|
الثورة التونسية في مواجهة التحديات
راغب الركابي
الحوار المتمدن-العدد: 3250 - 2011 / 1 / 18 - 18:35
المحور:
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
أثبت الشعب التونسي إنه شعب أصيل ومن طراز فريد ومحترم ، وحين أراد الحياة أستجاب له القدر ، ولهذا فقد حرر نفسه من السلبية ومن التواكل ومن إنتظار الفرج ، فقهر قوى الفساد الذي حكمه منذ الإستقلال ، ومن نافلة القول : أن ننبذ الخوف والهواجس التي تعترينا على هذه الثورة الفتية وعلى أهدافها في العدل والحرية والسلام ، الثورة التي أنطلقت لكي تكون البداية الصحيحة لمشروع التغيير المنتظر في المنطقة العربية والإسلامية ، والذي كان يجب ان يكون ويبدأ من العراق !!!! وذلك الذي بشرنا به نحن في - الحزب الليبرالي الديمقراطي العراقي - شعوب المنطقة معتبرين التغيير سنة طبيعية و حتمية تاريخية ، تمثل نضال كل شعب يريد ان يكون هو لا غير في فكره وفي إرادته وفي تقرير مصيره . ويخطئ من يقول إن الثورة في تونس لا إتجاه لها ، ويخطئ من يقول إنما هي تعبير عن غضب الجياع والعاطلين عن العمل والشغل ، ونقول لهؤلاء ولغيرهم : إن الثورة الشعبية في تونس قد حددت أهدافها منذ البداية وبوضوح ، وحددت إتجاها وماذا تريد ؟ وكيف يجب أن تكون ؟ لإنها إنبثقت من إيمان الشعب بحريته وإيمانه بقدرته على صُنع مستقبله من غير وصاية ومن غير تزييف ، إن الثورة الشعبية في تونس هو جزء لا يتجزء من فكر - الليبرالية الديمقراطية - ومن مشروعها في بناء الإنسان العربي الجديد ، من خلال تأمين وسائل الحياة اللازمة له ، ومن خلال سد العوز والنقص الذي خلقه الفساد والشره من حفنة البرجوازيين وصغار الرأسماليين . إذن فالثورة التونسية سواء في حركتها أو في شعارتها قد عبرت بعمق عن هذا الإتجاه - الليبرالي الديمقراطي - ، وتحدثت بوضوح عن عمق العلاقة مع منظومة القيم الليبرالية الديمقراطية الغير مشوهه ، والذي عبرت عنه أدبياتنا وثقافتنا بصدق ووضوح ، إن نضال شعب تونس من أجل الحرية وفي سبيلها نضال طويل وقديم ، وما الإنتصار الذي شهدناه لم يكن إلاّ تتويجاً لذلك النضال وعمقه . ان تونس في ثورتها قد عبرت عن ضمير كل الشعوب العربية والإسلامية التواقة لغد جديد ومختلف ، غد يكون فيه الإنسان العربي والمسلم حر في إختياراته ، وحر في قدرته على صُنع مستقبله ، من غير أيديولوجيا العصور القديمة ولا فلسفة الجماعات المعادية لروح الحياة ، إن تونس في ثورتها قد عبرت عن طموحات كل الشعوب العربية والإسلامية في ضرورة التجديد والتغيير ، والإنعتاق من العهود الماضية ومن الأحكام البوليسية ، ولقد أصاب الحكام العرب والمسلمين فزع وخوف غير عادي من ثورة شعب تونس ، ومن إصراره على نيل حقوقه وكرامته بنضاله ، ولم ينتظر المدد من السماء ولا من الدول الكبرى ، بل أخذ حقه من خلال حركته السلمية والشعبية . إن شعب تونس في ثورته قد حدد للشعوب العربية والإسلامية الطريق الواجب إتباعه في كيفية إنتزاع الحقوق ، وفي رفض السلبية و رفض الخوف ورفض الخلط بين الوطنية وقضايا الوطن ، وأنا أقول : إن مشكلة الشعوب العربية والإسلامية واحدة ، ولكي تُحرر هذه الشعوب نفسها عليها ان تثق أولاً بأمكاناتها ، وثانياً ان تفجر طاقاتها ، وتخرج من دور الإنتظار السلبي ، الذي فعلناه نحن في العراق فضاع عندنا الناموس والوطن وضاعت الحقوق ، وكثر بيننا السراق والمُدعين ، وأختلطت في أذهاننا الأعمال الخيرة بالأعمال الفاسدة ، وصرنا لانميز بين الخبيث والطيب ، وهذا كله منا لأننا حين أردنا حريتنا وضعنا أمرنا بيد غيرنا فخاب رجاءنا وخاب الأمل ، ولهذا لا نريد للشعوب العربية والمسلمة مصيراً غائماً ومجهولاً وغير معلوم الهوية كمصيرنا ، بل نريد لهم منذ البداية الثقة بالنفس ، والإيمان بان حفنة السراق من الحكام إذا ما جد الجد فهم أول المهزومين والهاربين ، لأنهم لا يمتلكون شجاعة القادة ، ولا يجرؤون على مواجهة الشعب حين يغضب ، وحين يطالب بحقوقه بحرية وسلامة نوايا وسلامة أهداف ، وليثق الشعب العربي وليؤمن بان زمن المعجزات قد ولى ، وإن الله لا ينصر من لا ينصر نفسه ، وفي ذلك إنما نوجه الإنظار لكي لا نركن للظلم بحجة عدم الإقتدار ، فالشعب إن أراد الحياة لا بد ان يستجيب له القدر ، كما إن شعوب العالم كلها مع من يصنع العدل والحرية والسلام ، وليعلم الحكام العرب إن زمن التهريج والفوضى وكم الأفواه قد ولى ، و حان الآن الوقت لكي تتعظ الشعوب العربية والمسلمة من فعل أهل تونس ومن ثورتهم ، وأملنا بشعب إيران ان يحقق المعجزة ويثور على جلاديه ، وهو قادر بل هو المؤهل في هذه المرحلة من تاريخه ، وإن حصل تغيير في إيران سيكون ذلك بشارة خير للمنطقة والعالم . إن الخطر على ثورة تونس يأتي من الوصوليين ومن أنصار الحقبة الماضية الذين لبسوا ثوب الطهر والوطنية ، في عملية خداع وتضليل مقصودين ، كما إن الخوف عليها من الظلاميين والحالمين بعودة الخلافة وهؤلاء مثل أولئك مضللون وخادعون ، كما إن الخوف على هذه الثورة من بقاء النظام الدستوري العتيق على شكله وحاله القديم سواء في هيكلية النظام وفي تركيبة ، والمُراد إذن هو طرد اللصوص والمنافقين الذين أتخذوا دور النزبيه ودور المصلح أولاً ، و سد الأبواب على من يريد العودة بتونس إلى الوراء في الدين وفي الثقافة وفي الفكر ثانياً ، و الإصرار والمطالبة الجدية والحقيقية على تغيير الدستور وكتابة دستور جديد ثالثاً ، دستور تُلغى فيه دور الرئاسة وتعطى الصلاحيات لنواب الشعب الذي ينتخب مجلساً للوزراء ، وإننا في - الحزب الليبرالي الديمقراطي العراقي - مستعدين معكم للمساهمة في مجال كتاب الدستور وصياغة القوانين . وإن على شعب تونس ان يؤمن بأنه في ثورته هذه ، إنما يهب الحرية ويهب الحياة للإنسان العربي وللإنسان المسلم ، ويعزز من مفهوم الحق والكرامة والإنتماء والوجود ، وأملنا أن تنتصر هذه الثورة وتحقق كامل أهدافها ، لأن في ذلك تحقيق لكل القيم و لكل الأهداف التي يناضل من أجلها الإنسان العربي والإنسان المسلم .
#راغب_الركابي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لماذا الليبرالية الديمقراطية ؟
-
على أبواب عام جديد
-
أردوغان والوحدة
-
الخمر بين الحلال والحرام والإباحة
-
العام الهجري الجديد
-
الليبرالية الديمقراطية في مواجهة الطائفية والعنصرية
-
القرآن والمرأة
-
الليبرالية طريقنا للنجاة
-
حاجتنا لتشكيل نظام الأقاليم العراقية الثلاث
-
ماذا بعد تقرير ويلتكس
-
العراق بين خيارين
-
الليبرالية الديمقراطية من أجل الحياة
-
الإسراء والمعراج بين الوهم والحقيقة
-
مأزق الديمقراطية في العراق 2
-
معالم في الطريق إلى الليبرالية الديمقراطية
-
ماذا تريد تركيا ؟
-
مابين الليبرالية والرأسمالية من تفاوت
-
الليبرالية في الفكر النبوي
-
شركاء يتقاسمون الخراب
-
كيف نفهم الليبرالية ؟
المزيد.....
-
حزب النهج الديمقراطي العمالي يثمن قرارات الاضراب العام الوحد
...
-
ألمانيا: آلاف المتظاهرين في برلين احتجاجا على -التقارب- بين
...
-
الجامعة الوطنية للتعليم FNE تدعو للمشاركة في الإضراب العام
...
-
قبل 3 أسابيع من التشريعيات.. مظاهرة حاشدة في ألمانيا ضد التق
...
-
ما قصة أشهر نصب تذكاري بدمشق؟ وما علاقته بجمال عبد الناصر؟
-
الاشتراكيون بين خيارين: اسقاط الحكومة أم اسقاط الجبهة الشعبي
...
-
الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي تعمل من أجل إنجاح الإضراب الع
...
-
تعليم: نقابات تحذر الحكومة ووزارة التربية من أي محاولة للتم
...
-
تيار البديل الجذري المغربي// موقفنا..اضراب يريدونه مسرحية ون
...
-
استمرار احتجاجات ألمانيا ضد سابقة تعاون المحافظين مع اليمين
...
المزيد.....
-
مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة
/ عبد الرحمان النوضة
-
الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية
...
/ وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
-
عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ
...
/ محمد الحنفي
-
الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية
/ مصطفى الدروبي
-
جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني
...
/ محمد الخويلدي
-
اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963..........
/ كريم الزكي
-
مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة-
/ حسان خالد شاتيلا
-
التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية
/ فلاح علي
-
الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى
...
/ حسان عاكف
المزيد.....
|