أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - منعم زيدان صويص - لماذا يصر العرب على تسليم العراق لإيران؟















المزيد.....

لماذا يصر العرب على تسليم العراق لإيران؟


منعم زيدان صويص

الحوار المتمدن-العدد: 3245 - 2011 / 1 / 13 - 14:48
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


الجدل الذي قام حديثا بين الحكومة العراقية والجامعة العربية حول مكان عقد القمة العربية القادمة عكس إصرار عربي آخر على تسليم العراق لإيران. حجة الجامعة العربية بأنها لا تستطيع عقد القمة في بغداد هي عدم استتباب الأمن، ولم تتنبه إلى الناحية النفسية والمعنوية للشعب العراقي، فالتأييد العربي للعراق هو الذي يساعد على استتباب الأمن. إن عقد القمة في بغداد سيكون عاملا مهما يُشعر العراقيين أنهم جزء من العالم العربي والأمة العربية. من الواضح أن الشيعة في العراق أصيبوا بخيبة أمل من تصرف جيرانهم من الشعوب العربية تجاه محنتهم. إن الشيعة في العراق يعتزون بعروبتهم وقد حاربوا إيران مع صدام حسين ثماني سنوات، ولكن معاداة الدول والشعوب العربية لهم ستدفع بهم جميعا في النهاية إلى أحضان إيران.

في عام 1980 شجع العرب صدام حسين على إعلان الحرب على إيران إلا أنهم تخلوا عنه بعد الحرب وبدأوا يطالبونه بسداد الدين الذي قدموه له ليحارب الخميني، الذي كان يحاول تصدير ثورته إلى البلاد العربية. ولم يصبروا عليه فبدأ التآمر على نظامه بالمضاربة علي أسعار النفط. ورفع صدام آنذاك شعار "قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق." ولم يجد بدا من غزو واحتلال الكويت في الثاني من أغسطس سنة 1990 وجر العراق والمنطقة إلى الكوارث التي يعرفها الجميع. وبعد إخراجه من الكويت ظل العراق تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة وبدأت العقوبات الاقتصادية التي أنهكت البلاد والعباد. وجلس العرب متفرجين على أحوال العراق وبدأ الكثيرون من العراقيين يهربون من البلاد والعرب يتفرجون وأعلن الشمال الكردي شبه استقلال تحت حماية أمريكية بعد أن حدد الحلفاء حركة الطيران العراقي بين خطي عرض 32 و 36 . وسُمح للعراق أن يبيع النفط فقط من خلال الأمم المتحدة، وظل النظام العراقي يهرٌب النفط ويعطيه لبعض مؤيديه من الرسميين والكتاب العرب ليبيعوه ويقبضوا ثمنه كأجر لهم على مدح النظام وتحسين صورته لدى الشعوب العربية. وأستمر هذا الوضع المزري حتى الغزو الأمريكي سنة 2003.

ورغم ذلك ظلت قبضة النظام على ما تبقى من العراق قوية لأن الناس لم يجرؤا حتى على التفكير بمعارضة "القائد الضرورة." وتحمل الشعب العراقي العذاب والجوع وكان من الممكن أن تستمر العقوبات عشرين سنة أخرى ويبقى النظام إلى الأبد. كل هذه الأمور نسيها الناس وركزوا على ما حصل بعد 2003، والذي هو نتيجة لتصرف القيادة العراقية الأهوج. أما العرب الذين لم يحركوا ساكنا قبل هذا التاريخ فقد دبت بهم الحمية الكلامية وأخذوا يعبرون عن خوفهم من أن تسيطر إيران على العراق بالتعاون مع الأمريكان وخاصة بعد أن دعا آية الله السستاني الشعب العراقي إلي الهدؤ، ولكنهم لم يقوموا بأية خطوة عملية تطمئن الشعب العراقي وتكسب ثقته وتحسن الوضع في العراق، واستمروا بكيل الاتهامات للشيعة والأكراد والاستهزاء بالحكومة العراقية ليدمروا ثقة الشعب العراقي بها.

إن العراق متعدد الأعراق والمذاهب. عندما كنا تلاميذ في المدارس الابتدائية والإعدادية زمن الحكم الملكي في العراق تعلمنا من الكتب المدرسية أن 55 بالمئة من سكان العراق شيعة وعشرين بالمئة سنة أكراد. ومعنى هذا أن العرب السنة لا يتعدون ربع السكان ولكنهم دائما كانوا يحكمون البلاد. و كانت هذه أرقام رسمية. وبعد كارثة 1958، التي هلل لها الثوريون العرب عدة سنوات والتي كانت بداية تدمير العراق، كان معظم الذين استلموا السلطة سنيين عرب ومعظمهم من منطقة تكريت بالذات.

وفي سنة 2003 أعلنت الإدارة الأمريكية الحرب على العراق مستخدمة تبريرات كاذبة، ومستغلة ردود الفعل الغاضبة في الغرب على إحداث 11 أيلول 2001، ومستجيبة لرغبة المعارضة العراقية في الخارج والعديد من الدول العربية، ودخلت قوات التحالف الغربي بغداد في 9 نيسان 2003 بعد تدمير واسع النطاق. وبعد أن سقط النظام العراقي، أصيب الزعماء السنة في العراق، وكثير من الأنظمة العربية، بالهلع، ليس خوفا من أمريكا بل خوفا من أن يسيطر الشيعة، وبعد ذلك إيران، على البلاد. ولكن الأنظمة العربية لم تفعل شيئا. و بدأت معظم الفضائيات ووسائل الإعلام العربية بتهييج الشعب العراقي والشعوب العربية وخلق اليأس في النفوس مستعملة تعابير مثل "سقوط بغداد" أو "سقوط عاصمة الرشيد" وكأن النظام السابق أبدى مقاومة للقوات الغازية، متناسية أن أربعة أخماس الشعب العراقي كان معارضاً للنظام. وأصبحت كلمة "الاحتلال" كأنها معزوفة موسيقية أو خمر معتقة في أفواه المعلقين السياسيين و مدعي القومية والوطنية. ولم يجرؤ احد أن ينصح الشعب العراقي بالهدؤ ريثما تنهض العراق من كبوتها وتمر بهذا التحول الهائل وتتخلص من أوحالها وتستقر الأمور حتى تقوى وتستطيع أن تحرر نفسها وتختار نظام الحكم الملائم لها.

ورغم أن الشيعة هي الأكثرية ولها الحق في أن تحكم العراق صممت الأقلية السنية أن تمنعهم من ذلك واستنجدت بالشعوب السنية المجاورة وبالقاعدة وبمنظمات الإرهاب والحركات الإسلامية السنية. وبدأت حرب القاعدة على الشيعة بقيادة الزرقاوي الذي أعلن صراحة الحرب على "الرافضة" و بدأ بإرسال الانتحاريين إلى أي مكان يجتمع فيه الشيعة. وفي إحدى هده العمليات، في 29 أغسطس 2003، قتل انتحاري في سيارة 125 عراقيا وجرح ضعفهم في باحة مسجد الإمام علي في النجف. ونتيجة لنداءات آية الله السستانى لم تحدث هجمات شيعية معاكسة إلى أن تم تفجير أقدس مكانين للشيعة في سامراء يوم 22 فبراير 2006. وعندها لم يعد باستطاعة السستاني وغيره السيطرة على المتعصبين الشيعة. وخرجت المليشيات الشيعية من القمقم وكونت ما أصبح بعدها يسمى "فرق الموت" وبدأت بقتل السنة على الهوية

وكان الوضع الأمني هادئا نسبيا، بصورة أو بأخرى قبل أن يعين بول بريمر مجلس الحكم في العراق، معتمداً على توصيات زعماء المعارضة. ولكنه نسي أو تجاهل اثنين من أهم الشخصيات العراقية: الأول سني بنا نفوذه ومركزه على أن جدة كان قائد ثورة العشرين، والثاني شاب شيعي بنا نفوذه ومركزه على أن عمه، الذي أعدمه صدام حسين وسماه "مقبور" بدل "باقر،" كان أكبر زعماء المعارضة للنظام. وشعر الزعيمان أن بريمر تجاهلهما فبدأ الاثنان بخلق المشاكل للحكومات العراقية المتعاقبة بعد أن أقنعا الناس أن تنظيميهما يتزعمان مقاومة الاحتلال. رفض الأول التعاون مع الحكومة العراقية بحجة "أن هذه الحكومة ليس لها سيادة." وأخيرا اضطر إلى السفر إلى خارج البلاد ليحارب الأمريكان ب "الريموت كنترول." أما الثاني فتزعم حركة معارضة عجيبة تدعوا إلى حرب الأمريكان ولكنها تنظم للحكومة وتتظاهر أنها صديقة للسنة وفي نفس الوقت تتغاضى عن تشكيل جيش المهدي "فرق الموت" لتقتيل السنة. ورغم هذا التناقض العجيب ورغم سطحية زعيمها وعدم نضجه السياسي، استطاع أن يستقطب الملايين من الشيعة. وعندما بطشت قوات المالكي بأتباعه ذهب إلى إيران ليتابع دراساته الدينية، وعاد بعد ثلاث سنوات ليحث أتباعه "على محاربة الاحتلال بكل وسيلة" ولكن "سلميا."

ولم تحاول الأنظمة العربية ولا وسائل الإعلام العربية أن تحث العراقيين أن يتحدوا ويسامح بعضهم بعضا. وبدأت تكيل الاتهامات للشيعة والأكراد بأنهم عملاء لأمريكا وإيران، ومعنى هذه الاتهامات انه لم يبق في العراق من يعارض أمريكا إلا جزء من العرب السنة، والجزء الأخر كان أتباع الأحزاب الإسلامية السنية التي كانت في المنفى، ومعنى هذا أن الأغلبية كانت تهدف إلى نشر الهدوء ليتسنى للبلاد أن تستقر ويُعطى الشعب الفرصة ليختار حكومة المستقبل. لقد كان من الممكن أن يتجنب العراقيون كل هذا التقتيل والفتن التي حصلت لولا أن أقلية من الشعب العراقي ومن يؤيدها في الخارج تريد ذلك.

إن محاربة الطائفية لا تتم بطريقة انتقائية وإنما بالتسامح وإشعار الناس بالمساواة وليس باتهامهم بالكفر وبالخروج عن الدين. هل كان الحفاظ على وحدة العراق يتم باتهام الشيعة والأكراد بالعمالة لإيران وأمريكا؟ هل كان الحفاظ على وحدة العراق وتخليصها من النفوذ الإيراني يتم بمقاطعة العراق، كما فعلت الدول العربية، وتركها ساحة للإيرانيين؟ هل كانت مقاطعة الأكراد واتهامهم بالعمالة لأمريكا كفيلة بان تجعلهم وطنيين عراقيين يحافظون على وحدة العراق؟ ماذا يمنعهم، إذا شعروا بالخطر أو عند الضرورة، أن يُبقوا الأمريكان عندهم ويعطوهم قواعد عسكرية وغير عسكرية إلى الأبد؟ فأمريكا لها قواعد عسكرية عند حليفتها تركيا، قريبه من كردستان العراق. لو كانت الدول العربية فعلا تحب مصلحتها ومصلحة الشعب العراقي لكانت أشعرت الشيعة والأكراد بالثقة والأخوة بدل أن تدفعهم إلى أحضان إيران وأمريكا.



#منعم_زيدان_صويص (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ردود الفعل على انفجار الإسكندرية -- المقاربة الخاطئة لمعالجة ...
- فضائية الحوار المتمدن
- دفاعا عن الحكام العرب!
- رأيٌ في الحجاب
- كيف ستؤثر لبرالية الغرب الدينية على المسلمين في عصر الانترنت ...


المزيد.....




- رصد طائرات مسيرة مجهولة تحلق فوق 3 قواعد جوية أمريكية في بري ...
- جوزيب بوريل يحذر بأن لبنان -بات على شفير الانهيار-
- مراسلتنا: اشتباكات عنيفة بين -حزب الله- والجيش الإسرائيلي في ...
- لحظة هروب الجنود والمسافرين من محطة قطارات في تل أبيب إثر هج ...
- لحظة إصابة مبنى في بيتاح تكفا شرق تل أبيب بصاروخ قادم من لبن ...
- قلق غربي بعد قرار إيران تشغيل أجهزة طرد مركزي جديدة
- كيف تؤثر القهوة على أمعائك؟
- أحلام الطفل عزام.. عندما تسرق الحرب الطفولة بين صواريخ اليمن ...
- شاهد.. أطول وأقصر امرأتين في العالم تجتمعان في لندن بضيافة - ...
- -عملية شنيعة-.. نتانياهو يعلق على مقتل الحاخام الإسرائيلي في ...


المزيد.....

- افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار ... / حاتم الجوهرى
- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - منعم زيدان صويص - لماذا يصر العرب على تسليم العراق لإيران؟