زكي رضا
الحوار المتمدن-العدد: 3248 - 2011 / 1 / 16 - 00:58
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
احتجاجا على مصادرة عربة لبيع الفاكهة ، اقدم الشاب التونسي الجامعي والعاطل عن العمل البو عزيزي . وبعد تعرضه للضرب من قبل شرطة النظام الدكتاتوري التونسي ، على اضرام النار في نفسه احتجاجا على الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية السيئة التي يمر بها الشعب التونسي . وليتحول بين ليلة وضحاها الى رمز وطني ، ولتنطلق من جسده الذي شوهته النيران ، الشرارة الاولى لاول واجمل ثورة جماهيرية عرفها العالم العربي لليوم .
البوعزيزي الذي كان يمثل كل القهر المتراكم منذ عقود في صدور التونسيين ، استطاع بفعلته هذه ان يطلق المارد الجماهيري من قمقمه ، ولتصل نيران هذا المارد الى رأس السلطة ، الذي حاول عبثا وباستخدامه لاجهزة قمعه من لجم هذه الحركة ، التي تحولت الى زلزال لتعم كل المدن التونسية . ولكن الشعب التونسي الذي ترك الخوف خلف ظهره ، كانت له كلمة الفصل في تحويل لص الشعب التونسي ، وعائلته الى طريدي العدالة . والتي طالبت المعارضة التونسية ، بتقديمهم الى محاكمة عادلة لينالوا جزائهم ، عن كل الجرائم التي ارتكبوها بحق شعبهم وسرقتهم لثرواته .
ثورة الجياع التونسية هذه ، زرعت الرعب في نفوس الدكتاتوريين من رؤساء الدول العربية ، حيث الصمت لازال هو سيد الموقف . اما الخوف من نهضة مشابهة لنهضة الشعب التونسي فأنها تقض مضاجعهم . على الرغم من بعض التصريحات الخجولة ، التي تدعوا الى احترام ارادة الشعب التونسي ، في اختياره لشكل الحكم المناسب له. ان الانظمة العربية اتخذت منذ هروب بن علي من تونس ، بعض الاجراءات الترقيعية ، لامتصاص الضغط والنقمة الجماهيريتين . عن طريق ارجاء رفع اسعار السلع الاستهلاكية كما حدث في موريتانيا ، او التجاوز على التظاهرات والتجمعات التي انطلقت في البعض منها ، والتي ستتبلور لتأخذ شكلها النهائي مستقبلا ، في ركل هذه الانظمة المكروهة شعبيا الى مزبلة التاريخ . ان الايام القادمة ستشهد تحركات مكثفة لهذه الانظمة ، واجتماعات هنا وهناك وتبادل خبرات اجهزتها الامنية والقمعية ، لوضع افضل الخطط لمواجهة التحركات الجماهيرية ، التي حصلت من شعب تونس على جرعة قوية من روح المقاومة . وتبقى على الاحزاب السياسية المعارضة والديموقراطية منها خصوصا ، كيفية وضع الخطط الكفيلة في توسيع رقعة النقمة الجماهيرية هذه ، وعدم الاكتفاء بالشعارات المطلبية الآنية ، بل تجاوزها الى قيام واقع سياسي جديد ، يعتمد على الديموقراطية كوسيلة للوصول الى السلطة ، عسى ان تستطيع الشعوب العربية ، اللحاق بركب المدنية التي تجاوزته بعقود في افضل الحالات .
لاشك ان الافئدة تحلق في سماء تونس اليوم ، راقصة على انغام اجمل سمفونية يعزفها الشعب التونسي ، الا وهي سمفونية الحرية . هذه السمفونية التي كانت على مر التاريخ ، هي الاجمل والاحلى والاروع ، والتي ضحى في سبيلها الملايين من البشر بارواحهم كي يقربوا يوم الخلاص . ولكن السؤال الذي تبقى الاجابة عليه هي ، مربط الفرس كما يقال هو ..... : من سيملأ الفراغ السياسي هناك ؟ هل الاسلام الاصولي الذي يهيئ نفسه لسد هذا الفراغ ، ام القوى العلمانية ؟
الف تحية لروح الشهيد البو عزيزي ، والف تحية لشعب تونس
#زكي_رضا (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟