أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - عبدالله خليفة - انتصار للحداثة














المزيد.....

انتصار للحداثة


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 3255 - 2011 / 1 / 23 - 10:04
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


تحاول الأحزاب والمواقع الدينية أن تمدح أحداث تونس من دون أن تعي الواقع بشكل موضوعي، فلو أن هذه الأحداث جرت في بلد منقسم ومنهك بالصراعات الدينية الطائفية كما هي الحال في الكثير من البلدان العربية والإسلامية لما انتهت هذه الأحداث بسلام وخير وبقفزة تاريخية.

الثورة هي إعصار اجتماعي مدمر، وحدوثه هي عملية خطرة جداً وصعبة.
لكن مرور الاعصار بهذه السرعة والقوة من دون أن يترك آثاراً مدمرة كاسحة هو أمر مليء بالدلالات المختلفة، فعلى الرغم من الخسائر البشرية الجسيمة بمقاييس السكان، وعمليات النهب والتخريب التي جرت من عصابات موالية للنظام السابق، ومن الغوغاء، فإن زوالها بمثل هذه السرعة يعتبر شيئاً تاريخياً.

لننظر كيف تتم الأحداث في بعض البلدان العربية والإسلامية التي عاثت فيها هذه الجماعاتُ تمزيقاً لعرى العرب والمسلمين، ولا تكفي مئات القتلى والكثير من الشهداء من المثقفين الكبار وتعطيل مؤسسات الدول عن إنجاز معاملات المواطنين اليومية وتعطيل البرلمانات ونشر السيارات المفخخة، أن تحرك ساكناً في هذه الشعوب بل حتى أن الحروب الأهلية الطاحنة عجزت عن أن توحدهم وتجعل منهم شعوبا مواطنين لا شعوب طوائف!

ولهذا فإن الدولة التونسية التي هوجمت على أساس معاداتها للإسلام، وذوبانها في الغرب، وما إلى ذلك من أفكار خاطئة، بينت حداثتها العلمانية أن نضالات السابقين التنويريين والتقدميين لم تذهب هباء، وأن الشعب موحد، ووحدته العظيمة هي التي أتاحت له أن يكون قادراً على الحركة التاريخية، ولم تغير حداثته وعلمانيته إيمانه بالإسلام.

على الرغم من هيمنة الرئيس السابق فلم يعن ذلك فساد الدولة الكلي، ولا أن العديد من الموظفين الكبار لم يحافظوا على نظافتهم السياسية. ويكفي أن رئيس الوزراء في عهد الرئيس السابق هو الذي يتولى تجميع القوى السياسية لتشكيل جبهة وطنية لتقود الانتخابات والمؤسسات فيما بعد.

لم تحطم الدولة وأجهزتها، وبطبيعة الحال كانت هناك قوى فوضوية وشعبية حادة، وهذه ظهرت نتيجة دخول الكثير من العامة في الأحداث، وتعبيرهم عن غضبهم ومشكلاتهم وقفزهم لاستثمار الأحداث لمصلحتهم.

لكن تاريخاً من الحداثة والمؤسسات ووحدة الشعب الفكرية السياسية، باعتبارهم مواطنين، ينتمون إلى أحزاب وليس إلى مذاهب وقوميات متصارعة، جعل المناطق كافة لا تحول خروجها للشارع خروجاً عن الوطن، ولنصرة الطائفة وتمزيقاً للخريطة الوطنية.
لقد حاول بعض الأصوات الدينية جر التونسيين إلى سيناريوهات الطوائف وخرابها ولكنها باءت هذه الأصوات بفشل ذريع، رغم كافة الإمكانيات الكبيرة التي سربت خلال العاصفة.

كما أن مدنيةَ النظام وعدم عسكريته كانت عاملاً آخر لهذا الانفضاض السريع المفيد العظيم، فالجيش رفض التدخل وضرب الجمهور، وحافظ على حياده السياسي التاريخي، ولم يطلق طلقة واحدة ضد جمهور الثائرين، ولكنه تدخل في التسوية السياسية وأيدها وفرض النظام لها، وطارد اللصوص والمخربين.

عدم عسكرية النظام هي من الجوانب التي كرسها النظام التونسي الديمقراطي العلماني خلال عقود طويلة، فبنى حياة سياسية مدنية تحديثية، شابها العديد من الأخطاء والنواقص لكنها كانت نموذجية للمحيط العربي خاصة.

ومن هنا كانت تجربة الانتفاضة ثرة بقوتها وبعقلانيتها، وبعدم إيغالها في الخراب، وفي التمزيق السياسي، وعادت الملايين للبيوت والأعمال وكأن شيئاً لم يكن، لكن تكون شيء عظيم، وتأصيل شديد للقانون ولعدم الخروج عليه من قبل السلطات والجمهور، ولتأسيس حلقة أخرى من حلقات تطور الديمقراطية، فهي لا تتوقف عن التطور، وفي كل حقبة تنشأ تحولات جديدة وإنجازات وتظهر أخطاء مختلفة كذلك، والأفضل دائماً أن تحل هذه الأخطاء عبر المؤسسات القادرة على الإصلاح حقاً.

ولهذا فإن ظهور هذه المستويات المهمة في بعض دول شمال افريقيا العربية هي من مقاربة الحداثة، ومن صعود المصلحين والقادة الكبار في هذه المقاربة من دون الخروج عن البنى العربية الإسلامية.

وينبغي لقوى المشرق السياسي الغارقة في ماضيها المحافظ المفتت للصفوف أن تعي هي هذا الدرس قبل غيرها.



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تونس الجميلة
- الرأسمالياتُ الحكومية العربية في طور الأزمة
- مذاهب تتباين وتتكامل
- لكل بلدٍ خرابه الخاص
- الخروجُ الأيديولوجي من الطوائف
- حيرة عمالية
- حين يأكل النقدُ الجيوبَ
- البذخ الشرقي
- علمانية لتطورِ الدين
- ويكيليكس: حرية الإعلام
- إيران بين الحصارِ والتراث
- مقاربةُ الغربِ للشرق
- بطل ويكيليكس
- قيادة الرأسمالية الحكومية
- الدعمُ وأبعادهُ السياسية
- مستقلون عن ماذا؟
- العروبة والعقلانية
- المقاومة الناقصة
- رؤيتان للدين
- الحداثة القومية والديمقراطية


المزيد.....




- الجمهوريون يحذرون.. جلسات استماع مات غيتز قد تكون أسوأ من -ج ...
- روسيا تطلق أول صاروخ باليستي عابر للقارات على أوكرانيا منذ ب ...
- للمرة السابعة في عام.. ثوران بركان في شبه جزيرة ريكيانيس بآي ...
- ميقاتي: مصرّون رغم الظروف على إحياء ذكرى الاستقلال
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 150 عسكريا أوكرانيا في كورسك ...
- السيسي يوجه رسالة من مقر القيادة الاستراتجية للجيش
- موسكو تعلن انتهاء موسم الملاحة النهرية لهذا العام
- هنغاريا تنشر نظام دفاع جوي على الحدود مع أوكرانيا بعد قرار ب ...
- سوريا .. علماء الآثار يكتشفون أقدم أبجدية في مقبرة قديمة (صو ...
- إسرائيل.. إصدار لائحة اتهام ضد المتحدث باسم مكتب نتنياهو بتس ...


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - عبدالله خليفة - انتصار للحداثة