محمد نضال دروزه
الحوار المتمدن-العدد: 3256 - 2011 / 1 / 24 - 01:10
المحور:
القضية الفلسطينية
إن الشعوب التي استوطنت فلسطين منذ فجر التاريخ هي شعوب عربية : الفينيقيين والكنعانيين والفلسطينيين, وهذا موثق بالتاريخ وعلم الآثار , وقد حاول اليهود مع بعض المتعاطفين معهم من الغربيين الادعاء بأن الفلسطينيين أصلهم من جزيرة كريت , لكن المؤرخين وعلماء الآثار الذين يبحثون عن الحقائق دون تحيز , أثبتوا أن أصل الفلسطينيين من قبيلة طي أكبر القبائل العربية في شبه الجزيرة العربية , حيث كان لديهم الـه اسمه فلس طي على اسم قبيلتهم وفي إحدى سنين الجفاف , رحل قسم منهم إلى فلسطين مصطحبين معهم إلههم فلس طي , في منتصف الألف الثالث قبل الميلاد . وقد ورد ببرديات الفراعنة في بداية الألف الثاني قبل الميلاد , بعد حملة عسكرية للمصريين ضد الفلسطينيين , اسم أحد الأسرى من قبيلة فلس طي في فلسطين بأنه فلسطيني.
أما العبرانيين ( بني إسرائيل ) فقد استوطنوا في فلسطين في منتصف الألف الثاني قبل الميلاد, أي بعد وجود الفلسطينيين في فلسطين بألف عام , ولم تدم دولتهم أكثر من مائتي عام , وطردوا من فلسطين , وبقي أجدادنا أحفاد الفينيقيين والكنعانيين والفلسطينيين متمسكين بوطنهم مقاومين الغزاة. ( 1 )
وبعد الفتوحات الإسلامية دخل أغلب سكان فلسطين دين الإسلام . واستمرت الهوية العربية الإسلامية هي السائدة في فلسطين على مدى أربعة عشر قرنا من الزمان حتى حدوث نكبة فلسطين.
فلم يحدث في التاريخ الحديث مثلما حدث للشعب الفلسطيني , فقد هجمت أقلية أجنبية مهاجرة مدعومة بالسلاح والمال والتأييد السياسي الغربي , على الأغلبية الوطنية في البلاد وطردتها من أكثر من ألف قرية ومدينة بعد أن قتلت عشرات الآلاف منهم وشردتهم وجعلت ثلثي شعبها من اللاجئين.
ورغم ذلك فقد دافع الشعب الفلسطيني الأعزل , إلا من قوة الإيمان بوطنه عن حقه طوال هذه السنين رغم الحروب والتشتيت والاضطهاد والاحتلال والحصار. حارب الجيل الأول من الشعب الفلسطيني عام 1948م للدفاع عن بلده, وخلفه الجيل الثاني من الفدائيين في الستينات والسبعينات من القرن الماضي, ثم جاء الجيل الثالث من أطفال الحجارة وشباب المقاومة, ولم ولن يركع هذا الشعب الباسل. لقد ضرب خلال أكثر من نصف قرن أروع الأمثلة في الدفاع عن حقه في وطنه التاريخي المقدس, وعن هويته الوطنية, على أرض الآباء والأجداد التي لم يفارقها منذ بدء التاريخ.
وقد ظهرت أنواع جديدة من الحرب على هذا الشعب عن طريق تكريس التطهير العرقي الذي تعرض له عام 1948م ومازال يتعرض له, بأن تعرض عليه مبادرات هدفها إسقاط حقوقه وإشاعة الإحباط واليأس في نفسه, مثل التنازل عن حق العودة. فتصدت لذلك فئات كثيرة من هذا الشعب في فلسطين وخارجها, وأسست نخبة منهم "مؤتمر حق العودة " الذي عقد أول مؤتمر له في لندن في الشهر العاشر من عام 2003م ليكون مظلة تنسيقية لجمعيات ولجان الدفاع عن حق العودة في العالم, للاجئ الفلسطيني الذي طرد أو اخرج من موطنه لأي سبب عام 1948م أو في أي وقت ممكن بعد ذلك.
وأنه يحق له العودة إلى الديار أو إلى الأرض أو إلى البيت الذي كان يعيش فيه حياة اعتيادية قبل عام 1948م. وهذا الحق ينطبق على كل فلسطيني سواء كان رجلا أو امرأة , وينطبق كذلك على ذرية كل منهما مهما بلغ عددها أو أماكن تواجدها ومكان ولادتها وظروفها السياسية والاجتماعية , وهو حق مقدس لدى الفلسطينيين لأنه حق ناتج عن وجودهم في فلسطين منذ فجر التاريخ, وارتباطهم الوطني به, وحقهم الشرعي في أرض الرباط منذ انتشار الدين الإسلامي. وهو حق قانوني ثابت في وطنهم فلسطين, ضارب في أعماق التاريخ, وجذوره أقدم من جذور البريطانيين في بريطانيا والأمريكيين في أمريكا.
ومن حق الفلسطينيين التمسك بحقهم في العودة إلى أرض الوطن, لأن كيان الإنسان وهويته مرتبطتان بوطنه, مسقط رأسه هو وأهله وأحبابه , ومدفن أجداده ومستودع تاريخه ومصدر رزقه ومنبع كرامته, لذلك فان حق العودة مقدس لكل فلسطيني حتى الطفل الذي ولد في المنفى يقول إن موطني بلدة كذا في فلسطين.
وحق العودة حق غير قابل للتصرف مستمد من القانون الدولي المعترف به عالميا. فحق العودة مكفول بمواد الميثاق العالمي لحقوق الإنسان الذي صدر في 10/12/1948م إذ تنص الفقرة الثانية من المادة 13 على الآتي: لكل فرد حق مغادرة أي بلد، بما في ذلك بلده وفي العودة إلى بلده، وقد تكرر هذا في المواثيق الإقليمية لحقوق الإنسان، الأوروبية والأمريكية والأفريقية. وفي اليوم التالي لصدور الميثاق العالمي لحقوق الإنسان في 11/12/1948م، صدر القرار الشهير رقم ( 194 ) من الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي يقضي بحق اللاجئين الفلسطينيين في العودة والتعويض. وأصر المجتمع الدولي على تأكيد القرار ( 194 ) منذ العام 1948م أكثر من 135 مره، ولم تعارضه إلا إسرائيل وبعد اتفاقية إعلان المبادئ في أوسلو عارضته أمريكا.
وحق العودة أيضا نابع من حرمة الملكية الخاصة التي لا تزول بالاحتلال أو بتغيير السيادة على البلاد. ولا يسقط بالتقادم، أي بمرور الزمن، حق فردي و جماعي غير قابل للتصرف.
إن الفقرة 11 من القرار 194 الصادرة في الدورة الثالثة للجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 11/12/1948م تنص على الآتي " تقرر وجوب السماح بالعودة في أقرب وقت ممكن للاجئين الراغبين في العودة إلى ديارهم والعيش بسلام مع جيرانهم، ووجوب دفع تعويضات عن ممتلكات الذين يقررون عدم العودة إلى ديارهم وكذلك عن كل فقدان أو خسارة أو ضرر للممتلكات بحيث يعود الشيء إلى أصله وفقا لمبادئ القانون الدولي والعدالة. بحيث يعوض عن ذلك الفقدان أو الخسارة أو الضرر من قبل الحكومات أو السلطات المسئولة. وحتى يتمكن الشعب الفلسطيني من إقامة دولته المستقلة والإبقاء على حق العودة من الأولويات الوطنية لابد من إتباع عدد من الإجراءات والخطوات التي تتكفل باستمرار المطالبة بالاستقلال والمحافظة على قضية اللاجئين حية ومتفاعلة. ومن أهم هذه الخطوات:
1- التمسك بالمشروع الوطني الفلسطيني والثوابت الفلسطينية الداعية إلى تنفيذ حق العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس على حدود الرابع من حزيران سنة 1967م، خالية من الاستيطان والمستوطنين ومن جدار الضم والفصل العنصري.
2- العمل الشعبي والفصائلي والحزبي ومؤسسات المجتمع المدني، الجاد والمستمر لبعث الوحدة الوطنية المدنية الديمقراطية للشعب الفلسطيني. قوية وفعالة حتى تستطيع تحقيق المشروع الوطني الفلسطيني على ارض الواقع.
3- وضع خطة عمل و آلية تحرك سياسية واجتماعية وجماهيرية، بهدف استمرار قضية اللاجئين متحركة ومتفاعلة، ومواصلة شرح قضية اللاجئين الفلسطينيين لشعوب العالم. وجمع التأييد لهم والرفض العلني لأي مشاريع تنتقص من حقهم في العودة إلى وطنهم، والتمسك بقرار حق العودة رقم 194 الصادر عن الأمم المتحدة في 11/12/1948م.
4- إن حوالي مئة دولة تعترف حاليا بالدولة الفلسطينية المستقلة. ويقع على عاتق الممثليات والسفارات الفلسطينية الموجودة في هذه الدول العمل على شرح القضية الفلسطينية لشعوب هذه الدول، ومطالبة حكومتها ومؤسسات المجتمع المدني فيها التحرك العلني السلمي والضغط على دولة إسرائيل لإنهاء احتلالها للأراضي الفلسطينية الذي مازال مستمرا منذ عام 1967م حتى الآن. وحل قضية اللاجئين وفقا للقوانين والمواثيق الدولية.
5- ممارسة الضغوطات على حكومات المجتمع الدولي وعلى الأمم المتحدة من قبل شعوب الأمة العربية وحكوماتها والشعب الفلسطيني وسلطته للضغط على الولايات المتحدة للتراجع عن مواقفها المتحيزة لدولة إسرائيل المحتلة والرافضة لتطبيق الشرعية الدولية، والالتزام بقراراتها الخاصة بالقضية الفلسطينية والضغط على إسرائيل لتنفيذها.
6- الطلب المستمر من الدول العربية شعوبا وحكومات بممارسة الضغوط على الجهات المعنية واستمرار التحرك الدبلوماسي والسياسي الموحد للضغط على إسرائيل لإجبارها على الالتزام بقرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن لتنفيذها وإنهاء الاحتلال للوطن الفلسطيني.
( 1 ) موثق في كتاب زكريا محمد: نخلة طي أو أصل الفلسطينيين القدماء
#محمد_نضال_دروزه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟