|
الشهيدة نادية العراقية !
سهر العامري
الحوار المتمدن-العدد: 972 - 2004 / 9 / 30 - 08:15
المحور:
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
من المفجع والمعيب في آن واحد أن يرى العراقي أهله ، وجيرانه ، وابناء وطنه يتساقطون أمام أعينه ، وهو لا يحرك ساكنا، أو ينتظر ردّ الدولة العراقية ، وحكامها الجدد الذين لا يملكون من أمرهم كثيرا ، وإلا فما معنى أن يأتي فلسطيني ضال من الأردن على شاكلة الزرقاوي ، ويمارس القتل بحقهم ، وبابشع صوره ؟ ما معنى أن يأتي غرباء عن العراق ، وعن الشعب العراقي ، ويلوذين في بيوت وشقق غرباء مثلهم كان النظام قد بناها لهم في شارع يقع على سفح دجلة العزيزة ، وهو الشارع المسمى بشارع حيفا ، وبعد أن ازال صدام الساقط خيرة مناطق بغداد الشعبية مثل : الشواكة ، والكريمات ، وغيرهما من محلات بغداد الاثرية ذات الطابع الخاص في البناء وهندسته ، وذلك من أجل أن يوطنّ فيها بعضا من مجرمي العرب ، وشذاذ آفاقهم ، مانحا اياهم صفة السياسيين ، مغدقا عليهم من اموال الشعب العراقي الكثير ، ظنا منه أنهم سيحمونه ساعة الشدة ، وما درى أن هؤلاء العرب مع من يدفع لهم أكثر ، حتى ولو كان هذا الذي يدفع صهيونيا 0 لقد حقد هؤلاء على العراقيين الذين يعيشون بينهم ، وبتشجيع من صدام نفسه، امعانا باذلال العراقيين أنفسهم الذين كان يرى فيهم اعداء حقيقين لا مواطنين يتوجب عليه احترامهم ، فراح يصدر قراراته التي تنم عن حقده الدفين ضدهم ، فكل عراقي يتشاجر مع مصري ستناله عقوبة صدام مسبقا ، وهي الحبس لمدة ستة اشهر 0 صدرت هذه العقوبة ، وعممت على جميع دوائر الدولة العراقية ، حين كان صدام وقتها يخطط لحربه ضد ايران ، واراد أن يسخر هؤلاء العرب ، الذين يصفقون للحكام باطعام بطونهم ، في محرقته المعروفه بالقادسية المشؤومة ، ولهذا بدأ هؤلاء يتجرؤون على العراقيين ، حاملين على صدورهم قوانيين صدام الساقط التي ترفع من قدرهم ، وتحط من قدر العراقيين 0 لقد روى المقبور بن المقبور مؤنس الرزاز مرة أنه كان لا يرى العراقيين ابدا ، ولا يخالطهم قط ، ذلك لانه كان يركب سيارة سوداء ، بزجاج شبابيك معتم ، وكان يدور فيها في شوارع بغداد هو وعدي المقبور ، وزياد بن مشيل عفلق الذي خصه صدام الساقط بوظيفة في فرنسا فيما بعد 0 لقد جند صدام الساقط من هؤلاء العرب مجرمين كثيرين في اجهزة امنه ومخابراته ، وسخرهم في خدمة اهدافه ومراميه في ملاحقة العراقيين اينما وجدوا ، فقد حزم المقبور عضو القيادة القومية لحزب البعث ، منيف الرزاز الاردني حقائبه مرة ، متوجها في مهمة قومية ! الى الجزائر ، يطلب من حكومتها ، وبامر من صدام ، طرد جميع الشيوعيين العراقيين العاملين فيها بعقود خاصة ، والذين فروا من ظلم صدام وجوره وتوجهوا لها ، وعلى ان يقوم صدام بتعويض الجزائر عنهم بكوادر بعثية ! هذا وجه من وجوه العرب المسخرين هؤلاء ، وهناك وجوه مسخرة اخرى ، ابرزها الفلسطيني ، فاروق حجازي أحد ضباط مخابرات صدام ، والذي شغل منصب سفير العراق في تركيا وتونس ، وذلك تقديرا للخدمات الجليلة! التي قدمها هذا الارهابي في ملاحقة معارضي صدام من العراقيين في الخارج 0 كانت الصدفة قد جمعتني مرة باحد من هؤلاء العرب الذين اغدق عليهم صدام ، كان هذا العربي من سورية هذه المرة ، ولكوني عراقي قد عايشت البعثيين منذ الصغر ، واعرف حقيقتهم وظلمهم عن كثب ، فقد اصدروا بحقي حكم الاعدام ، وكنت ما زلت فتى يافعا لم يتجاوز سني ثلاث عشرة سنة ، ولم أكن انا الوحيد من العراقيين الذين صدر بحقهم حكم بالاعدام كهذا، ، فهم على كثرة ، وليس على قلة0 ثم أنني أعرف صداما جيدا منذ أن طرده طلاب كلية التربية من جامعة بغداد ، وكنت أنا واحدا من طلابها ، شر طردة ، بعد أن حاول هو والمقبور ناظم كزار أن ينضما الى الجبهة الطلابية التي تشكلت في تلك الجامعة ، والتي قادت اضرابهم الشهير سنة 1968 م ، لقد عاد هو والمجرم ناظم كزار ذلك الصباح مخذولين ، مذمومين دون أن يحققا شيئا يذكر ، فكل طلاب جامعة بغداد وقتها يعرفونهما مجرمين ، قاتلين ، مكانهما مع شقاوات بغداد وبلطجيتها ، هناك مع الشقاوة ، جبار كردي ، على ارصفة شوارع محلة الفضل من بغداد العزيزة0 هذه المعرفة ، تجعلني محصّنا من سقط المتاع من العرب المدافعين عن صدام ، والذين باعوا شرفهم ، اذا كان لديهم شرف ، لطاغية ، مجرم ، جبان ، هو صدام الذي صار عارا للعرب كل العرب من محيطهم الى خليجهم ، بعد أن خرج لهم صدام من حفرته ذليلا ، حقيرا ، وقتها تمنى عليه بعض من العرب هؤلاء أن يموت، وأن لا يخرج على تلك الصورة المخزية، لكن هذا البعض نسى أن الجبان يخشى الموت ويهابه ، وإلا لما سُمي جبانا 0 لقد كان محدثي العربي هذا مدافعا عن صدام دفاعا طائفيا أعمى ، لقد حاولت أن ابسط الحقيقة له كما عايشتها انا في العراق كثيرا ، لكن دون جدوى ، كان يجادل بأن صداما خير الحكام العرب قاطبة ، واكثرهم اقداما وشجاعة ، لكن في زلة من زلات لسانه قال لي : إن لصدام فضلا كبيرا علي ! قلت : وما فضله عليك ؟ قال : أنني عملت في الكويت طوال حياتي ، لكنهم رفضوا قبول ابنائي في جامعاتهم بسبب تدني معدلاتهم ، فارسلتهم الى فارس الامة العربية ! صدام ، فقبلوا في كلية الهندسة من جامعة بغداد ، وعلى حساب الدولة العراقية ، ثم تضرع محدثي الى الله خاشعا في أن يحفظ السيد الرئيس صدام بحفظه ، ويطيل من عمره ، لكن دعوته تلك لم تستجاب لان الداعي والمدعو له كلاهما على باطل 0 واذا كان هذا الرجل من عوام العرب ، ومن الذين يصفقون للحكامهم باطعام بطونهم ، فماذا نقول لرئيس جمهورية ، مثل أمين الحافظ الذي كان لا ينفك هو وبعض من اللاجئين السوريين والفلسطنيين في العراق عن الترهيج ضد حكم الرئيس حافظ الاسد ، وبتشجيع من صدام الساقط ، ومن خلال ابواق اعلامه المريضة ، ولكنه في النهاية عاد الى سورية ذليلا ، مدحورا كصدام، واستوطن حلب منها الآن 0 جماعة التوحيد والجهاد من هؤلاء العرب ، ولا يختلفون عنهم إلا بتسخير الدين من أجل الضحك على بعض نزر من فتيانهم ، أولئك الذين يجندونهم في صفوفهم بشعاراتهم المبتذلة التي اصبحت تجارتها بائرة ، وذلك بعد أن شهدت العمليات الارهابية ، الانتحارية في العراق شحة وانعداما هذه الايام، مما اضطر هؤلاء المجرمون الغرباء الى التغني بقتل ضابطة عراقية تدعى: نادية عبد الوهاب ، والتي هي واحدة من العراقيات الجسورات اللائي انضممن الى جيش العراق الجديد ، فسقطت شهيدة برصاص هؤلاء القتلة من العرب في شارع حيفا ، وهي تدافع عن شعبها ووطنها 0 والسؤال الذي يفرض نفسه هنا هو : من اباح لهؤلاء المجرمين قتل العراقيين والعراقيات حتى لو كانوا يتعاونون مع الامريكان ؟ هل يجوز للعراقيين أن يذهبوا الى الاردن ، ويقتلوا بعضا من الاردنيين بحجة أن الملك حسين كان احد عملاء المخابرات الامريكية ، او بحجة أن الملك عبد الله قد اشرع ابواب الاردن للامركيين ، عسكريين وغير عسكريين ؟ هل يجوز للعراقيين أن يذهبوا الى مناطق الضفة الغربية ويقتلوا عملاء الموساد الاسرائيلي من الفلسطينين ؟ لقد عاش العراقيون وعلى كثرتهم في بلدان عربية ، وغير عربية ، ولكنهم التزموا بقوانيين تلك الدول ، ولم يقتلوا مواطنيها خدمة لحكامها ، وتعاملوا مع الناس فيها على انهم ضيوف تركوا بلادهم نتيجة للجور والظلم الذين انزلهما بهم صدام الجبان ، و ليس مثل العرب الذين استوطنوا شارع حيفا من بغداد ، تاركين بلدانهم طمعا بمال حرام من حاكم جائر سرقه من شعبه0 لقد آن الآوان لكل عراقي ممن غدر به هؤلاء القتلة ، وقتلوا واحدا من ذويه أن يهب الآن برفقة الاخرين من العراقيين ، وان يتصدوا للارهابيين الغرباء في شارع حيفا ، والذين تمادوا في سفك دماء اهلهم ، فلا تتركوا دماء الشهيدة نادية وغيرها تذهب سدى ، ولا تنتظروا رد الحكومة ، عليكم أن تردوا انتم، ولا يغرنكم ، بعد ذلك ، هؤلاء باسلامهم ، فاسلامهم كاسلام معاوية بن ابي سفيان الذي كان ينادي باعلى صوته ، وكلما ارتفع صوت المؤذن ، قائلا : لله درك يا ابن عبد الله ، ويعني النبي الكريم ، ما رضيت إلا أن يُذكر اسمك خمس مرات !
#سهر_العامري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لا حرب أهلية في العراق !
-
صلاة المنافقين !
-
هذا الفزع !
-
يلطفون أخبار الارهاب !
-
لا تؤجلوا الانتخابات !
-
ارهاب وليس مقاومة !
-
وأخيرا أفتى عنان !
-
شارع الشهداء وعرب صدام !
-
حتى أنت يا حواتمة !
-
ظرف الشعراء ( 22 ) : حافظ الشيرازي
-
حكومة علاوي وسياسة الرشوة !
-
البديل الجاهز !
-
الرئيس المزواج !
-
الكاتب العراقي والمواقع !
-
امارة العوران !
-
أنصار السنة ومنطق عفلق !
-
ظرف الشعراء ( 21 ) : الفرزدق
-
بضائع الموتى !
-
المتربصة !
-
الحنكة الانجليزية والمدفع الأمريكي !
المزيد.....
-
مدفيديف: الناتو منخرط بشكل كامل في الصراع الأوكراني
-
السعودية.. إحباط 5 محاولات لتهريب مئات آلاف حبوب -الكبتاغون-
...
-
مصر.. الداخلية تكشف تفاصيل واقعة مصرع عامل دليفري بعد تداوله
...
-
اليونيفيل: إصابة 4 جنود إيطاليين من قوات حفظ السلام في جنوب
...
-
محمود الهباش: وجود إسرائيل في غزة لن يكتسب شرعية مهما طال
-
مشاركة عزاء للرفيق رؤوف الحباشنة بوفاة جدته
-
من هو الكاتب بوعلام صنصال وما مصيره منذ وصوله للجزائر؟
-
خبير عسكري: الاحتلال يستهدف مربعات سكنية بسبب تعثر عمليته ال
...
-
هل اكتشفت أم محمد هوية الواشي بنصر الله؟
-
قوات الاحتلال تقتحم جنين ونابلس واعتداءات للمستوطنين في الخل
...
المزيد.....
-
فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال
...
/ المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
-
الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري
...
/ صالح ياسر
-
نشرة اخبارية العدد 27
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح
...
/ أحمد سليمان
-
السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية
...
/ أحمد سليمان
-
صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل
...
/ أحمد سليمان
-
الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م
...
/ امال الحسين
المزيد.....
|