|
انتصارانتفاضة العمال في تونس، حياتي لبدء التغيير في المنطقة
مؤيد احمد
(Muayad Ahmed)
الحوار المتمدن-العدد: 3255 - 2011 / 1 / 23 - 21:43
المحور:
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
لم يخطر ببال احد من ان تتطور الاحداث في تونس بهذه الدرجة من السرعة وان يهرب راس النظام الدكتاتوري زين العابدين بن علي، ويتساقط حزبه واركان نظامه، بعد اقل من شهر من مظاهرات واحتجاجات العمال والشباب والجماهير المستاءة. كما لم يتوقع الكثيرون من ان تعيش تونس حاليا اوضاع، "سونامي سياسي"، كما يسمون، منذ سقوط بن علي. ولكن هذا ما حدث ويحدث في الواقع، ان ما حصل في تونس يذكر العالم كله، بان العالم العربي والشرق الاوسط، يعيش على بركان من غضب العمال والكادحين والجماهير المحرومة، وان هذا النوع من المبادرة، هذا النمط التونسي من الانتفاضة، هي التي ستشكل بداية مسار التغيير وتجليات حركة تاريخ في هذه المنطقة، منذ الان. مع لهيب جسد الشاب محمد بو العزيزي، امام مركز ادارة مدينة سيدي بوزيد يوم 17 ديسمبر 2010، نشبت حريق انتفاضة العمال والجماهير المستاءة في تونس ضد البؤس الاقتصادي والاجتماعي لراس المال وضد نظامه السياسي الدكتاتوري. ليست فقط الانتفاضة لم تتوقف حتى الان، اذ تتقدم للاطاحة بالحكومة المؤقتة الحالية التي يراسها احد رموز النظام البائد، محمد الغنوشي، بل تمر تونس بعهد انعطافة سياسية واجتماعية كبيرة وعميقة وشاملة، بعهد ظروف ثورية. انه فعلا "سونامي" سياسي كبير ذلك الذي يحدث في تونس والذي يتموج في كل انحاءه، ويزج بالجماهير، وبشكل لم يسبق له المثيل، في الحياة السياسية وخنادق الحرب لترسيم الحياة الاقتصادية والسياسية للمجتمع. ان الاحزاب والقوى السياسية البرجوازية بكل اطيافها، وكذلك الاتحاد العام التونسي للشغل بوصفه حزب عمالي، واحزاب وقوى اليسار ومن ضمنهم حزب العمال الشيوعي في تونس، تتسارع كي تلحق بمسار تطورات الاوضاع. كما وتخاف الاحزاب البرجوزاية من ان تدفعها موجة الاعتراض العمالي والجماهيري الى هوامش المجتمع ولسنوات عديدة مقبلة ان لم يكن الى الابد. لا يمكن ان يكون هناك دليل اكثر جلاء، يظهر واقع ودوافع الانتفاضة في تونس، من لهيب جسد محمد بو العزيزي. انه كان عامل، ولكنه عاطل عن العمل، مثله مثل عدة مئات الاف من، الشباب والشابات، العاطلين عن العمل، في بلد ذو 10 ملايين نسمة. احرق محمد بو العزيزي نفسه من جراء وقع البطالة والفقر والبؤس الاقتصادي على حياته كانسان، ومن جراء الاحباط ومعاناته من المذلة على ايدي نظام سياسي استبدادي لم يكن في ظله للانسان وحياته ومشاعره واحاسسيه مكان. انه اضرم النار في جسده اثر ماسي عيشه في ظل النظام الراسمالي، في ظل نظام اقتصادي لا يترك لشاب مثله فرصة لان يعيش في امان اقتصادي وحياة لائقة بالانسان في القرن الواحد والعشرين. لم تكن تلك مصادفة في ان يشارك الملايين من التونسيين آلام محمد بوالعزيزي، وان يحولوا قضيته الى قضيتهم ايضا وان ينتفضوا وبجرأة على ذلك النظام الدكتاتوري والدموي الذي لم يتردد في قتل العشرات منهم خلال تلك الفترة. مهما تحاول القوى البرجوازية اخفاء حقائق ما يحدث في تونس فان الانطلاق وشرارة هذه الانتفاضة هي الانتفاض على البؤس الاقتصادي والفقر والبطالة واجور العمل الضئيلة والتضخم وغلاء المعيشة بالدرجة الاساس وعلى النظام السياسي الذي يحمي هذا البؤس الاقتصادي ويديمه ويسلب منهم حقوقهم وحرياتهم السياسية والمدنية والفردية. فمن يريد ان ينكر ذلك من البرجوازيين بمختلف تلاوينهم انما يريدون اخفاء معنى الانتصار النهائي لهذه الانتفاضة اي ضرورة تحولها الى ثورة اجتماعية للعمال لدك قلعة راس المال ونظامه السياسي الاستبدادي في تونس والمنطقة. لا يخفي على احد الطابع الطبقي العمالي لهذه الانتفاضة في تونس، كما ولا يحتاج معرفة قواها المحركة الى جهد كبير، فالعمال والعمال العاطلين عن العمل، الجماهير المحرومة والكادحة، الشباب والشابات من عوائل العمال والفئات والشرائح الاجتماعية من ذوي الدخل محدود والجماهير المستاءة والغاضبة على البؤس الاقتصادي والدكتاتورية والقمع وخنق الحريات والحقوق السياسية والمدنية والفردية هي التي شكلت ولا تزال تشكل القوى المحركة لهذه الاحداث الثورية. ما يحدث في تونس هو نتيجة سياسية حتمية لما تخلقه مبادرة الطبقة العاملة الثورية لايجاد التغيير في المجتمعات. ما يجري في تونس جزء من وامتداد لـ وقائع الصراع الطبقي العمالي العالمي، الصراع الاجتماعي الدائر على الصعيد العالمي بين الطبقة العاملة والجماهير المحرومة والشبيبة والنساء ضد البرجوازية ودولها وانظمتها السياسية وخططها الاقتصادية البرجوزاية للهجوم على الطبقة العاملة والجماهير المحرومة في خضم الازمة العالمية لراس المال. ان احداث تونس قد نقلت هذا الصراع الاجتماعي العالمي الى العالم العربي والشرق الاوسط، المهمة تكمن في تحقيق انتصارها وتطويرها و توسيع رقعتها الى غيرها من البلدان. انها مهمة الطبقة العاملة والجماهير المظلومة في العالم العربي والشرق الاوسط، ومن ضمنها العراق، من ان تحول انتفاضة تونس الى نموذجها ايضا لتطوير الصراع الاجتماعي والسياسي لاحداث التغيير في حياتها. تعيش الانظمة البرجوازية المختلفة القومية والاسلامية في البلدان العربية والشرق الاوسط حالة الرعب والتخبط، فهي والبرجوازية الامبريالية تسعى الى اجهاض هذه الانتفاضة والاحداث الثورية بمختلف الوسائل والطرق. ان افشال ومواجهة جميع تلك المحاولات والمساعي، امرغاية في الاهمية لادامة الانتفاضة والتقدم بها نحو الانتصار. الدفاع الحازم عن هذه الانتفاضة والثورة ومكتسباتها غير ممكن بدون التقدم بها الى الامام،بدون التقدم بها لكسب الانتصار النهائي. وهذا يتطلب تطوير النضال الثوري للطبقة العاملة في تونس في خضم الانتفاضة والاوضاع الحالية الى نضال سياسي طبقي عمالي ثوري وموحد، الى نضال طبقي عمالي مستقل عن صفوف البرجوازية بمختلف تلاوينها السياسية، كي يتقدم الى الامام نحو ارساء حكومة عمالية مباشرة، نظام حكم مجالسي للعمال والجماهير الكادحة بشكل فوري. حكومة عمالية تنجز جميع المطاليب الاجتماعية والسياسية والاقتصادية للجماهير وتحقق الاصلاحات السياسية والاجتماعية والاقتصادية بشكل جذري وشامل وتقدم على احداث الثورة الاقتصادية، ثورة اشتراكية تلقي بالنظام الاقتصادي الطبقي لراس المال الى مذبلة التاريخ. ان هذه مهام كبيرة وعظيمة ولكنها المهام الثورية الكفيلة بدفع الثورة الى نتائجها المنطقية والى الانتصار النهائي، وهي التي تستطيع ان تحمي الثورة من خطر سرقها على ايدي البرجوازية بمختلف اشكالها وتلاوينها، من الاسلاميين والقوميين والانتهازيين والاصلاحيين، وتحميها من مؤامرات وهجمات البرجوازية الامبريالية والانظمة البرجوازية الحاكمة في المنطقة. ان الطبقة العاملة لا يمكنها ان تحقق ذلك بدون بناء حزبها الشيوعي، حزب يناضل من اجل تحقيق الافق الشيوعي للتحرر الاجتماعي ويناضل من اجل توحيد صفوف نضال الطبقة العاملة والكادحين والجماهير المستاءة التحررية حول راية الثورة الاجتماعية للعمال . فكما هو واضح من خلال تتبع احداث 35 يوما الماضية، ان الاحتجاجات و المظاهرات تحولت الى حركة جماهيرية قوية عندما تدخل العمال واتحاد العام للشغل في تونس اي اتحاد النقابات العمالية وبقوة في المظاهرات والاحتجاجات. وما ان اخذت الانتفاضة انتصارها الاول حتى باتت العمال والجماهير الواسعة من مختلف فئات السكان تتقدم ولا تساوم وتتحرك باتجاه تحقيق المزيد من التقدم وكنس النظام السياسي وكل ما يتعلق به من الاساس. ان اتحاد العام التونسي للشغل كان قد واجه هو ايضا الضغط من العمال والجماهيرالمنتفضة كي لا يقف في منتصف الطريق ولا يقبل بالاجرءات الاصلاحية الصورية. لقد تشكلت "لجان المقاومة الشعبية" المنبعثة عن الانتفاضة وتقوم بادارة كثير من شؤون المدن والاحياء وحمايتها من هجمات العصابات اللصوصية وتداعيات الانفلات الامني. فانشاء المجالس العمالية والجماهيرية في المعامل والمحلات والمدن تتحول الى اداة سلطة واقعية امر حياتي في هذه المرحلة. هناك كثير من الخطط واللوائح السياسية التي تطرح، من ضمنها اطروحات من قبل قسم من قوى اليسار تؤكد على تاسيس "حكومة مؤقتة" اوما يسمى بـ "حكومة الانقاذ الوطني" من جميع القوى والاحزاب السياسية من مختلف الاطياف السياسية كي يديم العمل وينظم اجراء انتخابات "حرة" و"نزيهة" تشرف عليها الجماهير المنتفضة للاتيان بـ"المجلس التاسيسي"، اي برلمان وتاسيس النظام السياسي والحكومة من خلال هذه العملية. فكل هذه الاطروحات لا يمكنها ان يضمن تطور الانتفاضة وتحقيق اهدافها الثورية لانها في احسن الاحول ليس الا اصلاح سياسي برجوازي صوري. ان الوقوف في منتصف الطريق وعدم الارتقاء باداوات سلطة الجماهير الثورية خطر كبير يواجه الانتفاضة. فبدون الاقدام على تاسيس مجالس العمال والجماهير في المعامل والمؤسسات الحكومية والاحياء والمحلات والمدن والقصبات والقرى ..الخ و اخذ السلطة السياسية بايديها لا يمكن ان تتحرك الانتفاضة والثورة الى الامام. ان الانفتاضة الشعبية بحاجة الى ان تؤسس اداة نضالها الثوري اي المجالس العمالية والجماهيرية، وتتسلح، وتدافع عن سلطتها واخذ زمام الامور بايديها. ان اي قوة سياسية شيوعية وثورية حقا تدافع عن حق الشعب في الدفاع عن نفسها وحقها في حكم نفسها بنفسها و بشكل مباشرو من خلال المجالس العمالية والشعبية واللجان الشعبية ستكون القوة القادرة على التاثير على مسار الاوضاع بما فيها مسار الانتخابات وتاسيس المجلس التاسيسي او غيرها من المؤسسات ايضا. مهما تكن التطورات اللاحقة فان المسالة الاساسية تكمن في ان تقوم الطبقة العاملة بتاسييس مجالسها العمالية ولجانها العمالية. ان "لجان المقاومة الشعبية" المنبعثة عن الانتفاضة بحاجة الى ان تطور الى لجان ومجالس للعمال والجماهير التحررية وان لا تقيد يديها بمجرد الاشراف على تامين الانتخابات للمجلس التاسيسي بل ان تتحول الى سلطة فعلية و قوة اساسية سياسية على الارض . انها مهمة اممية وثورية، حياتية وفورية، للعمال والتحررين والاحزاب الشيوعية العمالية في العالم، وفي العالم العربي وبلدان شرق الاوسط على الاخص، بان تدعم النهوض الثوري للعمال والجماهير التحررية في تونس، تناضل من اجل دفع هذه الانتفاضة وهذه الثورة الى الامام، تساندها بمختلف الاشكال كي لا تقف في منتصف الطريق بل تكسب الانتصار اي تتحول الى ثورة اجتماعية وسياسية منتصرة للعمال والجماهير التحررية. ستبقى ذكرى محمد بوالعزيزي خالدة عاشت انتفاضة العمال والكادحين والجماهير التحررية في تونس
#مؤيد_احمد (هاشتاغ)
Muayad_Ahmed#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحكومة في بريطانيا غير شرعية، لانها لم تف بوعودها الانتخابي
...
-
اوضاع العراق السياسية، خطة سياسية عملية للحزب الشيوعي العمال
...
-
ازمة تشكيل الحكومة في العراق، الصراع السياسي البرجوازي وخنق
...
-
لتنتصرالاعتراضات الشعبية في كوردستان وخارجها ضد اغتيال سردشت
...
-
ِندوة سياسية لمؤيد احمد في بغداد في شكل حوار اجرته معه ينار
...
-
مقابلة جريدة الى الامام مع مؤيد احمد حول اقصاء المرشحين و ال
...
-
انتخابات آذار 2010 سيناريو البدائل البرجوازية الاسلامية والق
...
-
عقوبة الاعدام جريمة ترتكبها السلطات، يجب منع والغاء هذه العق
...
-
القرار الوزاري بنقل فلاح علوان والقادة العماليين الأخرين، اج
...
-
من مهامنا ايضا، افشال مؤامرة النظام الاسلامي في ايران ضد معا
...
-
حول مشاركة ومن ثم مقاطعة الحزب للانتخابات
-
مشاركة الحزب في الانتخابات في العراق وموقفنا من قانون الانتخ
...
-
حوار مع مؤيد احمد عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العمالي ا
...
-
الانتخابات التشريعية في العراق وضرورة مشاركة الحزب فيها
-
موجة الاعتراضات الاخيرة في ايران، الشعبوية وضرورة التغلب على
...
-
الانتخابات في كوردستان العراق و التحولات السياسية الراهنة دا
...
-
نص بحث مؤيد احمد المقدم في الاجتماع الموسع الثاني والعشرين ل
...
-
كلمة مؤيد احمد في اجتماع عام للناشطين الاشتراكيين والعلمانيي
...
-
حوار مع مؤيد احمد حول انتخابات مجالس المحافظات اجرته جريدة ”
...
-
حوار مع مؤيد احمد عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العمالي ا
...
المزيد.....
-
الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
-
متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
-
نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
-
اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا
...
-
الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
-
اشتباكات في جزيرة الوراق.. «لا للتهجير»
-
مؤتمر«أسر الصحفيين المحبوسين» الحبس الاحتياطي عقوبة.. أشرف ع
...
-
رسالة ليلى سويف إلى «أسر الصحفيين المحبوسين» في يومها الـ 51
...
-
العمال يترقبون نتائج جلسة “المفاوضة الجماعية” في وزارة العمل
...
-
أعضاء يساريون في مجلس الشيوخ الأمريكي يفشلون في وقف صفقة بيع
...
المزيد.....
-
مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة
/ عبد الرحمان النوضة
-
الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية
...
/ وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
-
عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ
...
/ محمد الحنفي
-
الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية
/ مصطفى الدروبي
-
جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني
...
/ محمد الخويلدي
-
اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963..........
/ كريم الزكي
-
مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة-
/ حسان خالد شاتيلا
-
التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية
/ فلاح علي
-
الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى
...
/ حسان عاكف
المزيد.....
|