أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - زكرياء الفاضل - بعد تونس مصر















المزيد.....

بعد تونس مصر


زكرياء الفاضل

الحوار المتمدن-العدد: 3261 - 2011 / 1 / 29 - 03:53
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


كانت انطلاقة الانتفاضة الشعبية التونسية تعبيرا عن نفاذ صبر الجماهير ورفضها لاستمرار أوضاعها في تلك الصورة التي دامت عليها لعقود ما بعد الاستقلال حيث خرجت من الاستعمار التقليدي لتدخل في احتلال من نوع جديد برعاية من الإقطاعية والرجعية المحلية المتواطئة مع الإمبريالية العالمية. وقد أظهرت هذه الانتفاضة الشعبية التونسية لباقي شعوب المنطقة والشرق الأوسط أنّ الديكتاتورية إنما هي قوية بضعفنا كجماهير لا بقوة تكمن فيها. وهنا تكون الانتفاضة قد شيدت مرحلة تاريخية جديدة في وعي الجماهير بقوتها وقدرتها على فرض التغيير واختيار نموذج الدولة التي تراه مناسبا لها دون توجيهات من أحد. هذه المعادلة الجديدة في نضال الشعوب انتقلت كالعدوى إلى البلدان المجاورة لتكون شرارة انطلاقة "يوم غضب" عام بمصر. فهل سينجح "يوم الغضب" في تحقيق طموحات الجماهير المصرية المتعطشة للتغيير؟ هذا ما سأحاول الإجابة عليه حسب ما أراه وما استنتجته من خلال متابعتي للأوضاع بمصر منذ أكثر من سنتين.
هناك أوجه تشابه واختلاف بين مصر وتونس في مجالات عدة وهي كالتالي:
أوجه التشابه: وتتجلى في الوضعية الاقتصادية المزرية للجماهير الكادحة حيث تعم البطالة ويكتنف الفقر المدقع السواد الأعظم للشعب المصري إذ تعيش غالبيته تحت خطه، وقد رأيت بأمّ عيني عوائل تعيش في المقابر بالقاهرة عاصمة الدولة. كما هناك تشابه في النموذج السياسي لتسيير البلاد من تبعية كاملة وعمياء للتوصيات الخارجية والعزوف عن تفهم إرادة الشعب وطموحاته وانتشار الفساد في الإدارة المصرية وقمع مؤسسات المجتمع المدني وكتمان أنفاسها بقبضة من حديد وهيمنة الحزب الواحد على كل مؤسسات الدولة ومطاردة المعارضة أينما حلت واحتكار سدة الحكم من طرف عائلة واحدة وانتماء الرئيس للجيش.
هذا التشابه في الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية يجعل "يوم الغضب" المصري صورة طبقة الأصل للانتفاضة التونسية وقد يوحي بانتصار الشعب المصري في معركته من أجل كرامته وحريته. لكن هناك وجه آخر لحقيقة وضعية مصر قد يجعلها تصل إلى حالة لا غالب ولا مغلوب سنحاول شرحها أدناه.
أوجه الاختلاف: - وتكمن، بالأساس، في موقع مصر الجغرافي وفسيفسائها السياسية. فهي تعتبر من دول المواجهة وأول دولة عربية اعترفت بإسرائيل الحليف الرئيسي والاستراتيجي للولايات المتحدة الأمريكية بالمنطقة ووقعت معها معاهدة السلام. لذلك أي تغيير يقع في جهاز حكمها سيكون له تأثير على العلاقات مع هذا الحليف الاستراتيجي، الشيء الذي لا يمكن لأمريكا السماح به إن لم تحصل على ضمانات لأمنه.
- إنّ مصر تعرف أكبر تنظيم أصولي ليس فقط على صعيد ترابها الوطني بل وعلى الصعيد العربي. فكل الجماعات الأصولية التي ظهرت في العالم العربي هي في الحقيقة، على الأقل في بدايتها، فروع لحركة الإخوان المسلمين المصرية باستثناء الشيعة. وميزان القوى السياسي هذا يجعل أمريكا والغرب في وضعية قلقة تكاد تقترب من حالة انفصام الشخصية. فمن جهة واشنطن واعية بأنّ الوضعية الراهنة لا يمكن استمرارها إلى الأبد والتغيير يفرض نفسه اليوم قبل غد، لكن من جهة أخرى لا أحد يمكنه التنبؤ بما ستؤول إليه الأوضاع في حالة انتصار الشارع المصري في انتفاضته. لأنه على الرغم من بروز نجم البرادعي على الساحة الوطنية المصرية إلا أنه لحد الآن لا يتمتع بدعم حركة الإخوان المسلمين له، وفي اعتقادي أن اليسار المصري ليس كله يؤيد هذا المعارض الجديد.
- لقد نجحت الانتفاضة التونسية وأرغمت بن علي على الهروب بمساندة الجيش لها (مرحليا) الذي كان حاقدا على الرئيس السابق بسبب إضعافه للجهاز العسكري خوفا من الانقلابات. بينما في مصر الجيش قوي ويعتبر أحد ركائز النظام وله يد طويلة وقوية فيه، لذلك من غير المرجح أن يعاد نفس السيناريو مع الآلية العسكرية في بلاد الأهرامات، بيد أنه من الممكن أن ينضم أفراد منه إلى صفوف المنتفضين مما قد يحدث ارتباك في صفوفه فيضعفه.
- الانتفاضة التونسية نجحت أيضا بفضل امتلاكها لوسائل الاتصال من إنترنيت والموبايل، بينما في مصر الوضع مختلف فالمنتفضون لا يملكون أداة تواصل إذ عمل النظام على حرمانهم من هذه الإمكانيات ليجعلهم جماعات قاصية.
- الانتفاضة التونسية ساهم في نجاحها كونها انتفاضة شعبية قاعدية لا قيادة لها، بينما الانتفاضة المصرية وإن تشارك فيها القاعدة إلا أنها تملك قيادات توجهها وهذا يعني أن هذه الجماهير المنتفضة لها ضوابط.
- الانتفاضة التونسية شارك فيها كل الشعب التونسي بمختلف أطيافه، بينما في مصر دعت الكنيسة الأقباط إلى عدم المشاركة في الانتفاضة.
هكذا نرى أن أوجه الاختلاف بين مصر وتونس من عيار ثقيل ولهذا من الصعب التنبؤ بالنتائج للوضعية المصرية. لكن هناك بصيص من الأمل يتمثل في تصريح البرادعي للإعلام حين وصوله لمصر مفاده أن الوقت قد حان ليؤدي مبارك ثمن سياسته. فالبرادعي كان دوما حذرا في تصريحاته وديبلوماسيا في تعابيره وهذه هي أول مرة يدعو فيها صراحة الرئيس الحالي للتنحي عن السلطة، وهذا يدفعني أنه تلقى دعما، ربما شفاهيا فقط، من واشنطن والعواصم الغربية التي إلى حد الآن لم تفصح عن موقفها بصراحة تجاه ما يحدث في المدن المصرية. ويدعم هذا الافتراض صمت واشنطن حول جوابها لمبعوث مبارك.
في اعتقادي إذا كانت الانتفاضة التونسية الشرارة التي أشعلت نار غضب الشعوب فإن "يوم الغضب" المصري هو المنعطف التاريخي في حركة تحرر شعوب المنطقة من الاستبداد والظلم إذ نجاح الانتفاضة المصرية سيدفع بشعوب شمال إفريقيا والشرق الأوسط إلى التحرك والتصدي للرجعية المحلية وطردها. إنّ انتصار "يوم الغضب" المصري هو التسونامي الذي سيجرف كل المستبدين بشعوبنا، لذلك لابد لهذا الغضب أن ينتصر وإلا سنجد أنفسنا في قاعة انتظار لا يقل زمنها عن عشرات السنين.
إنّ الظرف في صالح الشعوب وطموحاتها في التغيير الحقيقي إذ باتت أمريكا نفسها ترغب في ذلك وعيا منها باحتضار أنظمة بيادقها، فهي الآن تحاول تغيير الأشخاص والحفاظ على الأنظمة بأقنعة جديدة، شخصيا لا أرى مانعا في ذلك شريطة أن نتركها تلعب لعبتها إلى أن يسقط النظام ثم نعطي للانتفاضات وجهة شعبية حقيقية لا تستطيع السيطرة عليها.



#زكرياء_الفاضل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نداء إلى كافة القوى التقدمية
- قائد الثورة التونسية
- ماذا حصل في تونس؟
- على هامش طلب القنصل الأمريكي
- تمويل القناة الفضائية
- ضرورة إنشاء قناة تنويرية
- شهداء أم ضحايا؟
- تحليل اشتراكي علمي لأحداث العيون.. والحكم للتاريخ
- من المنتصر حقا؟
- جائزة ابن رشد انتصار للفكر العلمي
- الخطابات الرسمية والمجتمعات السريالية
- هسبريس تلك الكواليس..
- الإصلاح ترميم أم تغيير؟
- فقه رجل امي في فريضة صوم رمضان
- حاتم الطائي
- هل المغرب دولة سيادة القانون؟
- المغرب دولة القانون؟
- الشباب المغامر تنفيذا للتعليمات السامية
- فاتح مايو
- الدين وطموحات الجماهير


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - زكرياء الفاضل - بعد تونس مصر