كهلان القيسي
الحوار المتمدن-العدد: 971 - 2004 / 9 / 29 - 08:03
المحور:
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
الكارديان البريطانية: تصف حال الجامعات العراقية بالمأساوي
ترجمة كهلان القيسي [email protected]
*Luke Harding تكتب من بغداد عن ما فعلة الحصار “والصدمة والترويع" للعلماء العراقيين.
تجهيزات محطمة وقديمة وبضعة كراسي بالية, هذا وضع أفضل جامعة في العراق, فعليك تخيل حال الجامعات. يقف البروفسور رعد راضي في مختبر الفيزياء في جامعة بغداد وهو يشير إلى ماكينة قياس الهليوم ويقول" إنها لم تعمل منذ سنتين أو ثلاث. في الحقيقة, لم نحصل على أي شيء وحتى لا نملك كراسي لطلبتنا ليجلسوا عليها. ويقول البروفسور انه حصل على شهادة الدكتوراه من جامعة ميشغيان. وعليك أن تتصور ما هو الفرق بين القسمين هنا وهناك, كيف تتوقع أن نعمل في هذه ظروف كهذه؟؟
انه سؤال جيد, مر على سقوط النظام حوالي 17 شهرا, و حياة جميع العلماء العراقيين في خطر, وان معظم التجهيزات التي يستخدمها البروفسور رعد والقسم
اغلبها إنكليزية الصنع عمرها مابين 20 أو 30 سنة.و وقال البروفسور: انظر إلى كل هذا التدمير والخراب في مختبر الالكترونيات إن معظم الأجهزة لا تعمل, و القليلة التي تعمل هي قديمة جدا يجب وضعها في المتحف. ويقول متهكما وهو يشير إلى إحدى المكائن يمكن أن نغلي قهوة بها.
انه من الصعب على هؤلاء العلماء و الاساتذه في المؤسسات التعليمية العراقية أن يهملوا أو يتجاهلوا, ويشير عميد كلية العلوم عبد المهدي طالب, إلى انه خلال العشرين سنة الماضية قد تناقص عدد العلماء العراقيين.وخلال السنة الماضية وأثناء الاحتلال فان النهب والتخريب طال كل شيء في الجامعات حتى الأشجار وسط بغداد,لقد نهبوا كل ما يستطيعون حمله من المجاهر والأجهزة وعندما عدت الى الجامعة بعد أيام من الاحتلال لم أجد سوى الجدران.وحاولنا شراء بعض الأشياء من الناس الذين كانوا يبيعونها في الشوارع, ولكن معظمها تم تهريبها الى شمال العراق. وحتى قبل الحرب الأخيرة فقد كان مجتمع العلماء يعاني الكثير الصعاب, إنها فترة صعبة جدا وخلال العشرة أعوام الماضية كنا مقطوعين عن العالم الخارجي, ومنذ أن وصل صدام الى السلطة منذ عام 1979 فان العلماء العراقيين الذين درسوا في بريطانيا في الستينات والسبعينات كان من الصعب جدا عليهم السفر الى الخارج,ثم في عام 1990 هجم صدام على الكويت, وأقرت الأمم المتحدة الحصار على العراق , الذي قطع العلماء العراقيين عن الخارج وقليلا منهم تواصلوا مع الخارج, لقد منعوا من السفر الى المؤتمرات العالمية أو إقامة أي تعاون مع الجامعات العالمية , وكانت كل الحكومات الأجنبية ترفض إعطائهم أي تأشيرة دخول, حتى المجلات العلمية منعت من دخول البلد, كذلك حرم هذا الحصار العلماء والحكومة حتى من شراء الأجهزة والكتب العلمية.
إن الأولوية كما يصفها الدكتور طالب, هي على العلماء العراقيين اعادة الاتصال مع مختلف الجهات العلمية العالمية, نحن نفتقر الى ابسط متطلبات البحث العلمي ونحتاج فعلا الى أشياء كثيرة.
جامعة بغداد حالها حال أي مركز أكاديمي أخر, الإناث والذكور من الطلبة يجلسون سوية في إحدى مقاهي حدائق الجامعة ويحتسون الشاي تحت مضلات بيضاء, ومن جانب أخر , هناك شي مختلف حيث يقف الحراس ببنادقهم على مدخل الجامعة,وكل سيارة تدخل يتم تفتيشها خوفا من المتفجرات,وقد طالبت بعض الجماعات الدينية المتطرفة بفصل الإناث عن الذكور في الجامعات , ولم يتطور الأمر بعد إلى تفجير سيارات في الحرم الجامعي من قبل تلك الجماعات.
و منذ بداية الاحتلال ولحد ألان قامت الجامعة بطبع وإنجاز عدد من مشاريع البحوث العلمية, ويقول البروفسور: نحن نأمل بتحسين مستوى طلبة الدكتوراه ليوازي ما موجود في إنكلترا وأمريكا.لأنهم مستقبل هذا البلد.
وقد وجه نداء الى كافة علماء العالم: نحن إخوتكم, نحن تخرجنا من جامعاتكم وألان نحن بحاجة لمساعدتكم لنا.
وبالرغم من ذلك فقد خيبت الحكومة البريطانية ضنه وضن زملائه, حيث طلب إرسال عدد من طلبة الدكتوراه إلى الدراسة في الخارج. ولكن الحكومة البريطانية رفضت الاستجابة لطلبه و لم توافق إلا على استضافة 50 زمالة دراسية من جميع أنحاء العراق.
السيد حاتم عطية رئيس العلاقات الخارجية للجامعة, قد قام بزيارة الى جامعة برمنكهام في بداية هذا العام ولم يحصل على أية فرصة في تدريب بعض الطلبة.
العراق وهو تحت الاحتلال الأمريكي- البريطاني, فان جميع جامعاته ومعاهدة المخربة تنتظر إعادة البناء. ويقول البروفسور راضي لقد وعدونا بإعادة اعمار العراق, ولكن لم نرى شيئا هنا وأستطيع الاستنتاج بأنهم كذابون وإذا كنا نحن أفضل جامعة في العراق وهذا حالها فلك أن تتصوري حال بقية الجامعات, وقد قدم زملائه قائمة بالاحتياجات الملحة تسلمتها الكارديان منهم.
واحدة من أهم المشاكل التي واجهت العلماء العراقيين وهي شهرتهم العالمية غير المقصودة,حيث إن هناك فرق بين العلماء الذين اشتغلوا في الجامعات والمعاهد العلمية أيام النظام السابق وبين الذين اشتغلوا في برامج خاصة بالحكومة, نحن نريد أن نرجع تواصلنا مع المجتمع العلمي العالمي, ويتوجب على العالم أن لا يرفضنا وكأننا شياطين و نحن لا نحب السياسة , ومباشرة بعد سقوط النظام أجرينا انتخابات وتم بموجبها اختيار رئيس الجامعة ونائب للرئيس والعمداء, وتم إلغاء بعض النظم التي وضعها صدام وهناك الجميع يريدون العودة للعمل. وبنفس الوقت قامت القوات الأمريكية باعتقال العديد من العلماء الذين كانوا يعملون في برامج صدام المزعومة للتسلح, وكانت حجة الأمريكان في اعتقال هؤلاء العلماء هو للكشف عن تلك البرامج . وألان وبعد مرور 17 شهرا أصبح واضحا للعيان للقاصي والداني إن هذه الأسلحة هي غير موجودة أصلا, حتى باعتراف توني بلير وغيره. بالرغم من هذا لا تزال القوات الأمريكية تحتجز العديد من العلماء ومنهم العالمتين, رحاب طه, وهدى عماش, في سجن سري في مطار بغداد.ولم يتهم أي من هؤلاء العلماء بأي جريمة لكن السلطات الأمريكية ترفض أي إجراءات قانونية لإطلاق سراحهم.
وفي كانون الثاني من هذا العام توفي العالم الكيميائي العراقي محمد منعم, تحت ظروف غامضة في احد المعتقلات الأمريكية في العراق, وقد اثبت الطب ألعدلي بعد تشريح الجثة إن العالم قد توفي نتيجة ضربة بالة حادة على الرأس. مرت ألان 8 اشهر ولم يصدر أي تصريح من البيت الأبيض على ما فعلوه بهذا العالم.
بقية العلماء لا يزالون قيد الاحتجاز ومنهم عامر السعدي المستشار العلمي الخاص لصدام حسين, والذي درس في كلية باتريسيا والتي هي ألان جزء من جامعة(SURREY)في عام 1960. وقد فند الدكتور السعدي مزاعم كولن باول عن أسلحة الدمار الشامل في العراق, وبعد 3 أيام من سقوط النظام سلم الدكتور السعدي نفسه للأمريكان ووضعوه في السجن. السيدة هيلمة زوجة عامر السعدي الألمانية, قالت إن الجريمة الوحيدة لزوجي هو انه كان يسخر من رامسفيلد في المؤتمرات الصحفية قبل الاحتلال.وتضيف إن بموجب معاهدة جنيف فان أسرى الحرب أما أن يحاكموا أو يخلى سبيلهم بعد انتهاء الحرب مباشرة. وتقول إن زوجي وقع تحت ظلم اسود وأعمى لأنه الوحيد الذي قال الحقيقة, ولذلك سجنه ألان الأمريكان ومرت علية سنة ونصف. وهي لا تزال تنتظر خروج زوجها وهي تعيش في بغداد حاليا.
ولكن انه سيكون من التجني الاعتقاد بان العلماء العراقيون سيستسلمون رغم كل هذا الكم الهائل من المعوقات.حاليا هناك 71 ألف طالب يواصلون الدراسة في جامعة بغداد , نصفهم في الأقسام العلمية,ومن بينهم 6 ألاف خريج, والطاقم التعليمي يضم حوالي 4 ألاف مدرس 1000 منهم بدرجة بروفسور ويضيف الدكتور طالب إن معظم الخريجين من طلبة الدكتوراه لن يجدوا عملا في مجال التدريس, وان الجامعة لا تملك أي أموال و90% من ميزانيتها الفقيرة تذهب إلى الرواتب, والتي معدلها هو 450 دولار أمريكي في الشهر.حتى وان حصلنا على بعض الأموال فإننا لا نستطيع شراء أي شيء لان العراق لا يزال غير قادر على فتح الاعتمادات والعمل بالنظام المصرفي الدولي. ونحن بحاجة ملحة إلى مختبر أشعة الليزر لطلبتنا في المجال الطبي الذين يفحصون حالات السرطان,ولكنه نحن ممنوعون من استيراد أجهزة الليزر. إن فكرة استثمار جيدة هي تلك التي من الممكن إن الواحد يمكنه تحقيقها وهي صرف مبلغ نصف مليون باون لإرسال العلماء العراقيين الشباب إلى إنكلترا لنيل الدكتوراه أو دورات علمية, ويعيد للحياة العلاقات العلمية الوطيدة بين العراق وإنكلترا.
في أيام النظام السابق فر معظم العلماء العراقيون إلى دول الجوار في الشرق الأوسط والى أوربا وأمريكيا ,وإذا لم تتحرك الحكومات الغربية وبشكل سريع سوف تحدث هجرة ثانية, وهنا ضرب البروفسور راضي بيده تلك الماكنة ويقول إن عمرها سوف لن تصلح!!.
السؤال الموجه إلى الجميع: كيف يمكن أن نساعد علماء جامعة بغداد في توفير المختبرات وتجهيزاتها.
*بغداد 23-09-2004.
#كهلان_القيسي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟