألة القضاء العراقي, وهي واحدة من أهم مشكلات الدولة والحكم في العراق أو في أي مكان من عالمنا الفسيح. فالسلطات الثلاث في أي بلد من البلدان ترتبط عضوياً ولا يمكن فصلها عن طبيعة الدولة ونظامها السياسي وبنيتها الطبقية وعن المستوى الحضاري الذي بلغه المجتمع.
العراق الذي ترك خلفه نظاماً سياسياً دكتاتورياً شمولياً وشوفينياً تميز بالقمع والقسوة وإخضاع كل شيء لإرادة "القائد التاريخي للأمة العربية!" صدام حسين, لم يتحول إلى نظام سياسي حر وديمقراطي, بل إلى نظام سياسي مشوه يقوم على المحاصصة الطائفة والأثنية وبدعم خارجي كبير من جانب القوات الاحتلال الأمريكية ولا يعترف عملياً بمبدأ المواطنة الحرة والمتساوية ولا يعمل من أجل إقامة مجتمع مدني حر وديمقراطي, رغم وجود هذه المصطلحات في نص الدستور. وبالتالي فكل شيء يخضع للمحاصصة الطائفية والأثنية. وكل نظام يخضع لمثل هذا التقسيم والتوزيع لا يمكن أن يكون حراً ومستقلاً بل يكون خاضعاً لإرادة القوى التي تدعي تمثيلها لتلك الجهات الطائفية والأثنية. فالسلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية تخضع لذات الاعتبارات, وبالتالي فهي ليست حرة في قراراتها ولا مستقلة في سياساتها وما تصدره من قرارات في الغالب الأعم. وهذا ما نعيشه اليوم في العراق.
رئيس الحكومة يحتل في العراق مركز الصدارة في الدولة والنظام السياسي والسلطة, ويركز الدستور في يديه كل السلطات, في حين لا يتمتع رئيس الجمهورية إلا بمركز شرفي ولا يمتلك صلاحيات وواجبات فعلية وفق الدستور العراقي الذي أقر في العام 2005. ومجلس الناس يفتقد الكثير من سمات مجالس النواب التي يفترض أن تساهم في التشريع. والحاكم بأمره في العراق هو نوري المالكي الذي يسعى اليوم وبكل السبل إلى تركيز أكثر السلطات في يديه دون غيره وتشديد قبضته عليها, وأي هيئة مستقلة عنه وعن مكتبه ينبغي لها وبكل السبل أن تعود لإدارته وتخضع لإرادته المطلقة, حتى لو كان ذلك مخالفاً للدستور وقواعد العمل في الدول المتحضرة. وحين يعترض البعض على ذلك يرى أن هذه الاعاراضات ليست سوى محاولة للتخريب وخراب البلاد والعباد.
اعتاد أغلب رجال القضاء العراقي على القبول بإرادة وأحكام وأهواء صدام حسين والسماح لها بالمرور حتى لو كانت مخالفة لكل ما هو متعارف عليه. ولم يتعلم هؤلاء الحكام حتى الآن أن يقولوا [لا] للحاكم الجديد, بل يجدوا في ذلك تهدسداً لخبزتهم أو خطراً على حياتهم, إذ كانت حياة حكام أيام البعث مهددة بالموت حين يرفضون الاستجابة لإرادته. فهل يا ترى ما يزال سيف صدام حسين الميت مسلطاً دون وعي منهم على رؤوسهم يخشون قطفها أن قالوا للحاكم بأمره: لا.. لا أيها الحاكم هذا الموقف أو القرار أو الإجراء مخالف للدستور ولا نسمح بمروره؟
السيد رئيس المحكمة الاتحادية كان مستشاراً كبيراً لدى صدام حسين, وهو لم يخف ذلك, وكلنا يعرف بذلك ايضاً. وتعلم الرجل على ما كان يريده صدام حسين, وكانت استشاراته لا تبتعد عن إرادة صدام حسين, فهل يا ترى لا يستطيع حتى الآن أن يقول للحاكم الجديد, لنوري المالكي, لا إن ما تطالب به من ربط الهيئات المستقلة, بما فيها البنك المركزي, بالحكومة أو بك غير قانوني وغير مقبول وخطأ فادح من الناحية التشريعية والتنفيذية؟ يبدو أن الرجل ما يزال حبيس تلك الفترة ولم يتخلص منها, وهي خسارة كبيرة للقضاء العراقي وخاصة بالنسبة للموقع الذي يحتله والعلم الذي يملكه والتجربة الغزيرة التي تراكمت لديه! أتمنى عليه, وأنا أكن له كل الاحترام, أن يتخلص من ذلك وأن يعزز استقلال القضاء لا ارتهانه للحاكم.
لقد واجهتنا ثلاث تجارب غير منعشة مع السيد رئيس المحكمة الاتحادية, وكلها كانت في صالح رئيس الحكومة, ولكنها لم تكن في صالح المجتمع, وهي قرارات لا تتفق مع الدستور العراقي ولا تتوافق مع الواقع المعاش وغنى تجربة السيد رئيس المحكمة الاتحادية. وآخر قرار هو الأكثر سوءاً والأكثر إساءة للعراق وللتشريع العراقي وللهيئاتالمستقلة التي الزمها التبعية لرئيس الحكومة, وهي بالمحصلة النهائية نقطة سوداء في مسيرة القضاء العراقي كان عليه أن لا يسمح بها.
نحن اليوم أمام محاولة جادة من جانب رئيس الحكومة العراقية تسير باتجاه واحد وفي مجالات ثلاثة:
1. السير نحو تقليص الحريات العامة والحرية الفردية والتجاوز على حقوق الإنسان, كما حصل في الكثير من الإجراءات الأخيرة التي أصدرتها مجالس المحافظات وأيدها ولم يحتج عليها كما اجتج الكثير من الناس عليها.
2. السير نحو المزيد من مركزة الصلاحيات بيديه بدلاً من الإدارة الذاتية وتقليص المركزية في الحكم.
3. السير صوب التجاوز على السلطة التشريعية والقضائية وإضعافهما لصالح السلطة التنفيذية, ثم السعي التدريجي للسيطرة على السلطة الرابعة, الإعلام أيضاً.
إن هذا الاتجاه الفردي في المجالات الثلاثة لا يبشر بالخير للمواطن والمجتمع العراقي ويجسد نهجاً نحو الفردية والتحكم والاستبداد. ويبدو أن القضاء العراقي ببنيته الحالية يسهل له هذه المهمة!
إن المشكلة في القضاء العراقي تبرز في ضعف القضاة أمام الحكام الجدد, بسبب مواقفهم وسلوكهم السابق مع الحكام في الفترات السابقة, فهم يتذكرون ذلك, ولكن إن نسي بعضهم ما كان عليه في الموقف من صدام حسين وقراراته وقوانينه, سرعان ما يذكره به أعوان الحاكم أو الحاكم ذاته بأساليب أخرى, وسرعان ما يعود لخدمة الحاكم الجديد. إن هذه الحالة خطيرة جداً على مصالح وحقوق الفرد والمجتمع والدولة العراقية. وينبغي لنا جميعاً أن نتصدى لها ونحمي القضاء والقضاة من هيمنة الحكام عليهم وندافع عن استقلال القضاء والقضاة في آن, ولكن هذه المهمة هي جزء من واجبات القضاة أنفسهم بالدرجة الأساسية. فهل هم فاعلون؟
1/2/2011 كاظم حبيب



#كاظم_حبيب (هاشتاغ)       Kadhim_Habib#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل من رياح منعشة وأخرى صفراء عاتية تهبُّ على العراق والدول ا ...
- هل صبركم صبر أيوب ايها الكرد الفيلية؟
- نحو تصعيد حملة الدفاع عن الديمقراطية لا إضعافها!
- الإرهابيون وحكومة بغداد!
- حرية الشعب والرأي في العراق في خطر!
- هل نقد المسؤولين والثوار خط أحمر وأكثر؟
- الدعوة لاتحاد القوى والشخصيات الديمقراطية مهمة آنية عاجلة
- ماذا يجري في العراق.. إلى أين تجرنا مهازل قوى الإسلام السياس ...
- هل من سبيل لحياة حرة وديمقراطية في العالم العربي؟
- ملاحظات أولية حول خطة التنمية الوطنية للفترة 2010-2014 في ال ...
- من المسؤول عن قتل وعن حماية اراوح المسيحيين في العراق؟
- [قووا تنظيم الحركة الديمقراطية في العراق], ليكن شعار قوى الت ...
- لا خشية من المؤمنين الصادقين الصالحين, بل الخشية كل الخشية م ...
- هل هذا يجري حقاً في إقليم كردستان العراق؟
- الحكومة الاتحادية الجديدة في العراق وأزمتها التي ستتفاقم!
- متى تكف الذكورية في الدولة والحكومة والأحزاب عن تهميش المرأة ...
- الاختلاف في فهم معاني استشهاد الحسين بين الموروث الشعبي والف ...
- ضحايا نظام البعث كثيرون, ولكن الكرد الفيلية في المقدمة منهم!
- مثقفو إقليم كردستان العراق وموقفهم النبيل إزاء الحملة الجائر ...
- رسالة مفتوحة إلى السيد رئيس قائمة التحالف الكردستاني في إقلي ...


المزيد.....




- الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي ...
- -من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة ...
- اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
- تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد ...
- صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية ...
- الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد ...
- هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
- الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
- إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما ...
- كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كاظم حبيب - هل المحكمة الاتحادية العراقية مستقلة في قراراتها؟