|
شعوب تستلهم خلاصها من المنتحرين والمحروقين والغائبين
نهرو عبد الصبور طنطاوي
الحوار المتمدن-العدد: 3260 - 2011 / 1 / 28 - 00:41
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
معلومة مجبر على ذكرها: (لقد تم اعتقالي وأنا في التاسعة عشرة من عمري لمدة ثلاث سنوات بسبب إلقائي خطبة انتقدت فيها الرئيس مبارك وطالبت بعزله من الحكم، ومنذ خروجي من المعتقل في عام 1995 وأنا شبه خاضع للإقامة الجبرية في موطني بأسيوط، فمنذ 18 عاما واسمي موضوع على كافة كمبيوترات موانئ ومطارات مصر في قائمة الممنوعين من السفر والمطلوبين أمنيا، وغير مسموع لي بالسفر خارج مصر إلا بتصريح رسمي من مباحث أمن الدولة، وممنوع علي مغادرة محافظة أسيوط إلى أي محافظة أخرى من محافظات مصر إلا بعد إعلام وموافقة مباحث أمن الدولة وإفادتهم بدواعي السفر وأين سأقيم ومدة الإقامة ومتى سأعود، ومحظور علي الظهور في أي برنامج تليفزيوني أو الإدلاء بأي حوار في أي جريدة داخل مصر أو خارجها إلا بعد إبلاغ الجهات الأمنية بذلك وأخذ موافقتها) ذكرت هذا فقط حتى لا يزايد أحد علي.
حين طالعت اليوم تعليقات القراء في بعض المواقع على مقالي: (البطولة الزائفة للمنتحر التونسي محمد البوعزيزي)، لم أتفاجئ بهذا الكم من الأذى وسوء الجهر من القول الذي احتوى عليه مضمون التعليقات، فوجدتني معتصما بعزم الأمور، فامتثلت أمر الحق سبحانه: (لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيراً وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ) (186_ آل عمران). فأنا أعي سلفا أن مضمون ومحتوى ما جاء في معظم أو كل التعليقات هو انعكاس حقيقي للخلفية الفكرية والثقافية والبيئية لبعض أو كثير من الشعوب العربية، وهي نتيجة حتمية وطبيعة وغير مستغربة لشعوب ترزح تحت الاستعباد والقهر والجهل لعشرات السنين، وإلا فمن أين تأتي أخلاق الأحرار ومن أين تأتي أخلاق العبيد؟، مع الأخذ في الاعتبار أن الحرية الحقيقية موطنها النفس والإرادة، فالحر حر حتى وإن كان محمولا في القيود والأغلال، والأحرار أحرار حتى وإن كانوا مقرنين في الأصفاد، فالبفعل أخذتني الرأفة بهم والشفقة عليهم، بل كدت ألتمس عذرا لحكامهم فيما يفعلونه بهم، فإذا كانت الشعوب العربية هذه أخلاقها فهي بالفعل تستحق حكامها وحكامها يستحقونها.
لكن ما أزعجني وأقلقني حقا أن هؤلاء من المفترض أنهم قراء، أي يقرءون، أي يعرفون، أي يعلمون ويعون، أي من المفترض أنهم نخبة ومثقفون، بل إن ما زاد في انزعاجي وفزعي أن هؤلاء عينة عشوائية غير مقصودة من المنادين بالحقوق والحريات لأوطاننا العربية، (حرية التعبير، حرية الرأي، حرية الاعتقاد)، أي أنهم لو تم تحريرهم من قبضة حكامهم فمن الممكن أن يتصدرون سدة الحكم ويسوسوننا، والسؤال: هل يا ترى هؤلاء بأخلاقهم هذه يختلفون كثيرا عن حكامهم؟، لا أظن. والمثل الشعبي المصري الحكيم يقول: (إللي تعرفه أحسن من إللي متعرفوش).
تعودت في كل أحياني كما علمني ربي أن قول (سلاما) لبعض من يخاطبني بصورة غير لائقة، ولكني في أحياني الأخرى أرى أن الأمر لا يحتاج سوى بضع دروس مدرسية بسيطة لعل وعسى. الدرس الأول: أجمعت الرسالات الإلهية الثلاث على تحريم الانتحار وأن يقدم الإنسان على قتل نفسه مهما كانت مبرراته أو شعاراته أو لافتاته، ومهما كانت ظروفه أو ضجره أو واقعه، ومهما كانت الدوافع والأسباب، (وَلاَ تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً(29) وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَاناً وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَاراً وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّّهِ يَسِيراً (30_ النساء).
الدرس الثاني: يقول علماء النفس وعلماء الاجتماع: (يعد الانتحار عملية قتل للنفس باختيار الإنسان الذي يكون مدفوعا نتيجة أسباب نفسية سيئة يمر بها في حياته تجعله يعتقد أن الحل الوحيد للتخلص من آلامه هو الانتحار، والانتحار سلوك سلبي سيء نتيجة سلسلة الأفعال التي يقوم بها الفرد محاولا تدمير حياته بنفسه دونما تحريض من أخر، والواقع يؤكد أن ظاهرة الانتحار تعد مشكلة كبرى وجريمة بشعة تعاني منها كافة المجتمعات، المتقدمة منها والنامية على حد سواء ولكن تختلف فيما بينها من ناحية الأسباب وطرق المعالجة، ولكن المؤكد أن الانتحار هو هروب من الواقع المليء بالآلام والمشاكل وأيضا يتم عن ضعف كبير في إرادة الإنسان وفراغ هائل يشعر به الفرد المقبل على الانتحار، فالفرد قد يمر بحالة اكتئاب شديدة وتقل قدرته على العمل ويهمل بنيته ويكثر من الشكوى وينتابه الخمول والكسل وقد يصل الأمر معه إلى الميول الانتحارية ويعتبر الانتحار من أكثر الأعراض خطورة في الاكتئاب، وقد أثبتت الكثير من الدراسات والبحوث أن تعرض الفرد للإحباط لفشله في اشباع حاجاته المختلفة والى تحد لقدراته أو عدم التوافق بين قدراته وإنجازاته وما يطلب منه).
وجعل عالم الاجتماع المعروف ("إيميل دوركهايم" الانتحار ظاهرة سلوكية شبه وبائية ترتبط ارتباطا وثيقا بعوامل زمنية ومحيطة واجتماعية وهو يرتبط بالنظام الاجتماعي والظروف المفاجئة التي يتعرض لها الإنسان وشعور الفرد بأنه منبوذ من المجتمع يجعله يفكر في الانتحار والشعور بالضياع، فمحاولة الانتحار حالة إنسحابية وهي حيلة نفسية هروبية تهدف إلى الحد من التوتر والقلق الذي يعيشه الفرد، وارتداد للوراء ونكوص إلى دور التطفل والاعتماد الكلي على الغير وتخلص من الوحدة والضغوط الاجتماعية، فقد يلجأ الإنسان إلى الانسحاب والانهزام أمامها ويقبل على الانتحار وهنا تفسر نظرية الأنومي في حالة الانسحاب والانهزام والرفض التام للمجتمع وتمثل حالة انسحاب تامة من المجتمع بكل معوقاته وسلبياته وإيجابياته، إن الانتحار انسحاب من هزيمة أو من صراع نفسي داخلي أو خارجي، وخلاصة القول أن الانتحار سلوك سيئ ينم عن ضعف الشخصية والإرادة وانعدام الوعي). يمكن معرفة المزيد في المراجع التالية: 1. محمد عودة محمد، وكمال إبراهيم مرسي، الصحة النفسية في ضوء علم النفس والإسلام، دار القلم، الكويت، طبعة ثانية، 1986. 2. مكرم سمعان، مشكلة الانتحار، دار المعارف، القاهرة، طبعة 1994. 3. ناجي الجيوشي، الانتحار، دراسة نفيسة اجتماعية للسلوك الانتحاري، مؤسسة الشبيبة للطباعة والنشر، طبعة أولى 1992. 4. علي عيد راغب، مشكلات اجتماعية معاصرة، مجموعة دلتا الكويت، طبعة ثانية ،1997.
وعليه أقول: إن الشعوب التي تستلهم خلاصها وبطولاتها وحريتها من المنتحرين والمحروقين لهي شعوب غير سوية، وإن الشعوب التي تتعامل مع من يختلف معها في وجهة النظر وفي الرأي والفكر بهذه الطريقة الفجة اللاأخلاقية التي جاءت في مضمون التعليقات لهي شعوب تعاني خللا كبيرا وفادحا في شخصيتها وقيمها وأخلاقها، ولا يمكن أن ينتظر الناس منها خيرا، حتى ولو ثارت جميع الشعوب العربية اليوم وأسقطت كل الأنظمة العربية، فماذا لدى الشعوب العربية، وماذا لدى المعارضات العربية، وماذا لدى النخب العربية المثقفة، وماذا لدى التيارات الدينية العربية من رصيد علمي فكري منهجي للنهوض بالأوطان العربية، وماذا لديهم من قيم إنسانية أو رؤى علمية أو فكرية أو برامج عملية أو بدائل حقيقية واقعية للأنظمة القائمة؟، لا شيء، والبعرة تدل على البعير، والأثر يدل على المسير.
إن ما يحدث في بعض الدول العربية الآن بالفعل خطوات نحو التغيير، لكن، هل للأفضل أم للأسوأ؟، وبنظرة موضوعية فاحصة على حال الشعوب العربية، نرى أنها شعوب منقسمة مفتتة طائفية عنصرية ذليلة خانعة جاهلة متخلفة لا تعرف للأخلاق ولا للقيم معنى، ومعارضات فاسدة مدجنة تتواطأ مع الأنظمة ضد الشعوب في مقابل بعض الامتيازات هنا أو هناك، ونخب مثقفة مرتزقة أنذال قليلة الوعي وعديمة القيمة أو التأثير، منهم من يقتات على فضلات موائد الأنظمة، ومنهم الهاربون من أوطانهم يتحينون الفرصة لجني ما لم تزرعه أيديهم، ومنهم تيارات دينية منغلقة ومغلقة على ماض قد تولى لا تقوى على الفكاك منه، ومنهم المعارض السائح كالدكتور البرادعي، فترى من من هؤلاء يصلح أن يقود المرحلة القادمة؟، الشعوب العربية لا تدرك ولن تدرك ولا تريد أن تدرك أن الديمقراطية قبل أن تكون تبادل سلطة أو استبدال أنظمة بأنظمة أو وجوه بوجوه وقبل أن تكون صناديق اقتراع أو انتخابات حرة نزيهة هي في الأصل قيم إنسانية وأخلاقية وحضارية راقية، والأيام بيننا سترينا هل ستخرج لنا الصحوات العربية المنتشرة الآن المشمش من أقفاص أورانجها؟.
الدرس الثالث: لقد اهتم علماء النفس اهتماما كبيرا بتقصي سلوكيات الشخصية السوية من الجانب النفسي والجانب السلوكي, وأشاروا إلى بعض مميزات هذه الشخصية السوية والتي تبدو عادة في شكل مظاهر سلوكية, ويذكر لنا الدكتور رمضان محمد القذافي في كتابه: (الشخصية) بعض المميزات فيقول: (اهتم روجرز بالتركيز على مميزات الشخصية السوية وأشار إلى بعض هذه المميزات وكان من أهمها: 1- تقبل النفس كما هي على طبيعتها وبكل ما فيها وعدم إنكار المشاعر الذاتية أو التهرب منها. ويعني ذلك أن يعيش الفرد حياته الحقيقية دون تزييف أو خداع, ويحدث التطور بصورة تلقائية متى أصبح الفرد قادرا على التعبير عن مشاعره بحرية ودون عوائق. 2- تقبل الآخرين كما هم دون النظر إليهم من خلال قيمنا الشخصية فيما يجب أن يكونوا عليه. ويعني ذلك أن تكون نظرتنا إلى العالم وإلى الآخرين حيادية لا تتأثر بميولنا وأهوائنا واتجاهاتنا وآرائنا الشخصية, مع الابتعاد عن أسلوب النقد غير النزيه. 3- الثقة بالنفس الناتجة عن تقبل المشاعر الشخصية والتعبير عنها بالطرق الخاصة بكل فرد, مع التخلي عن السعي المستمر لتحقيق ما لا يمكن تحقيقه أو التظاهر بما هو ليس فينا, وغالبا ما تكون العوامل الأخيرة من أهم دوافع الفرد للاختفاء وراء الأقنعة. ومن سمات الشخص المحقق لذاته كما يراها (ماسلو): إدراك الواقع بشكل غير عادي, ويعني هذا أن الشخص في هذه الحالة يرى العالم والناس على حقيقتهم وليس حسب تصوره لهم ويمكن تحقيق ذلك إذا ما عملنا على تقبل أنفسنا, إذ سوف يسهل علينا حينئذ تقبل الآخرين وعدم رفضهم. هذا بالإضافة إلى ضرورة التسليم بأنه من حق الآخرين أن يكونوا مختلفين)انتهى. المصدر: (الشخصية : نظرياتها – اختباراتها – وأساليب قياسها, د. رمضان محمد القذافي, منشورات الجامعة المفتوحة, درا الكتب الوطنية بنغازي, ليبيا 1993. ص:94.
وعليه أقول: إن شعوبا يفزعها رأي مختلف، أو فكرة مختلفة، أو وجهة نظر أخرى، أو يوجعها ويستنفرها مقال هنا أو هناك، وإن شعوبا هذه أخلاقها وهذه معتقداتها وهذه أفكارها وهذه مفرداتها وهذا مبلغها من العلم وهذا قبولها للرأي الآخر فليس بمستغرب أن نرى هذه الشعوب تستلهم البطولات والرمزية والحرية والشجاعة من المنتحرين والمحروقين واليائسين والقانطين والجبناء والفاشلين والهاربين من الحياة والمرضى النفسيين، أليس في طوائف شرقنا العربي من استلهم خلاصه من إله ادعوا أنه انتحر ليخلصهم من خطاياهم؟. أليس في طوائف شرقنا العربي من ينتظر خلاصه على يد إمام غائب لن يأتيهم إلا في آخر الزمان؟ أليس في طوائف شرقنا العربي من لا يرون لأنفسهم خلاصا إلا بالعودة إلى مفاهيم أسلافهم التي مضى عليها قرون عديدة؟.
الدرس الأخير: من يكون محمد بو عزيزي سوى أنه مواطن عربي ذليل مهان رضي لنفسه كبقية الشعوب العربية أن يحي حياة الذل والقهر والهوان لسنوات طويلة، محمد بوعزيزي شخص لم يفكر يوما في الحرية، وربما لم يسمع بها ولم يعلم عنها شيئا، وحين دبت فيه النخوة للحظة فبدلا من أن يتمرد على من صفعته على وجهه ويقطع يدها تمرد على نفسه فقام إليها فأحرقها. فمحمد بوعزيزي ليس بطلا ولا رمزا ولا شهيدا ولكن من فرط جبنكم وضعفكم وانهزامكم شبه لكم. فيبدو أن كل هذه الضجة وكل هذا الضجيج من أجل أن كلماتي قد لامست الضعف الذي ينخر في عزيمة الشعوب العربية، وكيف أنها شعوب انتهازية نفعية ارتزقت بطولتها وشجاعتها من أشلاء جسد المحترق بوعزيزي القاتل نفسه خنوعا وجبنا وذلا وقهرا؟
فبالعقل بالمنطق بأي شيء أجيبوني، شخص صفعته شرطية على وجهه وسلبت منه لقمة عيشه، فجبن ولم يجرؤ علي رد الصفعة إليها، فقام فأحرق نفسه، فأي بطولة وأي عزة وأي شجاعة في هذا؟، فالرجل لم يتعد كونه أصابه القهر والكمد حزنا على مصادرة عربة خضاره، ولم يكن في باله قط ما تريدون أن تنسبونه إليه من شعارات الحرية والبطولة والشجاعة والإباء، ولم يكن في باله قط قلب نظام الحكم ولا طرد بن علي ولا غيرها من المصطلحات والشعارات الكبيرة التي ألصقتموها به ظلما وزورا وبهتانا، فقولكم هذا يثبت أنكم حقا ما أنتم إلا نماذج مصغرة من حكامكم الذين دائما ما يدعون الزعامة والبطولة زورا وبهتانا وخداعا، وما أنتم إلا امتداد لهم مهما انقلبت أو تغيرت أو تبدلت وجوهكم ووجوههم الكالحة.
ثم أين كانت بطولاتكم المزعومة طيلة هذه السنوات الطويلة، ولماذا لم يحرق أحد منكم نفسه احتجاجا على الظلم والطغيان؟، وأين كانت بطولاتكم وأين كان شرفكم وأين كانت نخوتكم و(بن علي) وكل الحكام العرب يمتطون ظهوركم منذ عشرات السنين؟، أين كانت رجولتكم وحماسكم ونخوتكم، والحكام يهتكون أعراض بناتكم، ويستحيون نساءكم، ويذبحون أبنائكم، ويعتقلون شبابكم، ويتآمرون عليكم مع أعدائكم، وأين كانت رجولتكم وكرامتكم وعزتكم والحكام يبيعون أوطانكم، ويطئون كرامتكم بأحذيتهم، ويضعون نعالهم فوق رقابكم؟، وأين كانت رجولتكم وكرامتكم وعزتكم كل هذه السنوات الطويلة وأنتم أذلاء مقهورين خانعين خائفين مطرودين مهجرين، لم تستيقظ فيكم النخوة والرجولة والكرامة والبطولة إلا حين أحرق الهالك محمد بوعزيزي نفسه يأسا وقنوطا وجبنا وخوفا، وعندها فقط انتبهتم أنكم عبيد أذلاء، ثم رحتم تتاجرون بنيرانه وأشلائه وتستثمرون كفرانه، فأين كانت كل هذه الحماسة والشجاعة والبطولة والبسالة والإقدام وحكامكم يمتطون ظهوركم كالحمير والبغال ويسوقونكم كالنعاج والخراف، أين كانت رجولتكم وكرامتكم وحكامكم يبصقون في وجوهكم ويبولون على رؤوسكم منذ عشرات السنين؟، أين كانت رجولتكم وكرامتكم وأطفال غزة ونسائها وشيوخها يحترقون بالفسفور الأبيض أمام أعينكم وبمباركة حكامكم وموافقتهم؟، وفقط لم يحرك مشاعركم ويشعل رجولتكم وذكوريتكم سوى المنتحر الهالك محمد بوعزيزي، الآن الآن تذكرتم أنكم رجال وأن لكم عرض يهتك ووطن يباع وأموال تنهب وكرامة تهان؟ فما أخسكم من شعوب وما أوضعكم وأحطكم من أشباه رجال.
وأختم كلامي بفقرة ذكرتها في مقال السابق: (وبما أننا (أجدع) أمة تجعل من الأراذل رموزا، ومن اللصوص شرفاء، ومن الحمقى والسفهاء حكماء، ومن القوادين أطهار، ومن الخائنين رقباء، ومن الذئاب رعاة، ومن العملاء حماة، ومن الوهم بطولات، ومن العدم زعامات، ومن (الفسيخ شربات)، فقد تحول الشاب التونسي المنتحر بحرق نفسه الهالك (محمد بوعزيزي) بقدرة قادر وبين ليلة وضحاها إلى بطل قومي، بل ورمز من رموز الحرية والشجاعة والإباء، كما يروج كثير من الإعلام والإعلاميين العرب فاقدي الوعي، وفاقدي المعرفة والعلم، ولا أدري أي بطولة أو زعامة أو رمزية أو حرية أو شجاعة بدت من هذا المنتحر المتآمر على نفسه والقاتل لها عدوانا وظلما وجبنا وخوفا).
وأخيرا: ترى هل تفلح أمة ترتزق خلاصها من المنتحرين والمحترقين والغائبين واليائسين والقانطين سواء كانوا آلهة أو مواطنين؟.
نهرو طنطاوي كاتب وباحث في الفكر الإسلامي _ مدرس بالأزهر مصر_ أسيوط موبايل/ 0164355385_ 002 إيميل: [email protected]
#نهرو_عبد_الصبور_طنطاوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
البطولة الزائفة للمنتحر التونسي (محمد بوعزيزي)
-
الطائفية الريفية والإجحاف بالمسيحيين
-
مسيحيو مصر ليسوا سواء
-
متى يعتذر المصري المسلم عن انتمائه للإسلام؟
-
الإعلام الخاص يحرض على الفتنة بازدرائه للمسلمين
-
أخطاء الرصد الإعلامي لتوجهات الناس تجاه الفتنة الطائفية
-
هرطقات طنطاوية على دفتر الفتنة (1)
-
نعم لوفاء الإنسان لا لوفاء الكلاب
-
إسرائيل دولة غربية بمرجعية يهودية (6_6)
-
إسرائيل دولة غربية بمرجعية دينية يهودية (5_6)
-
إسرائيل دولة غربية بمرجعية يهودية (4_6)
-
إسرائيل دولة غربية بمرجعية يهودية (3_6)
-
إسرائيل دولة غربية بمرجعية يهودية (2_6)
-
إسرائيل دولة غربية بمرجعية يهودية (1_6)
-
ديمقراطية فقه الدين
-
دعاة الفضائيات والدعوة إلى التقمص وتناسخ الشخصيات
-
الفضائيات الدينية تجعل من الإسلام دينا رجعيا
-
محاولات رهبنة الإسلام على يد دعاة الفضائيات الدينية
-
رجال الدين وشرعنة الطغيان والاستبداد
-
أمة الادعاء والأدعياء والكذب على النفس والناس
المزيد.....
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
-
إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|