أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالخالق حسين - يفتون بالإرهاب ويتبرّأون من عواقبه!















المزيد.....

يفتون بالإرهاب ويتبرّأون من عواقبه!


عبدالخالق حسين

الحوار المتمدن-العدد: 970 - 2004 / 9 / 28 - 11:34
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


في مقال سابق لي بعنوان (دور رجال الدين المسلمين في الإرهاب) أوضحت فيه مسؤولية رجال الدين في دفع الشباب المسلم للقيام بالأعمال الإرهابية. وقد استلمت عدداً كبيراً من ردود القراء أغلبها مؤيدة لما ذهبت إليه كما نشر البعض منها. وملخص تلك المقالة أن رجال الدين أو علماء المسلمين، هيئوا الأجواء اللازمة، بقصد أو بدونه، لمجيء بن لادن والزرقاوي والظواهري وغيرهم من الذين جعلوا الإسلام مرادفاً للإرهاب والمسلمين منبوذين مثيري الرعب في العالم.
لقد روج رجال الدين للإرهاب الذي سموه "جهاداً" وقالوا بأن كل ما لحق بالعرب والمسلمين من كوارث هو نتاج مؤامرة صهيونية-إمبريالية، وأن ما يجري الآن في العراق هو حرب صليبية جديدة ضد الإسلام والمسلمين. وعليه دعوا كل مسلم ومسلمة إلى محاربة الصليبيين للفوز بالشهادة ودخول الجنة. وقد أباحت هذه الفتاوى خطف وذبح الأجانب دون رحمة بحجة محاربة الاحتلال الأجنبي، اليهودي-المسيحي، كما يدعون. وفتاوى القرضاوي وهيئة علماء المسلمين في العراق وعلماء الأزهر وقم وطهران وبيروت، من المرجعيات السنية والشيعية، كلها تصب في هذا المنحى. لذا فلا غرابة أن أيَّد حوالي 96% من مشاهدي قناة (الجزيرة) المجازر في العراق. وهذا يعكس بؤس الفكر العربي-الإسلامي ومدى انحطاطه.
ولكن عندما خرجت الأمور عن السيطرة وتم قتل الأبرياء بمنتهى الهمجية والعشوائية إلى حد أنهم مرغوا فيها سمعة الإسلام والمسلمين في الوحل، طلع علينا نفر من فقهاء الموت يستنكرون ذبح البعض (وليس الكل) من الضحايا متوسلين برجال "المقاومة" إطلاق سراح هذه الضحية أو تلك ولكن بعد فوات الأوان. يجب أن يعرف هؤلاء أن من يدعو إلى قتل الأبرياء بحجة تعاونهم مع المحتل، فإن التنفيذ يتم بشكل عشوائي، لأن الأتباع هم جهلة تحولوا إلى قنابل موقوتة يمكن أن تنفجر في أي وقت وأي مكان دون السيطرة عليها وفقدوا القدرة على التمييز بين الخطأ والصواب، بين الحق والباطل، بين البريء وغير البريء، فراحوا ينفذون تعاليم أئمتهم بشكل آلي دون تفكير، حتى وصل القتل إلى هؤلاء الأئمة أنفسهم كما حصل في اغتيال رجلي دين من (هيئة علماء المسلمين في العراق) في الأسبوع الماضي وكما انفجرت قنبلة في أحد مساجد الفلوجة في العام الماضي عندما كان إمام المسجد يدرب عدداً من "المجاهدين" على العبوات الناسفة، فانفجرت إحداها بين أيديهم بالخطأ مما أدى إلى قتل "الإمام" وعدد من "المجاهدين" وهدم الجامع على رؤوسهم، فسارع الإعلام العربي باتهام الأمريكان بقصف المسجد!! التهمة التي نفتها التحقيقات.
نعم، نقرأ هذه الأيام تصريحات تصدر عن بعض المرجعيات مثل السيد حسين فضل الله ويوسف القرضاوي وكاظم الحائري وغيرهم يحاولون التنصل من مسؤولية العواقب الوخيمة التي أسفرت عنها الأعمال الإرهابية في العراق والتي روجوا لها بحماس، فيدينون بعضاً من هذه الأعمال البربرية دون غيرها. ويقول هؤلاء أن ذبح الرهائن بهذه الطريقة البشعة أساء إلى سمعة المقاومة!! عجبي.. أية مقاومة هذه التي أساء هؤلاء إلى سمعتها؟ إن ما يسمونه بالمقاومة كانت سيئة منذ ولادتها وهي عبارة عن تحالف غير مقدس بين فلول البعث الساقط وتنظيمات القاعدة التي يمثلها في العراق الأردني أبو مصعب الزرقاوي. وهاهم كشفوا عن وجوههم الكالحة عندما طالبت جماعة الزرقاوي بإطلاق سراح رحاب طه الملقبة بأم جرثوم وهدى عماش الملقبة بدكتورة الموت، المقربتين من صدام حسين. وهل هناك دليل أكبر من هذا أن ما يسمى بالمقاومة هدفها هو إعادة صدام إلى الحكم؟
يتوسل فقهاء فتاوى الإرهاب هذه الأيام بالإرهابيين لإطلاق سراح المهندس البريطاني كين بغلي، والفتاتين الإيطاليتين والصحافيين الفرنسيين، وهو أمر حسن. ولكننا لم نسمع منهم أي إدانة لتفجير الألوف من العراقيين وخطف أكثر من مائة من المدنيين الأجانب وقتل أكثر من عشرين منهم كما حصل للعمال الفقراء النيباليين والمدنيين الأمريكيين والصحفيين الأجانب وغيرهم. ويا للهول فقد صرح أحد أعضاء (هيئة علماء المسلمين في العراق) لقناة الجزيرة أخيراً أن ذبح النيباليين تقره الشريعة الإسلامية لأنهم كانوا من أتباع بوذا وعملاء للأمريكان. فأي عقل سليم يقبل بهذا المنطق؟ لذلك نقول لرجال الدين المسلمين ومرجعياتهم أنه لا يمكنهم أن يتنصلوا من عواقب فتاواهم بأن يحرضوا على الإرهاب من جهة ثم يعلنون تنصلهم من نتائجه الوخيمة من جهة أخرى. ليس هذا فحسب بل حتى النداء الأخير الذي أصدره " اتحاد علماء المسلمين" في لندن، رغم إدانته لعمليات الخطف وقتلهم إلا إنه سمى الإرهابيين في العراق بالمجاهدين. فهل حقاً يحوز وصف جزار محترف مثل الزرقاوي بالمجاهد؟ ألا يدل هذا أن هؤلاء العلماء المسلمين متعاطفون مع الإرهابيين في العراق وأن إدانتهم الخجولة لبعض المجازر ما هي إلا تغطية ومحاولة لتبرئة أنفسهم من التعاطف مع الإرهاب في العلن ودعمه في السر؟
فرجال الدين المسلمون استغلوا جهل المسلمين، بل زادوا في جهلهم، وقادوهم إلى التهلكة. وعلى سبيل المثال لا الحصر، عندما صادق البرلمان الفرنسي على قانون يقضي بمنع الرموز الدينية، ومن بينها الحجاب، في المدارس والدوائر الحكومية وليس في غيرها، وصفه الشيخ يوسف القرضاوي بأنه (حرب على الإسلام). فإذا كان مجرد صدور قانون من مؤسسة ديمقراطية أوربية يعتبر حرباً على الإسلام، إذن ماذا بقي من مفردات اللغة العربية لوصف الحرب الحقيقية على الإسلام ؟ علماً بأن هناك أكثر من ألف مسجد في فرنسا ويمارس المسلمون الفرنسيون، على اختلاف مللهم ونحلهم، طقوسهم وشعائرهم الدينية بمنتهى الحرية أكثر مما يمارس في الدول الإسلامية ذاتها. وكذا الحال في بقية الدول الغربية المسيحية التي يصفها رجال الدين المسلمون بدول الكفار.
مثال آخر على ثقافة الكراهية التي يشيعها رجال الدين المسلمون في نفوس أتباعهم والتي لعبت دوراً كبيراً في دفعهم لممارسة الإرهاب، أتذكر حادثة تبعث على الحزن والحيرة من أمرنا. فقبل سنوات اشترى نفر من المسلمين الأثرياء كنيسة مهجورة في عاصمة أوربية، أجروا عليها بعض الترميمات وحولوها إلى جامع. والسبب هو أن أغلب الكنائس في الغرب باتت مهجورة نتيجة ابتعاد الشعوب الغربية عن الدين. فمن المعروف أنه كلما تحسنت أمور الناس الثقافية والاقتصادية تخلوا عن الدين. وفي يوم حفلة الافتتاح وقف رجل الدين الذي هو من ضحايا التطرف الفاشي البعثي في العراق، لإلقاء كلمة الافتتاح. ومما قاله في خطابه الذي كان يذكِّر بخطبة طارق بن زياد عندما احتل أسبانيا (البحر من ورائكم والعدو من أمامكم)، قال خطيبنا في العاصمة الأوربية وكأنه جاءها فاتحاًً: (سنغزوهم في عقر دارهم ونحيل كنائسهم إلى مساجد)! وعند هذا المقطع تصاعدت الأصوات بالتكبير- الله أكبر، الله أكبر... نسي صاحبنا أنه جاء إلى أوربا لاجئاً مهزوماً من ظلم حكومة جائرة والتي هي أساساً من نتاج ثقافة رفض الآخر وهو من ضحاياها وأن أهل هذه البلاد من "الصليبيين الكفرة" هم الذين عطفوا على حاله وعلى الملايين من أمثاله فوفروا لهم الملاذ الآمن والعيش بكرامة ، ولم يدخلها غازياً في عقر دارهم كما أوحت له عقليته البدوية الهمجية وإن تغلفت بالغلاف الديني.
إن رجال الدين المسلمين لا يختلفون عن الإعلاميين والسياسيين العرب، فقد أدمنوا على عقلية تضخيم الذات والإدعاء باحتكار الحقيقة وتحقير الآخر وإلغائه. ومما يزيد الطين بلة أن المنظمات الإنسانية ووسائل الإعلام اليسارية في العالم راحت تدافع عن الأعمال البربرية الإرهابية بدافع كراهيتها لأمريكا، فاستغلت جرائم الإرهابيين في العراق لتلوي عنق الحقيقة وتتلاعب بمفردات اللغة وتعمل على تضليل عقول البسطاء من الناس. فبدلاً من إلقاء اللوم على الإرهابيين راحت تلقي اللوم على الضحايا وعلى من يحارب الإرهاب. فأشد ما يحزنهم هو عندما تنجح الحكومة العراقية وحلفائها في تحقيق الإيجابيات في العراق، فيسارع هؤلاء من أمثال عبدالباري عطوان إلى نكرانها والتركيز على ما يجري في الفلوجة من إرهاب وسحبه على كل العراق. لذا فقد أثار خطاب الدكتور أياد علاوي في الكونغرس الأمريكي، غضب أعداء العراق المدمنين على كراهية بوش وتوني بلير. فأشد ما يغيظ هؤلاء هو إصرار العراقيين على السير قدماً في تحقيق الديمقراطية وإعادة بناء بلدهم.
خلاصة القول، ليفهم فقهاء الموت من أئمة فتاوى الخطف وقتل الأجانب أنه لا يمكنهم أن يفتوا للإرهاب من جهة، وأن يتنصلوا عن نتائجه من جهة أخرى إذا ما جاءت النتائج في غير صالحهم, فالحرب على الإرهاب هي مهمة الجميع وفي صالح العالم وبالأخص العالم الإسلامي.



#عبدالخالق_حسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- موقف كوفي أنان من القضية العراقية
- من أمن العقاب مارس الإرهاب
- : قراءة تأملية في كتاب: صعود وسقوط الشمبانزي الثالث
- دور رجال الدين المسلمين في الإرهاب
- القرضاوي داعية للإرهاب
- الإرهاب في العراق والنفاق العربي-الفرنسي
- المرتزقة الأجانب.. خطر جديد يهدد العراق
- إيقاف القتال في النجف.. سلام أم إجهاض له؟
- مخاطر دعوة السيستاني للجماهير بالزحف على النجف
- لا ديمقراطية بدون أمن: خطاب مفتوح إلى السيد رئيس الوزراء
- الحالمون ب«فتنمة» العراق!!
- الديمقراطية والعصيان المسلح
- المغامرون بمصير العراق وموقف الشياطين الخرس
- من المسؤول عن الانتحار الجماعي في العراق؟
- تفجير الكنائس دليل آخر على إفلاس -المقاومة- الاخلاقي والسياس ...
- لماذا التساهل مع الإرهاب، يا حكومتنا الرشيدة؟
- هل حقاً فشلت أمريكا في العراق؟
- مرحى لقانون السلامة الوطنية
- أين حقوق الكرد الفيلية في محاكمة صدام؟
- إيران وسياسة اللعب بالنار


المزيد.....




- 144 مستعمرا يقتحمون المسجد الأقصى
- المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: مذكرة اعتقال نتنياهو بارقة ...
- ثبتها الآن.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 علي كافة الأقم ...
- عبد الإله بنكيران: الحركة الإسلامية تطلب مُلْكَ أبيها!
- المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الأراضي ...
- المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي ...
- المقاومة الاسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي ...
- ماذا نعرف عن الحاخام اليهودي الذي عُثر على جثته في الإمارات ...
- الاتحاد المسيحي الديمقراطي: لن نؤيد القرار حول تقديم صواريخ ...
- بن كيران: دور الإسلاميين ليس طلب السلطة وطوفان الأقصى هدية م ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالخالق حسين - يفتون بالإرهاب ويتبرّأون من عواقبه!