سيد حافظ عبد الحميد
الحوار المتمدن-العدد: 3251 - 2011 / 1 / 19 - 20:57
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
هل ستكون انتفاضة الجوع هي الحل لكي ينتقل العالم العربي من الهامش إلى المتن, من الاستبداد إلى الحرية, من التأخر إلى التقدم؟
لقد باتت العزيزة تونس شاهدة على هذه الحالة, وبات أحفاد الشيخ محمود قبادو, وخير الدين, ومحمد بيرم, ومحمد السنوسي, وسالم بوحاجب, وابن عاشور, هم أول المنتفضين, وهم أول الثائرين, بعدما بلغوا سن الفطام, وشعروا أنه آن الأوان كي يرفضوا ثدي لم يُرضعهم إلا الاستبداد والاستعباد.
وبالرغم من أن المحرك الظاهر الذي حرك هذه الثورة هو انتفاضة لقمة العيش, والتضييق على الناس في أرزاقهم, إلا أن عين الناقد البصير, تدرك أن محرك الثورة التونسية في الأساس هو الرغبة في الحرية قولاً وفعلاً وممارسة, هو الرغبة في التعبير عن الذات وفك الوصاية الغير شرعية, وتحطيم القيود, والأغلال التي صنعتها أنظمة سطت على سدة الحكم وتحكمت في أرزاق العباد ومصائرهم.
لقد أعطى الشعب التونسي لكل الأنظمة العربية, درساً في معنى إرادة الشعب , بعدما ظنت هذه الأنظمة أن الشعب مات وماتت إرادته, أو أنه خدرُ وفقد وعيه, وأصبح دمية تحركه كما تشاء, فسلبت منه حريته, وسلبت من حقه في الممارسة السياسية, وهمَّشته, فلم يجد إلا تأخراً وتخلفاً وضيقاً, في الرزق, وأخيراً أرادت أن تقف له في لقمة العيش, وحينئذ أبى الشعب التونسي, فأطاح بنظام عاث في الأرض فساداً, وتخريباً.
لقد كانت ثورة الحرية التونسية رداً على كل الأنظمة العربية, ماذا قدمتم للأمة؟ غير التأخر والتخلف, ماذا صنعتم, بعدما تحررت البلاد من المحتل الأجنبي؟
وفي الواقع إن الأنظمة العربية بلا استثناء لم تقدم إلا مزيد من خنق الحريات, والفساد الإداري والاقتصادي, والظلم الاجتماعي, وأخيراً أرادت أن تجوع الأمة وتضيق على المواطن في رزقه, ومن هنا جاءت انتفاضة الجوع التي هي في الحقيقة ثورة الحرية, ثورة الكرامة والتخلص من لصوص الأمة, الذين أخذوا الفرصة كاملة لإثبات حسن النية, ولكن هيهات هيهات.
إن الثورة التونسية لم تكن ثورة جوع بل ثورة من أجل الحرية, من أجل التطلع إلى التقدم, الذي اغتالته الأنظمة التي عفَّنت على كراسيها, بارك الله الأمة, بارك الله تونس.
#سيد_حافظ_عبد_الحميد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟