أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - فؤاد بلمودن - الملحمة التونسية هل هي نهاية عقدة الخنوع العربي أم بداية أفول عصر الطواغيت ؟














المزيد.....

الملحمة التونسية هل هي نهاية عقدة الخنوع العربي أم بداية أفول عصر الطواغيت ؟


فؤاد بلمودن

الحوار المتمدن-العدد: 3247 - 2011 / 1 / 15 - 04:07
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


من المؤكد أن الجماهير والشعوب العربية ليست عقيمة وميتة، لكن صبرها الطويل على ساستها الفاسدون كدنا معه نصدق أن الخنوع اختصاص عربي بامتياز ، هل كان من الضروري أن تعاين الجماهير مشهد البوعزيزي وهو يحرق نفسه - بعدما أحرق الفقر والظلم والحكرة قلبه وكبده في محاولة يائسة بعدما لم يعد أمامه ما يخسره- لكي تنتفض ضد أوليغارشيا الفساد ، وتكسر حاجز الصمت مطالبة برحيل الدكتاتور ؟ أم أن صنم الرعب الذي تنسجه الدكتاتوريات البغيضة حول نفسها بات قابلا للانكسار أمام انتفاضة الجماهير الغاضبة ؟
لكن ما يحدث في تونس حاضرة الغرب الإسلامي وبوابة الفاتحين المسلمين تجاه باقي أصقاع المغرب الكبير لا يمكن فصله عن سياقاته ومساقاته ، فالبلد الذي قاد المقاومة والكفاح ضد الإستعمار الفرنسي وسطر ملاحما خالدة من النضال الأسطوري ضد الغزاة ، ومن هناك من أرض القيروان خرج أسد بن الفرات إلى صقلية فاتحا ، وقبله بزمن سحيق قاد هنيبل حملته الأسطورية الشهيرة عابرا جبال الألب لغزو روما أكبر قوة إستعمارية في التاريخ . فالشعوب التي لها امتداد عبر التاريخ لا تقهر إلى الأبد ، ولذلك ليس مستغربا أن ينتفض التونسيون ضد الطاغية الذي حّول البلاد بخيراتها وكنوزها إلى مزرعة عائلية ، وسعى جاهدا إلى محو الهوية وفصل الشعب عن تاريخه وحضارته .
لقد اعتقد بن علي كما يعتقد كل طاغية جبان أن سياسة القبضة الحديدية ، وإحكام السياسة الامنية ، والإنصياع الأعمى لإملاءات للراعي الدولي الإمبريالي الإستعماري ، يمكنها أن تكون صمام أمان وضمانة لاستمراره الأبدي في الحكم ، لكن صنم الرعب تهاوى أمام ثورة البطون الجائعة ، والأمعاء الخاوية ، ليقف العالم مندهشا أمام دولة يسوِّق ساستها وأوصياؤهم الاستعماريين أنها جنة شمال إفريقيا ، بينما يعيش الناس فيها أوضاعا اجتماعية بئيسة وفقرا مدقعا ، وقمعا منقطع النظير ، كيف يمكن لرئيس دولة يحترم نفسه ان يواجه شعبه الغاضب من أجل حقوق اجتماعية عادلة بالرصاص الحي والبنادق المصوبة للرؤوس والصدور ؟ لكن متى كانت الطواغيت كائنات محترمة وهم الذين ينشدون الحكم من العرش إلى القبر؟
الطاغية كائن جبان بطبعه ، ولذلك عند الجد ليس أمامه سوى الهروب أوإصدار الأوامر بإبادة خصومه من أبناء شعبه ، ولا مشكلة لديه في القضاء على ثلثي الشعب ليستقيم له حكم الثلث الباقي .
لكن شعب تونس بانتفاضته الشجاعة قلب المعادلة، مؤكدا أن الأمة العربية ليس قدرها أن تعيش متأرجحة بين تحكم الطواغيت الفاسدين، وبين صمت الشعوب المريب، فهل هي صحوة مفاجئة أم أنه الغضب المتراكم في ظل نظام بوليسي فاسد يخنق الأنفاس ويصادر كل شيء : حرية التعبير وحرية العبادة...قمع المعارضة والتضييق على الإعلام ...
لا شك أن الطاغية العربي سيعيد حساباته جيدا ، وسيعيد تقييم الموقف إما باتجاه التشديد من أساليب القمع الممنهج ضد كل الحركات الإجتماعية أو باتجاه ضخ المزيد من المسكنات في شكل وعود كاذبة – كما هي عادته- بتحسين الوضع الإجتماعي وتشغيل العاطلين ، كما بادر في كلا الإتجاهين طاغية تونس في محاولة يائسة لاحتواء الأوضاع ، لكن هيهات فالشعب في كل أرجاء تونس يهتف برحيل الطاغية و زمرته الفاسدة وإعادة تشكيل النظام السياسي وفق قواعد ديمقراطية تحقق للشعب العدالة الإجتماعية والتنمية ، وتعيد الحياة المدنية التي صادرها النظام السلطوي .
صحيح أن الأنظمة البوليسية سعت جاهدة إلى فصل المعارضات الجادة في أوطانها عن القواعد الشعبية عبر المحاكمات والتخويف والتخوين ، فكانت النتائج متفاوتة من قطر عربي إلى آخر، لكن في الحالة التونسية حيث أغلب المعارضين إما منفيين أو مغيبين في أقلبية السجون، لكن الجماهير باتت وفجأة تتلقف خطاب المعارضة وبشكل عفوي تعكسه نوع الشعارات التي تطالب برحيل الدكتاتور من قبيل :
- " بنعلي يا جبان شعب تونس لا يهان "
- " تونس حرة حرة وبنعلي على برة " .
– " لادراسة لا تدريس حتى يسقط الرئيس
" ألفين وحداش بعلي ما يبقاش -
بل إن أكبر مأزق لنظام بنعلي في تونس هو عدم وجود محاورين واضحين بالنسبة إليه – على الأقل – يمكن أن يجاورهم في شأن نزع فتيل الغضب الشعبي والوصول لحلول معينة تنهي الاحتقان في الشارع ، لأن الدكتاتور حرص على إفراغ الساحة من الزعامات المعارضة ، لكنه نسي أن في زمن العولمة الإلكترونية تقلصت الجغرافيا ولم يعد للتواصل الإنساني حدود .
قد تحقق الثورة التونسية وقد لا تحقق كل أهدافها وآمالها ، لكنها حتما ستكون لبنة تاريخية تنضاف إلى ذلك المخزون التراكمي لنضال الشعوب العربية وحركاتها التحررية في أفق إنضاج شروط تحرك جماعي يقطع مع ماضي الاستبداد وعبودية الطواغيت ، ويؤسس لبناء جماعي للمستقبل قائم على مسعى تصالحي مع الذات الحضارية ومع قيمنا الأصيلة ، لكن المهم في هذه الظروف العصيبة هو أن تنحل عقدة الخنوع العربي ، ليدرك الطواغيت الصغار المحميون من قبل الإستكبار العالمي أن الشعوب العربية قادرة على أخذ زمام المبادرة ولو بعد حين بدل الخضوع والإنقياد وأن مصير كل طاغية محجوز في طرة التاريخ .



#فؤاد_بلمودن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- استشراف مستقبل الأمة عند الدكتور سهيل عناية الله من خلال مرا ...


المزيد.....




- كيف يمكن إقناع بوتين بقضية أوكرانيا؟.. قائد الناتو الأسبق يب ...
- شاهد ما رصدته طائرة عندما حلقت فوق بركان أيسلندا لحظة ثورانه ...
- الأردن: إطلاق نار على دورية أمنية في منطقة الرابية والأمن يع ...
- حولته لحفرة عملاقة.. شاهد ما حدث لمبنى في وسط بيروت قصفته مق ...
- بعد 23 عاما.. الولايات المتحدة تعيد زمردة -ملعونة- إلى البرا ...
- وسط احتجاجات عنيفة في مسقط رأسه.. رقص جاستين ترودو خلال حفل ...
- الأمن الأردني: تصفية مسلح أطلق النار على رجال الأمن بمنطقة ا ...
- وصول طائرة شحن روسية إلى ميانمار تحمل 33 طنا من المساعدات
- مقتل مسلح وإصابة ثلاثة رجال أمن بعد إطلاق نار على دورية أمني ...
- تأثير الشخير على سلوك المراهقين


المزيد.....

- افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار ... / حاتم الجوهرى
- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - فؤاد بلمودن - الملحمة التونسية هل هي نهاية عقدة الخنوع العربي أم بداية أفول عصر الطواغيت ؟