أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - حسين القطبي - فادية حمدي، صفعة على مقياس ريختر














المزيد.....

فادية حمدي، صفعة على مقياس ريختر


حسين القطبي

الحوار المتمدن-العدد: 3258 - 2011 / 1 / 26 - 15:20
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


كم كان زين العابدين بن علي يتمنى لو صفعته الشرطية التونسية المسترجلة فادية حمدي على وجهه بدلا من وجه بوعزيزي، لكانت الامور سويت حينها، ولكان الان يعد خطابه الذي سيمثل فيه "شعب تونس" بين القادة العرب في مؤتمر قمة بغداد، ولما اضطر ان يرى وجه زوجته من خلف النقاب، يتعرق في حر السعودية الصحراوي.

صفعة تلك الانسة الثلاثينية، او "الانس الثلاثيني" احدثت زلزالا في تونس لا يستطيع مقياس ريختر تدريجه، وهزات ارتدادية في في دول الجوار الافريقي وصلت الى السعودية ( قام سعودي باحراق نفسه في جيزان).

فتونس هي البلد الذي يعتبر الاكثر انسجاما مع نفسه، تكاد تنعدم فيه الصراعات الطائفية، ولا مكان لتناحرات مذهبية تذكيها السلطات من اجل ابعاد الخطر عن الكرسي، الكل تقريبا من دين واحد، ومذهب واحد (المالكي)، وهو يمتاز عن بلدان شمال افريقيا باستقراره القومي، وقد حلوا مشكلة الامازيغية على اساس ان الكل اليوم عرب، واسلافهم امازيغ، وليست هنالك اقلية ماتزال تتمسك بقوميتها الحقيقية، وليس هنالك قومية ثانية تحاول فرض ثقافتها بالقوة، كما هو الحال في بلدان الجوار.

اذا فليس هنالك ثمة تفاوت ما بين التونسيين سوى هذا التعارض الطبقي، بين الاغنياء والفقراء، وهذا هو مكمن اكثر الثورات التي اشتعلت في العالم، من وزن الثورات الجماهيرية المعروفة تاريخيا، كالفرنسية والروسية، اي ان انعدام التناحر الطائفي ساهم بشكل جلي باظهار حدة الصراع الطبقي على حقيقته للتونسيين، وللطبقات المسحوقة منهم على الاخص.

وبينما تلعب الصراعات الطائفية (العبثية بمجملها) دورا حميدا في البقاء على انظمة الحكم الديكتاتورية في اغلب بلدان افريقيا واسيا، فان الشعب التونسي متحرر منها تماما، وليس هنالك غطاء، او عرين، تلوذ به السلطات القمعية، وليست هنالك سوسة فكرية يمكن ان تنشرها بين الجماهير لتتفادى موجة غضبها حين يشتد هذا الغبن الطبقي.

ومحمد بو عزيزي لم يكن هو سبب هذه الانتفاضة الشعبية، وانا اجزم بان الفقراء الذي تظاهروا في مدن تونس لم يكونوا يعرفوه شخصيا، ، وعندما طالبوا بسقوط بن علي، لم يكن ذلك بدافع حقد شخصي على الرئيس، فليس هنالك من راه وجالسه، ولكنه كان رفضا لنظام القمع وعبودية الفقير للغني، اذ كان كف فادية حمدي الذي لطم وجه ذلك الشاب، بائع الخضار الفقير، يمثل كف السلطة التي تلطم وجوه الفقراء، وقد تحسسوها على وجوههم.

ولم يقم البوعزيزي بحرق نفسه لانه صفع مرة، فقد يكون تلقى منها الكثير، لكنه كان بسبب الجزع من الحياة، فهو شاب ترك الدراسة بعد البكالوريا من اجل اعاشة عائلته، ولكن لم يجد عملا سوى بيع الخضار على عربة.

وحتى هذه المهنة كانت ممنوعة عليه، فمنذ ان بدأها قبل سبع سنين كانت قوانين البلدية، وهي قوانين الاغنياء تقف في الضد، وتصادر بضاعته، حتى وصل به الجزع الى التفكير بعد هذه السنين بحرق الذات من اجل التخلص من حياته التي اصبحت عبأ عليه.

في ذلك الصباح الشتائي (17 ديسمبر)، كان محمد فرحا لانه نجح "بالواسطة" في استرداد بضاعته (كم كيلو برتقال) المصادرة منه قبل ساعات، وعاد الى الساحة ليعمل، لكن الشرطية المسترجلة لم تمهله سوى عشر دقائق، اذ عادت لتصادر قوته ثانية.

ولم تكن تلك الشرطية، فادية حمدي، حين تطاولت بكفها السميك، الذي اتخيله اشبه بكف عمليق، انهال على وجه محمد، ولطمه لتنفر حبات العرق من خده، لم تكن تعرف ان الشعب التونسي بغالبيته يعاني مثل بوعزيزي، وانها تلطم وجه تونس، كل فقراء تونس، وان هذا البلد الذي تشبه خارطته الدمعة المعلقة بالبحر المتوسط، بحاجة الى هذه الصفعة، صفعة واحدة فقط، ليهتز، ويهز شمال افريقيا، ووجدان العالم، صفعة يجب ان تصنف على مقياس ريختر.



#حسين_القطبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شكرا بن علي
- احداث تونس والجزائر، الوعي يتحدى الدين السياسي
- الفرس العراقيون مغيبون بسبب النظرة الشوفينية
- ما علاقة المالكي بالتكنوقراطية؟
- كردستان.. حق تقرير المصير هل يقود للحرب ام للاستقلال؟
- متى يفكر المسؤولون بتعويض الكرد الفيليين؟
- ثقافة الحب مقابل ثقافة الكراهية
- جنوب السودان.. استقلال ام انفصال؟
- غيمة سوداء تزحف على العراق
- كل حاج يمول ارهابي
- هل يصلح الطالباني -البشوش- لرئاسة الجمهورية؟
- على ضوء التفجيرات الاخيرة.. هل هنالك خلل في الدين؟
- مبادرة العاهل السعودي اما غير ناضجة او غير بريئة؟
- سيرك سياسي
- وثائق ويكي ليكس لم تأتي بجديد
- قصر المهراجا قرب مدينة الثورة
- زواج ابنة حجي چلوب
- لبوة تقتحم مجلس اللوياجيرغا
- العراق.. امية، تطرف ديني ومسلسلات هابطة
- هكذا تنكر الحزب الشيوعي لفاتحة الرفيق زهير ابراهيم


المزيد.....




- تحليل: رسالة وراء استخدام روسيا المحتمل لصاروخ باليستي عابر ...
- قرية في إيطاليا تعرض منازل بدولار واحد للأمريكيين الغاضبين م ...
- ضوء أخضر أمريكي لإسرائيل لمواصلة المجازر في غزة؟
- صحيفة الوطن : فرنسا تخسر سوق الجزائر لصادراتها من القمح اللي ...
- غارات إسرائيلية دامية تسفر عن عشرات القتلى في قطاع غزة
- فيديو يظهر اللحظات الأولى بعد قصف إسرائيلي على مدينة تدمر ال ...
- -ذا ناشيونال إنترست-: مناورة -أتاكمس- لبايدن يمكن أن تنفجر ف ...
- الكرملين: بوتين بحث هاتفيا مع رئيس الوزراء العراقي التوتر في ...
- صور جديدة للشمس بدقة عالية
- موسكو: قاعدة الدفاع الصاروخي الأمريكية في بولندا أصبحت على ق ...


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - حسين القطبي - فادية حمدي، صفعة على مقياس ريختر