باسم الخندقجي
الحوار المتمدن-العدد: 3249 - 2011 / 1 / 17 - 01:08
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يخاصمك البحر يا غزة .. يبطم وجهك المشدوه بأمواجه .. وأنت ساكنة يغزوكِ الوقت الغريب ..يجمد أوصالك بصقيعه القاتل .. وسكونه الذي سكن حريتك وحياتك .. فلا السفن ترسو في مينائك الفقير ولا مرساةٌ تحميكِ في وجه عواصفك وعواصفهم ..
لن أجرحك في حدية الكلمات وصراحتها .. ولكن دعيني أسألك :
لماذا لم نتعلم من التاريخ معاني الدم الأُخوي والسيوف الضالة ؟
الآن .. كل العالم يشاهدك .. يتعاطفون .. يتضلمنون ..يأتون من وراء البحار إليكِ يا مسرحاً من حطب . وقضبان حديد صدئ وأشلائنا نحن القتلة والمقتولون .. فمن يُصفق لمن في وقت نسينا فيه معنى أن نكون فلسطينيين لا أقل ولا أكثر ؟
الآن قولي لي يا غزة إنكِ كنتِ على دراية تامة بالحروب الأهلية والمحارق .. قولي لي إنكِ تعرفين لبنان والبلقان ومحاكم التفتيش وبلفاست .. آه بلفاست التي كانت تشتعل إحتلالاً وفتنة ما بين أخوة الدم والأرض وبروتستانت وكاثوليك .. إلى أن التئمت وزغردت بالوحدة وأرسلت إليكِ قاربها المُحمَّل بالعِير والتسامح وبعض الطحين .. يبحر القارب ولكنه لم يصل بعد .. فكم هي بعيدة بلفاست عنكِ يا غزة .. وكم هي قؤيبة في ماضيها منكِ !
يخاصمك البحر .. بحر التاريخ .. إذ وبالرغم من غواية دليلة إلاّ أن شمشون لم يهدم المعبد كما هدمه أبناؤك الذين لم يذروا حجراً ومعنىً إلاّ دماراً وخراباً .. فهل كنتِ تعلمين بكل هذا الذي حدث ويحدث ؟ صديقيني .. أنا لا أتهمك .. ولا أُحملّك أنتِ فقط مسؤولية هذا العبث الدموي .. إنني وبكل صراحة أعترف بمشاركتي بالجريمة والضحية والدم والولائم والنفاق ولأنفاق .. أنا شريكك .. لا أُنكر ولكن إعترفي بأمكِ لو كنتِ تعلمين الذي حدث في بلفاست على لأقل لما كَبُرت وفعلتِ ما فعلنا بك وبنا ؟
غزة .. يا غزتي وعزتي .. لماذ كل هذا الزحام . والتكدس والاختلاط في الرؤى وإدعاء الشرف والوطن ؟
نحن ابناؤك الخطّاؤون .. الممزقون .. الضالون لماذا لا نصرخ .. لماذا لا نلقي عن كاهلنا وِزْر خطايانا ونطهر أيدينا مما إقترفناه من دك حرام ؟
غزة .. دعينا نتأمل معاً .. حيث نحن الدم الواحد والدين الواحد .. لسنا من سادة الطوائف والنعرات المريضة .. نحن بصراحة لسنا مثل ماضي بلفاست .. دمي دم أخي احمر .. أنا أؤمن بالله وسنة رسوله الأمين .. فلماذا أقتل أخي ويقتلني ويقتلكِ يا غزة ويخاصمك البحر ويغرقني ؟
تعالي يا غزة .. فالبحر بحرك يُحبك يا خاصرة الوطن .. وجرحه النازف .. تعالي وإدعيهم إلى كلمة سواء ما بين أنفسهم ..واصرخي كي يصرخوا .. وانتفضي كي ينتفضوا .. وتمردي كي يتمردوا على قيودهم ونزعاتهم الصغيرة ..
#باسم_الخندقجي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟