|
الإرهاب كفكرة إسلامية مقدسة
مالوم ابو رغيف
الحوار المتمدن-العدد: 3238 - 2011 / 1 / 6 - 00:42
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
يلقي رجال الدين المسلمون، جميعهم تقريبا، بمسؤولية الإرهاب على ما يسمونها بـ (لفرق الضالة)، ولكن هذا جزء من الحقيقة،، إذ إن الفرق الضالة محاربة ومطاردة في اغلب الدول التي ينتسب إليها الإرهابيون ، ليس بسبب أيدلوجيتها المتطرفة أو دمويتها، بل لأنها تدعوا للإطاحة بالأنظمة الحاكمة . كما إن وسائل وأماكن التثقيف الديني مثل الجوامع والفضائيات ليس بمتناول ما يُسمى بالفرق الضالة، فكيف تمكنت من تثقيف هذا العدد الكبير من الإرهابيين لحد إقناعهم بفكرة الموت والانتحار؟!! إقناع شخص بالموت ليست بالمسألة السهلة والأمر الهين، الأمر يتطلب وقتا وجهدا ومواظبة وخلق حالة نفسية واندفاعا ذاتيا وتحمسا للفكرة وقناعة راسخة بوجود حياة ما بعد الموت، حياة أبدية ملؤها الفرح والغبطة والسعادة. كما إن الإرهابيين ينتمون إلى جنسيات مختلفة ويعتنقون مذاهب إسلامية مختلفة وليس جميعهم من المذهب الوهابي مسوق الإرهاب الأول إلى العالم. حتى الصوفية من جماعة الطريقة النقشبندية لها تنظيماتها الإرهابية التي نشطت بمدينة الموصل، فقتلت وخطفت وفجرت واغتصبت. هذا يعني إن فكرة الإرهاب ليست مستوردة من خارج الإسلام وليس هي بدعة مخترعة ولا انحراف ديني ولا تختص بمذهب معين دون آخر، بل هي فكرة إسلامية خالصة، حسب مقتضيات الحاجة قد تُهمل في بعض الأحيان وقد لا تبرز في مركز الصدارة ، لكنها تبقى صالحة لا يبطلها طول مدة عدم الاستخدام أو يقلل من شرها ظرف زمان أو مكان ما دام الاعتقاد قائم بان القرآن هو كلام الله الصالح لكل زمان ومكان، والسنة هي تطبيقات مقدسة بوحي من الله التي يجب السير على هداها في كل الاحول. علاج الإدمان لا يحرز نجاحا كبيرا إذا لم يقر المريض بأنه مدمن، كذلك لا يمكن إصلاح الدين الإسلامي أو تغييره أو عصرنته إذا لم يقر رجاله بأنه سهل التطويع للإرهاب. إذا لم يقروا بان الدين هو طقوس لعبادة الرب وليس سياسة ولا علم اجتماع، إذا لم يعترفوا إن الأدبيات الإسلامية لم تعد نصوصا لمناجاة الله فقد أصبحت شعارات لتعبئة الإرهابيين وإثارة للبغض والحقد وزعزعة الاستقرار والسلم الأهلي والاجتماعي.
لا يرتكب الإرهابي جرائمه لمرض نفسي أو لعارض جنوني ولا كونه ولد همجيا شريرا، فان كان ألزرقاوي من زعران الحارات والشوارع فان محمد عطا وتيمور العبدلي كانا طبيعيان، لم يستجلبا لفت الأنظار بتصرف طائش ولا بفعل أحمق، بل يمكن القول إنهما كانا دمثي الأخلاق حسني السيرة والسلوك بشهادة أصدقائهم وزملائهم. فلا عوائلهم ولا جيرانهم فطنوا إلى ما في دواخلهم من إرهاب ومن حقد وبغض. فهل كانت دماثة الأخلاق والسلوك الحسن على تناقض مع الإرهاب والحقد في دواخلهم.؟ هل ثمة تناقض بين الخير والشر أثار فيهم صراعا فجعلهم يفكرون ولو للحظة بفداحة جريمتهم.؟ بالطبع لا. لم يكن هناك من تناقض ولا تعارض. الإرهابيون لا يعتقدون أنهم يقدمون على جريمة بشعة، بل أنهم راضون تمام الرضا عمما يفعلونه ويعتقدون أنهم بجرائمهم الإرهابية يخدمون الله والمجتمع، ولو بقوا على قيد الحياة لاختاروا نفس الطريق بكل وعي وإدراك. فعلى سبيل المثال أطلقت الحكومة العراقية سراح أعدادا غير قليلة من الأرهابيين العرب وأرسلوا إلى بلدانهم، فعادوا مرة أخرى وثانية وثالثة لمزاولة نشاطهم الإرهابي. الأمر ليس لغزا ولا هو بالمسألة المستعصية على الحل. إذ إن فكرة الموت والتضحية بالروح( الشهادة) في سبيل الله هي فكرة إسلامية مقدسة تُجازى بالخلود الأبدي. من لم يسمع بهذه الآية التي تتكرر دائما وأبدا في كل وقت وفي كل مكان: "ولا تحسبوا الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون" فان أصبحت فكرة الحياة بعد الموت حقيقة مطلقة في أذهان الناس فلم يبقى إلا تحديد وتعريف سبيل الله.. وسبيل الله لا تختلف حوله المذاهب كثيرا، هو تقريبا واحد عند الجميعـ هو إطاعة الناس الكلية والانصياع الكامل لرب مُتجبر مُتكبر دموي يوكل إلى رجاله مهمة استعباد الناس وسوقهم بالكرباج كما تساق البهائم .. قد يختلف رجال الدين حول طريقة القتل.. قد لا يشجع البعض العلميات الانتحار، لكن اغلبهم يعتبرها مشروعة إن قصد بها قتل اليهود بما فيهم الأطفال والنساء. اذن هم غير مختلفين حول مشروعية تفخيخ السيارات وقتل الأبرياء، بل حول الهدف، والهدف اليوم أصبح المسيحيين. ما من احد منهم ضد فكرة قتل الكافر وإقامة الحد عليه الاختلاف حول من هو الكافر فقط أي إنهم ليس ضد همجية ووحشية وحقارة الفعل. الجميع يعتقد إن المسلم هو الأفضل والأشرف والأحسن والآخر هو الارجس والأنجس والابخس يختلفون حول من هو المسلم الحق لذا يقتلون بعضهم العض. إن ما نراه من تفجيرات إرهابية وقتل بالجملة للأبرياء ليس سوى نتيجة لتسويق فكرة الإرهاب - الشهادة المقدسة في ذهن الناس تسويقا مدرسيا واجتماعيا وعسكريا. رجال الدين كانوا وما زالوا رهن إشارة الحاكم، ففي عهود الإسلام الأولى وضعت آلاف من الأحاديث لتعزيز سلطة الخليفة وتبرير جرائمه وفسقه وفجوره وامتداح هواياته ونزواته والإشادة بسيفه وسوطه. واليوم هم كذلك، طوع بنان الرئيس والملك، فرغبات الملوك والرؤساء عند كبار رجال الدين أوامر تتحول إلى فتاوى موجبة التطبيق. فان شاء الرئيس الهاء الشعب عن واقعه المزري أفتى رجل الدين برضاعة الكبير فانشغل الناس بفتوى بائسة بين رافض وبين مؤيد بينما ينظر الرئيس إلى هذا الانشغال مقهقها من برجه العاجي. فإذا كانت استنكارات الملوك والرؤساء للجرائم الإرهابية صادقة، فلماذا لا يحاولون عصرنه الإسلام وتحديثه وخلق نسخة لعبادة الرب بدل إسلام يتدخل بكل صغيرة وكبيرة، بدل هذا الدين المرض، إن أصاب إنسانا سلبه الحب وزرع فيه نزعة الشر وأوقد جذوة البغض ضد الآخرين بما فيهم عائلته.؟ أليس الأزهر مؤسسة تابعة للدولة؟ أليس هيئة كبار العلماء السعودية معينة من قبل الملك؟ ألا تغض الحكومة السورية النظر، ان لم نقل ترعى وتشرف على تدريبات الإرهابيين المتوجهين إلى العراق.؟ أليس الأسلحة والعبوات اللاصقة مصنعة في إيران؟ الإرهاب في الدول إضافة إلى كونه فكرة مقدسة فهو إسلوب سياسي للوصول إلى أغراض وأهداف معينة، فلو أرادت الدول لتمكنت من منع طيران العصافير في الجو فما بالك ببهائم الإرهاب.؟
#مالوم_ابو_رغيف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قائمة مختلفة للمبشرين بالجنة
-
فضائية من اجل تحريك الركود العقلي.
-
وعاء الثقافة الإسلامية الفاسد
-
لقد أسكرهم الدين ولم يسكرهم الخمر.
-
مجزرة كنيسة سيدة النجاة والإسلام.
-
العراقيون ووثائق ويكيليكس
-
الحوار المتمدن في ألق متواصل.
-
السنة والشيعة وعائشة
-
البغاء وأنكحة المتعة الإسلامية
-
الطقوس المذهبية والأحزاب الإسلامية
-
صراع الولدين
-
الأحزاب الإسلامية والحرص الزائف على الوحدة الوطنية.
-
الأحزاب الطائفية والمكونات العراقية.
-
الله والاسلاميون
-
اليسار العراقي والغبار الحسيني المقدس
-
ألا يتعظ هذا الرهط الاسلامي الفاسد!
-
أحزاب البطانيات والمسدسات!
-
الدولة الاستهلاكية للأحزاب الإسلامية
-
البعث الإسلامي
-
الإرهاب والمنائر
المزيد.....
-
استقبل تردد قناة طيور الجنة أطفال الجديد 2024 بجودة عالية
-
82 قتيلاً خلال 3 أيام من أعمال العنف الطائفي في باكستان
-
82 قتيلا خلال 3 أيام من أعمال العنف الطائفي في باكستان
-
1 من كل 5 شبان فرنسيين يودون لو يغادر اليهود فرنسا
-
أول رد من الإمارات على اختفاء رجل دين يهودي على أراضيها
-
غزة.. مستعمرون يقتحمون المقبرة الاسلامية والبلدة القديمة في
...
-
بيان للخارجية الإماراتية بشأن الحاخام اليهودي المختفي
-
بيان إماراتي بشأن اختفاء الحاخام اليهودي
-
قائد الثورة الاسلامية آية اللهخامنئي يصدر منشورا بالعبرية ع
...
-
اختفاء حاخام يهودي في الإمارات.. وإسرائيل تتحرك بعد معلومة ع
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|