أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسين عبد المعبود - هل مات بو عزيزي .... كافرا ؟ !














المزيد.....

هل مات بو عزيزي .... كافرا ؟ !


حسين عبد المعبود

الحوار المتمدن-العدد: 3255 - 2011 / 1 / 23 - 22:15
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


بعد أحداث تونس الخضراء ، وانتفاضة شعبها العظيم نتيجة فساد النظام الحاكم ، و الأمورالتي ساءت لدرجة أن أشعل ( بو عزيزي ) النار في جسده ، مما أشعل ثورة الغضب بطول البلاد وعرضها ، حتى أن الطاغية المستبد الفاسد ( ابن علي ) راح يستجدي شعبه الهدوء بكلمات الذل والانكسار ، واعدا إياه بالإصلاح الشامل ، والحرية الكاملة ، ومحاسبة الفسدة والمفسدين ، ولكن هيهات .. هيهات فلم يعد له مكانا على أرض تونس ، وإلا المحاكمة إذا كان حسن الحظ ، فلربما سحلوه ، أو افترشوه ، لأنه لو وقع في قبضتهم فلن يكتفوا باغتياله ، والعاقبة ستكون سيئة للغاية ، مما اضطره للفرار هربا وخوفا من النهاية المأساوية .
الأمر الذي جعل حكامنا يصابون بالهلع والهلوسة خوفا من العدوى ، والمد الثوري ، وبدلا من أن يأخذوا الدرس ، ويعيدوا النظر في بطاناتهم التي تزين لهم سوء أعمالهم ، وبدلا من أن يعيدوا النظر في سياساتهم الخاطئة التي جلبت لنا الذل ، والهوان ، والاستجداء السياسي ، والاقتصادي ! وكل الأمر ل ( رجال الفتة ) "1 " الذين طالعونا بفتاوى الأناجرية "2 " : ( بو عزيزي مات كافرا ) ، ( بوعزيزي منتحرا .. لا شهيدا ) لأن الله تعالى يقول في كتابه الكريم : ( ولا تقتلوا أنفسكم ) ولم يتحدثوا عن الحالة السيئة ، أو السياسة الفاشلة ، أو الأوضاع التي ساءت وجعلت الكثير يفقد الأمل فأصبح في حالة اللاوعي الأمر الذي يجعل من الصعب الحكم عليه إذا كان منتحرا أم شهيدا ، فمن منا يستطيع أن يجزم أنه كان في وعي كامل أم لا ؟ بكامل الإرادة أم لا ؟
وإذا كانت الأمور تقاس بمثل ذلك فمن الجائز أن يخرج علينا البعض ويقول لنا أن بعضا من أبطال حرب أكتوبر قد ماتوا كفارا وليسوا شهداء أحياء عند ربهم يرزقون ، فالذي ضحي بنفسه ليوقف رتلا من آليات العدو مات كافر لأنه قتل نفسه ، والذي فجر نفسه ليقتل مجموعة من الأعداء مات كافرا لأنه قتل نفسه ، والذي اقتحم حقلا للألغام ليفتح ثغرة لزملائه مات كافرا لأنه قتل نفسه ، قصص البطولات كلها بهذا القياس المخزي يكون أبطالها قد ماتوا كفارا . لنصبر يا سادة ولا نفتي إلا بما تطمئن إليه قلوبنا وليس عيبا أن نقول مثلا : ( أن من قتل نفسه كان كافرا ، أما في حالة بو عزيزي ، أو ما شابهه فالعلم عند الله وحده هو الذي يعلم إن كان منتحرا ، أم شهيدا لأننا لانعلم حالته النفسية ، والمعنوية حالة إقدامه على فعلته هذه ) لأن من فقد قواه العقلية لا يؤاخذ بفعلته وهذه قاعدة شرعية ، وقانونية فالله سبحانه وتعالى يقول في قرآنه العظيم : ( ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ) والحديث الشريف يقول : ( رفع القلم عن ثلاثة : عن النائم حتى يستيقظ ، وعن المبتلى حتى يبرأ ، وعن الصبي حتى يكبر ) . وفي رواية أخرى : ( رفع القلم عن ثلاثة : عن النائم حتى يستيقظ ، وعن الصبي حتى يبلغ الحلم ، وعن المجنون حتى يعقل ) . وخذ بالك من كلمتي : ( المبتلى ) ، و (المجنون ) فمن منا يستطيع أن يجزم أن ( بوعزيزي ) ومن مثله لم يكن مبتلى أو مجنونا مما ألم به وفقدانه للأمل .
من الأفضل أن تنهجوا نهج الشيخ ( يوسف القرضاوي ) وتدعوا له بالمغفرة إذا كان منتحرا لأنه حتى ولو كان كما تدعون فقد فجر ثورة ، وكان سببا في تحرر شعب ، والقضاء على طاغية . ولماذا لم تعلوا نغمة التكفير هذه إلا بعد أن فعل مثله رجال من مصر ، ومن الجزائر ، ومن بلدان أخرى ، أخوف على الشيطان أقصد السلطان ، أو خوفا منه ، أم خوفا على أنفسكم من غضبة الشعب الذي تعلمون أنه غير راض عنكم بسبب فتاواكم المؤيدة للحاكم ، ولأنكم تحرمون الخروج عليه طمعا في كرسي عند المعز ، وطمعا في ذهبه . بدلا من ذلك قولوا له : اتق الله في شعبك ووطنك ، فأنت مسئول عنهم أمام الله ، وأمام التاريخ ، أعطهم الحرية بدلا من أن ينتزعوها ، وساعتها لن يعرف العاقبة إلا الله تعالى ، كفى فسادا ورشوة ومحسوبية ، كفى استبدادا وطغيانا .
قد تكون هناك حالات ابتزاز ولكن لايجب التعميم أو التكفير فليس كل من أشعل النار في جسده مبتزا أو منتحرا ، والحرية والديمقراطية كفيلتان بالتمييز بين الابتزاز والانتحار ، وكذلك بين القتلى والشهداء .
وأقول لحكامنا لا تطمئنوا ، ولا يخدعنكم هدوء الشعوب خاصة بعد أن قام حوالى ستة أفراد حتى الآن بإشعال النار في أجسادهم ولم يتحرك الشعب ، ولم يقم بثورة ، أو حتى انتفاضة ، وتذكروا قول الشاعر :
حذار فتحت الرماد اللهيب ... ومن يبذر الشوك يجني الجراح .
فقد لا تتكرر السيناريوهات ولكن تتكرر النتائج ، أي أن رياح التغيير قادمة لا محالة ، ولا ملجأ ولا مهرب لكم إلا بالتخلى عن الاستبداد والدكتاتورية ، وإرساء قواعد الحرية والديمقراطية ، وتذكروا أيضا الحكمة القرآنية القائلة : ( ويخلق ما لا تعلمون ) .
"1" رجال الفتة : رجال يقال عنهم رجال دين وهم ليسوا كذلك .
"2" الأناجرية : أناجر جمع أنجر وهو وعاء يوضع به الطعام والذين يأكلون
من الطعام الذي به يقال عن بعضهم أناجرية .



#حسين_عبد_المعبود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من تونس الخضراء .... انتهى الدرس !!.
- النظم الاستبدادية لاتنتج ... إلا الإرهاب !
- ولتكن بداية .... لرحيل الحزب الوطني
- ما الفرق بين نظام جباجبو والنظام المصري !!!
- السلفية الدينية والسلفية السياسية
- ليس دفاعا عن وزير التعليم .. ولكن حبا في مصر المحروسة
- جودة التعليم ...رؤية نقدية وكلام في الجودة
- التعليم ( المشكلة والحل) رؤية ليست متشائمة ولكنها تحتاج لمنا ...


المزيد.....




- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال الإسرائي ...
- أجراس كاتدرائية نوتردام بباريس ستقرع من جديد بحضور نحو 60 زع ...
- الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي اقتحم المسجد الأقصى ...
- الاحتلال اقتحم الأقصى 20 مرة ومنع رفع الأذان في -الإبراهيمي- ...
- استطلاع رأي إسرائيلي: 32% من الشباب اليهود في الخارج متعاطفو ...
- في أولى رحلاته الدولية.. ترامب في باريس السبت للمشاركة في حف ...
- ترامب يعلن حضوره حفل افتتاح كاتدرائية نوتردام -الرائعة والتا ...
- فرح اولادك مع طيور الجنة.. استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي ...
- استطلاع: ثلث شباب اليهود بالخارج يتعاطفون مع حماس
- ضبط تردد قناة طيور الجنة بيبي على النايل سات لمتابعة الأغاني ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسين عبد المعبود - هل مات بو عزيزي .... كافرا ؟ !