|
ثورة ياسمين ...لا اسلاميين ... لا عسكريين
مسعود محمد
الحوار المتمدن-العدد: 3247 - 2011 / 1 / 15 - 21:57
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
اندلعت انتفاضة "سيدي بوزيد" بتونس، ولئن كان السبب المباشر لاندلاعها عملية انتحار قام بها الشاب التونسي محمد البوعزيزي، فإن هذه الحادثة لم تكن في الحقيقة إلا حافزا لسقوط الأقنعة وإماطة اللثام عن الأسباب العميقة للانتفاضة الشعبية والتي تمثلت أساسا في رفع الحيف الإجتماعي الذي ترزح تحته قطاعات الشعب العريضة في تونس. احتلت أساطير الأوهام عقولنا ورست اساطيل الخرافات في موانئنا، ووجهت نيرانها اتجاهنا، أغرقنا في بحر من العجز وأرغمت بعضنا على السجود لخرافات لا أساس لها بأن الدكتاتوريات في العالم العربي وجدت لتبقى. من صدام الى بن علي زرعت هذه الدكتاتوريات الرعب والخوف والعجز في شعوبنا وأوهمت نفسها بقدرتها على تحقيق حياة كريمة لشعوبها الا انها لم تهب تلك الشعوب سوى السجون والقهر على طول البلاد وعرضها، واغتصبت الحريات وقننت حتى الهواء على المواطنين. قالها بن علي، لم أكن أعلم وكأن صدام قبله كان يعلم. هذه هي نهاية الدكتاتوريات وانتفاضة شعب تونس التي قامت مدعومة من اليسار التونسي ومنظمات المجتمع المدني أسست لأمل جديد لعالم عربي محكوم بأحكام مدنية، وفرصة لنقاش حالة اليسار في العالم العربي. رحل دكتاتور تونس الا الا أن نظامه لم يرحل، وقادة القوى الأمنية ورؤساء الأجهزة الأمنية مازالت موجودة وهي قد تلعب دورا باجهاض هذه الثورة المدنية العفوية المدعومة من أحزاب المعارضة والمجتمع المدني، لذلك حذار من اجهاض الانتفاضة وخاصة أن هذا النوع من الدكتاتوريات والأنظمة تخاف الحرية والديمقراطية، وهي لا تمانع التحالف مع الشيطان للحفاظ على مواقعها، من هنا على الشعب التونسي الحذر من تحالف بقايا النظام التونسي مع اسلاميي تونس القاعدة لاجهاض ثورة الشعب التونسي. الحالة الاسلامية تحاول القفز الى قطار انتفاضة الشعب التونسي فأعلن "زعيم تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الاسلامي" ابو مصعب عبد الودود عن دعمه للاضطرابات التي تشهدها تونس ودعا الى "الجهاد" العنيف للاطاحة بمن وصفه بالطاغية. الحزب الاسلامي المحظور بتونس أعلن عودته للعمل العلني على أمل الركوب بقطار الانتفاضة. الخوف كل الخوف من أسلمة الانتفاضة التونسية والباسها رداء أسود يلغي مطلب التعددية في تونس. لقد برهن اليسار التونسي المناضل بكل تلويناته الفكرية أنه دعامة للحراك الشعبي بهدف تغيير واقع الاضطهاد، والتصق بقضايا شعبه كترجمة صريحة لهذه القناعة المتجذرة في صلب هذا اليسار، خاصة الشباب منه باعتباره يشكل قاطرة تلك القوى اليسارية، التي عليها التركيز على العمق العربي للنضالات، سواء بمعنى إدراج الهم العربي ضمن دائرة الإهتمام إعتبارا لكون المحيط العربي هو المجال الحيوي الذي تنمو فيه هذه النضالات. في ذلك استجابة لمنطق الجغرافيا وأحكام التاريخ، أو بمعنى التنسيق بين أطراف اليسار العربي المناضل خدمة لمشروع سام هو تحرير الإنسان، وإن أي نضال معزول عن عمقه العربي لا يمكن أن يصمد ويحقق أهدافه. تونس واليسار التونسي أمام مجموعة من التحديات أهمها: • تنقيح وتعديل الدستور والغاء المادة 40 التي تمنع المشاركة بالانتخابات وبالتالي التعددية. • تشكيل حكومة انتقالية تؤمن المشاركة. • تشكيل لجنة قضائية تستند الى قضاء انتقالي، كون القضاء التونسي بحاجة الى اصلاح وذلك للبحث بتجاوزات الأجهزة الأمنية، والتجاوزات الاقتصادية لأزلام النظام. إن فلول نظام بن علي المستبد الفاسد لم تستسلم لثورة الياسمين، كما لم تيأس القوى الغربية التي اعتادت على العبث بمصائر الشعوب من إمكان التحكم والسيطرة الخفية. وها نحن نعيش اليوم محاولة خبيثة لمصادرة أنبل ثورة شعبية في تاريخ العرب المعاصر، وذلك من خلال اطلاق العصابات في الشوارع للتخريب وبث الرعب في صفوف الناس. الخوف من اغراق تونس في بحر من الدماء، ووأد تطوره السياسي. وقد تلبس الغدر الذي تحاوله فلول النظام البائد في تونس لبوس الحكم الدستوري زورا وبهتانا، وهو أمر لا يجوز للشعب الذي بذل دماءه الزكية في سبيل الحرية أن يقبله. ومن الضروري في هذه المرحلة الحرص على تمثيل كافة القوى السياسية والاجتماعية في عملية التحول، بحيث تجد هذه القوى صوتها ودورها في مجلس نواب منتخب انتخابا نزيها لا تزوير فيه ولا تزييف. وهنا يجدر بالمعارضين السياسيين التونسيين المنفيين بالخارج أن يهرعوا إلى بلدهم للمساهمة في ترجمة ثورة شعبهم إلى مشروع سياسي مثمر، والحيلولة دون تمكن فلول النظام المتهاوي من البقاء ممسكة بزمام الأمور . سقوط بن علي ليس هدفا بنفسه بل هو البداية. لذلك على قوى التغيير توحيد صفوفهم داخل المعارضة حتى لا يتثنى لفلول نظام بن علي، أو للعسكريين الطامحين، أو للقوى الغربية المتربصة، بوأد الثورة الشعبية، من خلال تنصيب قادة دون تغيير جذري في البناء الدستوري والسياسي القائم.
#مسعود_محمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
خوف العسس من سمير قصير في قبره
-
اسلام بلا سياسة ... مواطن بلا وطن
-
ملامح 2011 تقسيم وتسوية
-
تسوية لا تسوية....اسألوا الشهداء
-
هللويا ... جلجلة الشرق الأوسط
-
لخامنئي .. ما لقيصر لقيصر وما لله لله
-
لحزب الله ... نحن المجني عليهم
-
لنصرالله
-
جبران الفدائي الأول
-
المحكمة مستمرة ... رعد يرتعد
-
أقليات العراق
-
اقرأ سي بي سي يا سيد
-
بيار.. المحكمة.. مستقبل لبنان
-
الكرد للعراق
-
عون وهاب وقانصوه ... شهود
-
سينودس اسلامي لمسيحيي الشرق
-
وجه عمر حرقوص الجميل
-
لماذا سكت يا سيد حسن
-
الى سعد رفيق الحريري ... لا تساوم لا تستسلم
-
سجل نجاد اعدامات واغتيالات بالجملة
المزيد.....
-
الصحة الفلسطينية تكشف موعد إعادة فتح معبر رفح لإجلاء المرضى
...
-
إسبانيا: القبض على -عصابة إجرامية- سرقت 10 ملايين يورو من من
...
-
العثور على الصندوق الأسود لطائرة الخطوط الجوية الأمريكية الم
...
-
ابتكار لفحص الهرمونات بالهاتف المحمول
-
لبنان.. شخص يقتحم موكب تشييع قتيل في -حزب الله- ويصدم عددا م
...
-
المغرب يعلن رفضه دعم إيران للحوثيين
-
رئيسة الوزراء الدنماركية: ما زلنا لا نعرف من أين سنحصل على ا
...
-
مصادر أوروبية: سيسمح لـ50 جريحا فلسطينيا بمغادرة غزة في السا
...
-
التساقط الكثيف للشعر قد يكون مؤشرا لأمراض مزمنة
-
أردوغان: تركيا متمسّكة بالقضاء على جميع التنظيمات الإرهابية
...
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|