قضية الدحلان والحق الفلسطيني العام:

خالد عبد القادر احمد

الحوار المتمدن-العدد: 3245 - 2011 / 1 / 13 - 17:43
المحور: القضية الفلسطينية
    

ان الفارق الرئيسي الذي احدثه اعلان حركة فتح رسميا عن فتح تحقيق مع عضو اللجنة المركزية للحركة ومسئول جهازها الاعلامي, هو انها كانت سابقا حالة شائعات اجتماعية حول شبهات فساد تامرسياسي وفساد مالي تحيط به, تتدخل بها عوامل متناقضة التاثير. اهمها انها كانت صورة من صور الصراع الفصائلي التي تتبادل فيما بينها التهم الاخلاقية, ولم يكن وزنها يعلو عن ذلك.
لكن اعلان حركة فتح رسميا عن وجود اتهامات لها ابعاد الفساد السياسي والمالي ضد محمد دحلان, والاعلان الرسمي عن اخضاعه لتحقيق داخلي في حركة فتح. انهى في هذه الحالة هذا المستوى وجعل منها قضية حق عام فلسطيني رسمية.
لقد تناولنا من قبل قضية الدحلان باعتبارها حدوثة فلسطينية لها عواملها, واشرنا الى ان توقيت اثارتها له علاقة بخلافات سياسية داخلية في حركة فتح ومؤسسة السلطة, تتعلق بعملية التفاوض مع اسرائيل, وان اسلوب اثارتها يحمل عملية حرق سياسي للدحلان, ولم يكن موقفنا في ذلك المقال يحمل اتهاما او تبرئة له بل طالبنا ترك الحكم بذلك لمجريات التحقيق.
غير ان مراجعة واعادة تفكير بابعاد قضية الدحلان ومحاولة استخلاص العبر من مجرياتها حتى الان, تحملنا على اعادة الكتابة بهذا الموضوع, وذلك من الزوايا التالية:
اولا :
باعتبار قضية الدحلان, هي انموذج لقضايا ربما تتكرر مثيلاتها, مع شخصيات فلسطينية سياسية عامة, فصائلية او رسمية, الامر الذي يوجب على المؤسسات الفلسطينية العامة ان تبادر الى الاستعداد للتعامل مع هذه القضية ومثيلاتها باعتبارها ادعاءا عاما فلسطينيا فوق فصائلي, هو الطرف الوحيد ذو الصلاحية النهائية والمخول دستوريا بتمثيل والمحافظة على المصالح العامة الفلسطينية. وهنا يحملنا ذلك الى انتقاد تخلف الهيئة الفلسطينية لمكافحة الفساد عن المبادرة الى التخلي عن هذا الدور وعدم المبادرة الى الامساك بزمام _ التحقيق الرئيسي _ مع محمد دحلان, وانا بصفتي مواطن فلسطيني ومن على هذا المنبر الاعلامي ادعو المدعي العام القضائي الفلسطيني ومدعي عام الهيئة الفلسطينية لمكافحة الفساد الى تلافي خطأ عدم المبادرة للقيام بدورهم القانوني وادعوهم الى تخطي التحقيق الداخلي الذي تجريه حركة فتح مع المذكور واخضاعه للاجراءات القانونية الشرعية الفلسطينية.
ثانيا :
وتبعا لما اسلفنا في اولا فان على هيئات مؤسسة السلطة الفلسطينية ان تبادر الى الاجابة على سؤال, على من ينطبق القانون الدستوري الفلسطيني, فهل هو ينطبق على جميع _ المواطنين والهيئات الفلسطينية_ ام ينطبق فقط على من لا يتمتع بحماية ميليشياتية فصائلية؟
ثالثا :
هل هيئات السلطة في صورتها كاطار مؤسسي عام تمثل ذات عموم ومصالح الشعب الفلسطيني او تمثل ذات ومصالح اجزاء منه فقط؟ او بصورة اخرى هل تعريف القانون الفلسطيني تعريف ثقافي فصائلي او تعريف قومي دستوري, ولو اردنا اخضاع المسالة للتشبيه الحي لتسائلنا عن من يخضع للاخر حركة فتح او مؤسسة السلطة. فان قضية الدحلان الى الان تحمل مؤشر ان السلطة هي ملحق لحركة فتح الامر الذي يلغي معه استقلال شخصية الشعب الفلسطيني, ويمكن ان يلغي شخصية شعبنا امام فصيل اخر _ كما يحدث في غزة امام حركة حماس_ تبعا لوضع موازين القوى الداخلية.
رابعا :
هل رقابة المال السياسي الفصائلي الفلسطيني, هو مسئولية فلسطينية عامة, او هو شأن داخلي فصائلي, محمي بقوة السلاح الميليشياتي, الى درجة تمنع تجسيد صلاحيات المؤسسات العامة الفلسطينية إلا حين تسمح لها الخلافات الداخلية الفصائلية بذلك, وكمثال على ذلك هل القضية المالية الجاري الحديث عنها في داخل الجبهة الديموقراطية هي شان فلسطيني عام او شان الجبهة الداخلي؟
إن الجانب الاخلاقي الشخصي في شفافية العمل المؤسسي هو الجانب الثانوي الوزن امام اولوية وزن التاسيس الثقافي السياسي لانجاز المهام على اساس توزيع الصلاحيات وتقسيم العمل الذي من المفترض ان يكون مضمون وجوهرية البناء الهيكلي والذي يجب ان يتبدى رقيه بدءا من قمة الهرم لا بدءا من قاعدته. اي ان رفض تداخل الصلاحيات ورفض الغاء الشخصية الوظيفية للفرد والهيئة يجب ان يبدأ من مؤسسة الرئاسة, لا من شرطي جهاز الامن ولا من موظف الاستقبال في اي مؤسسة فلسطينية وهذا هو جوهر التقنية المؤسساتية لمقولة بناء الدولة باعتبارها اداة من الادوات القومية للحفاظ على الروح الديموقراطي في المجتمع, والذي يمكن ان ينأى عن الدولة الفلسطينية الى ان تكون دولة الملكية والشمولية بغض النظر عن ان يكون الملك ياسر عرفات رحمه الله او السيد محمود عباس او السيد خالد مشعل.
ان الصورة الراهنة للسلطة الفلسطينية باعتبارها مجرد اداة تنفيذية لمركزية فردية او فصائلية عالية الكثافة, وباعتبارها اداة تنفيذية لوجهة نظر سياسية فردية او فصائلية منفردة. وهذا ليس بالضبط ما يبحث عنه شعبنا الفلسطيني في حلم تحرره في دولة مستقلة.

#خالد_عبد_القادر_احمد (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات