أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - محمد المثلوثي - انتفاضة تونس بين التحرر الفعلي وخطابات الساسة















المزيد.....

انتفاضة تونس بين التحرر الفعلي وخطابات الساسة


محمد المثلوثي

الحوار المتمدن-العدد: 3251 - 2011 / 1 / 19 - 01:40
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


بالنسبة للسياسيين بمختلف مشاربهم فان تغيير الحكومة بهذه الطريقة أو تلك يمثل في حد ذاته هدف الثورة التي لم يبادروا بها ولم يصنعوها وفي أحسن الأحوال هم يشاركون فيها كمركب صغير وسط محيط متلاطم من أمواج الكادحين الذين هبوا ضد شروط وجودهم المادية من استغلال وفقر وبطالة وقمع، اي بالضبط ضد نظام اقتصادي واجتماعي لا يقدم لهم الا مزيد البؤس في مقابل نمو ثروات من يمسكون بجهاز الدولة ويتحكمون في المجتمع عبر تلك الأجهزة القمعية. وحجة السياسيين هنا تتلخص في كون ان الشرور كلها تتلخص في وجود هذا الحزب أو ذاك في الحكومة، وأن سياساته الخاطئة هي السبب في الأزمة التي يعرفها المجتمع. فالمشكلة بالنسبة للسياسيين تكمن في أن اسياد المجتمع القائمين الآن فاسدين ولا يعطون حقوق الفقراء ، وبالتالي فالحل هو في استيدال هؤلاء السادة بسادة جدد سيقيمون العدالة على الأرض وسيمنحون عبيدهم شغلا وأجرا أعلى واسعارا أقل وحرية أكثر..الخ. وما هي الضمانة التي يقدمها هؤلاء السادة للشعب لتحقيق وعودهم تلك؟ الضمانة بالنسبة لهم تكون من خلال حق الشعب في اختيار من يسوده. اي حق العبد في اختيار سيده. وهكذا ومن خلال هذه الحرية السياسية سيكون الشعب فعلا هو من يحكم نفسه بما أن السادة (السياسيين أنفسهم) لا يمثلون أنفسهم بل يمثلون الشعب كله، وبالتالي فانهم سيحققون مصالح الشعب كله. لكن لو تساءلنا، لماذا يتسابق الساسة على خدمة الشعب؟ لماذا يتسابقون على الوصول الى السلطة السياسية ويتنازعون حولها ويجرون الجمهور خلف نزاعاتهم تلك؟ هل يريدون بالفعل خدمة الشعب نفسه، هكذا مجانا ولله في سبيل الله؟ طيب، هل يقبل أحد الساسة أن يكون رئيس دولة ويتقاضى أجرا مساويا لعامل بسيط؟ هل يقبل أحد الساسة ان يكون وزيرا ويسكن في بيت متواضع من مساكن الأحياء الشعبية؟ هل يقبل احد السياسيين أن يكون واليا وفي نفس الوقت يشارك العمال في بناء بيته؟ في النهاية هل يقبل أحد الساسة ان يخدم الشعب بدون أن يأخذ امتيازات مادية من اي نوع؟ طبعا مثل هذه الأسئلة تبدو ساخرة بالنسبة للسياسيين، بل هي مزحة ظريفة لا غير. لكن لو سالناكم بجد ايها السادة السياسيين كيف يمكنكم توفير شغل للجميع؟ لقد تداول في العالم جميع أصناف الساسة على الدولة من اليمين الى اليسار، وفي أكثر الدول تطورا اقتصاديا، لكنهم عجزوا تماما عن توفير الشغل للجميع، فأية عصا سحرية تمتلكون لإحداث هذه المعجزة الخارقة. ومختلف الساسة الذين تداولوا على السلطة في اكثر الاقتصاديات عظمة لم يستطيعوا توفير عدالة اجتماعية، ولاتزال بلدان مثل الولايات المتحدة الأمريكية او الصين أو الهند يعد فيها الفقراء بالملايين، فما هي هذه الوصفة السحرية التي ستقدمونها للقضاء على الفقر والتفاوت الطبقي ولماذا لم يتفطن لها الساسة القدامى في أعتى الديمقراطيات، حيث الشعب يختار فعلا أسياده بطريقة حرة ونزيهة وشفافة للغاية. انكم ايها السادة السياسيون تحاولون اقناع الجمهور بأنه في غياب الدولة، أي في غياب سيادتكم، فان الفوضى ستعم المجتمع وسيكون الفراغ وستكون الكارثة. لكننا على النقيض من ذلك لاحظنا طيلة حياتنا التي قضيناها تحت امرة الدولة، أن هذه الدولة هي الفوضى بعينها. او هي تنظيم فوضوي للمجتمع، حيث فيما يزداد الأغنياء ثراء برعاية الدولة نفسها فان الفقراء يزدادون فقرا في رعاية نفس هذه الدولة. ولاحظنا أن المجتمع في ظل تنظيم الدولة له، وبعد فترة قصيرة من الانفراج، يعود مجددا للأزمة، والدولة لا تفعل سوى ادارة تلك الأزمة، مرة بالقمع المطلق، ومرة أخرى، عندما يعجز قمعها على اطفاء اللهيب، بتغيير السياسيين الذين يديرونها، أي بتغيير شكل الدولة للتحضير لإدارة الأزمة القادمة. كما أننا لاحظنا ان ادارة المجتمع الحقيقية تقع على عاتق الشعب نفسه، فالادارات يقوم بتسييرها الفعلي الموظفون، والمصانع والشركات يديرها فعليا العمال والاداريون، والمستشفيات يديرها الأطباء والممرضون، وشؤون المدن يديرها المهندسون وعمال النظافة والاداريون. اما أنتم فانكم تكتفون بتوجيه هذه الادارة الجماعية الفعلية لصالح فئة محددة من المجتمع في تناقض مع مصالح أغلبية المجتمع، بل انكم في الغالب أنتم من يستثمر جهد المجتمع وخيراته فقط من خلال موقعكم في الدولة وأجهزتها البيروقراطية. وهكذا أيها السادة السياسيون لماذا لا يتقدم الشعب هو نفسه لإختيار الموظفين وأعوان حماية الأمن ومجالس ادارة البلديات ومجالس ادارة الشركات، أي ان يختار بالفعل وبحرية من يدير فعليا شؤون المجتمع، وهكذا سوف لن نحتاج لوظائف لا تقدم شيئا للمجتمع بل تخنقه وتسلب حريته وتستثمر ثمرة جهده. فمع احترامنا لكم ايها السادة السياسيين فانتم لستم سوى حشرات طفيلية تتنازعون من أجل حيازة وظائف طفيلية. فدولتكم غير موجودة عمليا الآن في الأحياء والقرى بعد أن خلخلتها الانتفاضة الحالية، ورغم ذلك استطاع الناس، وبسرعة مذهلة أن يكتشفوا كيف ينظمون أنفسهم بطريقتهم، وبدون أدنى حاجة لنصائحكم، ليحموا أنفسهم. ولو توفرت لهم الامكانيات التي تتوفر للدولة الآن لأستطاعوا اعادة تنظيم المجتمع بطريقة منظمة لا تتخيلونها حتى في اقصى برامجكم السياسية الأكثر راديكالية

لذلك، واعتبارا لكل ما سبق ادعوكم أيها الساسة، ان كنتم فعلا تريدون خدمة هذا الشعب ان تساعدوه في بناء ما شرع هو فعلا في بنائه، لتساعدوه في بناء اللجان الشعبية وتحويلها الى مجالس تسيير محلية تعوض أجهزة الدولة البيروقراطية البالية. لتساعدوه في تطوير الأشكال التنظيمية لمواصلة نضاله ضد الدولة والفوضى التي تخلفها وراءها. لقد فقدت الدولة مبرر وجودها التاريخي وأعلنت افلاسها على الملأ، وعبرت عن حقيقتها بما هي فقط أداة لإدارة شؤون ما تسمونه بالعصابات الفساد والمستكرشين على حساب قوت الشعب، أي لإدارة شؤون البورجوازية ومصالحها في التناقض مع مصالح عموم الكادحين والفقراء والمنتجين الحقيقيين للثروة

أيها السادة السياسيين، ان الانتفاضة في حاجة لكم، لكن ليس لتكونوا أسيادا جدد بدل الأسياد القدامى، بل لتساهموا في القضاء على السيادة نفسها، اي على العبودية

لا سيد ولا عبد

عاشت لجان التسيير الذاتي اداة لتطوير ثورتنا المجيدة



#محمد_المثلوثي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حول اللجان الشعبية
- تنظيم حزبي أم تنظيم كوموني؟
- حول الشيوعية وبرنامجها التاريخي
- التاريخ بين العلم والديالكتيك
- نقد العلمانية (3)
- نقد العلمانية (2)
- نقد العلمانية (1)
- ماركس والماركسية
- ايران: الثورة، ومحاولات الالتفاف


المزيد.....




- السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا ...
- بيرني ساندرز: اذا لم يحترم العالم القانون الدولي فسننحدر نحو ...
- حسن العبودي// دفاعا عن الجدال... دفاعا عن الجدل (ملحق الجزء ...
- الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا ...
- جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر ...
- بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
- «الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد ...
- الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
- متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
- نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية


المزيد.....

- الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) / شادي الشماوي
- هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي ... / ثاناسيس سبانيديس
- حركة المثليين: التحرر والثورة / أليسيو ماركوني
- إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا ... / شادي الشماوي
- كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر ... / عبدالرؤوف بطيخ
- رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع ... / شادي الشماوي
- كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات ... / شادي الشماوي
- المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب - ... / شادي الشماوي
- ماركس الثورة واليسار / محمد الهلالي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - محمد المثلوثي - انتفاضة تونس بين التحرر الفعلي وخطابات الساسة