|
بعد العراق وتونس - هو اِز ذَ نِكس - ؟
وحيد كوريال ياقو
الحوار المتمدن-العدد: 3256 - 2011 / 1 / 24 - 05:25
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بداية نتمنى لتونس الخضراء ان تبقى خضراء وان لا تتحول الى حمراء او سوداء او اي لون اخر ... وكما نتمنى للشعب التونسي الثائر ان يحقق كل ما يصبو اليه في هذه الانتفاضة الشعبية العارمة التي يحاول فيها تغيير نظامه الدكتاتوري بنفسه ، وان لا يحصل له ما حصل للشعب العراقي بعد تغيير نظامه الدكتاتوري من قبل غيره ... وكما نتمنى ايضا ان تكون نتيجة هذه الانتفاضة الشعبية العارمة التي قام بها الشعب التونسي الغاضب ، هي استرداد حقوق ابناء الشعب المهضومة وتحقيق الحريات المفقودة واحقاق العدالة الاجتماعية المطلوبة التي تنادي بها الجماهير المنتفضة الغاضبة التي خرجت الى الشوارع لتصرخ بأعلى صوتها وتناشد العالم كله من اجل ( الخبز والحرية والكرامة الوطنية ) ، فنرجو ان تكون النتيجة تحقيق كل ما تطالب به هذه الجماهير المنتفضة الغاضبة .. في الوقت الذي يعلم الجميع ان الاوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية وكل ما تعاني منه الناس من الظلم والاستبداد والحرمان والفساد الاداري والمالي ونهب الاموال العامة وارتفاع الاسعار وفقدان فرص العمل وانتشار البطالة وازدياد معدل الفقر والجهل وازمة السكن وعدم توفير الحد الادنى من الخدمات الاخرى المطلوبة وما اكثرها ، هي نفسها في كافة البلدان العربية ذات الانظمة الاستبدادية الفاسدة وحكامها الطغاة المتسلطين على رقاب شعوبهم .. وفي نفس الوقت الجميع يعلم ايضا ان تغيير اي نظام من هذه الانظمة الدكتاتوية من قبل ابناء الشعب ومن خلال انتفاضة شعبية سلمية عفوية كما هو الحال الان في تونس ، انه ضرب من الخيال او انه امر صعب جدا او لنقل على اقل تقدير انه ليس بالأمر الهين او الممكن .. ولكن الشعب التونسي بأنتفاضته هذه قد تجاوز هذا الامر بجدارة حيث انه فعلا اراد الحياة ولهذا فقد استجاب له القدر ، وبذلك حطم حاجز الخوف لدى كافة ابناء الشعب الراضخين لنير الدكتاتورية والاستبداد والذين يعانون من شتى انواع الظلم والطغيان والحرمان منذ زمن بعيد حالهم بذلك حال بقية الشعوب العربية .. ان ما فعله الشعب التونسي من خلال انتفاضته الشعبية العارمة انما هو انذار شديد اللهجة او درس بليغ الاهمية في رسالة مزدوجة او لنقل رسالتين في ان واحد :- الرسالة الاولى الى الحكام الطغاة وجميع الانظمة الاستبدادية تقول لهم ان الشعوب بدأت تبحث عن الحرية والديمقراطية ، وانها بدأت فعلا تحاول التخلص منهم والقضاء عليهم وسوف لن تدوم لهم مدى الحياة ، فعليهم الاستفادة من هذا الدرس واعادة النظر فيما هم عليه ، وفيما يعملونه بحق شعوبهم وفيما يخططون له لتوريث الحكم لأبنائهم واحفادهم ، وليعلموا ان القدر قد استجاب فلا بد من ان يسمعوا الى ما يقوله الشعب ، وان لا فعليهم ان يحزموا حقائبهم ويجهزوا انفسهم ويحضروا طائراتهم التي تقلهم الى حيث من جاء بهم الى الحكم قبل فوات الاوان وقبل ان ينقلب عليهم ، لأنهم لا يعرفون متى ستندلع شرارة غضب شعوبهم المتقدة التي سوف لن ترحمهم .. والرسالة الثانية هي الى كافة الشعوب العربية المغلوب على امرها التي ترضخ تحت نير هؤلاء الحكام الطغاة وتلك الاجهزة الاستبدادية ، هذه الشعوب التي تعودت على الصبر والتحمل التي وصلت الى درجة العبودية ، لكي تنهض من جديد وتعلن عن مشاعرها الجياشة المكبوتة ولكي تعلن عن رغبتها في الحياة الحرة الكريمة وتعلن عن موقفها الصريح تجاه حكامها وانظمتها والشروع بمحاربتها وتغييرها وبناء بدلا عنها انظمة جديدة ديمقراطية تضمن تحقيق الامن والامان والعدل والمساوات والعيش الكريم لكافة ابناء الشعب من دون استثناء او تمييز على اساس الجنس او الدين او القومية او المذهب او الانتماء الفكري او السياسي او غير ذلك .. فتحية الى الشعب التونسي البطل الذي كان السباق على كافة الشعوب العربية ، والذي قال كلمته في هذه الانتفاضة التاريخية التي زعزعت اركان كافة الحكام المستبدين والتي ستكون نقطة تغيير ليس فقط في تاريخ تونس بل في تاريخ المنطقة برمتها حيث ستصبح مثالا تقتدي بها جميع الشعوب العربية .. ولكن في نفس الوقت نقول ونؤكد على الشعب التونسي اتخاذ الحيطة والحذر ، كل الحذر من الذين يجيدون تغيير الوان ابدانهم من احتواء هذه الانتفاضة او الانقضاض عليها او الالتفاف على اهدافها والسيطرة على زمام الامور من جديد واستلام السلطة ثانية وتحويل النتائج وفق مصالحهم الخاصة واعادة الكرة بأشكال والوان اخرى .. وعلى الشعب التونسي ايضا الحرص ، كل الحرص على الاستمرار بالمطالبة على تحقيق كافة المطاليب التي تنادي بها الجماهير المنتفضة ، لكي لا تذهب تضحيات ابناء الشعب التونسي هدرا وهباءا .. وعلى الشعب التونسي ايضا الاصرار كل الاصرار على تغيير النظام بأكمله وقلع جذوره وليس فقط الاكتفاء بتغيير شخص او مجموعة اشخاص ، بل بناء نظام ديمقراطي جديد ، نظام علماني يفصل الدين عن الدولة ، نظام يؤمن بالتداول السلمي للسلطة وفق الاليات المتبعة في كافة الدول الديمقراطية ، نظام يضمن تحقيق العدل المساوات لكافة ابناء الشعب .. وعلى الشعب التونسي ايضا ان لا يدع قوى الجهل والظلام التي تتربص الان الوضع عن كثب من استغلال الفراغ وفرض نفسها ووجودها على الساحة لتبني ديمقراطية على الطريقة التي تريدها وبالمقاييس التي ترغبها ، ديمقراطية ترتكز على اسس الجهل والتخلف تبدأ بعزل محال الحلاقة وغلق النوادي الثقافية والاجتماعية وتحديد ملابس النساء وتنتهي بجر البلد الى الهاوية ... وفي الختام لا يسعنا الا ان نقول ونكرر على الحكام العرب ان يعرفوا جيدا وان يعوا انه بعد ان حطم سجين نصب الحرية في بغداد قضبان سجنه وخرج ليطالب بالحرية والديمقراطية والحياة الحرة الكريمة ، ها هو الشعب التونسي يخرج الى الشارع ليحقق مضمون قصيدته الرائعة ( اذا الشعب يوما اراد الحياة فلا بد ان يستجيب القدر ) فها هو القدر يستجيب ، وها هو القيد ينكسر ، وسينجلي الليل لا محال وستشرق شمس الحرية على كافة الشعوب العربية التي تنتظرها على احر من الجمر وهي تتساءل من سيكون اللاحق ؟ او باللغة التي يفهمها هؤلاء الحكام ( هو اِز ذَ نِكس ؟ ) . وسواءا كان هذا ( النِكس ) من شرق البلاد او من غربها او حتى من وسطها فهذا لا يهم ، فالمهم ان يكون هناك ( نِكس ) ، والى ذلك ( النِكس ) القادم تلتفت انظار الملايين من المظلومين والمقهورين والمحرومين ، وعن ذلك ( النِكس ) الاتي قريبا ان شاء الله ، سيكون لنا كلام اخر .
#وحيد_كوريال_ياقو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حكومة الشراكة الوطنية سوف لن تكون افضل من كهرباء الشبكة الوط
...
-
كلمة لا بد منها بعد انتهاء الانتخابات وبغض النظر عن النتائج
-
الانتخابات وثعالب السياسة وديك احمد شوقي
المزيد.....
-
كيف تحوّلت تايوان إلى وجهة تستقطب عشاق تجارب المغامرات؟
-
فيديو مروع يظهر هجوم كلب شرس على آخر أمام مالكه في الشارع
-
لبنان.. عشرات القتلى بالغارات الإسرائيلية بينهم 20 قتيلا وسط
...
-
عاصفة ثلجية تعطل الحياة في بنسلفانيا.. مدارس مغلقة وحركة الم
...
-
مقتل مسلح وإصابة ثلاثة من الشرطة في هجوم قرب السفارة الإسرائ
...
-
اتفقت مع قاتل مأجور.. نائبة الرئيس الفلبيني تهدد علنا باغتيا
...
-
العثور على جثة الحاخام المفقود في الإمارات وتل أبيب تعتبر ال
...
-
سكوت ريتر: بايدن قادر على إشعال حرب نووية قبل تولي ترامب منص
...
-
شقيقة الملك تشارلز تحرج زوجته كاميلا وتمنعها من كسر البروتوك
...
-
خبير عسكري روسي: واشنطن أبلغت فرنسا وبريطانيا مباشرة بإطلاق
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|