نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..
(Nedal Naisseh)
الحوار المتمدن-العدد: 3237 - 2011 / 1 / 5 - 12:48
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
تنويه: نعتذر عن إلصاق صفة العرب ببعض مسيحيي المنطقة، كما ورد سهواً بمقالنا بالأمس، ما أثار احتجاجاً من أحد المعلقين الكرام، كون بعضاً من هؤلاء المسيحيين ليسوا من الأصل العربي، كأقباط مصر سكان وأصحاب الأرض الأصليين قبل دخول الغزاة البرابرة الصحراويين، وكجنوبيي السودان الذين نهنئهم سلفاً وباكراً بنيلهم الاستقلال عن الحكومة الإخوانية الفاشية العسكرية البشيرية صاحبة السجل الدموي الحافل بالمجازر الجماعية ضد أبناء السودان(والعقبى الكبرى حين يتحرر مجمل الشعب السوداني من الطغمة الفاشية الإخوانية المجرمة الحاكمة)، وكذلك الأمر لمسيحيي ما يسمى بالمشرق العربي من الكلدان والآشوريين والسريان الذين مازالوا يتكلمون لغاتهم الأصلية غير العربية حتى الآن، كاللغة الآرامية، لغة المسيح. وبالمقابل من أراد من هؤلاء نسبة نفسه للعروبة وأهل الصحراء، فأهلا وسهلاً، فلا ضير لدينا وهو حق من حقوقه التي لا نحسده عليها.
الأنظمة العربية، عموماً، هي أنظمة فاشلة بامتياز، وهي أنظمة فردية وعائلية وشخصانية وقبلية تعمل لمصالحها الخاصة وليس للصالح العام والدليل هذا التردي والانحطاط العام والوفرة والبحبوحة لأصحاب الذوات، لقد فشلت صحياً وتنوياً، وتعليمياً، وحضارياً، ومدنياً، وأصبحت في مؤخرة شعوب العالم في ميادين الحياة المختلفة، ولا تقوى حتى على منافسة ميانمار والنيبال في أي ميدان من الميادين، بسبب طبيعة وبنية العقل الصحراوي المعادي لكل قيمة وجمال وإبداع، المتكل على عقيدة الغزو والسبي والسطو على إنجازات الغير، واعتبار نفسه مع شلة البدو الأوائل خير أمة أخرجت للناس، فلذا يتقاعس ويتكاسل ويفشل في القيام بأي شيء، ومن فشلت هذه الأنظمة، حتى في حماية شعوبها وحدودها، التي اصبحت سداحاً مداحاً مشرعة أمام الغرباء ومفتوحة للغادي والبادي، لا بل إن شاويش اليمن طلب من أمريكا قصف أبناء بلده، ودخلت إلى دبي فرقة عسكرية كاملة من الموساد بكامل عتادها الحربي لتقتنص القيادي الحمساوي مبحوح.
الشعب، وبكافة أعراقه وانتماءاته ومذاهبه واتجاهاته، هو أمانة في أعناق الحكام والحكومات وجميع السكان متساوون أمام القانون ولا فرق بين مواطن وآخر حتى لو كان ملاكاً نازلاً من السماء. فالشعب ليس "قطيعا" سائباً في البراري، وعذراً للتعبير من الجميع، ليتم الاعتداء عليه واستهدافه من قبل أي كان، وتحت أية ذريعة وسبب عقائدي، كما حدث في كنسية سيدة النجاة في بغداد، وكما حدث ليلة رأس السنة في كنسية القديسين في الإسكندرية، ثاني أكبر المدن المصرية، المزروعة بالعسس والمخبرين ورجال الأمن، ومع ذلك حدث التفجير المروع الرهيب. الأنظمة العربية فشلت في تحقيق الأمن والأمان والرفاه لشعوبها وحماية سكانها من شتى الأخطار المحدقة بهم كالجوع والفقر والأمراض والجهل واليوم من الخطر الأكبر وهو الإرهاب الصحراوي الأعمى، لا بل تحالفت هذه الأنظمة معه، وخنعت له، وسهلت له وسمنت رموزه ودللتهم وقدمتهم كنجوم مجتمعية في الفضائيات والإعلام وهم يضخون السم الصحراوي الأسود الزؤام ويحرضون على القتل والفتنة والكراهية بين أبناء البلد الواحد، في منظومات الإعلام المملوكة لمولانا ومولاكم صاحب الفخامة، والعظمة، والسيادة، والجلالة والعظمة والقداسة والنيافة، وبأموال دافعي الضرائب الفقراء المحرومين من التعليم والصحة والرفاهية، ليتم بعد ذلك نسفهم وتطايرهم أشلاء بنفس الأموال التي يدفعونها وتذهب لجيوب المشعوذين والسحرة والقتلة من شيوخ السلاطين وحكام الردة.. لكن والحق يقال لقد أفلحت تلك الأنظمة فقط، في حماية اللصوص والقتلة والمشعوذين وتأمين كل أسباب الرفاه ورغد العيش لهم وحمايتهم من المساءلة القانونية، فيما تهمش الشرائح العريضة من المجتمع ويحط من قدر الشرفاء والوطنيين الأحرار ويموتون قهراً وكمداً وجوعاً،.
ومأساة المسيحيين في المنطقة لا تنفصل في الحقيقة عن مأساة الغالبية من السكان، فالاستبداد والإجرام الصحراوي لم يعرف يوماً الرحمة والعدل والمساواة، لكن ما يزد الطين بلة بالنسبة لمسيحيي المنطقة هو ذاك الاختلاف العقائدي والإيديولوجي وموقف الأغلبية "العدائي" المتوجس والمرتاب وغير المتفهم من هذا الاختلاف واستهدافه الدائم مادياً ومعنوياً، والسخرية منه وازدرائه والحط من قدره، واعتبار مسيحيي المنطقة في بعض البلدان، وخاصة مصر، مواطنين من الدرجة الثانية لا يحق لهم تولي وظائف سيادية بعينها، وزاد الأمر سوءاً بعد الردة الحضارية البربرية الكبرى التي سموها بالصحوة الإسلامية التي دخلت مصر وأحالتها أطلالاً قاعاً صفصفاً. وإن كان الاستهداف المعنوي يتجلى في هذا الخطاب العدواني والإعلامي الرسمي والتهميش المنكر والعلني والعنصري لمسيحيي المنطقة في الشأن العام، فإن الخطورة تبرز وتتبدى على نحو أكبر في هذا الجديد من الاستهداف المادي الذي تحول إلى أعمال عدائية واستهداف جسدي كما هو الحال بالنسبة لمسيحي العراق، واليوم أقباط مصر الذي يبدو أن الترصد والكيد الصحراوي لهم قد دخل مرحلة جديدة وخطرة جداً. ( نسمع ويسمع أطفالنا الصغار يومياً بتوصيف حفدة القردة والخنازير على الآخر المختلف، كما دعا وزير ثقافة "مستعرب" سابق علناً وفي برنامج يسمونه "متاهات" ولا يوجد خطأ إملائي ها هنا إلى تعلم اللغة العربية من أجل حفظ الحديث والقٌرآن فقط هكذا من على شاشة وطنية متناسياً وجود نسبة من المسيحيين من أبناء بلده وربما أكثر طبعاً، غير آبه ولا مبال بأي منهم، ولا يعنون شيئاً في ثقافة السيد الوزير الصحراوية).
لقد نجحت كما أسلفنا، سابقاً، عملية التطهير العرقي والديني والإبادات الجماعية وحروب الردة والمجازر الوحشية التي استهدفت مسيحيي ويهود ما يسمى بالجزيرة العربية من سكانها الأصليين على يد الميليشيات الصحراوية الغازية وقطاع الطرق المشهورين والكبار من حملة السيوف المسلولة الحالمين بالسلطة والثروة وتميزهم بولعهم وشبقهم الكبير للنساء والصغيرات، وانتهى الأمر باقتلاعهم-اليهود والنصارى- نهائياً من تلك المنطقة، وهذا ما يفسر عدم وجود أي مسيحي في تلك البقاع "الطاهرة" (طاهرة لأن ليس فيها أي إنسان مختلف)، ما يعزز وجهة النظر التي تتشدق بالحديث عن "تسامح" ثقافة الصحراء، ولكن وعلى ما يبدو فإن عمليات الإبادة تلك، بكل آلياتها المعروفة كالعهدة العمرية والجزية والترهيب والترغيب والتصفية الجسدية لم تستطع القضاء كلياً على ما تبقى من سكان المنطقة والدليل هو وجود أقباط مصر سكان ,أصحاب مصر الحقيقيين، وغيرهم من الكلدان، والسريان، والآشوريين في ما يسمى بالمشرق العربي، وسكان السودان...إلخ.
من يملك المال اليوم هم لصوص العرب الكبار الذين أفرغوا خزائن الشعوب من المال العام، إضافة إلى المال البترولي، المتهم الأول بالجرائم والإرهاب، ووحدهم هؤلاء من يفكر ويقدر على تمويل ودعم الإرهاب والقتل، وامتلاك وسائل الإعلام والفضائيات التي تروج للكراهية والعداء وأولها رؤوس الأفاعي الصحراوية ورأس حربة الهجمة البربرية الصحراوية نايل سات وعرب سات اللذين يبثا من مصر على مرأى ومسمع من حكومة الرئيس مبارك الذي عزا الأمر لأياد خارجية.
إن ما تبقى من هؤلاء المسيحيين، من سكان وأصحاب البلاد الأصليين، هم فاكهة الشرق الأوسط والتذكير الوحيد الباقي بحضاراتها السابقة وماضيها الزاهي الجميل التي يريد الصحراويون مسحها وشطبها وإلغاءها من الوجود كعادتهم والاستئثار بكل شيء بالتاريخ كما بالجغرافيا. أنهم رمز وقصة لتراجيديا ومأساة إنسانية محزنة ألمت بشعوب المنطقة منذ خروج الصحراويين الحفاة العراة بدافع الجوع والقلة والغزو والطمع في ثروات وخيرات الحضارات المجاورة لالتهام كل ما يقع تحت أيديهم بما فيهم النساء والغلمان، ووسط صعود وعلو كعب هذا الزعيق والضجيج والتطبيل الصحراوي التحريضي المرعب المخيف وجدوا أنفسهم غرباء في بلدانهم الوطنية ومحرومين من كافة الحقوق الآدمية والبشرية، وفي حال من العزلة والرعب والخوف المستقبلي، لا بل تطور الأمر مع تنمرد الصحراويين وتفرعنهم إلى حرب إبادة جسدية ضدهم، وما جريمتي التفجير في بغداد والإسكندرية ونجع حمادي رأس جبل الجليد الظاهر، وأول الغيث الذي سيتلوه الفيضان والطوفان الكبير. ومن هنا فواجب الحفاظ عليهم هو أمانة في أعناق الجميع قبل انقراضهم وخشية انزلاق المنطقة وتحولها قاطبة إلى اللون الصحراوي القاتم الأسود وعندئذ لا حدود ولا وصف للكارثة والمأساة.
حافظوا على مسيحيي المنطقة فهم أمانة في أعناق الجميع، لا لشيء وإنما كي يصدق القول حين الحديث عن أي تسامح وبافتراض وجوده. أنها الصرخة والنداء الأخير نطلقه، وإن كنا نعلم أن بعض أنظمة المنطقة المتدشدشة بعباءات الوهابيين الصحراويين والمتحالفة معهم، قلباً وقالباً، ورغم انعدام ثقتنا المطلقة بهم، لا تستأمن على بعير أجرب وعنزة فطساء.
#نضال_نعيسة (هاشتاغ)
Nedal_Naisseh#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟