|
الاتصال الرقمي... معول يهدم عناصر الخبر الصحفي
كامل القيّم
الحوار المتمدن-العدد: 3251 - 2011 / 1 / 19 - 00:32
المحور:
الصحافة والاعلام
الاتصال الرقمي... معول يهدم عناصر الخبر الصحفي لم تدم طويلا تنظيرات العلوم الاجتماعية حينما رفع (فرنسيس بيكون Frances Bacon ) شعار التجريب والشك في مخرجات الفلسفة الأرسطية ، وتدحرجت بعد ذاك عشرات النظريات والافتراضات التي كانت حبيسة الخشية والخوف وعدم اليقين العلمي ، ومثلما أثبتت العلوم الصرفة خطل الكثير من النظريات والقوانين ، شهدت وتشهد معظم مصفوفات التنظير الاجتماعي والسياسي والثقافي كابوس التغير، ومن ثم الانطواء من خلال الحقيقة والرقم والمنطق ، وكانت وسائل الإعلام والاتصال وكجزء من تبعيتها المدرسية الى عربة علم الاجتماع والسياسة وعلم النفس ، كان قد كتب لها ان تخرج نظرياتها وتلاحقها في ظل الثلاثي الذي هيمن على هندسة السلوك الإنساني وترشيح كفة الدعاية ...وبالأخص بعد الحرب الكونية الأولى والثانية ...وبدأت تفسيرات التأثير النفسية بنظرية( الرصاصة )او التأثير الفوري تأثراً بنظرية المنبه والاستجابة ، ومن ثم النظرية الاجتماعية بالاعتماد على قادة الرأي المحليين ، والمدرسة الوظيفية ... ثم التفسيرية ...والفجوة المعرفية ...وترتيب الأولويات ..الخ من عشرات نظريات التأثير التي تم تحديدها على أنها ترتقي لتفسير مرمى التأثير الإعلامي وعمقه التاريخي للاهتمام والاتساع الإعلامي....وكنا ندرس ونقرأ حتى ألان تلك النظريات التي عفى عليها الزمن وأرغمتها التكنولوجيا على الهروب من الساحة والسكن في بطون الكتب ،وكشفت جوهر التقليدية التي مازالت كتبنا الإعلامية ومناهجنا تعج بمثلها من الأدبيات ، واعتقد إحدى مشكلاتنا هو تقديس التنظير والاحتفاظ ما قيل وما يتكرر على انه الثبات والمقياس الذي يُعمّر رغم العصف الجبار للتكنولوجيا ، والحق ان دخول المفاهيم والنظم الحديثة مع مصالحة وإسناد تكنولوجي ورقمي يتعاظم ، يجعلنا -إذا كان ذلك متاحاً- ان نجري عمليات غسيل فكري وعلمي لما يدور ويجري ويُستخدم معرفياً وإعلامياً ، فليس صحيحاً بالمرة ما نكتبه وما نخطط به من أفكار واستنتاجات تميل الى الثبات السنوي وربما الشهري او اللحظي ... ليس صحيحاً ان يكون القياس ما تعلمنا بل ما يجب ان نتعلم ونتدرب . مقدمة عامة استهل بها الموضوع الذي جعلني اكتب المقال حينما أطالع وأتصفح متعلقات الأدبيات الإعلامية العربية مركزاً بتكرارها (الممل الكسول) لإيجاد رؤية علمية شاملة لواقع العمل الإعلامي الجماهيري بمستوياته المحلية او الكونية ، إلا ما ندر من مراجع واكبت بجدارة بحثية وعلمية تقنيات الوفرة الإعلامية في الفضاء العربي ومتعلقات التلقي وعلاقتها بالمرجعيات الثقافية والرمزية فائقة السرعة، ويمكن بعد أحداث كنيسة سيدة النجاة في بغداد ، والإسكندرية في مصر، وما قام به أهلنا في تونس وحراك الإعلام ( ألدقائقي ) في دفق الحدث الجماهيري العظيم بالتشكيل والتحريك، والجرعات المنشطة ...كل هذا نقلاً إعلامياً على انه حصل واقعاً ...وليس بصناعة عناصر خبرية او تغطية كما تصفها الأدبيات اعتماداً مثلاً على كوهين وبونك النرويجيان في كتابهما ( صناعة الأخبار ) او فيما ذكره وولتر لييمان في كتابة المشهور الرأي العام الذي صدر عام 1922 على ان عناصر الخبر تشمل : أ-وضوح الحدث ب-الغرابة والدهشة ج-القرب الجغرافي د-التأثير الشخصي هـ- الصراع...وآخر يضيف الضخامة ، والدهشة ، والاستمرارية .....الخ من شروط وخصائص تعج بها المراجع والمصادر ...فأي وضوح تتحدث وأي غرابة ...ولديك مفتاح جغرافية وثقافة العالم عبر الرقميات فائقة المعالجة والسرعة من قبيل الانترنت والفضائيات والمحمول ...وأي حدث لم يحمل (اهتماماً او قرباً مكانياً )، من قضية دا فور مثلاً الى الأزمة المالية وحتى دورة الألعاب الآسيوية الأخيرة ، وصولا الى ثورة الخبز التونسية المباركة ، أقول هذه العناصر واللوازم المفترضة وحتى القوالب قد كُتبت في زمن كانت الصحيفة المطبوعة تشع وتضيء في أكشاك منتظرة، وكانت سلة الأخبار وتقاريرها تصنع في أسبوع تسجل وتمنتج بماكينات بطيئة وغير ذكية، وكانت (الفورية والوضوح ) مهمة للخبر عندما كانت المسافات المكانية والثقافية عقدة للثقافة وشيوع المضمون ، والوضوح مهماً عندما كان المصدر أحادي النقل ( خطي )...وأي ( ضخامة) وكل إحداث الأرض غدت جزء من يومنا ومستقبلنا اقتصاداً كان ام سياسة ام صراع وأي هرم مقلوب يمكن للصحفي ان يحرر خبره في إحداث تونس او زيارة بإيدن بالجينز كما فعلها توني بلير في البصرة عام 2004 او بكاء سا كوزي على مسيحيي العراق ( أي رسالة نتوقع من ذلك هل تساءلنا؟؟ ) تحت اي قالب يمكن تحليل تلك الرموز السياسية الثقافية ؟؟ فأي معايير خبرية يمكن ان نوصي بها الطلبة والصحفيين الناشئين غير الاتكاء على إتقان فنون التحرير وتنظيم ذاكرة ثقافية موسوعية فائقة الشمول وسرعة المعالجة ، بالإضافة الى مهارات الترميز الفورية والتي تتناسب مع إطلاق المفاهيم والمقارنات والإحصاء والاستقصاء ، إنها حرب الكثافة وليس حرب الفاقة في المعلومات ...الاتصال الرقمي يأتي بحزم فائقة الكثافة والتنوع والشمول ...فعلينا ان نناضل في الاختزال والانتقاء حتى نلاحق الثواني الإعلامية ...لان الدقائق في ذرات القنوات الاتصالية غدت متأخرة ...ولابد لك ان تلهث وراء الانتقاء ...انتقاء الكلمة والصورة والموقف والحدث وحساب التأثير في ثواني ...نعم في ثواني ..إذا كنت تريد البقاء في خارطة أنا مؤثر إعلامي ...إذن أنا موجود . د.كامل القيّم / أستاذ الإعلام والاتصال / جامعة بابل مركز حمورابي / وحدة أبحاث الرأي العام
#كامل_القيّم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الإعلام وكسرة الخبز التونسية ...هل تكفي لصفع السياسيين
-
كيف يتلقى الجمهور وسائل الاعلام
-
سيارات بابلية ...بجهود الحكومة المحلية تدخل خدمة العلاقات ال
...
-
عيني على الاعلام
-
هل نشهد ...فضائيات تعاقب السياسيين ؟
-
البديل الاتصالي الناعم لقوى الاحتلال الأمريكي في العراق
-
المسؤول الفضائي...مجلس محافظة بابل انموذجاً
-
قياسات الرأي العام ... بين المنظور الإعلامي و التوظيف السياس
...
-
مجلس محافظة بابل ...من الاتصال الالكتروني الى الاتصال الحجري
-
التصريح الإعلامي .....متى يصبح احترافاً ؟ جريمة الصالحية انم
...
-
الإعلام الاستقصائي ....عَصف لديمقراطية الفضاء
-
مشتركات الظاهرة العلمية في العلوم الإنسانية والصرفة
-
الوظيفة التفسيرية لمضمون وسائل الإعلام ...عن طريق قادة الرأي
-
قناة المستقلة ...خُبث فضائي... و أداة لعسكرة الأفكار
-
قناة الاتجاه الفضائية ... إطلالة مباركة ...وأمل بإعلام متفرّ
...
-
الفضائيات العراقية ...الى متى تحت الطَرق السياسي ؟
-
مركز حمورابي للبحوث والدراسات..يحتفي لأجل العراق
-
مؤسسات الاعلام العراقية ... أي صناعة للرأي العام؟
-
في ظل ختل الوزارة ...مدينة الحلة تحتفي بعرسها الثقافي
-
من محن الإعلام العراقي ... العراقية الخامسة مباشر.... ولادة
...
المزيد.....
-
بعد وصفه بـ-عابر للقارات-.. أمريكا تكشف نوع الصاروخ الذي أُط
...
-
بوتين يُعلن نوع الصاروخ الذي أطلقته روسيا على دنيبرو الأوكرا
...
-
مستشار رئيس غينيا بيساو أم محتال.. هل تعرضت حكومة شرق ليبيا
...
-
كارثة في فلاديفوستوك: حافلة تسقط من من ارتفاع 12 متراً وتخلف
...
-
ماذا تعرف عن الصاروخ الباليستي العابر للقارات؟ كييف تقول إن
...
-
معظمها ليست عربية.. ما الدول الـ 124 التي تضع نتنياهو وغالان
...
-
المؤتمر الأربعون لجمعية الصيارفة الآسيويين يلتئم في تايوان..
...
-
إطلاق نبيذ -بوجوليه نوفو- وسط احتفالات كبيرة في فرنسا وخارجه
...
-
في ظل تزايد العنف في هاييتي.. روسيا والصين تعارضان تحويل جنو
...
-
السعودية.. سقوط سيارة من أعلى جسر في الرياض و-المرور- يصدر ب
...
المزيد.....
-
السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي
/ كرم نعمة
-
سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية
/ كرم نعمة
-
مجلة سماء الأمير
/ أسماء محمد مصطفى
-
إنتخابات الكنيست 25
/ محمد السهلي
-
المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع.
/ غادة محمود عبد الحميد
-
داخل الكليبتوقراطية العراقية
/ يونس الخشاب
-
تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية
/ حسني رفعت حسني
-
فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل
...
/ عصام بن الشيخ
-
/ زياد بوزيان
-
الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير
/ مريم الحسن
المزيد.....
|