|
في جديد و تعقد ما يجرى في تونس من أحداث
علي أوعسري
الحوار المتمدن-العدد: 3251 - 2011 / 1 / 19 - 01:41
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
قبل حوالي شهر لم يكن أحد ليصدق أن الرئيس المطاح به زين العابدين بنعلي سوف يصل الى نهايته الدراماتيكية هذه التي فيها ظلت طائرته الخاصة تحلق ليلا دون أية وجهة مفترضة يحط فيها رحاله بعد أن رفضت فرنسا في اللحظات الأخيرة السماح له بالنزول على أراضيها..... ظل الرئيس الذي قيل أنه غادر البلاد بسبب من "تعذر القيام بمهامه" يحلق في السماء الى أن أصدرت السعودية بيانا حوالي الواحدة صباحا بالتوقيت المغربي، تعلن فيه الترحيب بزين العابدين بنعلي وأسرته على أراضيها.... في هذه الأثناء انتهى كل شيء بالنسبة لهذا الرئيس الذي "تعذر عليه القيام بمهامه" فغادر البلاد على أمل أن يرجع إليها قويا أكثر من ذي قبل، ولو بعد حين.... القرار الفرنسي المباغت هنا له أهميته الاستراتيجية القصوى في تحويل مجرى الأحداث، اظافة الى موقف الجيش التونسي الذي لم ينصع وراء قرارات بنعلي في قمع الحركة الاحتجاجية الجماهيرية التي باغتت، وهي في ذروتها، صبيحة الجمعة 14 يناير 2011، مؤسسات الدولة/النظام وتجمهرت في مساحات، منها، لها رمزيتها السيادية في نظام بنعلي (وزارة الداخلية، القصر الرئاسي). ليس هدفنا إعادة تركيب الأحداث في متوالية زمنية تسلسلية، من مهدها الذي هو إحراق البوعزيزي رحمه الله لجسده الى يوم وصول الحركة الاحتجاجية الى مقر وزارة الداخلية ومطالبتها برحيل بنعلي.... ما يهمنا هنا هو البحث في طبيعة هذه الأحداث، في مسبباتها/مقدماتها في سبيل إعادة موقعتها في سياقها الاجتماعي وفي شرطها التاريخي وفي خصوصيتها الوطنية التي ما إن توافرت كلها مجتمعة في التجربة التونسية حتى تمخضت عن لحظة تاريخية فريدة ربما أسست مستقبلا لمفاهيم سياسية واجتماعية جديدة قد تعسف أي متتبع في معالجة الأوضاع الاجتماعية والسياسية والثقافية، في شرطها التاريخي وفي خصوصيتها الوطنية، وهذا ما يدفعنا الى التحفظ عن كل تلك الادعاءات التي ما فتئت تربط ربطا تعسفيا ما جرى في تونس ب"العالم العربي" كما ب "المغرب العربي"..... لعل أهم جوانب الفرادة في ما يجرى في تونس يكمن في استعصاء استنساخ هذه التجربة في دول أخرى لها شروطها الخاصة، فبعد هذه الأحداث أقدم بعض المواطنين في الجزائر وموريتانيا ومصر على محاولات لإحراق أجسادهم، لكن هيهات. لم يكن ذلك بقمين على إشعال الحركة الاحتجاجية والانتقال بها من حيث هي اجتماعية عفوية الى حيث تكون سياسية عصية على القمع والتطويع. وعلى ذكر العالم العربي فينبغي لنا أن نؤكد على أن هذا المصطلح الإيديولوجي المحنط منذ مدة لم يعد له أي معنى، مثله في ذلك مثل مفهوم "الوطن العربي" و"المغرب العربي".... لا يوجد هناك اصطلاح "العالم" أو "الوطن" على أوربا، أو أمريكا، أو أفريقيا أو الهند أو الصين، لم اسمع من قبل مصطلحات من قبيل الوطن الاروبي/العالم الاروبي، الوطن الصيني/العالم الصيني، الوطن الإفريقي/العالم الإفريقي أو العالم الأمريكي/الوطن الأمريكي!. وحدهم العرب لهم "وطنهم العربي" ولهم "عالمهم العربي" ويريدون تحويل هذا الفضاء المغربي الى "مغرب عربي"..... هذا تضليل في تضليل.... ينبغي على القوى الديمقراطية الحقيقية في بلادنا فتح نقاش عقلاني في هذه التفاهات الإيديولوجية التي تتناقض كليا مع منطق تطور الواقع سواء في بعده الوطني، أو الإقليمي المغاربي أو الدولي. فبعد هذه المحاولة البسيطة لموضعة التجربة التونسية في سياقها الاجتماعي وشرطها التاريخي وخصوصيتها الثقافية والوطنية الخاصة بها، والتي ليست طبعا عربية، سنعمل في هذا المقام على إبداء بعض الملاحظات الأولية بخصوص ما يجرى في تونس وذلك من خلال طرح بعض التساؤلات: هل يمكن اعتبار ما يجرى في تونس ثورة أم انتفاضة أم حركة احتجاجية ذات خصوصيات مستجدة أم أن ما يجري هو شكل أخر غير تلك الأشكال التقليدية التي يمارس بها الصراع?.... غير أن من شأن المستقبل والتطورات الجارية أن تميط اللثام عن الجوانب الخفية لهذه الأحداث مما سيساهم في فهم سيرورة هذه الأحداث التاريخية واستجلاء طبيعتها... إن هذه الأحداث بفجائيتها وعظمتها قد بوأت الشعب التونسي مكانة رفيعة بين الأمم التواقة الى التحرر والى الكرامة الإنسانية والى تحقيق الديمقراطية بكل أشكالها التمثيلية والتشاركية. يمكن أن نوجز بعض الملاحظات التي تراءت لنا في هذه الفترة الحساسة من سيرورة هذه الأحداث، وهي لم تحط أوزارها بعد، فيما يلي: - أولا أن هذه الأحداث انطلقت بشكل احتجاجي عفوي، ردا على إحراق البوعزيزي رحمه الله لجسده، على أن هذا الطابع العفوي لا يلغي توافر بعض المقدمات الموضوعية لها منها أحداث الحوض المنجمي. غير أن الملفت للانتباه هو أن هذا الشكل الاحتجاجي ذي المضمون الاجتماعي ما لبث أن تطور الى أشكال متعددة انتقالية (كيفية)، بسبب من التحاق فئات واسعة من الشعب التونسي بهذه الحركة الاحتجاجية التي حققت نقلة نوعية لما حددت بشكل واضح غايتها السياسية الأساسية التي الإطاحة برأس النظام زين العابدين بنعلي، رغم أن هذه الحركة لم تكن تتوفر على برنامج سياسي محدد. انها في نظرنا تشكل فجائية وتدفق وانسياب التاريخ وانعطافه، وعدم نهايته، وصعوبة التكهن بما ينطوي عليه التاريخ. لقد كان ماركس، وهو يحلل تطور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في دول ارويا الغربية، يتوقع حدوث ثورة اشتراكية خاصة في ألمانيا بقيادة الطبقة العاملة، باعتبارها البنية الرأسمالية التي فيها احتد التناقض الأساس بين تطور قوى الإنتاج وعلاقات الإنتاج السائدة في القرن التاسع عشر. لكن التاريخ أخذ منحى أخر فكانت الثورة الاشتراكية في روسيا القيصرية التي فيها كان ذلك التناقض أقل احتداد باعتبار أن بنية نمط الإنتاج الرأسمالي في روسيا كانت متخلفة عن ألمانيا في تلك المرحلة التاريخية. - ثانيا أن هذه الأحداث لم تتولد عن تخطيط سياسي محكم لتنظيم ثوري طلائعي ذي خط سياسي راديكالي واضح أو لجبهة موحدة متراصة لقوى اجتماعية وسياسية تختلف في برامجها الخاصة لكن ذات أهداف تاريخية متوافق عليها وذات برنامج نضالي سياسي يستهدف، في حده الأدنى، انجاز المهمة التاريخية في التغيير المجتمعي المنشود. بهذا المعنى أمكننا التحفظ عن وصف ما يجرى في تونس بالثورة. ذلك أن الثورة كما عهدناها في الأدبيات السياسية، أو في كثير تجارب تاريخية، أنها من تخطيط وانجاز قوى اجتماعية برجوازية ذات أهداف ديمقراطية وليبرالية ووطنية/قومية محددة (نموذج الثورة الفرنسية)، أو أنها من تخطيط وانجاز تنظيمات حزبية طلائعية تستند في تركيبتها الاجتماعية سواء الى الطبقة العاملة (الماركسية اللينينية)، أو الى مجموع صغار الفلاحين الكادحين (الماوية) أو الى تحالف قوى اجتماعية وسياسية أخرى بقيادة جبهة موحدة ممثلة لهذه القوى (ثورة إيران قبل أن تسيطر عليها قوى الإسلام السياسي).... إن الثورة هي لحظة موضوعية تاريخية، أي أنها محصلة عوامل موضوعية اجتماعية وشروط تاريخية تتوافر في لحظة معينة من خارج إرادة الأشخاص الذين يكتسبون في تلك اللحظة وعيا ثوريا. بل إن انجاز الثورة ليس يندرج في إطار فعل ارادوي/ذاتي، مع ضرورة التأكيد هنا على أهمية العوامل الذاتية التي تكمن في بروز قيادات كاريزمية تلعب دورا حاسما في تنظيم الفئات والقوى الاجتماعية التي لها المصلحة في التغيير، ومن ثم السير بها على قاعدة برنامج سياسي واضح المعالم بأفق التغيير الجذري. إن مثل هذه المقدمات الذاتية والموضوعية تكاد تنتفي في ما يجرى في تونس، حيث أن القاعدة الجماهيرية التي أطاحت بالرئيس المخلوع بنعلي كانت في أغلبها من شباب غير منظم حزبيا وغير حامل لأية إيديولوجيا ثورية واضحة. إن هؤلاء الشباب، وهم يسيرون بحركتهم الاحتجاجية هذه الى الإمام، وجدوا أنفسهم في هذا الحراك يتلمسون قدرة على انجاز المهمة التاريخية في التغيير فقرروا ذلك وضحوا من أجله فكان لهم ما شاؤووا. انها الفرادة والتميز في التجربة التونسية، انها كذلك تأكيد من التاريخ على أنه لا ينضب. في الماضي القريب (التسعينات) كنا طلبة نحلم بالتغيير الثوري لكن سرعان ما اكتشفنا، عند ملامستنا الواقع والنضال ضد العطالة، أن ذلك الحلم أبعد ما يكون واقعيا، فكان ذلك الاكتشاف علينا ذا وقع مأساوي، خاصة حينما يأخذ المرء على عاتقه القيام بنقد ذاتي لكل مرحلة معينة من أجل استشراف المستقبل... وفي ظل انتصار بدا كما لو أنه تاريخي للرأسمالية في طورها الراهن من حيث هي عولمة، وفي ظل انهيار جدار برلين أضحى مفهوم الثورة من القواميس البائدة التي ينبغي على المرء التخلي عنها حتى يكون واقعيا، عقلانيا، حداثيا وديمقراطيا... أضحت الثورة إذن في عداد الماضي ولم تعد شروطها ممكنة في هذا الشرط الكوني الذي أصبحت فيه قيم الفردانية تطغى على قيم الفعل الجماعي المشترك.... ففي الوقت الذي صار فيه التحلى بالواقعية ونسيان أحلام الثورة التي انغرست في أجيال عديدة مروا من الجامعة ها هي التجربة التونسية تطرح علينا أسئلة جديدة-قديمة في ما ينبغي تبنيه: الواقعية والإصلاح أم الثورة والتغيير الراديكالي.... انها أسئلة فلسفية أكثر منها سياسية. - ثالثا أهم شيء يحملنا على التحفظ عن توصيف هذه الأحداث بالثورة هي عدم قدرة هذه الحركة الاحتجاجية، حتى اللحظة الراهنة، على تصفية نظام بنعلي بأكمله، فهي – أي هذه الحركة الاحتجاجية - وبسبب من تناقضات ذاتية وموضوعية تعتمل فيها لم تقوى على تنحية رموز النظام عن السلطة... فهذا الوزير الأول وهؤلاء الوزراء الدستوريون في حكومة الوحدة الوطنية ليسوا سوى استمرارا لنظام بنعلي في ظل موازين قوى لم تحسم بعد بشكل نهائي لصالح الجماهير الشعبية التي هي، في ظل عدم تنظيمها سياسيا، غير قادرة على التغيير الجذري. إن الثورة حتى تكون ثورة ينبغي لها أن تنجز التغيير الراديكالي وفي نفس الوقت التوفر على برنامج سياسي للتعاطي مع الإشكالات التي تستجد بشكل دراماتيكي بعد التغيير من مواجهة الردة والثورة المضادة وكل مخططات القوى الرجعية التي تحن الى الماضي. في هذا السياق، يمكن التأكيد على أنه لولا الجيش ولولا يقظة الشباب التونسي لارتدت الأوضاع بالكامل لصالح رموز نظام بنعلي الذي سخر لصالح الردة مليشيات تعيث في البلاد قتلا وفسادا وترويعا. - رابعا من منطلق استحضار العديد من التجارب التاريخية، يمكن القول أن الحركة الاحتجاجية التونسية التي تحولت في لحظات معينة الى حركة اجتماعية بمطلب سياسي، وليس الى حركة سياسية منظمة، لم يكن لها برنامج سياسي ولم تفرز قيادة سياسية موحدة، في سيرورة نضالها العفوي، تتحمل عناء التفاوض باسم هذه الحركة، أو لنقل لتتسلم السلطة في حال تصفية هذه الحركة للنظام السياسي كليا. تعددت إذن الأطراف وتعددت معها المواقف، هناك فئات من الطبقة الوسطى (نقابيون، زعماء سياسيون من المعارضة القانونية، أساتذة، محامون، إعلاميون...) ساهموا في هذه الحركة، لكن مواقعهم الطبقية البرجوازية الصغيرة لم تسعفهم في تبني أطروحات راديكالية ثورية، لذا تسارع بعضهم الى التفاوض من أجل المشاركة في حكومة وحدة وطنية الى جانب رموز نظام بنعلي....غير أن الشعب لازال الى حدود كتابة هذه السطور مصر على حماية مكتسباته. ينزل الشعب الى الشارع فيفرض تنازلات من رموز النظام السياسي... تتقدم هذه الرموز بأفكار وبرامج لعلها تلقى الموافقة الشعبية، فينزل الشعب من جديد رافضا هكذا اقتراحات... ها هو الشعب اليوم يفرض على الغنوشي الاستقالة من حزب بنعلي حتى يضمن له موقعا مريحا في قيادة حكومة الوحدة الوطنية. إن جديد هذا الصراع هو أنه مفتوح بين السلطة من جهة والشعب في الشارع من جهة أخرى؛ ليس هناك قيادات كاريزمية قادرة على ضبط وتوجيه الشارع، وهذا النوع من الصراع ينطوي على احتمالات متعددة لعل أخطرها ديمومة الفوضى التي تشكل إحدى أهم الفرص التي تنتظرها التنظيمات الإرهابية التي تحدق بالمنطقة. بهذا المعنى لا يمكن توصيف ما يجرى بتونس من أحداث بالثورة، ثم إن من أبرز مظاهر التناقض الحاصل في الحركة الجماهيرية التونسية استمرار الشباب خاصة في التظاهر حتى بعد الإعلان عن تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، رفضا منهم لاستمرار الوزراء الدستوريين، باعتبارهم بقايا نظام بنعلي، في هذه الحكومة. - خامسا إن الفعاليات السياسية والحقوقية المعارضة في الخارج ليس لها من امتداد جماهيري حتى يسعفها في فرض مواقع لها في الحوار الذي أطلقت ديناميته اثر فرار بنعلي بشكل يؤمن لها المشاركة في حكومة الوحدة الوطنية؛ لقد ضلت هذه الزعامات في مواطن لجوءها السياسي تخرج على الفضائيات وتطعن في ذلك الحوار الذي يجري بهدف تشكيل حكومة الوحدة الوطنية متناسية أن من يحدد مجرى الأحداث ليس الخطاب والطعن ولكن موازين القوى على الأرض. كما أن هذه الزعامات لم تدخر جهدا للحاق بمجرى الأحداث والتموقع في المشهد السياسي الجديد. غير أن ما نسجله وخاصة على المستوى الإعلامي، وتحديدا في علاقة هؤلاء الزعماء بقناة الجزيرة هو محاولة هذه الأخيرة تأويل ما يجري لصالح قوى الإسلام السياسي (بزعامة راشد الغنوشي) وبعض الرموز العروبية (احمد المرزوقي)، وهي محاولة لاستنبات بعض التجارب المشرقية في هذا البلد المغاربي الذي لن يقبل بنظام عروبي عنصري ولا بنظام اسلاموي أكدا فشلهما الذريع في معالجة قضايا التعدد واحترام الحريات الفردية والجماعية، مما جعلهما مسؤولان عن التفكك الذي أصاب المشرق (العراق، اليمن، السودان...). - سادسا ما قلناه من عدم تلاؤم مفهوم الثورة وما يجري من أحداث في تونس قد ينسحب ولو بشكل نسبي عن الانتفاضة التي ليست أيضا ذلك التوصيف الأمثل لهذه الأحداث. فمفهوم الانتفاضة مفهوم فضفاض وقد يبدو أكثر وضوحا في حالات مجتمعية أخرى، لكن ما نعرفه أن الانتفاضة هي أقل من الثورة، من حيث أن الإطار النظري والتاريخي العام للانتفاضة هو دون شروط اللحظة الثورية، بما هي انتقال نوعي يحصل فيه نوع من القطيعة بين الواقع السابق والواقع المستجد. ثم أن اغلب الانتفاضات الشعبية ليس لها من الوضوح الإيديولوجي ومن التنظيم السياسي ومن العمق والتركيبة الاجتماعية ما يؤهلها للوصول الى أهدافها المرحلية التي قد تشكل تراكما ممهدا للحظة الثورية. - سابعا ما كشفت عنه أحداث تونس وبشكل لا لبس فيه أن الصراع الجاري كشف عن طبيعته السياسية الطبقية. إن تطور الصراع في تونس بين الحركة الجماهيرية والسلطة كشف عن حقائق تتمثل في الاختلاسات وفي هيمنة حزب بنعلي وآل الطرابلسي على المقدرات الاقتصادية والمالية للدولة التونسية. لقد تماهى الحزب الدستوري في هياكله وأجهزته بالدولة، فأصبح هو الدولة ذاتها. ومن منطلق التحليل الماركسي يمكن القول أن الدولة، في هذه الحالة، ليست سوى جهازا طبقيا، أو قل أداة طبقية، في يد الطغمة المالية المهيمنة، تمارس بها سيطرتها الطبقية على مجموع الطبقات المسودة. بانهيار هذه الطغمة ونظامها السياسي الطبقي أضحت الدولة مشلولة ما أدى بالشعب التونسي الى تكوين اللجان الشعبية للحماية من المليشيات التابعة لتلك الطغمة. - ثامنا وأخيرا، وهذا هو الأهم، يمكن القول أن الحركة الجماهيرية الشعبية التي قادها الشباب التونسي من دون أية ولاءات إيديولوجية تشكل منعطفا تاريخيا وحاسما من شأنه القطع مع كل ميراث الحركات "الوطنية الاستقلالية" في المنطقة المغاربية وأنموذجها البرجوازي التبعي في "الدولة الوطنية" الذي ما كان لها أن تشيده لولا ارتباطها العضوي بفرنسا. يبدو هذا واضحا من خلال إصرار الشعب التونسي على تصفية كل ميراث حزب التجمع الدستوري ومحاسبة رموزه. إن هذا المنعطف بما يمثله من قيمة تاريخية مضافة يطرح علينا أسئلة جوهرية وحاسمة على اعتبار أن هذا التململ الجماهيري ضدا على أطروحات الحركات الاستقلالية "الوطنية" في تونس ليس بمعزل عما يجري في المغرب. في هذا السياق، أكدنا في ما مضى على أن الاستمرار في احتقار وعي الشعب المغربي وطمس تعدده الحقيقي واحتقار وطنيته الأمازيغية بالتركيز على نوع محدد من الوطنية – وهي وطنية الحركة الوطنية في الثلاثينيات من القرن الماضي- يحمل مخاطر على مستقبل المغرب. إذا كان في تونس آل الطرابلسي، فلدينا في المغرب آل الفاسي الفهري. كيف يعقل أن هؤلاء الفهريين لازالوا في المغرب يسيطرون على كل المواقع والمناصب الحساسة في الدولة، فأحدهم يجمع بين المكتب الوطني للماء والمكتب الوطني للكهرباء ورئاسة الجامعة الملكية لكرة القدم وما خفي أعظم... في وقت يقمع فيه الدكاترة المعطلون الذين ابتدعوا في المغرب سابقا فكرة إحراق الذات. لا بد من دق ناقوس الخطر قبل فوات الأوان.
#علي_أوعسري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في السؤال الثقافي: بخصوص تنامي وتيرة الدعوات والبيانات الثقا
...
-
قراءة مركبة في أحداث العيون: رهانات وتحديات ما بعد مخيم أكدي
...
-
بين تقرير اللجنة الأممية حول التمييز العنصري ومزاعم اختراق إ
...
-
سؤال السياسة اليوم
-
في المسألة اللغوية: أو الايدولوجيا في المسألة اللغوية
-
توضيحات أخرى بخصوص ملف دكاترة قطاع التعليم المدرسي
-
مخاطر الشعبوية وهي في قلب البرلمان: استقالة الرميد نموذجا
-
توضيحات بخصوص تطورات ومآل ملف دكاترة قطاع التعليم المدرسي
-
-فعاليات- الشعب المغربي في خيمة القذافي
-
تبعثر الحقل الاجتماعي وأزمة علاقة النقابي والسياسي
-
مأزق الوزارة في ملف الدكاترة العاملين بقطاع التعليم المدرسي
-
مأزق المأسسة في ضل غياب حوار اجتماعي وسياسي وثقافي شامل
-
تأملات في مفهوم الطبقة الوسطى
-
مناقشة في بعض أفكار الجابري حول إصلاح التعليم والمسألة اللغو
...
-
أفكار للمساهمة في تسوية وضعية الدكاترة العاملين بقطاع التربي
...
-
بيان المنضمة الديمقراطية للتعليم بخصوص الاضراب الوطني لدكاتر
...
-
تسوية وضعية الدكاترة العاملين بقطاع التربية الوطنية: أفكار ل
...
-
في عدم أهلية العدالة والتنمية للدعوة إلى تشكيل جبهة وطنية لل
...
-
حركة -مالي- والحاجة الى حوار عقلاني حول الحريات الفردية
-
تصارع العدالة والتنمية والأصالة والمعاصرة وتداعياته على السا
...
المزيد.....
-
بعد وصفه بـ-عابر للقارات-.. أمريكا تكشف نوع الصاروخ الذي أُط
...
-
بوتين يُعلن نوع الصاروخ الذي أطلقته روسيا على دنيبرو الأوكرا
...
-
مستشار رئيس غينيا بيساو أم محتال.. هل تعرضت حكومة شرق ليبيا
...
-
كارثة في فلاديفوستوك: حافلة تسقط من من ارتفاع 12 متراً وتخلف
...
-
ماذا تعرف عن الصاروخ الباليستي العابر للقارات؟ كييف تقول إن
...
-
معظمها ليست عربية.. ما الدول الـ 124 التي تضع نتنياهو وغالان
...
-
المؤتمر الأربعون لجمعية الصيارفة الآسيويين يلتئم في تايوان..
...
-
إطلاق نبيذ -بوجوليه نوفو- وسط احتفالات كبيرة في فرنسا وخارجه
...
-
في ظل تزايد العنف في هاييتي.. روسيا والصين تعارضان تحويل جنو
...
-
السعودية.. سقوط سيارة من أعلى جسر في الرياض و-المرور- يصدر ب
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|