|
نحو عقد سياسي جديد بين الكرد والعرب ( 2 - 5 )
صلاح بدرالدين
الحوار المتمدن-العدد: 973 - 2004 / 10 / 1 - 13:29
المحور:
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
( 2 – 5 ) دور العامل الخارجي في معالجة المسالة القومية : تجربة العراق ليست الحالة الوحيدة في تغيير الانظمة عبر تدخل خارجي، وقد سبقتها حالات اخرى في التاريخ، وفي عصرنا الراهن وتحديداً في السنوات الاخيره شهدت اوروبا حرباً من جانب الحلف الاطلسي بقيادة عسكرية امريكية على (يوغسلافيا) السابقة مستهدفة نظام حكم الدكتاتور (سلوبودان ميلوسييفج) الذي اقترف جرائم التطهير العرقي بحق الشعوب والقوميات المغلوبة على امرها، ومارس القمع السياسي ضد خصومه وانتهك حقوق الانسان، كما شهدت (آسيا) حرباً مماثلة بقيادة عسكرية امريكية ايضاً ضد نظام (طالبان) الرجعي المتخلف المعادي لحق الشعوب وحريتها والذي حول افغانستان الى ساحة للارهاب والاعتداءات ومرتعا لمنظمات ارهابية عالمية مثل تنظيم (القاعدة) . في هذه الحالات الثلاث التي حدثت في قارات متباعدة كان هناك اولا تشابه في طبيعة الانظمة الحاكمـة (الدكتاتورية–الاستبداد–الارهاب–رفض التغيير) وثانيا عجزت الشعوب في البلدان الثلاث وقواها الوطنية والديموقراطية من التمكن من تحقيق التغيير وايجاد البديل الديموقراطي عبر النضال والاعتماد على الذات رغم تقديم الضحايا بمئات الآلاف . وثالثاً وقوف الانظمة الثلاث عقبة أمام التحولات الجاريه والتي مازالت تجري منذ توقف الحرب الباردة واصرارها على مواجهة حقائق العصر ووقف دولاب التطور تحت ظل شعارات التطرف والتعصب والايديولوجياً القومية الشوفينية أو الدينية المتزمتة أو الاثنتين معاً. ورابعاً سكوت العديد من الانظمة المجاورة للثلاثي البائد عن المخاطر والتهديدات المترتبه بل تورط البعض في التواطئ لقاء مصالح ضيقه وهذا التواطئ لم يتوقف على حكومات بل شمل قوى وحركات سياسية وشخصيات في مختلف بلدان العالم، وهذا ما ضاعف من خطورة حدوث الاعمال الارهابية على غرار ما حدث في 11 سبتمبر /2001 بحيث لن يكون هناك مكان آمن على الكرة الارضية. وخامساً واخيراً تناقض وجود ذلك الثلاثي المنهار وخاصة النظام العراقي مع محاولات تشكل النظام العالمي الجديد واعادة ترتيب الاوضاع الاقليميه بما يتوافق مع مصالح القوة العظمى المنتصرة في الحرب العالمية (الثالثة) " الحرب الباردة " ومن ضمنها تحقيق الاستقرار وحل مسألة الصراع (العربي–الاسرائيلي)، وتوفير المستلزمات الضرورية لأمن الطاقة في الخليج العربي استخراجاً، وتسويقاً، وتسعيراً.
القضية الكردية في ا لتحولات العراقية : في سنوات القرن التاسع عشر تعرضت شعوب العالم وفي مقدمتها الشعب الكردي الى حروب استعمارية عدوانية نتجت عنها الخراب والتدمير والتقسيم والسيطرة على الموارد واستغلال الطاقات لصالح المستعمرين الذين جاؤوا محتلين ومستوطنين لسنوات طويلة معتمدين على معادلتهم الشهيره (فرق تسد) وفي العصر الجديد عشية القرن الحادي والعشرين تشهد البشرية نوعاً جديداً من الحروب تستهدف انظمة بعينها وليس دولا أو شعوباً وتساهم في خلاص الشعوب من القهر والعبودية وظلامية القرون الوسطى وذلك عبر التنسيق والتفاهم وخاصة في حالة الحرب العراقية مع قوى المعارضة الوطنية بل بناء على الحاحها منذ عقود للتدخل وازالة النظام الدكتاتوري والعمل على اعادة العراق شعباً ودولة الى الموقع الطبيعي في المشاركة الايجابية في بناء وتعزيز العلاقات الاقليمية على قاعدة التعاون والتكامل اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً. منذ عقود وقوى المعارضة الديموقراطية التي كانت تمثل الرأي الآخر المواجه للنظام البائد وبما تمثل من قوى واحزاب واطياف كانت تدعو الى اسقاط النظام وتحاول ذلك اعتماداً على قواها الذاتية، ولما عجزت امام الآلة القمعية الرهيبة للنظام استنجدت بالدول العربية والاسلامية، وبالقوى العالمية وخاصة الولايات المتحدة الامريكية بعد انتهاء الحرب البارده. وهذا يؤكد توفر نوع من الشرعية الوطنية العراقية لجهة الحرب التي شنت على النظام واسقطته بدعم واسناد المعارضة الوطنية العراقية نفسها. حيث التقت المصالح الوطنية للشعب العراقي مع المصالح الآنية للقوة العظمى حول هدف اسقاط النظام أما بعد ذلك فهناك امكانية لتطوير هذه الشراكة لصالح الطرفين الى حين .
طوال سنوات القرنين التاسع عشر والعشرين قرنا (الاستعمار والحروب العدوانية والابادة) وخلال مسيرة كفاح حركات التحرر الوطني في آسيا وافريقيا وامريكا اللاتينية لم نسمع أن احدى حركات التحرر لدى الشعوب المناضلة من اجل الحرية والاستقلال قد استنجدت با(الامبريالية الامريكية) لمد يد العون والمساعده اليها، ونشهد الآن ان هذه (الامبريالية) قد قامت (بدعوة أو طواعية) بتحرير شعوب يوغسلافيا السابقة، وافغانستان والعراق، وقبل ذلك تيمور الشرقية وقامت بالاشراف على مفاوضات السلام بين جبهه تحرير جنوب السودان والحكومة، وقبل ذلك رعت المصالحه بين فصيلين كرديين عراقيين وتقوم اليوم بالمساهمة في حل النزاع (الفلسطيني–الاسرائيلي) عبر الالتزام المعلن في الجمعية العمومية لهيئه الامم المتحدة باقامة الدولة الفلسطينية المستقله، ( رغم الانحياز الكامل للجانب الاسرائيلي عمليا ) وكما هو معلوم فان منظمة التحرير الفلسطينية التي تشكل اهم حركة تحرر وطني في العصر الحديث طالبت منذ سنوات باعتراف امريكي بوجودها وشرعيتها والتحاور معها وكان الجانب الامريكي بسبب علاقاته الخاصه المعروفه مع اسرائيل يمانع ويماطل ويتردد .
ان هذه الحقائق تصطدم كل لحظة بخطاب قديم احادي الجانب مازال يصدر بين الحين والآخر من بعض مثقفي انظمة عربية واحزاب حاكمة وغير حاكمة والذي يمتلئ مغالطات واوهام بترديد مقولات على شاكلة ((وجود مؤامره (امريكية–صهيونية–غربية) لتقسيم العراق والمنطقة واقامة كيانات "عنصرية اثنية طائفية"))، ان هذا الخطاب يرمي من وراء اطلاق التحذيرات والدعوات الى الخروج عن النص ودفع الجماهير الى (الالتهاء) بامور لاتخرج عن نطاق (الكلمات والخطب الحماسية) ونسيان القضية الاساسية وهي ضرورة التغيير والاصلاح السياسي والاقتصادي واعادة النظر في الدساتير والقوانين وطرق الحكم والعلاقات الاجتماعية في بلدان المنطقة، كما انه يرمي وبصورة اوضح الى (لبننة) الوضع العراقي عبر التدخلات الاقليمية ووضع اسس لاحياء مناطق نفوذ لدول الجوار والتخريب بعد ذلك على مشروع الشعب العراقي وبرنامجه الوطني وتفتيت المجتمع العراقي باحياء روابط مذهبية بديلاً عن الانتماء الوطني كما حصل في لبنان منذ عقود. لقد حققت كل من التجربتين اليوغسلافية والافغانية النجاح في ازالة انظمة الحزب الواحد الدكتاتورية الشوفينية واعادت الى شعوبهما حق تقرير المصير ولاشك ان التجربة العراقية ستحقق نجاحاً اكبر بحكم موقع العراق وغناه وتعدديته القومية والحضارية وامتداداته الثقافية في دول الجوار، وكذلك بسبب وقوع العراق في منطقة تقع على رأس اهتمامات الولايات المتحدة الامريكية واوروبا واليابان وليس سراً ان التعامل الدولي مع العراق من خلال الحرب على النظام وحصاره بالسابق ودعمه ورعايته الآن يصب في اتجاه تحقيق دمجه مع سائر دول المنطقة بالعالم المتمدن عبر بناء المؤسسات المدنية وتحقيق الديموقراطية وانتخاب الهيئات الادارية والبرلمانية والتي ستقوم بدورها في اقامة السلطات التنفيذية، وتعزيز استقلالية السلطة القضائية واطلاق الحريات السياسية والثقافية والاعلامية وتضمين حقوق الشعوب والقوميات العراقية في الدستور الدائم والقوانين النافذه. وكما هو معلوم فان عملية الدمج على الصعيد العالمي قد مرت عبر ثلاث موجات. الاولى في عصر الاستعمار التقليدي حيث تم الدمج بالقوة وبصوره تعسفيه والثانية خلال حقبة الحرب البارده حيث قام كل طرف من طرفي الصراع بدمج الآخرين بالايديولوجيا والمساعدات والثالثه مانشهدها الآن حيث تجري عملية الدمج الديموقراطي ومن خلال التعاون وتوافق المصالح والحوار.
*- ورقة قدمت في الملتقى الثقافي الكردي – العربي – اربيل – كوردستان العراق 17-20/9/2004
#صلاح_بدرالدين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
(نحو عقد سياسي جديد بين الكرد والعرب ( 1 - 5 -
-
قراءة اولية في نتائج الملتقى الثقافي الكردي العربي - 5 -
-
اعتذار وتصحيح حول بلاغ اللجنة التحضيرية للملتقى الثقافي الكر
...
-
1- البيان الختامي للملتقى الثقافي الكردي العربي - 2 - بلاغ ص
...
-
نحو - الملتقى الثقافي الكردي العربي - هولير عاصمة الصداقة -
...
-
نحو - الملتقى الثقافي الكردي العربي - - 3 -
-
نـحو - الـملتقى الـثـقافي الـكردي- الـعربي- 2
-
نحو - الملتقى الثقافي الكردي العربي -
-
لفتة تستحق الثناء
-
عصر الجنجويد
-
مؤتمر صحفي حول - الملتقى الثقافي الكردي العربي -
-
التعامل الكردستاني مع الجوار بين الثابت والمتحول
-
قدر الكرد في انتقالهم من السيء الى الاحسن
-
محاكمة نظام - صدام - ضرورة تاريخية 2
-
تاملات في اعترافات ارهابي اصولي
-
محاكمة نظام صدام ضرورة تاريخية 1-2
-
ردا على ما جناه - نضال حمد - و - عصام نعمان - على الكرد رسال
...
-
( 1 - 2 )رسالة الى بؤساء الثقافة الشوفينية ردا على ما جناه -
...
-
العراق الفدرالي في حلته السيادية
-
في الذكرى الخامسة والاربعين لاستشهاد فرج الله الحلو من الاست
...
المزيد.....
-
أمريكا تكشف معلومات جديدة عن الضربة الصاروخية الروسية على دن
...
-
-سقوط مباشر-..-حزب الله- يعرض مشاهد استهدافه مقرا لقيادة لوا
...
-
-الغارديان-: استخدام صواريخ -ستورم شادو- لضرب العمق الروسي ل
...
-
صاروخ أوريشنيك.. رد روسي على التصعيد
-
هكذا تبدو غزة.. إما دمارٌ ودماء.. وإما طوابير من أجل ربطة خ
...
-
بيب غوارديولا يُجدّد عقده مع مانشستر سيتي لعامين حتى 2027
-
مصدر طبي: الغارات الإسرائيلية على غزة أودت بحياة 90 شخصا منذ
...
-
الولايات المتحدة.. السيناتور غايتز ينسحب من الترشح لمنصب الم
...
-
البنتاغون: لا نسعى إلى صراع واسع مع روسيا
-
قديروف: بعد استخدام -أوريشنيك- سيبدأ الغرب في التلميح إلى ال
...
المزيد.....
-
الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية
/ نجم الدين فارس
-
ايزيدية شنكال-سنجار
/ ممتاز حسين سليمان خلو
-
في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية
/ عبد الحسين شعبان
-
موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية
/ سعيد العليمى
-
كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق
/ كاظم حبيب
-
التطبيع يسري في دمك
/ د. عادل سمارة
-
كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟
/ تاج السر عثمان
-
كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان
/ تاج السر عثمان
-
تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و
...
/ المنصور جعفر
-
محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي
...
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|