أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - فؤاد علي أكبر - هذا هو العراق, فهل من متعض؟















المزيد.....

هذا هو العراق, فهل من متعض؟


فؤاد علي أكبر

الحوار المتمدن-العدد: 3240 - 2011 / 1 / 8 - 06:37
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


لاشك أن كلمة العراق تثير اليوم لدى الكثير احاسيس متباينه تبعاً لخلفية الشخص الثقافية ابتداءً من أنتمائه القومي أو الديني أو الطائفي أو السياسي و أنتهاءً بالنزعات الشخصية الفردية لكن حقيقة هذه الكلمة تبقى هي الجامع الشامل والواسع لكل هذه التباينات والأختلافات لتقدمها كحالة حسية متفاعلة ومتناغمة ضمن نسق انسيابي انساني واحد. فالعراق يختزل الحاضر والماضي الذي أنبثق منه فجر الحضارات الأنسانية فتبودقت فيه مختلف الملل والنحل والشعوب بأختلاف ثقافاتها وميولها لينتج للبشرية بأجمعها نسيجاً متماسكاً ومتواصلاً يمدها بالأصالة والثراء نحو مستقبلٍ جلي المعالم. فلقد قُدٌرَ لهذه البقعة من الأرض أن تكون قبلة تستقطب الكثير من البشر ولأحقابٍ زمنية متعددة لتلهمهم أبجديات الفن والعلم والمدنية. فكانت الحضارات المتعاقبة والمتعددة على امتداداتها التأريخية والجغرافية وكان العراقيون أنموذجاً رائعاً ومتقدماً للتواصل والتفاعل الثقافي والعلمي والحضاري بين الأمم فأن الغالب على الشخصية العراقية هي الأتزان والوعي العميق في فهم سلوك الاخر والانفتاح عليه وأستيعابه والتواصل معه على أسس أنسانية مشتركة قد برع العراقييون في خلقها بتلقائية وبدون عناء وكأنهم يحملون في جيناتهم جل أرثهم التاريخي العريق.
تعرض العراق والعراقيين وبدوافع أقتصادية وسياسية عبر تأريخه الطويل الى سطوة وطغيان عصبيات قومية ودينية وقبلية وطائفية مختلفة ولكنها كانت تصطدم دائماً بالخصوصية العراقية التي أستطاعت وبأقتدار من تحييد هذه العصبيات أو صهرها وتطويعها ضمن السياق العام لمسيرة التأريخ البشري المعقولة والمنضبطة رغم ما كان لها من اثار سلبية سطحية في طلاء تجمعات متنوعة بصبغة معينة وفقاً للجغرافية أو للأنحدار الأغلب لهذه التجمعات أو وفقاً لمفاهيم حقبة من حقب طغيان هذه العصبيات.
تأثير هذه العصبيات كان في كثير من الأحوال سطحياً وخامل التفاعل ذلك لأن التركيبة البايولوجية والثقافية المتداخلة والمتنوعة لمجمل التجمعات العراقية كانت قد تأصلت في الشخصية العراقية النموذجية فجعلت منها شخصية معتدلة وأيجابية غير متطرفة تستطيع المحافظة على مميزاتها الشخصية وتجاربها التأريخية الأنسانية مع أمكانية تشذيب هذه الشخصية وتطويرها وتحديثها بأخضاعها للبحث الدائم والمتواصل مع المستجدات العصرية والأنفتاح على تجارب الشعوب الأخرى والمحاولة الدائمة لفهمها ولأستفادة منها لتعزيز شخصيتها بالأضافة ألى أيجاد السبل المتوازنة للتعايش مع الاخر.
فالقومية في العراق هي مفهوم ذات طابع ثقافي اكثر من كونها حالة عرقية بايولوجية حالها حال الثقافات الدينية والمذهبية السائده. كما أن التعصب لهذه الأنتماءات تتناقض مع الأنتماء للعراق كشعب ذو تاريخ حضاري عريق وتعطي أنطباعاً بأن العراقيين ليسوا سوى أقوام غازية متناحرة على بقعة أرض جرداء لا شعب فيها ولا حضارة وهذا مما لايتفق لا من قريب ولا من بعيد مع الحقائق التأريخية الشامخة والراسخة عن العراق. لذا فكل محاولات خلق الأصطفاف القومي أو القبلي والديني أو المذهبي المتطرفة كانت ركيكة وغير متناسقة في الكثير من جوانبها وأركانها الأساسية, مع أن غياب هذه التأثيرات السلبية السطحية كان سيعطي صورة أكثر تنوعاُ للفسيفساء العراقية, فالكثير من المتشدقين بقومية ما أو بجماعة ما هم في الحقيقة من أصول أو أنتماءات أخرى مختلفة عما يدعون وكما أن الكثير من العراقيين قد اضطروا لأخفاء ثقافاتهم القديمة بشكل أو باخر رغم تمسكهم البالغ بها كرد فعل على المحاولات القسرية للتخلي عنها والتظاهر بالأنتماء لهذا الطرف أو ذاك حسب متطلبات المرحلة لتجنب بطش المتطرفين والمتعصبين.
الحقيقة الأهم أن العراقيين وبكل شرائحهم لم يساوموا أو يفرطوا بعراقيتهم رغم ضراوة هذه العصبيات في بعض مراحلها وربما هذا هو ماجعل هذه العصبيات تخفي كونها تدار من قبل قوى أقليمية من هذا الجانب أو ذاك ولم تجرؤ على المساس بالعراق كعراق بصورة واضحة ومعلنة بل لجأت الى أساليب ملتوية ومبطنة لفعل ذلك.
وهذا ما نجده في قوانين الجنسية العراقية منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة وحتى زمنٍ قريب فالعراقيين قد صنفوا ألى تبعيات غريبة كالتبعية العثمانية و التبعية الأيرانية والتبعية الأفغانية والتبعية الهندية البريطانية وهلم جراً. وكأنما لايوجد في العراق من هو تابع للعراق. كما تم تهجير عراقيين عاشوا في العراق لالاف السنين بدوافع دينية متطرفة وأستقدموا جماعات سكانية أقليمية وأجنبية مختلفة بغية ارباك الهوية العراقية. واقع الأمر أن هذه التصنيفات والسياسات كانت عنصرية وطائفية مبطنة وعدائية فرضت على العراقيين كأجندات خارجية دخيلة على العراقيين وعلى ثقافاتهم ومع ذلك كان لهذه السياسات أثر ملحوظ على البنية الأجتماعية والثقافية والأقتصادية العراقية وقد أكتسبت ذروتها في فترة سطوة حكم البعث الذي أتسم بأبشع أنواع الأضطهاد السياسي والقومي والديني والطائفي والأجتماعي والأقتصادي والفكري والتدمير المنظم للأنسان وكل قيم الثقافة والفن والجمال في العراق. فقد تم التمييز بين العراقيين حسب وثائق الجنسية الممنوحة لهم أو حسب التصنيفات العرقية والدينية والمذهبية وحتى المناطقية والعشائرية بحيث كانت الوظائف والمراكز المهمة في الدولة والجيش والشرطة والدوائر الأمنية مختصرة بصورة شبه مطلقة على فئات معينة من العراقيين كما تمت عمليات سلب الجنسية والتهجير القسري الخارجي والداخلي ومصادرت الأموال المنقولة وغير المنقولة والأبادة الجماعية المنظمة والعشوائية لفئات واسعة من أبناء الشعب العراقي بالأضافة الى القيام بعمليات قمع وأعتقال وتعذيب وتصفيات جسدية سياسية لم يشهد لها التأريخ مثيلاً وقد أدى ذلك الى هروب أعداد كبيرة من العراقيين الى خارج العراق والقيام بتأسيس تنظيمات سياسية معارضة ترفع شعارات سياسية مختلفة أتخذت لون حواضنها أو كانت رد فعل لطبيعة الأظطهاد الذي تعرضت أليه لكن ذلك كله لم يستطع من ايجاد أي خدش واضح في أنتماء العراقيين لعراقيتهم فبعد اربعة عقود من القتل والترهيب والأحتواء والترغيب لم يجد هذا الحكم من يقف الى جانبه عند أنهياره ألا مجموعات صغيرة من المستفيدين والمتورطين بجرائمه وحتى هؤلاء لم يتوانى أغلبهم من الهرب خارج العراق حتى أن كبيرهم الذي سخر كل ثروات العراق وأستخدم كل وسائل العدوان من أجل أن يجيش الجيوش ويجبر مئات الالاف من العراقيين على أن ينصروه ويوقروه ويصفقوا له لم يجد حتى حفرة ضيقة في منطقة نائية تؤيه.
دعاة العصبية ومغذي الفتن والطامعون وأعداء الأنسانية من كل حد وصوب لم يستوعبوا الدرس ولم يفهموا هذه الحقائق أو ربما لم يرق لهم أن يفهموها فجمعوا كل أبالسة الأرض وأتباعهم من ذوي العقول المتحجرة وحشدوا كل قدراتهم وأمكانياتهم وأوغلوا في الجسد العراقي تمزيقاً وتقتيلاً وتقطيعاً ونفياً من الأرض وتحت عناوين شتى منها ماهو قومي وديني وطائفي أو ما يسمى بالحفاظ على الأمن الوطني أو الأمن القومي أو الأقليمي أو بدعوى مقاومة الأحتلال الذي دخل العراق بالتنسيق معهم وبمؤازرتهم جميعاً وعبر اراضي وأجواء البعض منهم.
فما غنموا ولن يغنموا غير الخيبة والخذلان وما كان للعراقيين ألا أن يتماسكوا ويتكاملوا ويسموا على جراحاتهم البليغة وها هم يتعافون بسرعة مذهلة ويشتد ساعدهم على الجناة رغم أستمرار الجريمة وهاهم يستعيدون دورهم كمعلمين للبشرية معنى التسامح والتحضر وأستيعاب الآخر والتواصل معه والأحتكام ألى القانون رغم أستمرار الفوضى السياسية والأدارية في العراق فلاشك أن الذي جرى على العراقيين لو كان قد جرى على غيرهم من الشعوب بما فيهم الشعوب ذات الأنتماء العرقي الواحد لأحتاج الأمر ألى دهورٍ طويلة لأجتياز الأزمة والشفاء من اثارها.
فهل سيتعض المراهنون على أستعباد العراقيين ومحو ذاكرتهم التاريخية و يكفوا عصبيتهم وأطماعهم وجرائمهم عن العراقيين. أما كان الأحرى بهؤلاء الطغاة أن يخرجوا من جحورهم المظلمة ويلتفتوا ألى خدمة شعوبهم التي ستلعنهم أبد الدهر.
وبعد أليس الأحرى بنا أيضاً أن نذكر ساسة العراق الجدد أن أغلب الأحزاب والتيارات الفاعلة في العراق اليوم أنما هي أفرازات حقب زمنية مريضة مرت بالعراق وماتزال توجه من هذا الطرف أو ذاك بشكل أو باخر وأن الكثيرمن مفرداتها ومناهجها هو تكريس اخر للطائفية أو التعصب القومي وأنها ستؤدي من جديد الى أنتهاكات خطيرة لحقوق الأنسان العراقي بشكل من الأشكال لذا فأن عليهم أن يخرجوا من هذه الدوائر والأيدلوجيات الضيقة الى العراق الرحب الذي يسع الجميع وبخلاف ذلك فأن مما لاشك فيه أن فكرة الأختفاء في الحفرة الضيقة النائية ستراودهم فرداً فردا يوماً ما...



#فؤاد_علي_أكبر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- -عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
- خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
- الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
- 71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل ...
- 20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ ...
- الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على ...
- الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية ...
- روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر ...
- هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
- عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - فؤاد علي أكبر - هذا هو العراق, فهل من متعض؟