|
ترسيخ ثقافة المواطنة في منطقتنا و المعضلات امامها
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 3243 - 2011 / 1 / 11 - 16:25
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
السؤال الذي يتبادر الى الذهن دائما و يتكرر على الاستمرار ،هو ما هي المواطنة الحقيقية و ما مضمونها و كيف تتحقق و الشروط اللازمة توفرها من اجل ترسيخها و الارضية الخاصة المناسبة لتنميتها و المجتمع المطلوب من حيث الصفات و السلوك و العقليات لنجاحها، و المعضلات التي تبرزامامها من جراء ممارستها او من صنع المتضررين من تطبيقها، و اشكال و سمات و فروقات المواطنة بين موقع و اخر و النظام المطلوب في نشر ثقافتها كحقوق و واجبات. اننا نتكلم عن هذه المنطقة بشكل خاص و ما تتميز بها من النواحي الاجتماعية و السياسية و الثقافية و مستوى الوعي العام ونسبة الديموقراطية المتحققة كاهم وسط و اول شرط لتحقيق مفهوم المواطنة، فاننا نتاكد بانه لا يمكن فرض ديموقراطية حقيقية دائمة و متجسدة دون توفر مواطنين و اشخاص ديموقراطيين و نظام عام يدعم هذا الهدف، و يجب ان يحمل هؤلاء من الصفات التي تدفعهم ان ينشطوا في هذا المجال ويجب ان يكونوا هم اهل لهذا المهام، وهنا تبرز الروابط الاجتماعية و كيفية ادارة البلد و العلاقات بين الحاكم و المحكوم هي التي تحدد نسبة نجاح الديموقراطية و المواطنة او تعرقل تقدمها في حال انعدمت المستلزمات الضرورية و لم تكن العقليات بمستوى الحياة الديموقراطية. ان كانت الاوضاع السائدة في الدول المتقدمة تدعم ايجاد وسط ملائم لبناء المواطنة شكلا و تركيبا و مضمونا و نشاهد تدني مستوى التزام المواطن بها كحقوق و واجبات في بعض جوانبها و تراجعها يوما بعد اخر، فما بال المجتمعات المتخلفة المتعطشة للحرية و الديموقراطية و سيادة القانون ، او في ظل الدول ذات الحكومات الاستبدادية. هناك تجارب و مسيرات غنية في العالم مرت بها الدول المتقدمة و من خلال مراحل متلاحقة، و هي بدات مشوارها بالتدريب و التاهيل و التثقيف المستمر و تعليم افرادها بحقوقهم و واجباتهم تجاه الوضع العام و الدولة و ما يخصها، و انها تعلمت من الدروس المستنبطة من تكرار التجارب و هي تفعٌل المجتمع المتلهف لهذه القيم من اجل الوصول الى الديموقراطية الحقيقية و المواطنة لابنائه، فكيف بمجتمعاتنا ان يستدلوا على ما يفيدنا في هذا الجانب من هؤلاء. ان كانت الدول الغربية تعاني من انخفاض اشتراك المواطن في دعم و اغناء تجاربهم و اهتمامهم بامورهم الخاصة في هذه المرحلة بالذات، بعيدا عن المصالح العامة، فكيف بفرد في هذه المنطقة و هو محروم من ابسط الحقوق ان يتصرف وفق ما يفرضه الواقع و هو منغص في امور شتى و تشغله صعوبات و مشاكل الحياة ، و هو مع ذلك في مستوى ثقافي و عقلية لا يعلم ما هي حقوقه و واجباته و ما هي الثقافة المطلوبة لاداء ما يخصه بشكل سليم. اذن العوائق و المعضلات هنا اكثر و اقوى و لكن ارادة المشاركة مشجع فيما يهتم بالامور العامة وفقا للروابط و العلاقات الاجتماعية السياسية و التراكمات الحضارية الكبيرة، و لكن جوهر العلاقات مختلف و الخطوات ليست باتجاهات صحيحة دائما . ان كان هناك عدم المبالاة و الاهمال مسيطر على مستوى مشاركة المواطن في العمليات الانتخابية كركن اساسي للديموقراطية هناك، هذا لا يعني عدم وجود الايمان بالوطن و فقدان الالتزام بما تتطلبه المصالح العليا بشكل مطلق، و لكن هنا في منطقتنا يمكن مشاهدة العكس تماما. ان كانت هناك عوائق امام الديموقراطية من جميع الجوانب و الزمن كفيل بازالة نسبة كبيرة منها الا ان القسم الاكبر منها رهن بمدى عزم المواطن الخوض في هذا المسار و اداء الواجب و طلب الحقوق وفق العصرية و متطلباتها في مسيرة الحياة. ان كانت الديموقراطية و المواطنة و ما يربط بهما و هما متلازمتان لحد كبير، الثقافة العامة هي التي تفرض نفسها في تعريف مضمون و جوهر المواطنة المناسبة في المجتمعات المحرومة، فهنا تبدا العملية كمباديء و بدايات اعتيادية و عملية سلسة و لكنها تتطلب دفع من الجوانب المختلفة المرتبطة بها ، اي العملية بعيدة شيء ما عن الخبرة المطلوبة لها و ما مر بها الاخرين خلال مراحل تطورهم المتتالي لكن الحماس يمكن ان يعوض ذلك ، مع الاخذ بنظر الاعتبار عامل البيئة في تحديد نظرة المواطن الى المفاهيم و المواضيع المدنية محاولا الخروج من الظلام وهو يطمح الى نظام يجسد الحقوق و الواجبات مستندا على المؤسساتية بعيدا عن المزاجية ، و تصبح هذه الصفات عندئذ سمة مميزة للمواطن يعتز بها و لا يمكنها التنصل من اداء الواجبات المرتبطة بها و يقدسها ذاتيا. اما الخصوصية المميزة للمواطنة هي بناء الطرق و ايجاد المناهج الديموقراطية الحقيقية من حيث السلوك و الشكل و الاخلاقية و القيم المعتبرة في هذا الشان. هنا المواطن لا يمكن ان يكسب الخبرة تجاه ما يستحقه من الحقوق فقط و انما يتيقن من ضرورة اداء واجباته ايضا، فعندئذ يمكن ظهور مجتمع مدني متحضر مؤمن بالسلام و الامان و الديموقراطية كوسيلة هامة للحكم و الوصول الى المبتغى، و يمكن فرض التعايش و احترام الاختلافات، و لكن المشكلة الاساسية في منطقتنا تكمن في الحكومة و ادارة البلد قبل الظروف الذاتية و الموضوعية المتعلقة بهذا الخصوص . المواطنة في المجتمع المتفتح التعددي في جو من الحرية و السلام في ظل ثقافة احترام الاخر اسهل بكثير من انجاز هذا المهام في المجتمع المنغلق المتصارع مع الذات و مع ما موجود داخليا من الاختلافات في الان نفسه.
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تزامن الاستفتاء لجنوب السودان مع قصف تركيا لكوردستان
-
ايهما الاَولى السلام ام العدالة
-
الحرية بين مدقة السلطة و سندان خطباء الجوامع في كوردستان
-
الازدواجية المقيتة في تعامل امريكا مع القضايا العالمية
-
هل تكميم الصحافة لمصلحة العملية السياسية في كوردستان
-
الاولويات اليسارية في ظل سيطرة الايديولوجية الراسمالية على ا
...
-
الديموقراطية و ضمان تكافؤ الفرص امام الجميع
-
ماوراء عدم اسناد منصب سيادي للمراة في العراق
-
هل يمكن تطبيق الديموقراطية الحقيقية دون اية انتخابات عامة ؟
-
هل المجتمع العراقي يتحفظ عن التجديد حقا؟
-
يجب ان لا يخضع حق تقرير المصير للمزايدات الحزبية
-
الديموقراطية في كوردستان بين ثقافة المجتمع و دور النخبة
-
الفضائية كخطوة اولى لترتيب بيت اليساريين بكافة مشاربهم
-
هل يضطر المالكي لتشكيل حكومة الاغلبية
-
الكورد بين مصالحة التاريخ و مخاصمته
-
مَن تختاره الكتل ليكون وزيرا في الحكومة العراقية
-
الديموقراطية و ما تجلى من دور الاحزاب في انتخابات معلمي كورد
...
-
دلالات النقاط المشتركة بين هوية الفيلية و الشبك
-
كيف تُمحى مخلفات عقلية البعث في العراق؟
-
ما يحدد العلاقات و طبيعة التعامل مع البعض
المزيد.....
-
من يقصد ترامب بـ -الجميع- الذين أحبوا خططه في غزة؟
-
ترامب: إسرائيل ستسلمنا قطاع غزة بعد انتهاء القتال ونتنياهو ي
...
-
لبنان: تعثّر تشكيل الحكومة بعد 3 أسابيع من تكليف نواف سلام..
...
-
الدفاع الأوكرانية تعلن استلام مقاتلات -إف-16- من هولندا
-
مصرع طيارين اثنين في تحطم طائرة خفيفة بضواحي موسكو (فيديو)
-
محكمة تركية تصدر أغرب وأطول حكم في التاريخ!
-
هجوم مصري حاد بعد تصريحات -غير مسؤولة- لوزراء في حكومة نتنيا
...
-
إعلام عبري يكشف تفاصيل لأول مرة حول لقاء لم يتم بين السنوار
...
-
التجارة الجزائرية تسحب حلوى على شكل عين بشرية من الأسواق
-
فيديو من الأرشيف السوفيتي.. جهاز المخابرات الخارجية الروسي ي
...
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|