أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - رشيد قويدر - مجزرة غزة: خطأ في التقدير أم سياسة ثابتة؟















المزيد.....

مجزرة غزة: خطأ في التقدير أم سياسة ثابتة؟


رشيد قويدر

الحوار المتمدن-العدد: 210 - 2002 / 8 / 5 - 01:30
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


 
   
  August 4, 2002    
 
 
 
لم تكن مجزرة غزة في مدلولها المباشر سوى نقلة في التعامل مع الحالة الشعبية الفلسطينية وقوى الانتفاضة؛ وقد هدفت إلى خلق الرعب بتواصلها مع أشكال أخرى تفصيلية يومية من القمع على الأرض. والأهم أنها توجهت إلى الفصائل الفلسطينية وخلاصاتها محاولة الاتفاق على اعتماد منهج عسكري محدد في مواجهة الاحتلال، وتعطيله نحو فوضى غير محددة..
 
   
  وغني عن التأكيد؛ أن اعتماد إسرائيل عامل «العقاب الجماعي» كجزء لا ينفصم عن نشاطها العام، بل وفي تعاملها معه كعامل مستقل، جرى تشريعه حينما يتاح للجيش الإسرائيلي نظام شامل من التصفية والاغتيال والسجن والاعتقال الإداري وتشميع المنازل وهدمها. وهي ليست حكراً على الحكومة الإسرائيلية الراهنة ورئيسها شارون، فكثيراً ما جرى تبادل المواقع بين الحزبين الكبيرين، العمل والليكود، وبقي العامل الثابت هو هذه الاستراتيجيا.
ويخلو تاريخ الحروب الإسرائيلية من مفهوم الإنسانية المنسجمة مع قواعد اتفاقات لاهاي الدولية، لناحية الحفاظ على حياة الأسرى أو العدو الأعزل. فالفكر الصهيوني فكر عنصري إفنائي، وإن تزداد وتيرته مع تصاعد اليمين المتطرف في إسرائيل لجهة ازدياد نزعة الإبادة. ولعل النموذج الساطع في ذلك العدوان، على مخيم جنين الذي لم تجفّ دماؤه بعد، فما من جيش عاقل في العالم؛ كما يثبت التاريخ، زجّ على مساحة أقل من كيلومتر مربع، هي مساحة المخيم المحاصر بمئتي دبابة حديثة وسلاح جو، إلا من كان يهدف فعلاً إبادة عدوه إبادة كاملة».
وفي هذا السياق بالضبط ترابط المعنى السياسي بالعمق الفكري الصهيوني، فاللاتاريخية الصهيونية، لم تمر عليها أية ومضات إنسانية مشرقة منذ قانون حمورابي، أو ما أفرزته الحضارات التي وضعت حدوداً بين الحرب وحقوق الإنسان. خاصةً معاملة الشعب تحت الاحتلال، أو الأسرى والجرحى وحماية النساء والشيوخ والأطفال. حيث يحتوي التاريخ العالمي على ومضات مشرقة وعلى امتداده (روح الفروسية وعفة السلاح)، والتي تحولت بمجملها إلى مصادر غنية للتشريع اللاحق والسلوكيات والأخلاقيات، ولما وصل له العالم من قوانين، ومنها قانون النزاعات المسلحة، القانون الدولي الإنساني أي «قانون الحرب»، ومنه منع القتل غدراً، أو قتل العدو العاجز عن القتال، أو استخدام الأسلحة التي تحدث إصابات لا مسوغ لها، وعلى رأسها عدم التعرض للمدنيين والجرحى والمرضى وأسرى الحرب، وعدم استخدام القوة أكثر مما تحتاج له الأهداف العسكرية فقط..
وتكراراً، على ما جرت العادة في منوال جرائمها، لن تكون مجزرة غزة الأخيرة الجريمة الأخيرة، وهي مشهودة يومياً، ترفض فيها إسرائيل التعاون مع هيئات القانون الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية في قضايا التحقيق بجرائم الحرب. فسجلها مليء بالسوابق الإجرامية وسبق السنوات الأولى لقيامها، وإن بلغ الآن أعتى صوره، في تراكمه الناجم عن وهن القناعة الأخلاقية من جهة، ومما تشهده من «عسكرة» لا مثيل لها في العالم من جهة أخرى. الأمر الناجم عن بعد سياسي اقتصادي سوسيولوجي في المجتمع الإسرائيلي، وليد علاقته بإنتاج النخب الحاكمة والتي تساق ضمن إشكاليات ومأزق المجتمع الحربي، وما يتصل بذلك من سلوكيات استراتيجية وأمنية..
وتتبدى العسكرة في تفاقم الانتهاكات الإنسانية، وفي استخدام القوة المفرطة كتعبير عن مرض مزمن لدى أصحابها. وهي في إسرائيل تتمثل في منهج عدم تجنيبها المدنيين العقوبات الجماعية، وهي لا مجال لحصرها في ممارساتها. ولعل في نموذج هذه الروح، ما نشرته الصحف الإسرائيلية من مقابلات مع الجنود الذين شاركوا في ارتكاب مجزرة قانا في جنوب لبنان في حملة «عناقيد الغضب» حين قالوا «عرب قذرون، نحن عظماء، إننا رماة ماهرون، في أي الأحوال هناك ملايين من العرب، وكان يجب أن نطلق المزيد من القذائف لنقتل المزيد من العرب». وهذه الجمل تلخيص لثقافة راسخة هي في مجملها انتهاك للقواعد الحضارية العالمية، تتمثل على امتداد حروبها، وجزء مما يشهده العالم راهناً من جرائم حرب، تندرج في مفهوم العقاب الجماعي والعنصري..
ووفقاً لمبادئ القانون الدولي فإن قمع انتهاكات إسرائيل، وعقوباتها الجماعية على المجتمع الفلسطيني، تستند مصادره على ان السلام والكرامة والغذاء للجميع، بوضعه حداً للموت العبثي وفي حماية الإنسان في نصوصه من هذه الشرور. فقد كرست اتفاقات جنيف مبدأ الاختصاص الجزائي، وعلى هدّيها أُبـرمت معاهدة النظام الأساسي للمحكمة الجنائية في روما في 17/8/1998، في مواجهة الجرائم والفظائع في حقبة العولمة والقطبية الوحيدة. وهي تؤكد أيضاً أن جرائم الحرب لا تسقط بمرور الزمن أو التقادم، وقد سبق أن صادفت بالتوقيع على اتفاقات جنيف 189 دولة. ومن وثائقها أُنجزت أخيراً «محكمة الجزاء الدولية»، وقد رفضت أن تصادق على وثائقها دولتان فقط، هما إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية.
ويبـرز أمام هذا الخليط الغريب من الشرور، محاولة غرس تقاليد لا عقلانية، في عالم يزداد عقلانية، نحو مبادئ وقواعد حماية حقوق الإنسان في منظومة واسعة من المعاهدات والمواثيق والاتفاقات الدولية، وفي إطار المنظمات الدولية. فمعاهدة محكمة الجزاء الدولية، باتت نافذة المفعول بعد مصادقة دول العالم عليها، وإن أُفلت منها رعايا هاتين الدولتين من الملاحقة والمساءلة القضائية الدولية. وهو تأكيد على إمعان واشنطن في تجاوز مبادئ القانون الدولي والإنساني وميثاق الأمم المتحدة، وفي حرصها على استخدام حق النقض في مجلس الأمن لتعطيل القرارات التي تدين اسرائيل وممارساتها غير القانونية واللاإنسانية، ومن ثم وضعها فوق القانون الدولي، كرعاية فظة لها في عدوانها على الإنسانية..
وأخيراً، فإن جملة من الملامح التي ذُكرت سلفاً، في مشهدها التاريخي الراهن، تقول عربياً إن بيانات الرثاء تفتقر إلى الحكمة، والتي تكمن في أهمية المتابعة الأهلية والمدنية غير الحكومية. بدءاً من ملاحقة مجرمي الحرب ومرتكبي الجرائم والقتل، في مستوياتهم حكاماً وقادة في الجيش الإسرائيلي وأصحاب القرار، عبـر هيئات المجتمع المدني العالمية، وفي آلية لتقصي الحقائق وإدانة المجرمين. وهو دور على المنظمة العربية لحقوق الإنسان، وغيرها من المنظمات أن تؤديه. في انتهاج مبادرات في هذا السبيل، نحو ما يماثلها من هيئات المجتمع المدني العالمي، والمطالبة بإيجاد آلية لملاحقة الإجرام، في إطار مبادئ القانون الدولي العام، واتفاقات جنيف الأربعة وأحكام معاهدة «محكمة الجزاء الدولية».


#رشيد_قويدر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مجموعة »الثماني« .. منظومتان فكريتان..
- بحثاً عن سور يقي أوروبا موجات الهجرة إلى الشمال..
- رواية «الإرهاب» الأميركية
- غوانتانامو: أرض مغتصبة.. وانتهاك لحقوق الإنسان


المزيد.....




- ماذا يعني إصدار مذكرات توقيف من الجنائية الدولية بحق نتانياه ...
- هولندا: سنعتقل نتنياهو وغالانت
- مصدر: مرتزقة فرنسيون أطلقوا النار على المدنيين في مدينة سيلي ...
- مكتب نتنياهو يعلق على مذكرتي اعتقاله وغالانت
- متى يكون الصداع علامة على مشكلة صحية خطيرة؟
- الأسباب الأكثر شيوعا لعقم الرجال
- -القسام- تعلن الإجهاز على 15 جنديا إسرائيليا في بيت لاهيا من ...
- كأس -بيلي جين كينغ- للتنس: سيدات إيطاليا يحرزن اللقب
- شاهد.. متهم يحطم جدار غرفة التحقيق ويحاول الهرب من الشرطة
- -أصبح من التاريخ-.. مغردون يتفاعلون مع مقتل مؤرخ إسرائيلي بج ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - رشيد قويدر - مجزرة غزة: خطأ في التقدير أم سياسة ثابتة؟