أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - فادي عرودكي - السودان سودانان .. والعرب خرسان!















المزيد.....

السودان سودانان .. والعرب خرسان!


فادي عرودكي

الحوار المتمدن-العدد: 3246 - 2011 / 1 / 14 - 15:19
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    


عندما يتم نشر هذا المقال، تكون الأيام المخصصة للاستفتاء على مصير جنوب السودان قد انقضت، وربما – أو غالبا – نكون على أعتاب انفصاله مكوّنا كيانه الخاص، منسلخا عن الكيان الأصل، وأَعْيُنُ بني العرب تنظر دون أن تحرّك ساكنا وكأن على رؤوسهم الطير. هكذا، وبكل بساطة وسذاجة واستهتار، سمحنا للأمور أن تصل إلى هذه النقطة، حيث أصبح من الصعب جدا أن نمنع انفصالا غَدا وشيكا، على الأقل دون إراقة دماء المزيد من السودانيين .. ولا يوجد محبّ للسودان يرضى بهذا.
ماذا حدث إذاً؟ كيف وصلنا إلى هنا؟ والأهم من ذلك هو لماذا وصلنا إلى هنا؟ تساؤلات ينبغي على كل عربي أن يطرحها على نفسه، هي وتساؤلات كثيرة غيرها ليس أولها سبب تراخي الحكومة السودانية حتى وصلت الأمور إلى هذه النقطة، وليس آخرها سبب التغاضي العربي عن هذه القضية وكأنها لا تمسّ صلب ميثاق جامعة الدول العربية بل والأمن القومي لدول عربية كثيرة. والإجابة على هذه التساؤلات تحتاج إلى مقالات تحليلية كثيرة تتناول العديد من النقاط آخذة بالاعتبار الظروف الإقليمية والدولية والمواقف السياسية والتي لا يتسع المجال لسردها في مقال واحد، ولا يستطيع الكاتب الواجم تحت تأثير حرقة شجون القرار المتوقع أن يكتب بحيادية وموضوعية مجنّبًا العاطفة .. غير أنه تبقى كلمات يجب ذكرها في هذا المصاب ولو بعد خراب البصرة.
أما النظام السوداني، وهو نظام عربي تقليدي كبقية الأنظمة العربية، بَرَعَ في قمع شعبه والتضييق على حرياته وما زال رئيسه يحتكر السلطة منذ أكثر من عقدين من الزمان، فلا أدري ما الذي أجبره على توقيع اتفاق السلام الشامل مع الجبهة الشعبية لتحرير السودان في عام 2005 بشكله النهائي (والذي لا شك أنه أنهى الحرب الأهلية الطويلة، ولكنه أسّس لهذا الاستفتاء الظالم)! ولا أدري هل كان النظام السوداني في باله أن يتنصّل من تنفيذ بنود هذا الاتفاق مثلا، أو أنه كان فعلا على استعداد لتقبّل نتائج استفتاء كهذا – وهي نتيجة معلومة مسبقا! بل ولا أدري ما الذي قام به النظام السوداني منذ عام 2005 وإلى الآن لكي يساهم في ترسيخ الوحدة ويستميل الجنوبيين؟ وحقيقة، أمام قرارات كهذه، تبقى في حيرة من أمرك إلى أن تنتبه أن ديكتاتورا هو الذي يقود البلاد والعباد، وحينها تستطيع استيعاب أن قرارات فاشلة كهذه لا تتخذها إلا عقلية جهبذة كعقلية ديكتاتور قادرة على صنع هرطقة سياسية دون أساس فكري أو نظرة مستقبلية أو اعتبار لوحدة وطنية، كيف يكون ذلك والاعتبار الأول والأخير للديكتاتور هو الكرسي؟!
ولا أريد التحامل كثيرا على النظام السوداني محمّلا إياه كامل المسؤولية، فلا شك أن الضغوط الدولية والتدخلات الأجنبية والأطماع الغربية والمؤامرات الصهيونية وارتباط بعض ساسة الجنوب بمصالح الولايات المتحدة وأوروبا وحتى الكيان الصهيوني، لا شك أن كل هذا ساهم وبشكل كبير في الوصول إلى ما نحن عليه اليوم بهذا الشكل وبهذه السرعة؛ لكن ألم يكن للأخطاء الكثيرة التي ارتكبها النظام السوداني دورا كبيرا لا يقل أهمية عما سبق في جعل فكرة الانفصال واردة؟ ألم يكن لغياب الديمقراطية والحريات والحقوق المدنية وللانتهاكات الإنسانية والتعامل بازدواجية والتفرد بالقرارات ناهيك عن الوضع المعيشي الاقتصادي المزري دورٌ هام في تأسيس وتمكين الرغبة الصارمة لدى أبناء جنوب السودان في الانفصال عن السودان وتأسيس كيان جديد بشكل مغاير لذلك الذي اعتادوا عليه في السودان الأم؟ كلها تساؤلات وأفكار لا تؤدي إلا إلى نتيجة مفادها أنه لم تعُدِ الديكتاتورية على شعبها يوما بخير.
أما الأنظمة العربية، والتي لا يُعَوَّلُ عليها على أية حال، فوقفت تشاهد منظر تقسيم السودان دون أن تتدخل، رغم أنها عادة تتدخل في كل شاردة وواردة عندما يكون في الأمر شرّ على العرب! فبغض النظر عن كون الجامعة العربية مسؤولة - أخلاقيا على الأقل – عن حماية وحدة وسلامة أراضي الدول الأعضاء، والسودان من أقدم الدول الأعضاء في الجامعة، فإن الدول العربية فشلت في حماية وحدة السودان حتى من خلال المبادرات الفردية! وإن غيّبنا الوعي القومي والمصلحة العربية المشتركة، والتي لم تعد تهمّ الكثيرين عموما وبالأخص أولئك الذين في الحكم، فإني لا أدري كيف غاب عن دولة كمصر على سبيل المثال خطورة نتيجة الاستفتاء في جنوب السودان! فمن الضامن بأن عدم الاستقرار الذي قد ينتج عن التقسيم لن ينتقل إلى الجار المصري في الشمال؟ وألا يمكن أن يؤدي ارتباط مصالح بعض ساسة الجنوب بالكيان الصهيوني أن يؤثر مباشرة على الأمن القومي المصري؟ بل إن مجرد زيادة دول حوض النيل دولة أخرى إضافة إلى الارتباط الوثيق لهذه الدولة الجديدة بالغرب سوف يؤثّر على الاتفاقيات الموقعة بخصوص اقتسام مياه النيل وقد يغيّر من حصة مصر منه ما يعرّضها للابتزاز. وهذه فقط بضع قضايا قد تلقي بظلالها على القطر المصري، وعلى بقية الأقطار العربية فَقِسْ.
إذاً، ما العمل الآن؟ لا شك أن التقسيمَ مرفوضٌ من قِبَلِنا، لأسباب قومية عروبية بحتة، كما أنه تقسيم مطلوب غربيا-صهيونيا (إن لم يكن ناتجا عن الإرادة والتخطيط الغربي-الصهيوني أساساً)، وللكاتب عموما مواقف مبدئية من قضايا تقسيم الدول بحجة "تقرير المصير" لأن تقسيم الدول عرقيا أو طائفيا شيءٌ غير منطقي، ففي نهاية المطاف سنخلص إلى إنشاء عدة دويلات لكل قبيلة دولتها! والولايات المتحدة على اتساعها الجغرافي وتنوعها العرقي الديني إلا أنها موحّدة والتقسيم ليس واردا فيها إطلاقا .. فلماذا يتم تقسيم دولنا الصغيرة؟! إن التنوع الثقافي العرقي الديني لهو ميزة في الأوطان لا بد من الإفادة منها في حال تم التعامل مع أبناء الوطن على أساس المواطنة بمساواة وعدالة وحريات مكفولة للجميع تنظمها دساتير وطنية وترعاها حكومات منتخبة شعبيا. هكذا يتم الحفاظ على وحدة الأوطان. أما بدعة تقسيم الأوطان فهذا أمر مرفوض وهو هروب من التعامل مع الواقع. أما وقد جرى ما جرى الآن، فلا يجب أبدا الانجرار إلى حرب أو حالة من عدم الاستقرار بين السودانيْن، فلا فائدة ترجى من ذلك. والمطلوب هو التعاون مع هذا السودان الجديد، واستمالته إلى الحضن العربي لتكون مصالحه مرتبطة مع محيطه الطبيعي، لا مع أعداء العرب. ولا بد من السعي إلى صيغ معيّنة مستقبلية يتم من خلالها تحقيق وحدة مجددة بين السودانيْن بأي شكل من الأشكال. هذه الحلول الأكثر حكمة برأينا بالإمكانات المتاحة والظروف الحالية .. ولكل عربي وسوداني أقول: ابكِ كالنساء ملكا مضاعا .. لم تصنه كالرجال!! وا سوداناه!



#فادي_عرودكي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من قيرغيزستان إلى ساحل العاج مرورا بتونس .. جيفارا لم يمت!


المزيد.....




- ماذا يعني إصدار مذكرات توقيف من الجنائية الدولية بحق نتانياه ...
- هولندا: سنعتقل نتنياهو وغالانت
- مصدر: مرتزقة فرنسيون أطلقوا النار على المدنيين في مدينة سيلي ...
- مكتب نتنياهو يعلق على مذكرتي اعتقاله وغالانت
- متى يكون الصداع علامة على مشكلة صحية خطيرة؟
- الأسباب الأكثر شيوعا لعقم الرجال
- -القسام- تعلن الإجهاز على 15 جنديا إسرائيليا في بيت لاهيا من ...
- كأس -بيلي جين كينغ- للتنس: سيدات إيطاليا يحرزن اللقب
- شاهد.. متهم يحطم جدار غرفة التحقيق ويحاول الهرب من الشرطة
- -أصبح من التاريخ-.. مغردون يتفاعلون مع مقتل مؤرخ إسرائيلي بج ...


المزيد.....

- الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية / نجم الدين فارس
- ايزيدية شنكال-سنجار / ممتاز حسين سليمان خلو
- في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية / عبد الحسين شعبان
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية / سعيد العليمى
- كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق / كاظم حبيب
- التطبيع يسري في دمك / د. عادل سمارة
- كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟ / تاج السر عثمان
- كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان / تاج السر عثمان
- تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و ... / المنصور جعفر
- محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي ... / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - فادي عرودكي - السودان سودانان .. والعرب خرسان!