|
هيلاري لم تفهم ثورة الشعب التونسي و رسالته للعالم
أحمد حسنين الحسنية
الحوار المتمدن-العدد: 3246 - 2011 / 1 / 14 - 19:35
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
يبدو أن البيت الأبيض الأمريكي على حق حين لم يجعل لوزيرة الخارجية الأمريكية السيدة هيلاري كلينتون نفوذ يذكر في رسم ، و إدارة ، السياسة الخارجية الأمريكية ، حيث قام بإستبعادها ، هي ، و وزارة الخارجية ، من الإمساك بالملفات الهامة ، تاركاً لها ، و لوزارتها ، المهام الإحتفالية ، و الملفات غير الهامة بالنسبة للمصالح الخارجية الأمريكية . لو أضفت رأيي الشخصي في هذا الشأن بشكل أكثر عمومية ، و أجبت على سؤال : من يجب أن يرسم السياسة الخارجية لأي دولة ؟ لقلت : أن من الأفضل لأي دولة في العالم ، ألا تدع لوزارة خارجيتها ، و المتخرجين من تلك الوزارة ، رسم ، و إدارة ، سياستها الخارجية ، و ذلك لما طبع أداء هؤلاء السيدات ، و السادة ، المهذبين ، الذين قضوا حياتهم المهنية في وزارة الخارجية في أي بلد ، من قصور . الدبلوماسيون المحترفون ، أي الذين تربوا مهنيا في وزارات الخارجية ببلادهم منذ بدأت حياتهم العملية ، هم أفضل من يمثلون بلادهم في المناسبات الخارجية الإحتفالية ، و في الحفلات الرسمية ، و غيرها من المناسبات الرسمية ذات العلاقة بالخارج ، التي تقام بداخل بلادهم ، فليس هناك من هو أفضل منهم في تنميق الكلمات ، و في حفظ قواعد البروتوكول ، و في أداء الرسائل الرسمية ، و أخذ الرد عليها ، و جمع المعلومات ، سواء بأسلوب الإستماع للقيل و القال في المناسبات الإحتفالية ، أو من المقابلات الرسمية ، و غير الرسمية . لو شبهت المسألة بمسرحية ، لكان الدور الأنسب لطاقم العاملين بوزارات الخارجية ، هو دور الممثلين ، و لكن ليس لهم أبداً القيام بدور المؤلف ، و دور المخرج ، لأن المؤلف يجب أن يتمتع بصفة الإبداع ، و المخرج بصفة التوفيق بين إبداع المؤلف ، و الواقع المتاح لديه ، مع إضافة لمسته الشخصية ، فهو أيضا مبدع ، و الإبداع لا أعتقد أن الدبلوماسيين المحترفين يتمتعون به ، ربما لأن التقيد الشديد ، الذي يصل لحد التزمت ، بالقواعد الدبلوماسية ، تخنق ملكة الإبداع لديهم منذ بداية حياتهم المهنية تلك . هيلاري كلينتون ، و برغم إنها لم تقض حياتها المهنية كدبلوماسية ، و إنما كان وصولها لمنصبها بمثابة صفقة سياسية ، إلا إنها تتصف بصفات الدبلوماسيين السلبية ، و غابت عنها أهم صفاتهم الإيجابية . فإذا كان من غير الضروري للدبلوماسي المحترف أن يبدع ، إلا إن من الضروري جدا في مهنته أي يعرف كيف يقرأ الأحداث ، و أن يدلي برأيه حولها . هذا الشهر ، يناير 2011 ، و بينما تونس تهزها التظاهرات - و لازالت لهذا اليوم الذي أكتب فيه هذا المقال - تطلع علينا السيدة هيلاري كلينتون من العاصمة القطرية برسالة ، تهديد ، و وعيد ، لطغاة العرب من معسكر الإعتدال ، في التصنيف الأمريكي ، أن يصلحوا من أنفسهم ، و إلا فسيحل محلهم الإسلاميين المتشددين . هيلاري لم تصلها الرسالة الشعبية التونسية للعالم ، أو لم تفهمها . هيلاري يبدو إنها حتى لم تشاهد مقاطع من تلك التظاهرات ، سواء من خلال البث التلفزيوني ، أو من خلال مقاطع الفيديو التي وضعتها الكثير من القنوات الإعلامية العالمية في مواقعها على الإنترنت . لو كانت السيدة هيلاري كلينتون شاهدت تلك المظاهرات ، لرأت غياب الطرف الذي تخوف العالم ، و طغاة العرب ، منه . و إن كانت شاهدتها ، و لم تفهمها فالطامة أكبر ، لأن ذلك يكشف أين يقع معدل ذكائها . لم تكن تلك التظاهرات - التي هزت أركان النظام الحاكم التونسي ، و لازالت تهزه لليوم ، و لو إستمرت بنفس الزخم ، على الأقل ، لإسقاطته - بسبب دعوى من تيار ديني متشدد ، أو زعيم غوغائي متطرف ، بل كانت نابعة من غضبة شعبية تونسية عامة . و لو كلفت السيدة هيلاري نفسها عناء البحث عن المطالب الشعبية التونسية ، لرأت بجانب المطالب الإقتصادية ، مطالب سياسية ، و إنسانية ، لا يختلف حول مشروعيتها إنسان يتمتع بصفة العدالة . هل المطالبة بالديمقراطية ، و رفض مبدأ : من القصر إلى القبر ، و المطالبة بحرية التعبير ، و المطالبة بإحترام كرامة المواطن ، و ما إلى ذلك من المطالب المتعلقة بالديمقراطية ، و حقوق الإنسان ، من مطالب التشدد ، الذي تخافه السيدة كلينتون ، و تهدد به طغاة العرب ؟؟؟ الشعوب العربية ، أو الشرق أوسطية ، و الشمال أفريقية ، الناطقة بالعربية ، فاض بها الكيل يا هيلاري ، و هي لا ترغب في طغاة أخرين من أي لون سياسي ، أو عقائدي . الإنسان في منطقتنا يا هيلاري مثل أي إنسان في العالم ، يريد الكرامة ، و العدالة ، و الرفاهية ، و الديمقراطية ، و حرية التعبير . لا أعتقد أن السيدة هيلاري ستفهم هذا ، فهي أسيرة ما لقنه لها أستاذها الدبلوماسي ، الذي درس لها مادة الشرق الأوسط و شمال أفريقيا ، عندما بدأت حياتها المهنية كوزيرة للخارجية . لا يهم أن تفهم ، هي ، و لا يهم أن يفهم غيرها من أصحاب المناصب ، لأن الشعوب قادرة بمفردها على تحقيق ما يبدو مستحيل ، و غريب .
من المنفى القسري : بوخارست - رومانيا
14-01-2011
#أحمد_حسنين_الحسنية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تشابهت الأخطاء في السودان و النتيجة واحدة
-
لا تقلق يا زين ، فالإخوان أقصاهم سياسياً المباركة
-
هل يملك آل مبارك أنفاق في رفح ؟
-
العراق بين الذئاب
-
المراقب الأهلي الأجنبي ممكن أن يكون تركي أو عراقي أو برازيلي
-
ليس منا من يمارس العنف ، أو يهدد به ، أو يروج له
-
الكوارث الطبيعية نادراً ما أسقطت الكيانات السياسية
-
أتحسر على سقوط الديمقراطية الأولى و لا أتحسر على سقوط أسرة م
...
-
غرس و تنمية الوعي الديمقراطي هدف هذه المرحلة
-
بدون عنف ، لكن لا يجب أن تمر في هدوء
-
دولة ولاية الفقيه لم تنفع متبعي الفقيه الجعفري
-
الإندماج كله فوائد و غير مكلف
-
عندها يجب محاكمة أبو جيمي و سيده
-
تذكر أن والدك كان لاجىء و أن جدك كان مطارد
-
علينا أن نطالب بالعدالة و أن نمارسها
-
حتى لا يرث جيمي مبارك نفس العقدة
-
د. بيار زلوعة و فكرة النقاء الجيني الذكري الفينيقي
-
هل ستغلق القلوب أيضا ؟
-
إنه قصور في الرؤية لدى حماس
-
هل حلال للأتراك و حرام على المصريين ؟
المزيد.....
-
محكمة روسية تبدأ النظر في قضية -الخيانة- ضد راقصة باليه مزدو
...
-
خبيران يكشفان لـCNN ما -أذهلهما- بزيارة بوتين إلى كوريا الشم
...
-
عدد الحجاج المتوفين يتجاوز الألف معظمهم غير مسجلين
-
رئيس الوزراء الفيتنامي يعلق على زيارة بوتين
-
سيئول تحتجز سفينة شحن بدعوى انتهاكها العقوبات الدولية على كو
...
-
-بوابة العالم السفلي- تعود إلى موطنها بعد اختفاء محير لأكثر
...
-
محكمة سويدية تبرئ ضابطا سوريا سابقا من جريمة حرب
-
أوكرانيا بلا كهرباء والولايات المتحدة توقف طلبيات -باتريوت-
...
-
مجلة أمريكية تنصح أوكرانيا وحلفاءها بالتنازل عن الأراضي التي
...
-
علماء: أكبر إعصار في النظام الشمسي على وشك الاختفاء والأرض ا
...
المزيد.....
-
عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية
/ مصطفى بن صالح
-
بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها
/ وديع السرغيني
-
غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب
/ المناضل-ة
-
دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية
/ احمد المغربي
-
الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا
...
/ كاظم حبيب
-
ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1)
/ حمه الهمامي
-
برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب
/ النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
-
المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة
/ سعاد الولي
-
حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب
/ عبدالله الحريف
-
قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس
/ حمة الهمامي
المزيد.....
|