أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاطمة ناعوت - يا نعيش سوا يا نموت سوا














المزيد.....


يا نعيش سوا يا نموت سوا


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 3244 - 2011 / 1 / 12 - 10:33
المحور: حقوق الانسان
    


منذ بدأتُ العملَ الصحفيّ، قبل سنوات، كنتُ أكتبُ بين الحين والحين مقالاتٍ في الشأن القبطي بمصر. ومنذ شهرين، زاد استشعاري بالخطر فكثّفتُ الكتابةَ في هذا الشأن حتى طغى تقريبًا على جميع أعمدتي الصحفية. وكنت أتناولُ الأمرَ في خطّين متوازيين. أحدهما مطالبةُ الحكومة بقانون موحّد لدور العبادة، والعودة لتطبيق بنود الخط الهمايوني العادلة، باستثناء البند الثالث المجحف، وتشديد الرقابة على وعّاظ بعض الزوايا الذين يسمّمون أفكار النشء بأقوال تُكفِّرُ الأقباط، فيما يصنعُ قنابلَ موقوتة تنفجر بين الحين والحين. فإن كان أولئك غير قادرين على ابتكار شيء طيب لخُطب الجمعة، فلينقلوا "بالحرف" من فكر الإمام المثقف "محمد عبده". ومطالبة وزير التعليم بإعادة بناء مناهج التعليم بحيث تنظر بعين الاعتبار لوجود طلاب مسيحيين، منهم أطفالٌ في طور التشكّل، لهم أن يشبّوا في مُناخ صحيّ يُشعرهم باحترام بلادهم لعقيدتهم. الخطُّ الثاني كنتُ أوجه فيه الكلامَ للمواطنين لكي نُراجع أنفسنا في سلوكات وأقوال معيبة، يقولها الكثيرُ منّا دون وعي، ودون قصد ربما، لكنها تملأ قلب الأقباط بالحزن، واليأس من استعادة مكانتهم التي تليق بهم في وطنهم، تلك المكانة التي ظلّت عالية حتى الستينيات الماضية، واليأس من استعادة المحبة التي كانت تربطهم بإخوتهم في مصر، قبل أن تفسدها عواصفُ الرمال الشرقية والمدُّ الوهابي في مصر، فتشرنّق الأقباطُ في بيوتهم وفي كنائسهم. على أنهم لم يعودوا حتى آمنين على أرواحهم في الكنائس، التي من المفترض أن تكون بقعةَ رحمة وسلام. طالما استشعرتُ الخطرَ من سموم بعض الوعّاظ غير المؤهلين. وانفجر حدسي في نجع حمادي في عيد الميلاد 2010. ووضعتُ يدي على قلبي رعبًا من القادم. وأنا أعلم أن التباطؤ في عقاب المجرم بأغلظ العقوبة سيجعلها تحدث مرةً ومرات. لكن أكثر شياطين خيالي استشرافًا للخطر، لم يستطع أن يرسم لي شيئًا في بشاعة مذبحة الإسكندرية. لكنها، على بشاعتها، أفرزت شيئًا طيبًا. حسٌّ وطنيّ حقيقيّ وعميق. وقفاتٌ احتجاجية ضد التطرّف ملأت شوارعَ مصر وميادينها. المتحضرون من الأكثرية احتضنوا الأقليةَ الحزينة، وصنعوا دروعًا بشرية تحمي أصدقاءهم فيما يُصلّون في عيدهم. صحوةُ التليفزيون في تعزيز مكانة الأقباط. محاولاتٌ لجعل أول يناير عيدًا للوحدة الوطنية. قصائدُ جميلةٌ كتبها شعراءُ مصريون باكون على حال الوطن. قال بهيج إسماعيل: " لو شفت الأم/ إزاى بتضم/ ابنها بالليل/ وإزاى بتلمّ/ اللفة عليه/ لجل تدفّيه/ راح تعرف إيه/ معناة السلم./ لو شفت الأم/ إزاى بتضم /ابنها مقتول/ وإزاى بتلم/ الصرخة عليه/ لجلن تحييه/ راح تعرف إيه/ معناة الظلم/ مسلم ومسيحي/ واحد في الهم."
أصبحنا نسمع كثيرا كلمة "مصريين". وهو ما كان رجائي البعيد المنال. مصريون نحن، لا عربٌ ولا عجمٌ. فقط مصريون. هذه الصحوةُ الوطنية التي ازدهرت بين ربوع مصر، علينا أن نتذكر أن ثمنَها كان غاليًا، أدعو اللهَ ألا تخمُد بعدما تهدأ القلوبُ وتجفُّ دماءُ الشهداء. أتمنى أن تكون المحبةُ هي المغنمَ الذي نعضُّ عليه بالنواجذ بعدما دفعنا سيولَ الدم ثمنًا لها. دعوها تظل مزدهرةً في السرّاء كما في المحن.
أما لماذا كتبتُ بهذه الغزارة في هذا الشأن؟ فلأنني طوالَ الوقت أفعل ما فعله فضيلة شيخ الأزهر د. أحمد الطيب؛ حين سُئل في برنامج "العاشرة مساءً" عن شعوره إزاء تطاوُل بعض الشباب المسيحيّ الثائر خلال زيارته الكاتدرائية. قال: "إنه يُقدِّر الظروفَ ويضع نفسَه مكانهم." هكذا أفعل منذ سنين. أضعُ نفسي مكانَهم في كل موقف يحزنهم؛ فأحزنُ لهم، وأكتب. لأن الصمتَ مِقصلةُ الضمير، كما قال محمود درويش. ولأنني أرفضُ أن يدفعنا اختلافُ العقيدة إلى الجَوْر والتجنّي. ولكن أنْ يضعَ الإنسانُ نفسَه محلّ الآخر ليشعر بشعوره، لا يُختصَر في تحمّل لحظات غضبه، وحسب. المسألةُ عندي أوسع من ذلك وأعمق. ولهذا حديث آخر.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هديةُ الرئيس لأقباط مصر
- دماءٌ على وجه البحر
- وجوب قتل مليون برادعي في مصر
- كاهنُ إيطاليا ومتأسلمو مصرَ!
- نعم، قدرُنا واحد!
- بطلوا اإفترا بالتي هي أحسن!!
- الشعبُ، يدُ الحكومةِ الباطشةُ
- السوبر غاندي-آينشتين
- فلنعدْ للخطّ الهمايوني، إلا قليلا
- إنها دارُ عبادة يا ناس!
- بِدّي خبِّركم قصة صغيرة
- غاضباتٌ وغاضبون
- أنيس منصور، حنانيك!
- «أغنية إلى النهار» للشاعر المصري السمّاح عبدالله تحيي المسرح ...
- أحمد عبد الفتاح، الفنانُ المَنسيّ
- القتلُ الرحيم
- الزمن الأخير، اللعبةُ على نحوها الصحيح
- حبيبتان، من مصر!
- الأحدبُ في مصعد العمارة
- لستُ إرهابيًّا، بل مريضٌ بالجمال


المزيد.....




- تصويت تاريخي: 172 دولة تدعم حق الفلسطينيين في تقرير المصير
- الجمعية العامة للأمم المتحدة تعتمد قرارا روسيا بشأن مكافحة ت ...
- أثار غضبا في مصر.. أكاديمية تابعة للجامعة العربية تعلق على ر ...
- السويد تعد مشروعا يشدد القيود على طالبي اللجوء
- الأمم المتحدة:-إسرائيل-لا تزال ترفض جهود توصيل المساعدات لشم ...
- المغرب وتونس والجزائر تصوت على وقف تنفيذ عقوبة الإعدام وليبي ...
- عراقجي يبحث مع ممثل امين عام الامم المتحدة محمد الحسان اوضاع ...
- مفوضية اللاجئين: من المتوقع عودة مليون سوري إلى بلادهم في ال ...
- مندوب ايران بالامم المتحدة: مستقبل سوريا يقرره الشعب السوري ...
- مندوب ايران بالامم المتحدة: نطالب بانهاء الاحتلال للاراضي ال ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاطمة ناعوت - يا نعيش سوا يا نموت سوا