ليث الجادر
الحوار المتمدن-العدد: 3261 - 2011 / 1 / 29 - 14:30
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
فقر شديد في فهم الماديه الجدليه ...هذا ما يعاني منه الماركسيون (الأعراب) وهذا الوصف الموضوعي الذي يكتفي بذاته دون الغور الى ما هو اعمق منه..اي انه الوصف الذي يحمل صفة النيه الحسنه ,لان وصف هؤلاء قابل لان يتطور الى تاكيدهم على انهم خارج الماركسيه اولا ..وانهم اعدؤائها ثانيا ..هم الان كذلك باعتبارهم يعانون من ذلك الفقر الشديد في الادراك المادي للوجود الاجتماعي ويبدون قاصرين بسبب ما لكن لانهم في ذات الوقت يرفضون المبدا المثالي في حل المساله الاجتماعيه المحدده بالسلطه والنشاط السياسي لذا فهم يعتبرون اسميا ماركسيون ... والاسميه هنا ليست حاله سلبيه كامله لانها في ظل الواقع السياسي الراهن والمعقد ..تمثل شرط انعكاسي مبسط اوانها تمثل واقعيا عامل تحفيز لبلورة موقف فكري محدد اي انهم جزء من جدلية الوعي الثوري.. هم فقط هكذا وعند هذا الحد وبتجاوزه وباي مقدار يتحولون الى (محرفين ) .. ان قيمة ما يرددونه وما يكتبونه تكمن فقط في استفزاز الماديين الجدليين لان يندفعوا اكثر في تطوير عرضهم للفكر ..والمسأله هنا تتحدد في ان ما بين مركسة الواقع العربي وما بين تعريب الماركسيه وفي جدلية التفكير وتجاذباته كاراده للتطبيق يتحدد وصف التغييري العربي بكونه ثوري او اصلاحي , ماركسي او كونه ماركسي تحريفي .. والتحريف هنا يعني الانحراف عن الماديه الجدليه دون التخلي عنها ويتم هذا بالالتزام ومحاولة التطابق مع التعبيرات الخاصه باستنتاجات الماركسيه كونها تمثل في وحدة جوانبها تاريخية الماديه الجدليه وقمة تطور هرمها المعرفي ..ان الماديه الجدليه هي اساس الانطلاق نحو الماديه التاريخيه .فبينما الاولى تمثل اسس المعرفه المجرده فان الثانيه تمثل تشكيل المعرفه تلك ..لكن هذا التشكيل كوعي فكري ايضا ليس نهائي لانه موؤسس على تطابق مع الواقع المتفاوت بالكيف للمجتمع الانساني حيث تتجزء حركته عيانيا بين جزء متطور مندفع وجزء ملتحق ومتخلف ..مجتمعات يتكثف فيها التطور ويشترط التقدم الاجتماعي ومجتمعات اقل منها وبتباينات ..مجتمعات تتجلى فيها الانظمه الرأسماليه باوضح صورها ومجتمعات فقط تمثل انعكاس ذلك التجلي ..انها مجتمعات تعيش واقع ماقبل الراسماليه بحظور الرأسماليه وبعضها يبلغ من درجة التخلف الى الحد الذي من الممكن اعتبارها ظاهره انثبروبلوجيه حديثه ..لكن من المهم للغايه ادراك حقيقة ان هذا التفاوت لا يتم بصوره واحده وقطعيه والا فان هذا يعني انقطاع حركة وحدة المجتمع الانساني وبالتالي تلاشي المعرفه المرتبط به اي تلاشي التعاليم والاستنتاجات الماركسيه وبالتحديد الماديه الجدليه التاريخيه ..لهذا فان حقيقة هذا التفاوت تتشكل فقط سياسيا بمستوى الانقطاع بينما يكون محتواها تفاوت طبقي متداخل يشمل حركة المجتمع الانساني ..وهذا هو المستوى الذي نعبر عنه بالتناقضات الثانويه حيث تعتري تركيبة الطبقه الاجيره تنافرات كشرط في تطور تناقضها الى تناحر مع الطبقه المالكه .. ان الصراع الطبقي في المستوى الخاص اي على صعيد مجتمع معين لهو وثيق الصله بمجرياته ونتائجه بنتائج ومجريات الصراع الطبقي في مستوى مجتمع خاص اخر ..فهو بالاساس يزعزع وحدة الطبقه المالكه على المستوى العام التي تتاسس عليه.. وهنا تتحدد القيمه العظمى للفكر الماركسي الذي يجعل مهمته منصبه اولا على الحيلوله دون استمرار حالة التنافر وتطورها الى تناقضات وتناحرات في تركيبة الطبقه الاجيره ( ومنها الانتماءات القوميه والوطنيه ) من خلال تاكيده لحقيقتها المرتبطه ارتباطا وثيقا بالنشاط الانتاجي المادي وبكونها انعكاسا حتميا للنظام الاقتصادي القائم على اساس الملكيه الخاصه ..ففرضت بذلك التوعيه الطبقيه شرطا جوهريا لميزان القوى الاجتماعيه ..وهذا يعني ان الماركسيه باعتبارها ماديه جدليه تاريخيه قد وعت وحدة حركة تطور المجتمع الانساني من خلال اكتشافها وتاكيدها على ارتباط تطور وتغير شكل وحداته التنظيميه الاساسيه بتطور نشاطاتها الانتاجيه هذا ما قلبته رأسا على عقب التفسيرات الماركسيه المتأخره وتحديدا في العرض الستاليني , فاكدت على ان المجتمع الانساني شهد ظهور جماعات (العشيره ,والقبيله ,والقوم ) قبل ظهور الطبقات ,وانتهجت بهذا التفسير صوره بائسه وبعيده عن المنطق الجدلي الناقد حيث اعتمدت الوثائقيه التاريخيه دون ان تبحث في جوهرها ..والذي حدث هنا انه تم خلط واضح بين مفهوم العائله الكبيره التي شهدتها المراحل الاخيره من عهد المشاعه الاولى وبين العشيره التي ظهرت مع بدايات عهد الرق وهو العهد الطبقي ..وفي الاجمال فأن هذا الموقف له تداعيات مهمه تمس تشكيل الفكر التطبيقي للماركسيه ..وتفسح المجال رحبا للعصبيه القوميه ,لان هذا يعني من الناحيه التطبيقيه الواقعيه توفير مبررات الاتجاه الذي يقدم النضال القومي على النضال الطبقي ..فما دامت القوميه والعشائريه والقبليه هي مكونات ليست طبقيه او انها ليست مشروطه بأن تكون كذلك فانها وبحسب هذا العرض ستتحول الى تراتبيه طبقيه ضمن اطار المجتمع الانساني ,وهكذا تتجزء وحدة الطبقه العامله على المستوى العام ,وفي مجرى تطبيق هذا الاتجاه لا تكتفي القوميه بفصل نضال الطبقه العامله (الروسيه ) او (العربيه ) او (الفارسيه) عن نضال بعضها البعض بل تندفع بها الى حالات التناقض المتناحر ..بينما مهمة الماركسيه هي التدرج بتنافرات الطبقه العامله الموضوعيه وتحويلها الى تناقض واقعي مع الطبقه المالكه في مستواها العام ..وهذا يمثل جدلية التطبيق الماركسي وانتقاله من مستوى النظري الى المستوى العملي وهي جدلية ربط حركة الخاص وعلى الدوام بحركة العام ..كما ان هذا يعيد تفسير وحدة الطبقه العامله العالميه تفسيرا ماديا جدليا عيانيا ويتجاوز بذلك نهائيا ميتافيزيقية النشاط الفكري .وخلال ذلك تتبين بصوره نهائيه كيفية وحدة الطبقه العامله بكونها وحده مستنفره بالاستجابات والمطالب الموضوعيه المباشره الانيه ..(ان هذا التشخيص بحاجه الى دراسه مفصله خاصه علينا الخوض فيها لاحقا وهنا فقط نشير الى ما يتعلق بحالات مطالبه فئه عماليه في دولة ما لحماية منتوجها مقابل منتوج دوله اخرى وما يترتب على ذلك من تناقض شكلي بين الطبقتين او الفئتين العماليتين )...وفي العوده الى ذي البدء فان الماركسيه تعرف(القوم) كجماعه من البشر تجمعهم لغة واحده وثقافه واحده واقليم واحد ,ولان وحدة هذا الاقليم في عهد الراسماليه قد تعرضت الى التغيير بحكم طبيعة النشاط الاقتصادي المتاثر بالنمط الراسمالي ..فان مفهوم القوميه تحول الى ظهور جماعة (الامه ) التي تقوم في الاساس على لغه واحده وثقافه واحده وسوق اقتصاديه واحده ..وهنا بالتحديد يقع اتصادم وتبرز معضلة الاعراب (الماركسيون) ..حيث التناقض المزمن بين (الامه العربيه ) المتخيله وبين الواقع الحسي الموضوعي الذي يلغيها تماما ..فوحدة مفهوم القوميه تجزئت الى حد التلاشي او التماهي في حضور امم عربيه (امه عراقيه ) (امه مصريه ) ..الخ ..ولم يتبقى لهؤلاء الماركسيون الا الحديث عن امكانيات الوحده الاقتصاديه ...لكن هذه الامكانيات هي فقط امكانيات عقليه وليست امكانيات موضوعيه ,انها مجرد مقدمات مصاغه عقليا وصياغتها عند هؤلاء تتم وفق تعاليم الاقتصاد السياسي الماركسي ..هذه هي الحدود الممكن ان يتناولها الفكر الماركسي ضمن مسالة القوميه العربيه ...اي انها في هذا الاطار تبقى ماركسيه مفترضه ,معلقه ليس في الهواء انما محلقه بعيدا حيث عالم اليوتيبيا ينتظرها اذا ما حاولت ان تحط بنموذجها كمشروع سياسي او نضالي فاعل على ارض الواقع ..لكن مهمة الماركسي الناطق بالعربيه يحددها وعيه الطبقي الثوري ,بمعنى انه يجب ان يمثل اعادة انعكاس الوعي الخاص للعمال العرب الذي يتحدد واقعيا اما على المستوى المطلبي الاني او على مستوى التناقض الثانوي القومي وفي هذه الحاله يكون فريسة سهله واداة طيعه وخطيره بيد البرجوازيه ..لهذا نرى ان مهمة الماركسي العربي تبدأ بتهذيب قاعدته النفسيه المركبه على ماهية لغته وثقافته وحتى تراثه باعتبارها خصوصيات تقع في جانب اضعف حالات التنافر مع غيرها ويحدث هذا باخضاعها تفصيليا للمطابقه مع احكام الماديه الجدليه التي ستفسر له اصل لغته واصل تراثه وثقافته ..وحينها سيكون جاهزا لأن يمارس دوره الثوري الطبقي ان,الماركسي الناطق بالعربيه او الفارسيه او الكرديه عليه ان يعرف ان معيار ثوريته تكمن بنقاء دمه الانساني من ملوثة العرق والعنصر ومهزلة رابطة الدم المقدسه ..وانه لمن المؤسف حقا والداعي الى ابداء موقف الشك والاعتراض ان يتم الترويج لمثل هكذا افكار في ما تبقى من النزر اليسير من المنابر الاعلاميه التقدميه ,ونحن نتابع بنوع من التساؤلات القلقه عن طبيعة هذا التوجه الذي بدأ يتضح في نشاط ما نعتبره احد اهم تلك المنابر فعالية على صعيد عالم الانترنيت (وهنا لانحبذ الان تحديده بالاسم لكننا نرى من الواجب ان نخوض في التفاصيل في كلام مخصص له لاحقا ) فهذا الموقع بدى في الاونه الاخيره يلتزم بشكل واضح في تبني موقف واطروحات الاتجاه القوموي (الماركسي) من خلال تقديم وافتعال تقديم اطروحات احد هؤلاء المثقفين الماركسين باعتباره مرجعا ماركسيا وداعيه ثوريه ..هذا الداعيه كتب مؤخرا بحثا تصدر عناوين الموقع كدعوه الى تاسيس حزب ماركسي عربي وما لفت انتباهنا انه في مجرى تقييماته الاكاديميه سمح لنفسه بان يطابق بين نشاطات الماركسيين الثوريين وبين اجرامية الارهاب ..هذا الوصف لا نعتبره الا جزء من الموقف المعادي للثوره وهو تصريح فاضح للاتجاه التحريفي وامتدادا وفيا للكاوتسكيه الجاحده ..
#ليث_الجادر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟