أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد لفته محل - انثروبولوجيا دينية















المزيد.....

انثروبولوجيا دينية


محمد لفته محل

الحوار المتمدن-العدد: 3253 - 2011 / 1 / 21 - 00:38
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


موجز الدراسات المنهجية للظاهرة الدينية
كان البعد القدسي والميتافيزيقي الحائل الأساسي دون إخضاع الظاهرة الدينية للدراسة المنهجية والملاحظة العلمية رغم وجود بعض الذين درسوا الظاهرة الدينية كموضوع للبحث لكنهم كانوا يمارسون الإسقاط الثقافي على الموضوع واعتقاد البعض الآخر إن فكرة الإله هي الحجر الأساسي في تركيبة كل دين فكان من شأنه إقصاء الديانات البدائية التي تتوجه إلى قوى غير مشخصة وديانات كانت ولا زالت دون آلهة كالبوذية والكونفشيوسية والطاوية،لكن مع مجيء القرن التاسع عشر وتطور العلوم وتخصصها ومن النصف الثاني من القرن ذاته وبداية القرن العشرين شرع الباحثون من الانثروبولوجيا وعلم الاجتماع في تحليل الظاهرة الدينية وتعريفها،فالاتجاه العقلاني الذي ينتهج مناصريه المنهج التطوري والمتمثل بالنظرية الارواحية بقيادة الانتروبولوجي البريطاني(ادوارد تايلور)الذي يرى إن الحد الأدنى لكل اعتقاد ديني هو الإيمان بالأرواح وعبادتها نتيجة التأمل في ظاهرتي الأحلام والموت،ويتمثل الاتجاه العقلاني أيضا بالنظرية الطبيعية التي ابرز مُنظريها(ماكس موللر)مؤرخ الأديان الألماني الذي يزعم إن الدين نشأ من مشاعر الدهشة والخوف في التأمل بمظاهر الطبيعة،فانعكست هذه المشاعر في اللغة من خلال تسمية هذه الظواهر بأفعال إنسانية وبمرور الوقت التبست هذه المجازات وكأنها كائنات مشخصة فظهرت الإلهة والأساطير،بيد أن عالم الاجتماع الفرنسي(أميل دوركهايم)صاحب النظرية الطوطمية التي يعتبرها أقدم ديانة يعترض على أطروحات الاتجاه العقلاني بالمنهج المقارن موضحا بأن البوذية ديانة ليس لها علاقة بالأرواح معتقدا بأن الشرط الأساسي لكل اعتقاد ديني هو تقسيم الأشياء إلى مقدس ودنيوي وإن أصل الظاهرة الدينية هو المجتمع بما له من تأثير أبوي سلطوي قوي على الفرد بمنحه الانتماء والأمان والتعاون جعله يشعر بقوة الجماعة وقداستها فالالوهة ليست سوى رمزا خارجيا لقوة المجتمع وإن المجتمع لا يعبد إلا نفسه،لكن أتباع النظرية التأليهية(اندرو لانغ)المفكر الاسكتلندي و(وليم شميدت)الانثروبولوجي يرفضون المنهج التطوري بالمنهج التاريخي والدوائر الحضارية ويرفضون الطوطمية كديانة مصنفيها على إنها نظام اجتماعي مؤكدين إن فكرة الإله موجودة لدى أكثر الشعوب بدائية وهم أقزام أفريقيا وقبائل جنوب شرقي استراليا عن طريق الفطرة والوحي لكن الخيال وتبدل أشكال الحياة هو الذي خلق الأساطير والخرافات إلا أن أنصار الاتجاه العاطفي ينفون كليا تدخل العقل في التجربة الدينية ويعتقدون إن العواطف وخصوصا عاطفتي الخوف من الموت والطمع في الخلود هي الباعث الرئيسي وراء الظاهرة الدينية(1) وهكذا تكونت تعريفات ونظريات مختلفة للظاهرة الدينية.
إن هذا الاختلاف في تحليل الظاهرة الدينية قد نشأ بالأساس من افتراض الانثروبولوجيون إن الجماعات البدائية المعاصرة هي جماعات مطابقة أو منسوخة لأقوام العصور الحجرية لهذا راحوا يعكسون على ثقافات العصر الحجري كل ما يجدونه في هذه القبائل البدائية المعاصرة بيد أن الباحثين قد اختلفوا أيضا في تحديد أي الأقوام أكثر بدائية من غيرها،إذ يعتقد البعض من العلماء إن قبيلة (الاورنتا)في استراليا هي القبيلة الأقدم بدائية من غيرها،بينما يرى علماء آخرون إن أقزام أفريقيا واسيا هم الأقوام الأعرق بدائية،وقال البعض الآخر إن قبائل(البوشمن)في أفريقيا قبل أن تتأثر بالحضارة الحديثة كانت اقرب إلى الحياة التي عاشها إنسان العصر الحجري الجديد(2) وهذا كان سبب اختلاف النظريات والتعريفات. إن هذا الافتراض كما أكد المفكر السوري في المثيولوجيا وتاريخ الأديان(فراس السواح)في كتابه(دين الإنسان)من إن الجماعات البدائية المعاصرة هي ثقافات استاتيكية بلا تاريخ هو افتراض خاطئ، فهذه الثقافات لابد أنها مرت بتغيرات في اللغة والدين والعادات وتبادلت التأثير مع ثقافات أخرى،إذ تمتاز ديانات هذه الأقوام بتعقيد شديد يصل أحيانا بما لدى المجتمعات الحديثة أو يفوقها،فيما يمكن أن نجد في بعض هذه الديانات مؤثرات شرق أوسطية(3)،لهذا فإن الدراسة الموضوعية يجب أن تتوجه إلى الحفريات التي تخص العصور الحجرية لا أن تقارن مع الجماعات الحالية خصوصا مع ارتفاع معدل الاكتشافات الأثرية لتلك العصور بسبب التطور العلمي والتكنولوجي،فقد بينت الاكتشافات إن إنسان العصور الحجرية كان يمارس نوعا من عبادة الأموات تتضمن الإيمان بعالم موازي وثنائية الروح والجسد إذ كان إنسان تلك العصور يدفن موتاه وفق تقاليد معينة فقد كانت الأجساد تطوى في قبور انفرادية،وكان هناك عناية خاصة بالرأس مثل حمايته بأحجار كبيرة أو يفترش أصداف وقواقع مع تقديم قربان حيواني عند الدفن وهدايا جنائزية(4) كذلك كانت الكهوف الجو النفسي الملائم للعبادة والممارسات السحرية،وأثبتت المعلومات إن عبادة الإسلاف لم تنشأ عند فجر الدين كما تدعي النظرية الارواحية بل بعد مائة أو مائتي ألف عام من ظهور الدين(5) وإنها تمثل المرحلة الوسيطة التي أدت إلى بزوغ معتقد الآلهة،وأثبتت المعلومات أيضا إن عبادة مظاهر الطبيعة لم تعبد إلا في فترة متأخرة(6) وإن من المحتمل أن تكون الطوطمية هي الشكل الأول للدين في العصر الحجري الحديث(7) غير أن مما يؤسف له إن ازدياد الاكتشافات الأثرية رافقه خفوت الانثروبولوجيا النظرية؟ إذ تحول العلماء الدراسات الميدانية ذات الطابع التفصيلي وغلب البحث في المظاهر المادية دون الاهتمام بالوسط الفكري لتلك الجماعات(8) حتى نفى البعض حاجة الانثروبولوجيا الدينية إلى النظريات،وتحول علم الاجتماع الديني إلى علم اجتماع الأديان بافتراض إن لكل ديانة عالمها وخصوصيتها وإن على الباحث التخصص في اكتشاف عالم ديني معين،ولم يعد الحديث عن ظاهرة دينية بل ظواهر دينية مختلفة ومتباينة فامتنع كثير من الباحثين من إبداء تعريف جوهري وصريح للدين؟ لكن بقيت بعض المحاولات المتفرقة تعدل وتطور النظريات الكلاسيكية وتحاول تحديثها.
حتى لو اطلعنا على علم النفس في تحليل الظاهرة الدينية سنجد هناك تباين كبير بين الباحثين فمدرسة التحليل النفسي يختلف أتباعها في تحليلهم للدين ف(سيغموند فرويد)يعتقد أن الدين ظاهرة عصابية تعكس رغبة نكوصية طفولية في الحاجة الأب لأن الله هو أب مصعّد،أما(كارل يونغ)فيفسر الدين على إنه غريزة تسعى نحو الكلية والوحدة وإن تجاوز هذه الغريزة يؤدي إلى العصاب،في حين فسر(أريك فروم)الدين على إنه يجسد حاجة أساسية في الإنسان إلى مذهب مشترك للتوجيه وإلى موضوع للعبادة(9)
برغم إن هناك ديانات متشابهة وبعضها متقاربة إلا أن هناك ديانات من التباين والتنوع والتشعب ما يجعل من الصعب إيجاد تعريف ونظرية شاملة للدين،ويرى (فراس السواح)إن هذه النظريات تفسر مراحل لاحقة من الدين وليس أصل الدين،أو هي بتصوري تفسر أنماط مختلفة من الدين على اعتبار إن الظاهرة الدينية متعددة الأنماط. لهذا لا يمكن الحديث إلا عن تعريفات تقريبية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ انظر كتاب علي سامي النشار،نشأت الدين،النظريات التطورية والمؤلهة،دار النشر الثقافة بالإسكندرية،1949 ،وكتاب فراس السواح،دين الإنسان،منشورات علاء الدين،دمشق 1998 .
2ـ العقيد الركن طه الهاشمي،تاريخ الأديان وفلسفتها،منشورات دار مكتبة الحياة،بيروت 1963 ،ص 184
3ـ فراس السواح،دين الإنسان،ص 118
4ـ نفس المصدر ص 127،128،129
5ـ نفس المصدر ص 218
6ـ علي سامي النشار،نشأة الدين،ص 89
7ـ العقيد الركن طه الهاشمي،تاريخ الأديان وفلسفتها،ص158
8ـ فراس السواح،دين الإنسان،ص119
9ـ أريك فروم،التحليل النفسي والدين،ترجمة فؤاد كامل،القاهرة،مكتبة غريب،1977 ،ص25 .



#محمد_لفته_محل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد لفته محل - انثروبولوجيا دينية