|
بمناسبة انعقاد الدورة الثامنة للاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب. هل تلتحم القيادة النقابية بهموم العمال؟؟
جهاد عقل
(Jhad Akel)
الحوار المتمدن-العدد: 973 - 2004 / 10 / 1 - 13:30
المحور:
الحركة العمالية والنقابية
عقد الاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب الدورة العاديّة الثامنة للمجلس المركزي للاتحاد أيام 04-09-30/29 ، في معهد الدراسات العمالية بدمشق . وذلك اعدادا للمؤتمر الحادي عشر للاتحاد ، الذي سيعقد أوآخر هذا العام .
يظهر من جدول أعمال جلسة المجلس ، أن قيادة الاتحاد تحاول طرح قضايا تتعلق بتوجهات الاتحاد المستقبلية ،واذا كانت هذه التوجهات تستجيب للواقع النقابي والعمالي الراهن ، الذي تمر به الحركة النقابية العربية ، في ظل المتغّيرات الجارية في عالم العمل والعمال في المنطقة والعالم ، وفي ظل ما تمر به المنطقة، من متغيرات تفرضها قوى خارجية عليها جراء التدخل السافر في شؤون الحكومات من جهة، وما يتعرض له الشعبين العراقي والفلسطيني من عدوان من جهة ثانية ، وتأثير ذلك على ظروف العمال والحركة النقابية في البلدين . السؤال الآخر والذي لا يقل أهمية هو ، هل ستنطلق الحركة النقابية الى خوض نضالات عمالية ترتبط عضويا بمصالح العمال والطبقة العاملة في مكان العمل .؟؟ أم ان بعضا منها سيواصل سياسة النشاط النقابي في ظل هذه الحكومة أو تلك، بشرط يتجانس هذا النشاط مع سياستها ، أو تفرض عليه املاءآت حكومية – مثلما جرى مع اتحاد عمال الاردن مؤخرا حيث هددت الحكومة بالغاء نتائج الانتخابات التي تمت في المؤتمر العام للاتحاد – وبذلك تفقد الحركة النقابية حرية اتخاذ القرار الذي يعبّر عن المصالح الحقيقية للعمال .
الامين العام للاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب ، النقابي حسن جمّام لم يتجاهل هذا الواقع الاليم وقال في سياق كلمته الافتتاحية التي القاها امام اعضاء المجلس :" هذه الدورة تشكل محطة جديدة في تاريخ الحركة النقابية العربية وفرصة مناسبة لمراجعة وتقييم واقع الحركة النقابية ودراسة سبل تفعيل دورها والتباحث في المتغيرات المختلفة والتي تعكس نفسها على عالم العمل والعمال ." وقال :" الحركة النقابية مطالبة وبالحاح بصوغ استراتيجية جديدة ، تستطيع من خلالها الاجابة عن التساؤلات والتحديات التي يطرحها الواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي الجديد الناجم عن التطورات العلمية والتكنولوجية وعن مسارات العولمة والخصخصة ." – صحيفة البعث 04-09-30 -.
من جهته قال سيد راشد رئيس المجلس المركزي للاتحاد ورئيس اتحاد عمال مصر في كلمة الافتتاح :" ان هذه الدورة تكتسب أهمية خاصة بالنظر لما لها من طابع تنظيمي متميز ، باعتبارها تنعقد من أجل الترتيب بوجه خاص لأعمال الدورة القادمة ال- 11 – للمؤتمر العام للاتحاد ." وقد شدّد على هذا الموقف المتميز الذي يواجه العمال العرب وحركتهم النقابية ممثل منظمة العمل العربية محمد الطرابلسي وزميله وليد حمدان ممثل منظمة العمل الدولية الذي قال في كلمته التي القاها أمام المشاركين في الدورة :" التحديات التي تفرض نفسها على الواقع العمالي كبيرة ومتعددة ، مما يتطلب وقفة .. من أجل رسم سياسات عمالية وعملية للتعامل مع هذه المتغيرات والاحداث ، سيما وان المؤتمر الحادي عشر على الابواب والعمال مدعوون للمضي بشكل قوي في صياغة قرارهم المستقل وحماية حقوق ومكتسبات العمال ."
جميع التصريحات التي أتت ضمن الجلسة الافتتاحية للمؤتمر ، تؤكد على أن التحديات التي تنتظر الحركة النقابية العربية للفترة الراهنة والقادمة ، هي تحديات كبيرة ، تحتاج الى وضع استراتيجية عمل لتستطيع من خلالها الاجابة على هذه التحديات ، خاصة وأن العالم العربي يتعرض الى هجوم عولمي اقتصادي وسياسي وحتى عسكري ، يهدف الى توسيع سيطرة القوى العولمية على موارده وضمن ذلك تقام "مناطق تجارة حرّة" و "مناطق عمل حرّة " وتجري عمليات خصخصة لممتلكات الشعوب العربية لصالح قوى رأسمالية عولمية تؤدي الى فرض هيمنه عالمية على اقتصاد المنطقه ومواردها الطبيعية والبشرية . وبذلك تجري عملية تنفيذ لمشروع " الشرق الاوسط الكبير " الذي وضعته الولايات المتحدة الامريكية ، التي تسخّر هذا "العنوان الكبير" لهدف واحد ووحيد ، الا وهو فرض هيمنتها على شعوب المنطقة خدمة لمصالحها السياسية والاقتصادية وحماية لمصالح حلفاءها ايضا ، وبذلك تعيد فرض السياسة الكولونيالية – الاستعمارية تحت شعارات ومشاريع مختلفة تؤدي الى فرض هيمنتها على حكومات وشعوب المنطقة . مصالح عمال المنطقة ستكون الضحية الاولى التي تقدمها الحكومات العاجزة قربانا وخدمة للمصالح الاستعمارية ، ونلمس ذلك من خلال كبت حريات الحركة العمالية والنقابية واهمال حقوق العمال ومصالحهم ، خدمة لسياسات الخصخصة واقامة "مناطق التجارة الحرة " و " مناطق الصناعة الحرة " التي تعني وفي المحصلة أمرا واحدا ووحيدا ، الا وهو عدم سريان اتفاقيات العمل ، وقوانين العمل وانظمة الوقاية والامان، ومنع حرية التنظيم النقابي التي تضمنها قوانين وانظمة تلك الدول لتصبح هذه " المناطق" جزر للاستغلال والبطش بالعمال وحقوقهم ، بل تسمح للشركات واصحاب العمل فرض شروط عمل – شروط استغلال فاحش ، بل استعباد ، لتتحول هذه المناطق ، التي يلهث معظم واضعي السياسة في العالم العربي وراء كل من يعرضها عليهم ، بادعاء انها وسيلة لايجاد فرص عمل للعاطلين عن العمل – الجياع ، الذين تعجز هذه الحكومات عن توفير فرص العمل لهم . وبذلك تتحول هذه المناطق الحرة الى " مناطق عبودية حرّة " ، يتمتع فيها اصحاب الشركات وشركائهم العرب في حرية استعباد الانسان العامل فقط لا غير ...من يريد الاطلاع على جزء من هذه الحقائق بامكانه محاولة القيام بزيارة لاحدى هذه المناطق والاطلاع عن قرب على المأساة ...هذا اذا استطاع الدخول اليها ، لانها تقع تحت حراسة مشدّدة جدا والدخول مسموح فقط بتصريح ، مع الاعلان المسبق عن هدف الزيارة ، والتوقيع على تعهد يضمن عدم الكشف عمّا يشاهده الزائر هناك وعدم الحديث مع أي عامل سوى الاسم الذي يحدد مسبقا .!!
على ضوء هذا الوضع المأساوي تنتظر الاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب مهام كبيرة وتحديات أكبر، بالاضافة الى قضايا البطالة والضمان الاجتماعي والحقوق اليومية للعمال والدفاع عن حرية النشاط النقابي الى غير ذلك من ضمان اتفاقيات العمل الجماعية وحق المرأة بالعمل ومنع انتشار عمالة الاطفال، هذه التحديات تتركز في القيام بمواجهة هذه " المشاريع الكبيرة " التي تهدف الى استغلال واستعباد العمال ، وتمنعهم من التنظيم النقابي وحرية النشاط ، وتستغلهم ابشع استغلال ، حيث يعملون بدون حقوق ويفتقدونلحقوق الضمان الاجتماعي الذي يؤمن مستقبلهم لاحقا .
اننا نثمن عاليا الموقف المبدئي لقيادة الاتحاد الذي جاء ضمن جلسة خاصة بخصوص التضامن مع عمال وشعب كل من فلسطين والعراق حيث يقضي الاحتلال على كافة اسس العمل وحرية التنظيم النقابي ، واستعداد الاتحاد لتقديم العون لعمال البلدين ... بالمقابل لا بد من الاشارة الى ضرورة قيام الاتحاد وقيادته بالالتحام بهموم ومصالح الطبقة العاملة العربية والعالمية، وتكثيف النشاط المناهض للسياسة الرأسمالية العولمية في المنطقة خاصة والعالم عامة ، لان هناك ترابط عضوي ما بين الجانبين ، لا بد من الوقوف وبحزم ضد كل محاولة حكومية تهدف الى طمس حرية العمل والنشاط النقابي ، او أي محاولة حكومية للتدخل في شؤون النقابات والاتحادات النقابية ، ولتنطلق الحركة النقابية في مسيرة حرّة خدمة وحماية لمصالح الطبقة العاملة . لان الامتحان الحقيقي الذي يقف أمامه الاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب ، هو امتحان كبير ، بل " محطة جديدة في تاريخ الحركة النقابية العربية " . الايام القادمة ستثبت لنا جميعا اذا كانت قيادة الاتحاد قد استطاعت فعلا استيعاب المتطلبات الحقيقة للحركة العمالية لهذه المرحلة ، وأن تفرض قيادة نقابية تحمي العمال ومصالحهم ولا تحتمي بهم .
#جهاد_عقل (هاشتاغ)
Jhad_Akel#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
-عالم بالشقلوب- ...أغنياء فقراء....!!!!
-
بمناسبة مرور -46- عاما على انتفاضة سجناء سجن شطة الاسرائيلي
-
نعم للاضراب المفتوح وفورا
-
قناة -الجزيرة- للبيع .....؟!
-
لماذا التحريض على مؤتمر بيروت للحركة العالمية لمناهضة الحرب
...
-
اللاسامية....الجاني حارس المؤسسة
-
هل انتهت العبودية في عصرنا ؟
-
على هامش المؤتمر النقابي اللبناني - مؤتمر في خضم المعارك
-
على هامش اضراب المقاطعة للخليوي في لبنان
-
صفقة سعودية اسرائيلية ضخمة ...وشراكة
-
مذبحة بحق المستضعفين - ميزانية نتنياهو - ملف كبير بحروف صغير
...
-
لو حدث ذلك في دولة أخرى ...!!!
-
كلمات في الذكرى العاشرة للشاعر توفيق زيّاد
-
برامج الخصخصة مصلحة راسمالية
-
لماذا يصمت النقابيون العرب؟
-
ظاهرة العنصرية في -أشكلون- ليست فريدة:الضحية -عمال عرب يبحثو
...
-
ملتقى الرأسمالية في اسرائيل
-
وأخيرا نقابات عمالية في دول الخليج
-
حتى متى هذا الاستغلال ؟؟؟
-
استثمر في اسرائيل يا ستيف
المزيد.....
-
الفينيق يُطلق حملته السنوية بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة ال
...
-
الفينيق يُطلق حملته السنوية بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة ال
...
-
نقابة الصحفيين الفلسطينيين تطلق حملة صحفيات بزمن الحرب
-
الحكومة الجزائرية : حقيقة زيادة رواتب المتقاعدين في الجزائر
...
-
تأكيد المواقف الديمقراطية من الممارسة المهنية وعزم على النهو
...
-
وزارة المالية العراقية : موعــد صرف رواتب المتقاعدين في العر
...
-
“اعرف الآن” وزارة المالية تكشف حقيقة زيادة رواتب المتقاعدين
...
-
مركز الفينيق: رفع الحد الأدنى للأجور في الأردن: استثمار في ا
...
-
تعرف على موعد صرف رواتب الموظفين شهر ديسمبر 2024 العراق
-
تغطية إعلامية: اليوم الأول من النسخة الأولى لأيام السينما ال
...
المزيد.....
-
الفصل السادس: من عالم لآخر - من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الفصل الرابع: الفانوس السحري - من كتاب “الذاكرة المصادرة، مح
...
/ ماري سيغارا
-
التجربة السياسية للجان العمالية في المناطق الصناعية ببيروت (
...
/ روسانا توفارو
-
تاريخ الحركة النّقابيّة التّونسيّة تاريخ أزمات
/ جيلاني الهمامي
-
دليل العمل النقابي
/ مارية شرف
-
الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقا
...
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
مجلة التحالف - العدد الثالث- عدد تذكاري بمناسبة عيد العمال
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
نقابات تحمي عمالها ونقابات تحتمي بحكوماتها
/ جهاد عقل
-
نظرية الطبقة في عصرنا
/ دلير زنكنة
-
ماذا يختار العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين؟
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|