|
مجانية الرعاية الصحية في اقليم كردستان
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 3237 - 2011 / 1 / 5 - 19:14
المحور:
الادارة و الاقتصاد
الآليات المُتَبَعة في توزيع الأطباء والكادر الوسطي ، العاملين في بعض الأقسام الجديدة في المستشفيات الحكومية الرئيسية في اقليم كردستان.. تُعاني من الخلل واللاعدالة . خصوصاً إذا علمنا ان المردود المادي الناتج عن هذه الأعمال عالٍ ويُشكل في الواقع أكثر كثيراً من الراتب الكلي . ولنأخذ مثلاً فقرة ( فحص مرض الإيدز ) ... إبتداءاً ان معظم بُلدان العالم ، تُجري هذا الفحص للوافدين مجاناً ، كجزءٍ من عملية الرقابة والوقاية .. إلا ان الوضع عندنا مُختلف .. فهنالك " مَكانَين " هنا لإجراء الفحص ، الأول يأمهُ الوافدون من الخارج من الأجانب وكافة العاملين في الشركات ، وعددهم كبير والأجور التي تُستوفى منهم عالية .. والثاني يرتاده الناس العاديون ، وأعدادهم قليلة جداً والاجور التي يدفعونها أقل .. لحد الآن والأمر طبيعي .. لكن القائمين على الأمور إرتؤوا ان [ الوارد ] المتحصل من هذه الفحوصات ، يُقّسَم كالآتي : حوالي الثلث يذهب الى خزينة الدولة ، وحوالي الثُلث الى العاملين في هذه الأقسام بالذات ، وحوالي الثلث الى التطوير . المبالغ التي تدخل الى خزينة الدولة ، لاغُبار عليها ... ولكن حصة " العاملين " فيها ، لاعدالة كبيرة ، حيث في معظم الأشهر ، يحصل الطبيب العامل في ، ولِنًسَمِهِ " الفرع المُدّلَلْ " 3-4 ملايين دينار عدا راتبهِ ، ومُساعد المختبر يأخذ مليونَين او أكثر عدا راتبهِ ... في حين ان زملاءهم الذين يقومون بنفس العمل في " الفرع العادي او غير المُدَلل " ، يحصل الطبيب على 60-90 ألف دينار فقط ،شهرياً ، ومساعد المختبر على 30-50 ألف دينار . ومن الطبيعي ان مجموعة الفرع الاول عدا عن كونهم مسنودين من الذين عينوهم في هذه المواقع ، فانهم يتشبثون بها ويعترضون على اي محاولة لإستبدالهم !. اما الفقرة الثالثة ، أي المُخصصة لل ( تطوير ) .. فهي كالعادة في العراق عموماً .. غامضة ومطاطة وذات نهايات سائبة ، تُغري بالفَساد . فهذهِ المبالغ الكبيرة المتراكمة .. مَنْ المسؤول عن مُتابعة صرفها وما هو " التطوير " الذي حصل وفي أي المجالات ؟ صحيحٌ ان بعض الفحوصات مثل ( الرنين ) ، مُكلِفة على الدولة وتُشكِل عبئاً على الميزانية ، لكن الآلية المُتبعة اليوم ومنذ فترة طويلة .. ألْغَتْ من الناحية العملية ، مجانية الرعاية الصحية ، فالمواطن المريض الذي يحتاج الى " الرنين " كان يُسجل دَورهُ " الذي يتأخر اسابيع في العادة " ثم يدفع 40 ألف دينار ، لكن مسؤولي الملف الصحي ، رأوا ان هذه المبلغ قليل ، فعمدوا الى رفعهِ تدريجياً ليصل الى 120 ألف دينار ، والذي يدفع مبلغاً أكبر يستطيع تجاوز الدَور ويُجرى له الفحص فوراً ، معتبرينهُ " حالة خاصة او طارئة " ! . من الواضح ان المريض الفقير والمُعدم ، يعجز عن دفع مثل هذه الاجور الباهظة بالنسبة له ، علماً ان الغالبية العظمى من المرضى هُم من هذه الفئة المسحوقة . طبعاً نفس الآلية أعلاه ، في توزيع المبالغ المستحصلة ، تنسحب على " الرنين " أيضاً . ونفس الشيء يجري على عمليات ( القسطرة ) ، و ( غسل الكلية ) وغيرها الكثير من الاقسام ، ففي حين انها كانت تُجرى ، مُقابل أجور رمزية تُناسب كافة المرضى ، في السابق ، فانها وصلت اليوم الى نصف مليون دينار ... عموماً ان إستيفاء مبالغ كبيرة نوعاً ما من المواطن ، في جميع أقسام المستشفيات الحكومية الرئيسية في الأقليم ، أصبح " سياسة ثابتة " وأمراً واقعاً ... صحيح انها في كل الأحوال أرخص من المستشفيات الخاصة ، ولكنها في نفس الوقت خرجت من نطاق " دعم الدولة " الذي تّعَودَ عليه الناس ... وهنا يبرزُ تساؤلٌ مشروع : اين تذهب كُل الأموال التي تُخصصها الحكومة سنوياً لقطاع الصحة ؟ واين الشفافية في صرف هذه الاموال الكبيرة ، فإذا وَفرتْ الحكومة الأجهزة الحديثة والآلات والمواد الطبية والأبنية والسيارات والأدوية ورواتب الاطباء والعاملين والكهرباء والماء ، من ضمن الميزانية المخصصة للصحة سنوياً [ علماً ان الميزانية في النهاية هي مُلك الشعب ، اي ان الشعب هو الذي يدفع ] ، فلماذا تُستوفى أجور عن هذه الخدمات المُقدَمة له ؟ لاسيما ان هذه الاجور التي كانت وحتى قبل سنواتٍ قليلة ، رمزية وضئيلة ، يستطيع الجميع تحملها ، لكنها " نتيجة جشع البعض من أولي الأمر " ، إرتفعتْ تدريجياً ، حتى أصبحتْ اليوم تُثقِل كاهل الكثير من المواطنين المرضى العاجزين عن الدفع . وأفرزَتْ هذه الحالة ، بروز شُلَل وجماعات " مُستفيدة " في كُل قسم ، هّمها الأول هو زيادة مواردها المالية وأحياناً بِطُرق ملتوية ، وبالضد من المصلحة العامة . نحن بحاجة الى مُراجعة شاملة لملف الصحة والمستشفيات الحكومية ، وتشخيص أكثر دقة لمكامن الخلل والفساد المالي والاداري ، وإيجاد حلول قابلة للتنفيذ ... تُراعي مصالح الطبقات الفقيرة بصورةٍ خاصة والتي ، هي المُتضرر الأساسي من السياسات المُتَبَعة حالياً . فالغني والمُقتَدِر ، بإمكانه دوماً ان يصبح " حالة خاصة او طارئة " ويتجاوز القوانين ويحصل على الخدمات أولاً ، بل التوجه بكل سهولة الى الخارج إذا أراد ... لكن الإهتمام بالغالبية العظمى من الشعب ، من الكادحين والفقراء ، وتوفير رعاية صحية جيدة لهم .. هو الأهم والأجدى .
#امين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كُلْ كُلَ شيء .. إلا اُجرَتي !
-
أنا وخالي ذبحنا -21- خروفاً !
-
رؤساء وقادة مدى الحياة
-
الشهرستاني : لايوجد فساد في عقود النفط والكهرباء !
-
- شط العرب - خوش فندق !
-
رواتب الرؤساء والنواب .. سرقة وفسادٌ مُقَنن
-
- بيضات - البعث في صندوق السرداب
-
حتى القمامة ... نعجزُ عن رفعها ؟
-
مافيات الفساد .. والشرفاء
-
أنا وأصدقائي المسيحيين
-
أقرباء المسؤولين
-
حكومة وزير تربيتها - تميم - لاتُبّشِر بخَير
-
جلسة تمرير الحكومة الجديدة .. ملاحظات اولية
-
حُكم الاسلام السياسي .. جحيمٌ مُبّكر
-
قانون التظاهر .. خطوة الى الوراء
-
الرئيس نفسه يقول : كُفوا عن التمجيد !
-
ما هي مطاليبنا ؟
-
الخروج من السابع .. الى أين ؟
-
دجلة بغداد في خطر
-
أعطوه ألف ألف درهم
المزيد.....
-
الأردن.. الحكومة ترفع أسعار المحروقات
-
مصر تعلن عن فرص عمل لمواطنيها في الإمارات
-
هل ينجح ترامب بتحويل ولايته إلى -عصر ذهبي-؟
-
إن أم دي سي إنيريجي تسدل الستار على 2024 بنتائج -غير مسبوقة-
...
-
كيف تحولت فاكهة -الرائحة الكريهة- إلى كنز اقتصادي لدول آسيا؟
...
-
61 مليار دولار إيرادات تركيا من السياحة في 2024.. زيادة بـ8%
...
-
هيئة قناة السويس: الاستقرار يعود إلى البحر الأحمر
-
مصر تستعين بتوصيات رجال مبارك لحل أزماتها الاقتصادية
-
تركيا.. عائدات السياحة تسجل مستوى تاريخيا
-
القطاع المصرفي الروسي يحقق أرباحا تاريخية رغم العقوبات الغرب
...
المزيد.....
-
دولة المستثمرين ورجال الأعمال في مصر
/ إلهامي الميرغني
-
الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل
/ دجاسم الفارس
-
الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل
/ د. جاسم الفارس
-
الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل
/ دجاسم الفارس
-
الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق
/ مجدى عبد الهادى
-
الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت
...
/ مجدى عبد الهادى
-
ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري
/ مجدى عبد الهادى
-
تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر
...
/ محمد امين حسن عثمان
-
إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية
...
/ مجدى عبد الهادى
المزيد.....
|