ردّ على السيد اللهبي : تونس تونسية أفريقية

ورغمي الورغمي

الحوار المتمدن-العدد: 3259 - 2011 / 1 / 27 - 03:18
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    

لا ندري ما الذي يجعل البعض دون تروٍّ أو تبصّر ينساق وراء أضغاث أحلام وليس له من بضاعة غير الأساطير بل الخراريف العجائزية ليجعل منها تاريخا وهوية لأمة بعيدة عنه بآلاف الأميال ومع أن البعد الجغرافي الآن اختصرته وسائل الاتصال لكن الكثير لا يزالون بعيدين بأذهانهم ولم يسمعوا بعد بالمقاربات العلمية ومناهج البحث لإنتاج معرفة أو تحليل قضية أو البحث في علل الوقائع .
ما الذي يجعل شخصا لا يعرف عن تونس أكثر مما يعرف سمكري أو بائع العرقسوس يقحم نفسه في هوية تونس وشخصيتها وأحداثها وأمجادها، سوى أنّه يريد أن يختطف نضال شعب على درجة من الوعي أبهر العالم ليجعله مجرد حركة لقبيلة وهمية عششت في رأسه منذ أن قرأ قصة أسطورية من القصص الشعبي (Saga ou bien une légende) ؟؟
يا للعجب تونس العريقة التي ترتكز على تاريخ ممتدّ آلاف السنين، تونس الأمازيغية بتاريخها السياسي القديم (قرطاج والمملكة النوميدية) وتاريخها العسكري الذي لا يزال يدرّس في الكليات الحربية (هانيبال والحروب البونية) تونس التي أنجبت ابن خلدون منظّر الحراك الاجتماعي، تونس التي هي أفريقيا (Africa) التي منحت اسمها للقارة الأفريقية ومدينة تونس الحديثة التي هي امتداد لقرطاج التاريخية عاصمة الشمال الأفريقي ومركز التمدّن الامازيغي عبر القرون، وهاهي اليوم بجامعتها ونخبتها الاكاديمية مركز تنوير وإشعاع، والدليل أنّه رغم ما حدث لم تقع في براثن الاسلام السياسي رغم القوى الظلامية التي أغدقت الاموال على عملائها من كل الفئات والجماعات، هذا البلد يأتي من يختصر ثورته المباركة في هذه الأيام في أشتات قبيلة من النهابين (Brigands) الذين عوقبت بهم تونس من طرف الخليفة الفاطمي كما هو معروف، عندما تخلى ملوكها الامازيغ (الزيريون Les rois Zirides) عن التشيع وعادوا الى مذهب السنة والجماعة، فأرسل إليها عصابات النهب والتخريب (بنو هلال الذين كانوا على المذهب القرمطي يقطعون طريق الحج، وهم من سرق الحجر الأسود وخرب الكعبة وعطل الحج سنوات طويلة فتمّ إجلاؤهم إلى بادية الشام ليقع إجلاؤهم من هناك إلى مصر ... وهذا كله بسبب اتخاذهم النهب أسلوب حياة) وكادت اعمالهم التخريبية أن تعيد تونس إلى العصور الحجرية، وعوض أن يقرأ السيد اللهبي ما كتبه ابن خلدون في شأن هذه القبيلة، راح يسترجع قصة شعبية أسطورية كانت على امتداد قرون وسيلة تسلية مثلها مثل قصص ألف ليلة وليلة والزير سالم وتميم الداري ورأس الغول.
لا يا سيد لهبي، ثورتنا في تونس ليست اضطرابا قبليا ولا صلة لها بالنزعة القبلية وبنو هلال الذين تشيد بهم اندمجوا في الشعب التونسي كما يندمج أي وافد مع أنّ مجيئهم إلى تونس لم يكن حدثا سعيدا، بل كان ضربة قاصمة للعمران والتمدّن وليس في تاريخ هؤلاء ما يشرّف حتى نتخذه مرجعية، وإذا كانت قصة التغريبة المشؤومة قد روّج لها في الوسط الشعبي وقدّمت إلى العامّة كتاريخ بديل، فإنّ الأجيال الجديدة من أبناء تونس تقرأ تاريخ بلدها وهي مسلحة بروح النقد، وستصحّح تاريخها الذي لن يقع الالتفاف عليه مثلما لن يقع الالتفاف على ثورته .

#ورغمي_الورغمي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات