|
افتعال الازمات لا يصب في حل اية قضية
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 3254 - 2011 / 1 / 22 - 14:42
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
هناك من العادات و التقاليد و الافكار والسمات الموروثة السائدة في مجتمعاتنا، سوى كانت خاطئة منذ انتبثاقها و هي لا تستند على اسس علمية كي تبرهن على صحتها، او برزت اثر حادث او بصدفة او نتيجة فعل او صراع ما و ترسخت في الواقع و فرضت نفسها كما هو الحال للعديد من الظواهر و القضايا التاريخية التي امتدت و وصلت الينا، و منها اصبحت مواضيع حساسة لا يمكن المس بها بشكل مباشر ، و دخلت في خانة المقدسات، و حتى الاكتشافات الجديدة عبر التاريخ و التطورات التي جلبتها اثبتت عدم صحتها، و هي مازالت سارية المفعول في منطقة دون اخرى او في مجتمع و اخر. و هكذا بالنسبة الى الفكر و التامل و التعمق في ما وراء الطبيعة و مساحة المثاليات و ما تتعارض منها مع النظريات العلمية و المثبتتات و المصدق عليها مختبريا و بشكل ملموس، فان من يتطرق اليها و ان كان على الحق يفترض ان يحسب لما هو سائد على الارض و يجب ان تُقرا الاحتمالات في النظرة العامة اليه و مدى تقبله، او انه من الممكن ان تُلقى اعتراضا و تُحدث الفوضى او تُرفض اصلا جملا و تفصيلا اذا تعارض مع المصالح الخاصة للمتنفذين في اي زمان و مكان كانت. من لم يتذكر ما تعرض له كل من غاليلو و انيشتاين و دارون و كوبرنيكوس و غيرهم من الفلاسفة الماديين لانتقادات و ضغوطات شتى و اثرت على حياتهم الخاصة و اجبرت بعضهم على نكران لما توصلوا اليه و من ثم تحقق صحة ما انجزوه بعد حين للقاصي و الداني. اي يجب ان يقرا الواقع الثقافي و الاجتماعي و الوعي العام و نظرة المجتمع الى القضايا و المواضيع قبل طرح ما يتوصل اليه اي مفكر او عالم او باحث، كي لا ينقلب عكسا على الجميع و على القضية و يضر اكثر من ان يفيد في حينه، و لكن الحقيقة ستظهر دائما ولو بعد حين مهما اخفيت اجبارا بفعل عوامل اخرى و ستزول الافكار و الاعتقادات الواهية المصطنعة دون مساند علمية حقيقية مهما قاومت ان لم يكن ما يبقيها حيا متفاعلا مع الحياة. جل ما اعنيه هنا هو كيفية تعامل العالم و المثقف مع ما يعتقده و كيف يطرح ما يتوصل اليه دون احداث ضجات و ازمات تخلط عليه الحابل بالنابل و تشوه القضية من اساسها و تبعد عنه احتمالات النجاح في تجسيد ما توصل اليه على ارض الواقع احيانا لابعد الحدود و تخلط الامر على المجتمع بشكل عام. يمكن التحدث عن القضايا الحساسة العامة بشكل غير مباشر و به يمكن ان نصل الى النتيجة و الاهداف المبتغاة و تحقيق المراد اكثر من طرح الموضوع بشكل مباشر، و به يمكن ان تحدث ما يتدخل و تبرز و تكبر المعضلات و تسد علينا الطريق من بداياتها. العلم و الثقافة مرتبطان بشكل وثيق و الحقيقة تبرز من نتائج البحوث و التعمق في ما هو يستحق البحث بحيث يمكن ان يخص العام او من يختص فيه قبل المصالح الخاصة. من لم يتطلع الى تاريخ الانسان و الاديان و التفكير البدائي و ما توالت من الافكار و البحوث العلمية و التوجهات العقلانية و من لم يتذكر ما كان سائدا بالامس و كان خطئا قاطبة فاُعيد تصحيحه بمرور الزمن و بظهور الحقائق او ازيل بفعل ظهور الحقائق الطبيعية ، لذا لا يمكن اجراء اللازم و طرح الافكار و الاكتشافات الجديدة سوى كان صحيحا بالمطلق من الناحية العلمية البحتة او الثقافية العامة او الفكرية و العقيدية بشكل سلس و سهل،ان لم تُتخذ الخطوات للنجاح من دون المساس بما هو داخل الاطار العام للثقافة العامة و مساحة العقلية العامة لحين توضيح الامور من كافة الجوانب و بعد قراءة احتمالات ردود الفعل . ما اريد قوله هنا حول ما هو سائد في منطقتنا بالذات، و هو ما يخص العقيدة العامة و الدين و السلوك و التصرفات و العادات و التقاليد و ما يهم المجتمع بشكل عام و الفرد و حريته بشكل خاص، و ينطلق اي شخص سوى كان لهدف نبيل او لغرض ذاتي و مصلحة ما و يتكلم بشان المواضيع الحساسة، و هو يحمل معلومات متواضعة لا يقدر على تحمل ما يعترضه و ليس لديه اية ركيزة علمية لمقاومة الاعتراضات، و هو غير ملم بما هو السائد، او متقصدا اصلا في افتعال الازمات من اجل الشهرة او المال و به يخلط الامور و يحدث الملل و الفوضى و تداخل الخطوات العلمية التي من الواجب اتخاذها في مثل هذه الشؤون . العقلانية في التفكير و طرح البحوث و النتائج العلمية دون التعرض لاي مقدس او رمز متوارث الاهمية و بشكل قح، سيحتل مكانة و اهمية و مساحة كبيرة و يفيد عملية التطور و التغيير الطبيعي لمسيرة الحياة، ان استنتج و طرح بشكل صحيح و اصولي و بما يتوافق مع الثقافة العامة . ان كانت هناك اعتقادات اصبحت عائقا امام العمل الدقيق في الشؤون العلمية و لازالت الاكثرية متمسكة بها، فيحتاج لجهد و طرق و خطط واضحة و علمية للتخفيف من حدتها اولا و من ثم ازالتها بالتدريج ثانيا، و كل عمل متشدد و مضاد لما هو سائد سيفتعل رد فعل اقوى مهما كان صحيحا و ان لم يكن الملم حاسبا لجميع الجوانب بالخصوص. نسمع هذه الايام هنا و هناك و يخرج الينا من يطرح ما يتعارض مع الاخلاق و السمات العامة للجميع على انه المكتشف الجديد، و يريد ان يحل ما يدعيه بديلا عما هو سائد بين ليلة و ضحاها، و به يحدث ضجة لا اول لها و لا اخر، و بالاخص هناك اليوم من المتربصين( يجعلون من الحبة قبة) كما يقال، و المفروض ان يتعاون جميع المثقفين على تقليل تاثيراتهؤلاء المتربصين و سحب البساط من تحت ارجلهم علميا، لذا يمكن المهتمين بالبحوث المعرفية و الحوارات العلمية فتح الطريق امام الحلول الكامنة وراء الارادات و الجهود، و يجب ان لا يكونوا ملتزمين بالايديولوجيات و افكار سياسية معينة تصبح لدى المعارضين حجة لردهم، و المثقف الحقيقي يطرح قضايا و امور موضوعية و علمية عامة و لا يفتعل ازمات و ضجات من اجل مصالح خاصة باسم الثقافة و العلم و المعرفة. لذا الانعكاف على اكتشاف الجديد الرافض للقديم الخطا من واجب المثقف و العالم و المفكر و السياسي، و يتم ذلك بالعمل و الارادة و الاصرار و العقلانية في التفكير و الخطوات و الطروحات ، و بشروط عديدة من اجل نجاحه و من ضمنها حسابات دقيقة للوعي العام و نسبته و الثقافة و الراي العام و نسبة تقبل المجتمع له، من اجل النجاح، و خاصة في القضايا الفكرية الفلسفية العامة.
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كيفية تجاوز اشكاليات الديموقراطية في منطقتنا
-
العراق يئن بسبب التشدد و التعصب و ليس تحت ضغط الفدرالية
-
دروس و عبر انتفاضة تونس الخضراء
-
الثروة و دورها في عرقلة اقرار حق تقرير المصير او ترسيخه
-
ترسيخ ثقافة المواطنة في منطقتنا و المعضلات امامها
-
تزامن الاستفتاء لجنوب السودان مع قصف تركيا لكوردستان
-
ايهما الاَولى السلام ام العدالة
-
الحرية بين مدقة السلطة و سندان خطباء الجوامع في كوردستان
-
الازدواجية المقيتة في تعامل امريكا مع القضايا العالمية
-
هل تكميم الصحافة لمصلحة العملية السياسية في كوردستان
-
الاولويات اليسارية في ظل سيطرة الايديولوجية الراسمالية على ا
...
-
الديموقراطية و ضمان تكافؤ الفرص امام الجميع
-
ماوراء عدم اسناد منصب سيادي للمراة في العراق
-
هل يمكن تطبيق الديموقراطية الحقيقية دون اية انتخابات عامة ؟
-
هل المجتمع العراقي يتحفظ عن التجديد حقا؟
-
يجب ان لا يخضع حق تقرير المصير للمزايدات الحزبية
-
الديموقراطية في كوردستان بين ثقافة المجتمع و دور النخبة
-
الفضائية كخطوة اولى لترتيب بيت اليساريين بكافة مشاربهم
-
هل يضطر المالكي لتشكيل حكومة الاغلبية
-
الكورد بين مصالحة التاريخ و مخاصمته
المزيد.....
-
الملكة رانيا والشيخة موزة وإمام الأزهر يشاركون بقمة حول الطف
...
-
البندورة الحمرة.. أضبط تردد قناة طيور الجنة بيبي على نايل سا
...
-
هنري علاق.. يهودي فرنسي دافع عن الجزائر وعُذّب من أجلها
-
قطر: تم الاتفاق على إطلاق سراح أربيل يهود قبل الجمعة
-
الفاتيكان يحذر من -ظل الشر-
-
عاجل | مصادر للجزيرة: الشرطة الإسرائيلية تعتقل الشيخ رائد صل
...
-
الفاتيكان يدعو لمراقبة الذكاء الاصطناعي ويحذر من -ظلاله الشر
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون الأقصى ودعوات لتكثيف الرباط بالمسجد
...
-
قائد الثورة الاسلامية: لنتحلّ باليقظة من نواجه ومع من نتعامل
...
-
قائد الثورة الاسلامية: العالم يشهد اليوم المراحل الثلاثة للا
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|