|
التحليلُ الجدَليّ
ييلماز جاويد
(Yelimaz Jawid)
الحوار المتمدن-العدد: 3234 - 2011 / 1 / 2 - 22:18
المحور:
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
إستلمتُ رسالة صاحبي ومرفقها الوثيقة التي قدّمها صالح المطلك إلى هيئة النزاهة يتبرأ بموجبها من إنتمائه إلى حزب البعث الصدامي ويستنكر ويدين الأعمال الإجرامية التي حدثت آنئذٍ . من قراءتي لنصّ الرسالة لمست أنه يعيّر صالح المطلك على تقديمه لتلك الوثيقة معتبراً عمله أمراً مهينا كان على صالح أن يكون أرفع من أن يتدنّى إلى هذا المستوى من أجل أن يغنم بمنصب رفيع في الحكومة . تٌرى إذا عيّرنا صالح المطلك على هذا العمل فما الذي نتركه إلى قيادات حزب البعث الحاليين الذين إتخذوا الإرهاب أسلوباً بذريعة مقاومة الإحتلال ؟ ماذا نترك لعزة الدوري ويونس الأحمد ومن يقودون الأعمال الإرهابية والتصفيات الجسدية بشتى الأساليب لمن يعارضهم ؟ أنا شخصياً لا أعرف صالح المطلك ، ولم يطرق سمعي كلامٌ من أحد بالمديح له ، ولكني أعلم أنه عراقيٌّ وقد يكون قد إنتمى إلى حزب البعث يوماً ، ولكن لم يكن الغرض من ذلك ممارسة الأعمال الإجرامية التي كشِفت الستر عنها في مجريات محاكمة أزلام الطاغية . وإلاّ لماذا لم يُستدعً في أية قضية أو توجّه له تهمة ؟ قيل عن الرجل أنه كان وكيل أعمال ( ساجدة طلفاح ) ؛ زوجة صدّام ، يُديرُ أعمالها التجارية فيفيدها ويستفيد ، فهل كان أيّ شخص آخر يفعلُ غير ذلك إن كانت أتيحت له الفرصة ؟ لو أنّنا ندين كلّ عراقيِّ إنتمى إلى حزب البعث أو قام بعمل لخدمة حاشية صدام أو أزلامه فسنكون في موقع لا نُحسد عليه حيث لا ينجو من مثل هذه الإدانة إلاّ القليل من أبناء الشعب . فالكثير الكثير من أبناء الشعب إنتمى لحزب البعث لأغراض عديدة ، وجميع العاملين في النشاطات التجارية التي كانت مملوكة لتلك الطغمة يعتبرون قد خدموهم ، فهل لنا أن نؤاخذهم على فعلهم ؟
إننا بحاجة لجهود كل العراقيين موحّدة لبناء الوطن ، فليس من المنطق أن نستبعد الكثير من أبناء الشعب الراغبين في المساهمة في هذا البناء بحجج أنهم كانوا بعثيين أو كانوا مساعدين وخادمين في نظام الطاغية . لقد جرى التأكيد على أن المساءلة ستلاحق الذين تلطخت أيديهم بدماء أبناء الشعب . وقد أوكلت مسؤولية الحساب إلى القضاء ، فمن كان مشمولاً فالمحاكم هي التي تلاحقه . وقد ذكرنا مراراً أن الكثير من الشرفاء قد إنتموا إلى حزب البعث ، لحملهم الشعور القومي وإيمانهم بوحد الأمة العربية ، وأوضحنا أيضاً أن الطاغية قد سرق الحزب من البعثيين الشرفاء وقام بتصفية القادة منهم سواء بالإعدام أو الإغتيالات أو تدبير المؤامرات التي أودت بحياتهم . وقد نادينا على البعثيين جميعاً أن يدينوا الأعمال الإجرامية التي وقعت في عهد الطاغية ويدخلوا العملية السياسية السلمية . إن قيام صالح المطلك بالتوقيع على مثل هذه الوثيقة يُعتبر شجاعة فائقة منه شخصياً ، وبعمله هذا قد قدّم سابقة لكل البعثيين الشرفاء أن يقتدوا به ، ولم يخف من تصفيته بدنياً من قبل البعثيين المتطرفين ، بل بالعكس فإنه رسم الدرب لكل بعثي شريف أن يسير فيه وينخرط في عملية البناء بدون خوف أو وجل .
لا أحد ينكر أن العهد السابق قد وسّع المجال لشريحة معينة محددة للإستفادة القصوى من النشاطات الإنتاجية ( الصناعية ، الزراعية ، العقارية ، التجارية ) ، إلاّ أن هذه الشريحة بممارستها لنشاطاتها قد أسهمت بصورة جدية في إستيراد التقنية الحديثة لتسهيل تلك النشاطات وبصورة علمية ؛ فقد توسعت عمليات تأسيس المشاريع الصناعية الحديثة وبدعم من المصرف الصناعي ، وتوسعت نشاطات إستعمال المكننة الزراعية وتوزيع البذور المحسنة ومواد مكافحة الآفات الزراعية و بناء المداجن وحقول تربية الأغنام والأبقار ، بتشجيع ودعم من المصرف الزراعي . وكان للمصرف العقاري الدور الكبير في تشجيع بناء و إمتلاك العقارات من قبل ذوي الدخل المحدود ، بالإضافة إلى نشاطات جمعيات بناء المساكن التي كانت تستظلّ بالجمعيات والنقابات المهنية . ولقد كان للدولة دور كبير في إنشاء المجمعات السكنية العديدة ، وفي بناء المراكز والأسواق التجارية . لقد كان دور الدولة رئيسياً في النشاط التجاري ، وعلى الخصوص في التجارة الخارجية ، ولكن خطتها كانت تسمح للنشاط الصناعي بإستيراد إحتياجاته من المواد الأولية للإنتاج . وعلى العموم فإنّ كافة النشاطات كانت متوجّهة إلى أمام . إن إقتصار نظر الكثير من المحللين السياسيين والكتاب إلى الجوانب السلبية ، وعلى الخصوص الحروب غير المبررة التي دفع الطاغية العراق إليها . أقول إنّ إقتصار النظر إلى تلك السلبيات وإغفال الإيجابيات يجعل التحليل ذا بعد واحد ، متشائماً ، ونظرة إلى الخلف ، بينما العمل السياسي يجب أن يعطي المستقبل حقه ، و لا يفرّط بهذا الحق بالإستناد إلى الماضي . كانت الطبقة الإجتماعية السائدة في العهد السابق ذات مصالح ترنو إلى المستقبل ، وتعمل على السير في مضمار الحضارة الحديثة للّحاق بركب الدول المتقدمة الأخرى ، بينما أصبحت الطبقة الإجتماعية السائدة حاليّاً تنحو إلى الماضي وتعمل لإعادة العراق إلى القيم البالية القديمة وسيطرة الإقطاع والسراكيل ورجال الدين المنتفعين . إن التحليل الطبقي لمكونات الشعب العراقي يوضّح الفرق بين الطبقتين وطبيعة كلّ منهما . فالطبقة الإجتماعية الأولى التي تمثل طبقة البرجوازية الوطنية والبرجوازية الصغيرة هي المؤهلة لقيادة العراق نحو مستقبل تقدمي ، بدفع من مصالحها الطبقية ، بينما تكون الطبقة الإجتماعية الثانية الممثلة للإقطاع وملاك الأراضي والبرجوازية ( الكومبرادور ) المرتبطة إقتصادياً بالشركات متعددة الجنسية هي الطبقة الرجعية التي تبقي العراق مراوحاً و متخلّفاً عن ركب التقدّم .
وبمناسبة تشكيل الحكومة الجديدة ، وحسب التوافقات التي لم تخرج عن المحاصصة ، وبعد المخاض الطويل الذي دام ثمانية أشهر ، فقد إستوزِر الوزراء من القوائم الفائزة في الإنتخابات دون إيلاء الأهمية المناسبة للكفاءات . ولكن مع كلّ السلبيات التي تعتور التشكيل الوزاري ، فإن فترة بقاء الحكومة في السلطة تعتبر ليس إمتحاناً للوزير المحسوب على هذه الجهة أو تلك فحسب بل هذه الفترة تعتبر سباقاً مراثونياً للوزراء المحسوبين على كل الجهات ، في إلتزام كل وزير بمهنيته وتقديمه أفضل النتائج . من المؤمّل أن توزير المحسوبين على القائمة العراقية في العديد من الوزارات وخصوصاً في وزارتي الصناعة والزراعة يمكّنهم من خدمة الشعب ، بينما يكون نظراؤهم المحسوبين على قوائم أخرى يقودون وزاراتهم بعكس ما يطمح إليه الشعب .
على كل مثقف ، ومحلل سياسي منصف ، وعلى وسائل الإعلام الشريفة التركيز على الإنجازات الحقيقية للوزراء والتي تلبي حاجات الشعب وإظهارها ، كأسلوب عمليّ لرفع مستوى وعي الجماهير ، وتهيئتها لأية إنتخابات قادمة فتصبح قادرة على إعطاء صوتها لمن يخدم أكثر ، فليرى كل وزير نتيجة عمله وكل قائمة نتائج أعمال وزرائها .
#ييلماز_جاويد (هاشتاغ)
Yelimaz_Jawid#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حَذارِ من مفرّقي الصفوف
-
طبقةُ الفلاحين أساسُ بناء الديمقراطية
-
تذكير
-
شجاب الغُراب لأمه ؟
-
اللعنةُ ... المحاصصةُ
-
تواطؤٌ ... توافقٌ لكنهُ هزيلٌ !!
-
تمييزٌ عُنصُريٌّ .. أم ماذا ؟
-
وعندَ ويكيليكس الخبرُ اليقينُ
-
البُعبُع . . . البعث !!
-
الإستعمار .. شكلاً وجوهراً
-
الخُلودُ للطيبين
-
عِبَرٌ لَمِن إعتَبَرَ
-
لِنكافِح الفرقة والإنعزالية
-
لِعبُهُم .. ورَدُّنا
-
العُنفُ ... أم النضال السّلمي ؟
-
تصحيحُ المسار
-
النظرية والواقع
-
التمنّي .. وَلِمَن ؟
-
الثورُ ... والسّكاكين
-
وحدةُ الشعب تدحرُ المتآمرين على مستقبله
المزيد.....
-
الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا
...
-
جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر
...
-
بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
-
«الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد
...
-
الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
-
متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
-
نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
-
اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا
...
-
الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
-
اشتباكات في جزيرة الوراق.. «لا للتهجير»
المزيد.....
-
مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة
/ عبد الرحمان النوضة
-
الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية
...
/ وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
-
عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ
...
/ محمد الحنفي
-
الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية
/ مصطفى الدروبي
-
جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني
...
/ محمد الخويلدي
-
اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963..........
/ كريم الزكي
-
مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة-
/ حسان خالد شاتيلا
-
التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية
/ فلاح علي
-
الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى
...
/ حسان عاكف
المزيد.....
|