أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - رشيد قويدر - الثقافة .. والوعي التاريخي














المزيد.....


الثقافة .. والوعي التاريخي


رشيد قويدر

الحوار المتمدن-العدد: 3262 - 2011 / 1 / 30 - 12:08
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


ثمة كثير من القادة السياسيين في التاريخ عملوا على بناء مجتمعات مثقفة ؛ وفي تفعيل حالة إنتاج الثقافة، وهم كسياسيين لم يعملوا بها لكنهم أدركوا أهميتها، وامتلكوا حساسيتها ودورها في بناء مجتمع واع ٍ يتقدم إلى الأمام، عبر بناء العلاقات وأنماط السلوك والقيم وتعميق أساليب الفكر والحياة بالاهتمام بصناعة الفرد والارتقاء بها وتنمية تطلعاته وإشراكه في أنشطة الحياة ....
وطالما أن الحياة اليومية في مختلف المجتمعات هي تعبير عن السياسة في أدق تفاصيلها، فهي حراك سياسي مستمر لاينتهي مادامت الحياة مستمرة، وتأتي الثقافة بدورها باعتبارها عملية استجلاء دائم لهذه الحياة ؛ وعليه لن يتوقف دورها هذا عند حد معين، بما يشكل انحسار الفجوة بين الثقافي والسياسي ..
على الرغم من اختلاف دور المثقف عن دور السياسي، واختلاف مهمات الثقافة عن مهمات السياسة، فان الأداء الثنائي بينهما عموماً يشكل تداخلاً ينبغي أن يفترض تكاملاً بين المهمتين والرؤيتين، عبر تأثير كل منهما على الآخر نحو تجسيد الهدف في مهمات نمو وتطور المجتمعات المعينة .
كذلك كثير من المثقفين لم يكونوا سياسيين ؛ أي من موقع ممارسة السياسة وإنتاجها، ولكن في معاينة واضحة للتاريخ؛ نستطيع التأكيد أنهم عززوا توجهات التنمية الاجتماعية، بالكشف عن سياقات النجاح أو الفشل للسياسات الممارسة ونقد برامج إدارات السلطة عبر القدرة على التقويم السليم .
ليست الثقافة سلطة مباشرة تستطيع سنّ القوانين لترغم المجتمعات على الإذعان لشروطها، بل إن الثقافة الهادفة هي قاطرة للنقلة الموضوعية من وضع معين إلى آخر، وفي ضرورتها لإشاعة رأي عام حر؛ في مواجهة محاولات احتكار الفكر، وحرية التعبير عن الرأي، بما تعني من حرية اجتماعية، وبناء رأياً عاماً يرصد حركة السياسي ويعمل على تقويمها. وفي التداخل المتناغم بين الثقافي والسياسي، تستطيع الثقافة بناء قاعدة شعبية للسلطة السياسية ينبغي أن تبنى على قاعدة سليمة من الديمقراطية التي تصون السلم الاجتماعي..
حال الثقافة العربية الراهنة هي أنها تفتقد إلى وجود مرجعية متكاملة واضحة المعالم ؛ تحتوي على مجموعة الرؤى والتطلعات، التي تمكّن الثقافة من التعامل مع التحولات والتغيرات المتسارعة، وتستطيع أن تشخص أين تقف ، وما لم تستطع انجازه، وتضع الاستراتيجيات المستقبلية لتحقيق ما تهدف إليه ....
هنا تبرز المرجعية العربية كحالة أوسع من مفهوم الهوية، فالهوية هي تعريف بـ "الأنا" وخصوصياتها، أما المرجعية فهي التي توضح الطريق للنهوض والتقدم والصعود، خاصة ً في مواجهة هشاشة التكوين الاجتماعي والمجتمعي العربي .
كما أن ثقافة أي مجتمع ترتبط بالمرحلة التاريخية المعينة التي يعيشها هذا المجتمع، وإذا ما اعترت هذا المجتمع أزمة ما، فإن توصيفها وعلاجها يتطلب أولاً الوعي بها وتشخيصها ومعرفة أسبابها، نحو الوصول إلى العلاج السليم لا الدوران حولها وفوقها، ويتطلب هذا عربياً قراءة الواقع المعاش، وتنقيح الموروث القديم، وتمحيص الوافد الجديد، ودون طغيان مكون على آخر و بما يفيد توازن الواقع الراهن .
السبب الرئيس في ضعف المؤسسات الثقافية، هو عدم الوعي بدورها التاريخي، وبدونه فهي بلا مضمون، وضرورة أن ترتبط بالمرحلة التاريخية المعاشة، فلا ثقافة دون وعي لتاريخها وأزماتها وربطها بالمرحلة التي تمر بها الأمة، وبالخروج من الانشغال بالماضي عن الحاضر، والذي يستبعد المستقبل من أفكارها، حيث تبقى أسيرة قيّم وتقاليد وأعراف الماضي فقط .
وبسبب من احتكار الدولة للمجال السياسي، وفشل التيارات والأحزاب السياسية أيضاً في الإفادة من البرلمانات العربية، وعجز الأحزاب من الإفادة من هذه المؤسسات نحو ترشيد سياسة السلطات، تبرز ضرورة إعلاء دور الثقافة الحديثة والمعّبرة عن المضمون الاجتماعي لمشروع الدولة الحديثة، وربما أبرزها تجديد مفهوم العروبة في حضانتها لكل الثقافات والمكونات، ونحو بناء مؤسسات ثقافية شعبية، تتأمل المشهد الثقافي العربي العام، وتعمل على إخراج الجماهير من تشبثها بقّيم الماضي؛ الذي يناسب النخب الحاكمة لممارسة دور السلطة بدون مساءلة .
إن منهجية تحليل ثقافي في سياق هذه المرجعية، ينبغي أن ترتكز وبشكل أساسي على رؤية منفتحة على هذا العالم؛ وباتجاه تثبيت مرتكزات وتطلعات حرية الفكر والبحث والتعبير ..



#رشيد_قويدر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إشعاعات ثورة أكتوبر البلشفية
- -لليسار دُرْ...- في نقد العقل العربي
- سيدة النجاة..
- -الديمقراطية- ... تحديات الخيار الوطني التحرري والديمقراطي
- الفرا والدوران في المتاهة ... !
- خلف الارهاب الأعمى ... فكرة جبانة سوداء
- القاسم الذي كتب في حلكة الزنازين أجمل قصص الكفاح والحب
- عمر القاسم مؤسس وعميد الحركة الأسيرة
- البنية السياسية الراهنة للنظام العالمي ... نحو التعدد القطبي
- -الطائفية في مواجهة الدولة الوطنية-
- تطورات السياسة التركية.. والصلف الاسرائيلي
- شجاعة النقد والإصلاح ... بؤس الأكاذيب
- قراءة في الورقة المصرية ...
- كيف يرسم المثقف الجذري المفكر رؤيته للمستقبل
- الفلسطينيون في اللقاء الثلاثي ....وخفّي حَُنين
- حال -الأمة- بين عبد الناصر ... ونحن
- أبا هادر يليق بك المنبر
- بديل الإصلاح الفلسطيني ... التدمير الذاتي
- مقتطفات من كتاب عمر القاسم
- ساكا شفيلي جورجيا ومحرقة غزة


المزيد.....




- الإدارة الأمريكية توضح جهودها لـ-تهدئة التوترات- بين تركيا و ...
- عائلات فلسطينية ترفع دعوى على الخارجية الأمريكية بسبب دعمها ...
- نهاية أسطورة الاستبداد في المنطقة
- -ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني ...
- -200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب ...
- وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا ...
- ميزنتسيف: نشر -أوريشنيك- في بيلاروس كان ردا قسريا على الضغوط ...
- خوفا من الامتحانات.. طالبة مصرية تقفز من الطابق الرابع بالمد ...
- ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تدعو إيران إلى -التراجع عن تصعيدها ...
- طهران تجيب عن سؤال الـ 50 مليار دولار.. من سيدفع ديون سوريا ...


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - رشيد قويدر - الثقافة .. والوعي التاريخي