|
تفجير مصر وكنيسة القديسين بالأسكندرية
ميشيل نجيب
كاتب نقدى
(Michael Nagib)
الحوار المتمدن-العدد: 3244 - 2011 / 1 / 12 - 14:06
المحور:
حقوق الانسان
وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح ، بعد مرور أكثر من أسبوع على التفجير الإرهابى الطائفى، هذه هى مصر وشعبها الذى يثور ويفور كحمم البراكين فور وقوع الأحداث، ويهدأ كالحمل الوديع بعد أن تعود المياه إلى مجاريها ، ويبدأ فى النسيان وتقبل الأمر الواقع بأعتبار إن " الله عايز كده " ، " وله فى خلقه شئون ". كان الأندهاش وعلامات الإدانة كبيرة فى تفجير كنيسة القديسين بسيدى بشر بالأسكندرية، بالرغم من أنه ليس الأول فى حوادث الإرهاب الطائفى التى تحدث فى مصر المحروسة ، وهذا يدل على أن الجميع ممن يعيشون يومياً أقباط ومسلمين ، يعرفون مشاكل أخوتهم فى الوطن الأقباط بدءاً من خطب المساجد التى تكفرهم وتلقى بهم فى جهنم الحمراء ، ومروراً بوسائل الإعلام الرسمية وما يقال فيها من قذف علنى فى عقائد المسيحيين بأعتبارهم كفروا وأشركوا بالله وضلوا سواء السبيل ، وما يحدث فى هيئات التربية والتعليم والجامعات والمصالح الحكومية من تمييز وإهدار حقوق المسيحى ووضع كافة المعوقات أمامه حتى تزداد مشكلته تعقيداً ويا حبذا لو وقع حظه السعيد أمام موظف ملتحى !! هذه هى المشاكل الفعلية التى يعانى من آثارها الأقباط فى مختلف نواحى حياتهم اليومية، أما المشاكل الآخرى فهى نتيجة طبيعية للمناخ والثقافة السائدة فى المجتمع المصرى، نعم هذه هى المشاكل الرئيسية التى تفجر مصر وشعب مصر الذى ينسى مشاكله الإجتماعية والإقتصادية والعلمية، ويتذكر فقط التدين الظاهرى الذى يصنع منه قنبلة موقوتة تستخدمها الجماعات الدينية. هذا بكل بساطة ما يحدث فى المجتمع المصرى، الكل يعرف والكل يرى ويسمع ، لكن لا أحد يتكلم حتى يأتى بعض السياسيين المحنكين فيقوم بتسمية الحالة المصرية أحتقان ، والبعض الآخر يسميه فتنة طائفية ، والبعض الآخر يسميه مؤامرة خارجية ، لكن النتيجة واحدة ودائماً قتلى وجرحى وتمييز ومشاكل لا تنتهى فى صفوف المسيحيين، وأستمرار فى إخفاء المشاكل الجوهرية بالأحاديث المعسولة عن الحب والسلام والوحدة الوطنية بين عنصرى الأمة !! إذن مشكلة مصر تكمن فى الصمت الشعبى والسياسى والمجتمعى على كل التجاوزات التى تحدث ضد المواطنين المصريين المسيحيين فى وسائل الإعلام وخطب المساجد والفضائيات ، الجميع أتفق على أن النصارى هم أعداء الله والإسلام ، هذه المشاكل موجودة منذ سنوات بعيدة ، ولن نذهب إلى أزمنة بعيدة جداً ، بل يكفى أن نتذكر مقولة السادات التى ألغت مواطنة المسيحيين بقوله " أنا رئيس مسلم لدولة مسلمة " ، هذه المقولة لم يقولها مواطن بسيط لا يقرأ ولا يكتب بل رئيس أكبر دولة عربية !!
الغالبية أهتزت ألماً مما حدث فى كنيسة القديسين بالأسكندرية ، لكن هل أهتز أيضاً من صنعوا وخططوا لهذه المذبحة ومن قبلها مذبحة كنيسة سيدة النجاة بالعراق ؟ الإجابة المنطقية هى لا !! لماذا ؟ لأنهم مؤمنون بأن إلههم يطلب منهم ذلك !! من الطبيعى أن يسأل أحدهم : هل قامت الدول العربية بتكوين لجنة من العلماء المشهود لإنسانيتهم وأعتدالهم، بمعالجة قضية هؤلاء الأنتحاريين ، وتقديم بيان إلى الأمة العربية ليتبرأوا من أعمالهم أو يقولوا لنا أنهم يسيرون على طريق الحق وعلينا أن نتبعهم حتى نصل إلى طريق الجنة ؟ أليست تلك مسئولية كبرى تخلى عنها الجميع ، فهل هذه إرادة الإله الواحد ؟ الآن أنتهى العرس أو حفلة الزفاف والتفجيرات وتبارى المدعوين وغير المدعوين فى إلقاء الخطب والكلمات البليغة ، لإبهاج السامعين والمشاهدين والمحتفلين ، وو .. والبقية فى حياتكم جميعاً كانوا ناس طيبين وأولاد حلال ، منهم لله إللى كانوا السبب !! هذا هو المشهد المصرى الأصيل الطبيعى ، لكن ما أشعل المجتمع المصرى وأعطاه الوقود اللازم للأشتعال ، هو رئيس الوزراء وأجهزة الأمن المصرية المسئولة عن توضيح الحقائق ودحض الإتهامات التى يرددها المتطرفين والمثقفين فى وسائل الإعلام والفضائيات وغيرها ، عندما أتهموا النصارى أى المسيحيين بلغة مهذبة ، بأنهم يقومون بتخزين الاسلحة والمعدات الحربية فى الكنائس والأديرة ، ويحتجزون زوجتين لكاهنين قبطيين قيل أنهما أسلمتا ثم رجعتا إلى ديانتهم القديمة ، وفى كل هذا وجدنا وتيرة التطرف والأحتقان الدينى أرتفع جداً وأدى إلى خروج مظاهرات قامت بأفعال مهينة ضد رئيس الأقباط وكنيسته وغير ذلك من الأشياء الخارجة عن الذوق المصرى العام. كل هذا لا يسأل عنه إلا رئيس الوزراء وأجهزة الأمن الذين لم يقدموا الإجابات الواضحة الصريحة التى يحتاجها هؤلاء المواطنين البسطاء المدفوعين من جماعات تعرفها أجهزة الأمن جيداً ، إذن تفجير مصر وتفجير التطرف والأحتقان هو مسئولية الأجهزة الأمنية والسياسية التى صمتت عن الكلام المباح وحتى لحظتنا هذه. سيظل الإرهاب الطائفى صناعة محلية ، حتى تقرر الدولة بتطبيق قوانين المواطنة على الجميع ، وأن تكون مصر هى الحل فى عقول وقلوب كل مصرى ، ساعتها ستضع مصر وشعبها أقدامها على طريق التقم والحضارة الإنسانية.
#ميشيل_نجيب (هاشتاغ)
Michael_Nagib#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عام جديد بين بنى البشر
-
جائزتنا الكبرى هى الحوار المتمدن
-
شهود يهوه والتشهير الكنسى المرفوض
-
الحوار المتمدن مشروع للحياة
-
تدمير الأبداع الإنسانى بأسم الله
-
النمو الحضارى والبحث العلمى
-
الفضائيات العربية عربية حتى النخاع
-
تاريخ الأديان ينفع العقلاء
-
إلى أين تتجه صحافة المواطنين؟
-
دارفور الفساد العربى
-
الحوار المتمدن فى عالم دكتاتورى
-
النكبة والثقافة العربية
-
المرأة فى عالم الرجال
-
الإصلاح العربى الإنسانى
-
الحادى عشر من سبتمبر والشيطان الأكبر
-
سبتمبر ولغة الأنتقام
-
علماء المهجر
-
الحرية بين الشيطان والبشر
-
رُب ضارة نافعة
-
جبران خليل جبران
المزيد.....
-
الأمم المتحدة: الدعم السريع احتجزت شاحنات إغاثة في دارفور
-
RT ترصد خروج الأسرى من معتقلات إسرائيل
-
جماعة حقوقية في بنغلاديش تتهم الحكومة بالفشل في حماية الأقلي
...
-
وسط تواجد مكثف للجيش الإسرائيلي.. لحظة وصول الدفعة الثالثة م
...
-
-القسام- تبث مشاهد تسليم الدفعة الثالثة من الأسرى الإسرائيلي
...
-
الأمم المتحدة: الدعم السريع احتجزت شاحنات إغاثة في دارفور
-
مبعوث ترامب: صفقة الأسرى ووقف إطلاق النار في غزة يتقدمان بشك
...
-
وصول 9 معتقلين أفرج عنهم الاحتلال إلى قطاع غزة
-
نتنياهو يطالب الوسطاء بضمان سلامة الأسرى
-
أحد أقدم الأسرى الفلسطينيين.. ماذا تغيّر في غياب محمد فلنة؟
...
المزيد.....
-
مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي
/ عبد الحسين شعبان
-
حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة
/ زهير الخويلدي
-
المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا
...
/ يسار محمد سلمان حسن
-
الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نطاق الشامل لحقوق الانسان
/ أشرف المجدول
-
تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية
/ نزيهة التركى
-
الكمائن الرمادية
/ مركز اريج لحقوق الانسان
-
على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
المزيد.....
|