حسن مدن
الحوار المتمدن-العدد: 3245 - 2011 / 1 / 13 - 10:18
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
العالم الذي ينفق المليارات في استهلاك العطور والكحول والسجائر مازال منصرفا عن تأمين الحدود الدنيا من العناية التي تجعل ملايين الأطفال الذين يموتون كل سنة قادرين على الحياة .
ومازال هذا العالم قادرا على مشاهدة صور المجاعة في بلدان إفريقيا وآسيويا التي تقدم أطفالا أشبه بالهياكل العظمية بعيون نافرة مملوءة بالرجاء، تدين الحضارة المعاصرة التي تعيش عهدا لم يسبق أن بلغت فيه مستويات الإنفاق على الاستهلاك هذا المدى .
هذه المشاهد لا تحرك ضمير أولئك المسؤولين عن هذه القسمة الضيزى في ثروات الأرض بين أقلية مرفّهة تسبح في النعيم، وبين غالبية ساحقة موزعة على قارات الأرض تعاني الفقر والعوز والجهل والأمية، ويُحرم الأطفال فيها من الحق الإلهي الأول المُعطى لهم، أي الحق في الحياة، لأن جشع العالم المتحضر ينمو بالوتائر نفسها التي يزداد فيها نمو هذا العالم .
يقول تقرير لـ "اليونيسيف" إن قادة الحكومات وصانعي السياسات ووكالات التنمية يتعامون عن فرصة الاستثمار الوحيدة التي تحقق عائدات شبه مضمونة، ويعني التقرير بذلك بداية جيدة للأطفال في الحياة .
لكن العالم يعرف تلك الحالات الواسعة من تشغيل الأطفال ومن أطفال الشوارع الذين يعجز المجتمع عن استيعابهم واحتوائهم في المدارس، وفي مرافق الخدمة الاجتماعية الأخرى . ولا يجري الحديث بصورة كافية عن مقدار العنف الذي يمارس ضد الطفولة، سواء عبر تشغيل الأطفال في مهن شاقة فوق طاقة أجسادهم الغضة على التحمل، أو حين يكونون ضحايا حروب مختلفة بما فيها الحروب الأهلية، حين تعطل المدارس والجامعات وتتحول الشوارع إلى ساحات حرب .
والعالم الذي يدعي التحضر مازال قادرا على أن يلزم الصمت تجاه الوحشية التي تتعامل بها حكومة مثل حكومة "إسرائيل" مع الأطفال والفتيان الفلسطينيين الذين يدافعون عن حق شعبهم في الحياة الحرة الكريمة فوق وطنه، حين يمزق الرصاص "الإسرائيلي" المحرم الاستخدام دوليا أدمغة وصدور هؤلاء الأطفال أمام كاميرات التلفاز، ولا يتورع قادة الجيش "الإسرائيلي"، لا بل قادة الحكومة أنفسهم عن الاعتراف بأن الهدف هو تكسير عظام هؤلاء الفتية وقتلهم .
والعالم الغربي نفسه شريك في حملة التجويع والحصار ضد شعوب وأطفال بلدان أخرى يُدفع بالآلاف منهم نحو الموت .
إن حضارة القرن الجديد التي تحث الخطى نحو القادم، تُبرهن أن في ثناياها بربرية موروثة من الماضي تجعل من قتل الأطفال أمرا مستساغا .
#حسن_مدن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟