ليث الحمداني
(Laith AL Hamdani)
الحوار المتمدن-العدد: 973 - 2004 / 10 / 1 - 05:53
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
تبدو عبارات من قبيل ( على الجماهير ان تنظم الى الحزب الفلاني.....على الجماهير ان تفعل كذا..الخ ) متخلفة تماما عن القاموس السياسي المعاصر ونموذجا للخطاب الذي يتعامل مع الجماهير وكأنها قطيع من الاغنام ، تقاد الى حيث يشاء الراعي ( الذي هو الحزب هنا ) هذه العبارات التي قرأتها في مقال نشر مؤخرا اعادتني بالذاكرة الى السبعينات يوم حضر الراحل عامر عبدالله وكان وزيرا يمثل الحزب الشيوعي في الجبهة الوطنية الى الندوة ( المسرحية ) التي نظمت لمعالجة انخفاض الانتاجية والتي اطلق فيها صدام حسين وكان نائبا يومها سلسلة شعارات مضحكة يذكرها من عاش تلك المرحلة ، ليقدم مداخلة قمنا بنشرها كاملة يومها في ( طريق الشعب ) العلنية اليومية ، وقبل ان نتطرق الى ماجاء في تلك المداخلة نذكر صباح ذلك اليوم شهدت الندوة حوارا بين احد رؤساء الموسسات الصناعية و ( السيد النائب ) طلب النائب من الراحل ناجي حداوي السعيدي احد اكفأ العاملين في القطاع الصناعي وكان رئيسا للمؤسسة العامة للغزل والنسيج ان يحدد له اسباب انخفاض الانتاجية فاجابه السعيدي بجرأة وصراحة ان الادارات التي تعينها الدولة غير كفوءة وقال :
ان أي عمل يحتاج الى خبرة وممارسة فكيف يعين المعلم مديرا عاما وهو لايعرف شيئا عن الادارة الصناعية ؟ واقتيد الرجل الى المعتقل ليخرج منه مريضا محطما بتقاعد لايسد حاجته ، نعود لمداخلة الوزير الراحل الذي تسلم الميكرفون واطلق العنان لاسلوبه الممتع وشرح للحاضرين كيف دفعت الدولة السوفيتية الشباب لمشروع احياء الارض البكر واختتم بلهجته البغدادية قائلا : (جمعوا الشباب ركبوهم بالقطار ورددوا النشيد الاممي وتوجهوا للارض وانجزوا المهمة بعدة شهور ) كان بجانبي الصديق منعم حسن او ( منعم العظيم ) كما كان معروفا من مثقفي الستينات فهمس لي قائلا : ( اكول ليث شنو هذولة الشباب غنم ..خو مو غنم ) بعد كل تلك السنوات والسقوط المريع للتجربة السوفيتية نجد من يخاطب الجماهير بلغة ( على ) الامرية في العمل السياسي و التي تثير السخرية .
ان الانتماء لاي حزب او حركة لايمكن ان يتم عبر نداآت تصدر بمثل هذه اللغة وانما بحجم الاداء المقنع الذي يقدمه الحزب للناس ، لم تعد الجماهير تنخدع بالشعارات او الهتافات او المسيرات ، اصبح الناس يبحثون عمن يطرح حلولا لمشاكلهم ومن يجد وسيلة لحصولهم على احتاياجاتهم الاساسية ، واذا كانت بعض القوى السياسية تقوم بدغدغة المشاعر القومية او الدينية او الطائفية لتحقيق الكسب السياسي والتي غالبا ماينجر وراء شعاراتها ضحايا الفقر والجهل والتخلف فان هذا الكسب عمره قصير وسينفض هؤلاء حين يكتشفون انهم خدعوا بالشعارات وبقادة مترفين استغلوا فقرهم وحاجتهم واستثمروهم في مشاريع تجارية ذات واجهة سياسية باسم الدين او القومية او التقدمية .
اتمنى ان تتخلى الحركات السياسية عن خطاب الوصاية على الجماهير فلم تعد الجماهير ( خرافا ) تقاد بالاناشيد والشعارات
ليث الحمداني
#ليث_الحمداني (هاشتاغ)
Laith_AL_Hamdani#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟